لست وحدك يا سيدى الإمام
د. احمد خير / واشنطن
[email protected]
جميل أن تطرح خياراتك سيدى الإمام الصادق المهدى .ونوافقك القول بأنه قد طفح الكيل وما أصبح الشعب السودانى بقادر على تحمل صدمات أكثر مما تحمل . وبالرغم من ذلك أخالفك ترك الساحة الذى يعنى فى المقام الأول الإستسلام لما تمليه السلطة الحاكمة وأنت تعلم جيدا أن السلطة قد فقدت بوصلتها وباتت تتخبط تحملها الرياح كلما هبت . لقد فقدت السلطة بوصلتها يوم أن تحملت وزر دق أول إسفين فى خاصرة الدولة السودانية التى كنا نتغنى بمساحتها وتعدد مناخاتها المطعمة بتعدد ثقافاتها وإثنياتها ودياناتها مما شكل غزارة وعمق إستراتيجى جميعنا أغفل عنه ولم نستثمره لصالح إستمرارية الدولة بتلاحم كل عنصر فيها . لقد شربنا من ألبان النوق والماعز والبقر وعندما شب الطوق تسربلنا بسربال غير ذاك الذى إرتديناه فى صغرنا وكأننا عن عمد كنا نصارع تاريخنا لنصرعه لنبدأ من جديد قائلين " نحن ولاد الليلة " وكأن الأمس أصبح خلف الذاكرة واريناه ليس شفقا عليه ولكن خجلا منه . لماذا؟
لماذا ظل أبناء الريف والغابة والصحراء يخلعون لباسهم قبل أن يدلفوا إلى المدينة!؟ وهل كان ذلك متطلبا من متطلبات المدنية؟! أن تأتى إليها كما ولدتك أمك وتترك من ورائك كل تراثك ذاك الذى إعتبره القادم معوقا لمتطلبلات المرحلة الجديدة؟! وإستمر الحال! من إين أتينا بتلك الأفكار التى ظلت ولسنوات طوال تنخر فى ذاتنا بدون أن ندرك كنهها؟! إلى أن وجد كل واحد منا نفسه فى المدينة " مقطوع من شدره" بلا ماض ، بعد أن دخلها كمولود جديد لفظته أمه على طرف المدينة وعادت أدراجها من حيث أتت ولم تلتفت من ورائها خشية أن تحن إلى جنينها ألذى أرادت له التحول بعد أن ضاقت بها دنيا الريف والهامش والتهميش ! أوليس هذا هو دور ومبتغى كل أم هو أن ترى فلذة كبدها من علية القوم ومن الناجحين فى هذه الحياة !؟ أوليست هذه هى ذات الثقافة التى بذرها فينا الأولون منبهين بأنها أمانة علينا حملها إلى القادم من الأجيال ؟! أوليست هذه هى نفس الثقافة التى ضرب بها المثل " إكان نجح للعسكورية وإكان خاب للطوريه" أولسنا نحن من رسخ فى أعماق النشء ورسمنا فى ذاكرتهم أن النجاح هو أن تهجر الأرض إلى مبتغى آخر يرفع من شأنهم وشأن أسرهم ؟! أنبكى اليوم على ماض رسخنا له إلى أن أصبح فينا ؟ ماض كان الدواء فيه هو أن نهجر الأرض والريف بمجمله ونشد الرحال إلى المدينة إبتغاءً لوظيفة تعلى من شأننا وشأن أسرنا؟! على نفسها جنت براقش! ألا ينطبق علينا ذلك المثل العربى الذى يجسد الغباء فى أسمى معانيه ؟!
نعم سيدى ، اليوم ننشد التغيير الذى أصبح مطلبا بعد أن شربنا المر وإزدردنا العلقم على أيدى جلاد لايرحم ، جلاد طغى وتجبر بعد أن جاء إلى سدة الحكم متدثرا بدثار الدين ليدخل علينا كالشيخ الورع الذى يخاف الله ويتبسمل قبل أن يلمس شيئا، ويتساءل إن كان حلالاً أو حراما قبل أن تمسسه يده ، والبعض منا صدق وكما يقولون " المؤمن صديق " ، وأصبح كل ناسك منهم يمارس لعبة القداسة على طريقته . تلك القداسة الوهمية التى آساسها زيف ومكر وخداع ! وإنطلت اللعبة على البعض منا والحقيقة أن من ذلك البعض من رأى أن يجاريهم فى نفس اللعبة لغرض فى نفس كل منهم . وإستمر الحال وكل قديس يخرج للناس ويده بيضاء من غير سوء . ومن أين يظهر السوء والكل متدثر بثوب القداسة الفضفاض الذى لايظهر العيب من تحته ولا من فوقه . وطالت اللحى وكان لابد وأن تصاحب
بما يمتن للعبة ! وكان أن إتجهوا إلى بناء المساجد ليصبح فى كل ركن مسجد ليس تمكينا لدين الله ولكن لتمكين آخر إزدهرت معه البنوك والمؤسسات المالية ! ونتساءل: لماذا توقفوا الآن عن بناء المساجد ؟! هل لشح فى الحديد وألأسمنت ومواد البناء ؟! هل لأآنهم قد نهبوا بما فيه الكفاية ؟! أم أنهم توقفوا بعد أن باتت عوراتهم بائنة للعيان؟! نعم ، لقد علموا أن هذا الشعب الذى بات يئن من الفقر والجوع ماعادت تنطلى عليه ألاعيبهم . وكان أن خلعوا ثوب القداسة فقد بات عبئا ثقيلا عليهم فتفرنجوا وضربوا فى الأرض يبتغون كشفا جديدا .فوجدوا ضالتهم فى البنوك الأجنبية التى ظنوا أنها ستكون ساترا لهم ولأفاعيلهم وما توقعوا أن سيأتى اليوم الذى تظهر فيه تقارير ويكيليكس لتكشف للعالم أن ثوب القداسة كان قد قد من دبر وقد من قبل وتكشفت العورات !!! وبات كبيرهم الذى علمهم السحر " يفنجط" ده كله من أوكامبو ، أوكامبو الفقرى دة ماعارفوا داير منى شنو ؟ أوكامبو كذاب وإذا هو متأكد من الكلام البقولو أنا مستعد أن أكتب له شيكا بالمبلغ كله وخليه يروح يصرفو !!! ياسيادة المهول ، إذا كان أوكامبو كذاب فمن أين لك بشيكات البنك لتكتب له شيكا بالمبلغ كله؟! ثم هذا المبلغ كله لماذا لايكتب به شيكا لهذا الشعب السودانى الذى يعانى الفاقة والبعض منه أصبح يعيش على إعانات المنظمات الدولية ؟!!!
وتمادوا فى غيهم وطغيانهم إلى الحد الذى يقف الرئيس الهمام العميد البشير ليعلنها بأن السودان بعد إنفصال الجنوب سيصبح عربيا خالصا وستطبق فيه الشريعة ويطبق حدود القطع والقطع من خلاف ! أهذا كل ما تعرفه عن الشريعة ياسيادة العميد؟! أين المودة والرحمة والعدالة والصدق فى القول والفعل . أعلم ان فاقد الشئ لايعطيه . ثم كيف تجرأت لتعلن عنصريتك الوقحة على الملأ مشيرا إلى أن السودان سيكون عربيا خالصا ! هل ستقضى على بقية الأجناس والثقافات ؟! بالرغم من علمى بتاريخكم الأسود وعمليات الإبادة الجماعية التى مارستها فى دارفور وأقاليم أخرى فى السودان الشئ الدى أوصلكم إلى مشارف المحكمة الدولية فى لاهاى ! نعم ذكرت لاهاى خصيصا لترتعد فرائصك فأعلم كما يعلم جميع أهل السودان أن الخوف يقتلكم كلما ذكرت المحكمة أو ذكر إسم أوكامبو !
سيدى الإمام ، لقد نادت الجبهة الوطنية العريضة بقيادة المناضل على محمود حسنين بعدم المشاركة فى الحكم مع هذه الطغمة الحاكمة ، وأن على الجميع الوقوف صفا واحدا لقيادة ثورة شعبية تقتلع تلك الشرذمة من جذورها . فمرحبا بك ياسيادة الإمام بين صفوف المعارضة الحقيقية التى تعلم أن لاتراضى ولامصالحة تنفع مع هؤلاء الخونة من جلادى النساء والفتيات من حرائر السودان . مكانك محفوظ ياسيدى الإمام فى مقدمة الجماهير الكاظمة للغيظ والمتطلعة للحظة الإنتفاضة الكبرى . نعلم أن جماهير الأنصار بعد أن تذوقوا طعم مرارة ذلك الهجوم الغادر من قوات الأمن على دار الأمة ينتظرون على مضض مع كل الفئات من جماهير شعبنا الوفى الإشارة بإعلان لحظة الإنتفاضة ليكيلوا لهؤلاء الصاع صاعين . تقدم سيدى الإمام فالجماهير قد ملت الإنتظار . لقد آن أوان إندلاع ثورة أغصان النيم . تقدم سيدى الإمام وستجدون فى إنتظاركم فى ساحة النضال كل الجماهير المتعطشة للحرية والإنعتاق . والدعوة من هنا لكل الشرفاء ليخرجوا ملوحين بأغصان النيم ليدكوا حصون الطغاة المتاجرين بإسم الدين .
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة