زفرات حرى
الطيب مصطفى
[email protected]
قضية فلسطين بين العرب والعجم!!
تعجبني (الضكارة والرجالة) والجسارة ويقشعر لها بدني و(أهوش) عندما يشمخ الرجال ويطأون بأقدامهم ثريا العزة والكرامة.. هكذا كان شعوري عندما أطلق أردوغان رئيس الوزراء التركي كلماته الرصاصية في وجه الرئيس الصهيوني شيمون بيريز ثم انسحب مختالاً
كما فعل الصحابي أبو دجانة ذات يوم في مشيته تلك التي أعجبت رسول الإسلام المُبغض للكبر والاختيال إلا في تلك المواقف.. انسحب من مؤتمر دافوس الاقتصادي احتجاجاً
على
محرقة غزة في حق نساء وأطفال فلسطين بينما ظل الأمين العام للجامعة العربية جالساً مسترخياً
حتى
انتهاء المؤتمر!!
هكذا كان شعوري عندما وقف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد شامخاً »ليبهدل« الصهاينة ويضطر حماة العنصرية من الأوربيين الذين صنعوا »إسرائيل« في أرض فلسطين إلى
الأنسحاب حتى
فرغ الرجل من حديثه المرصّع بالجواهر.
وهكذا كنت اهتز طرباً حينما حط الرئيس عمر البشير رحاله في الدوحة ثم عاد مزهواً
بنصر عزيز رغم توعد البغاة الظالمين وصنيعتهم أوكامبو له بالتوقيف ورغم تسييرنا المسيرات وتدبيجنا المقالات إشفاقًا عليه وعلى السودان.
من تُراه يستطيع أن يدعي الآن أن قضية فلسطين عربية بعد أن صار من يتصدى
للدفاع عنها ويغضب ويزأر انتصاراً لها هم أردوغان التركي المسلم وأحمدي نجاد الإيراني المسلم؟
من تُراه يملك أن يقزِّم قضية فلسطين ويكلها للعرب بعد أن باعوها أو كادوا في سوق النخاسة الأمريكي الأوروبي؟!
انسحبت ٣٢ دولة من قاعة الاجتماع احتجاجًا عندما هاجم أحمدي نجاد الدولة الصهيونية في مؤتمر مكافحة العنصرية المنعقد في جنيف بأنها تمثل الدولة الأكثر عنصرية في العالم.. انسحبوا لمجرد أن نجاد عبَّر عن رأيه رغم أنهم استنكروا غضب المسلمين عندما انتصروا لدينهم ولرسولهم صلى الله عليه وسلم عقب إساءة أولئك الأنجاس له برسومهم الكاريكاتيرية التافهة وقالوا حينها عن المسلمين أنهم يضيقون بحرية التعبير وكأن انسحابهم هذا ليس ضيقاً بحرية التعبير أو كأن إلصاق تهم العداء للسامية ومقاضاة من يُتهمون بذلك كما حدث للمفكر الفرنسي المسلم روجيه غارودي ليس ضيقاً بحرية التعبير!!
لقد انكشفوا وتعرَّوا حتى
من ورق التوت بعد أن سقطت كل شعاراتهم البائسة... انكشفوا حين ضاقوا ذرعاً بالديمقراطية التي يعتبرونها قيمة يؤمنون بها ويدعون
إليها بشرط ألا تأتي بمن لا يسير في ركابهم ويعمل وفقاً لإستراتيجياتهم كحركة حماس التي يعتبرونها إرهابية بالرغم من علمهم أنها حركة مقاومة تسعى لتحرير أرضها من المغتصِبين وشُذّاذ الآفاق الذين جاءوا من أوروبا وأمريكا واستوطنوا أرض فلسطين.
إنها ديمقراطيتهم العرجاء التي لا تختلف عن عدالتهم العرجاء كذلك... تلك العدالة التي تحمي
المحتل بالقوانين والمنظمات الدولية وترفض مجرد انتقاده أو الهجوم عليه بينما تدين بل وتشن الحرب على صاحب الأرض وتصفه بالإرهابي!!
لكن من الذي تآمر على
العرب... أهم الأوروبيون والأمريكان لوحدهم أم أن العرب تآمروا على
أنفسهم ولولا ضعفهم وخورهم لما تجرأ عليهم الأعداء؟!
إن ربط الصهيونية بالعنصرية الذي هاج الغرب وماج احتجاجًا على
أحمدي نجاد عندما تفوه به كان أمرًا معترفاً به
حتى
عام ٤٩٩١م فقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ ٧/٢١/١٧٩١م قرارًا يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز وذلك يعني أن أغلبية أعضاء الأمم المتحدة كانت تربط بين الصهيونية والعنصرية حين كان الموقف العربي أكثر تماسكاً إلى
أن جاءت اتفاقية أوسلو عام ٤٩٩١م التي حدثت في مناخ التراجع والانبطاح العربي الذي بدأ منذ كامب ديفيد عام ٩٧٩١م وكان أن ألغت الأمم المتحدة ذلك القرار في نفس العام الذي أبرمت فيه أوسلو وبموافقة القيادة الفلسطينية التي بصم مندوبها على
القرار!!!.. فمن يا ترى
نلوم؟!
إن أكثر ما يؤلمني أن القيادات العربية بدلاً
من أن تعتبر إيران نصيراً
لها في مواجهة العدو الصهيوني ارتدّت إلى سلوك ومنهج غريب في التفكير جعلها تعتبر النصير عدواً
بل إن من العرب من يعتبر إيران أخطر عليهم من إسرائيل لذلك تجد بعض الدول العربية تهش في وجه الصهيوني المتطرف نتنياهو وتفتح له ذراعيها بينما تكيل التهم لإيران وحزب الله وحماس!!
إنها ذات الحال التي سبقت سقوط الأندلس في أيدي الصليبيين فقد اختُرقنا من الداخل وخلطنا بين الأولويات واعتبرنا العدو صديقًا والصديق عدواً في إبعاد كامل للدين الذي حكم (لتجدنّ أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود...) والذي قال في قرآن ربنا سبحانه (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين). أو قوله تعالى
( يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا عدوي
وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق...) فهل بربكم من عدو أكبر من يهود يحتلون أرض الإسراء
والمعراج وممّن يساند أولئك الأعداء؟!
إن ما يؤلم بحق أن تنطلي علينا الخُدعة ولا يجد الأعداء أكثر هوانًا منا فيكفِّرون عن جريمتهم في حق اليهود (إن صحت فرية المحرقة النازية) يكفِّرون عن جريمتهم في أرضنا فبدلاً من إيجاد وطن لليهود في أوروبا حيث ارتُكبت المحرقة لا يجدون »قمامة«
يرمون فيها »زبالتهم« غير أرضنا الطاهرة فهل بربكم من هوان واستغفال أكبر وهل من رضى بالدنيّة أكبر من ذلك الذي يفعله العرب بأنفسهم؟!
رسالة أوجهها إلى
حركة المقاومة الإسلامية حماس أوجهها من القلب بعد أن رأينا تخاذل العرب وانبطاحهم وقوة العجم وعزّتهم وهي أن يُخرجوا القضية من قمقم الانبطاح العربي إلى
فضاء العزة الإسلامي.. أما الأعداء وأما عملاؤهم من بني جلدتنا فأقول لهم إننا والله لا نحسب ذلك شراً
لنا بل هو خير عميم إن شاء الله.. فالكثيرون منا في حاجة إلى أن يوقَظوا من نومهم العميق بمثل هذه الاستفزازات التي تصدر عن أعداء الداخل والخارج فأمثال
أبي مازن ينبغي أن يُكنسوا من قِبل الشعب الفلسطيني ذلك أن الحديد لا يفله إلا الحديد والإرهاب لا يولِّد إلا الإرهاب..
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة