تأمٌلات
الجيش المصري أي كلام
كمال الهِدي
[email protected]
· المتابع لثورة شباب مصر يكاد يصاب برفع الضغط بسبب ما يسمعه ويشاهده من كلام فارغ وتنظير عديم المحتوى من بعض المنتفعين من النظام المصري الفاسد.
· منذ لحظة طرح اسم عمر سليمان كبديل يكلفه الطاغية تكليفه بمهام الرئيس وأنا أصفق يداً بيد كلما سمعت المحللين وبعض المتظاهرين يعبرون عن قبولهم بهذه الشخصية.
· لا أدعي معرفة شخصية بعمر سليمان ولم أدخل قلب ا لرجل لكي أتعرف على نواياه، لكن الله عرفوه بالعقل.
· فعمر سليمان ظل يرأس جهاز المخبارات ومعلوم في عالمنا الثالث وحتى في العالم المتقدم شخصيات من يتولون هكذا مناصب.
· ولا شك أن عمر سليمان كان ولا يزال وراء الكثير جداً من الكوارث التي أصابت أخوتنا المصريين وبقية الشعوب العربية.
· وعمر سليمان صديق شخصي لطاغية وفرعون مصر ورئيسها العميل حسني مبارك.
· انتظر هؤلاء حتى سمعوا اللغة الاستعلائية لهذا العمر سليمان الذي لم أكن أرى فيه سوى وجه آخر للسفاح مبارك، فعرفوا أن الله حق وأدركوا أن فكرة القبول به لم تكن حكيمة.
· استمر شعب مصر في ثورته التي يقول بعض المصريين أنها الأعظم في عالمنا العربي ولي اختلاف كبير مع هذا التوصيف لأن العظمة تكون دائماً بالنهايات ووصول هذه الثورة لغاياتها.
· لا يهم كثيراً الحشود البشرية الهائلة التي تقف في ميدان التحرير، بل العبرة بما تحققه هذه الجموع في نهاية الأمر وحينها فقط يمكن الحديث عن عظمة الثورة وسلوكيات ثوراها غير المسبوق.
· وظني أن هذه التوصيفات تأتي ضمن سياق النظرة الاستعلائية لبعض أخوتنا المصريين الذين يرون أن كل ما يفعلونه صحيح وأنهم قادرون على الدوام على تقديم الدروس لبقية الشعوب العربية.
· حتى في الثورات نسمع اللغة التي تعتبر الكل دونهم.
· مبارك الذي خرج معظم المصريين للتعبير عن درجات عالية من كرههم له كان حتى وقت قريب في نظر الكثيرين قائداً فذاً وحكيماً وعالماً في كل شيء.
· ولعل المهرج حجازي وشلة الكذابين الذين كانوا يريدوننا أن نوقظ لهم الرئيس عمر البشير لكي ينقذ بعض أبناء الجارة مصر من خطر الجزائريين وإلا فسوف يعرف مبارك وحكومته كيف يحمون أبناء مصر في السودان.. لعلهم وجدوا العون من مباركهم في أرض مصر وليس بأي بلد آخر.
· مبارك نفسه كان يمثل دور الناصح خلال أي أزمة لأي بلد عربي ويخرج علينا ليؤكد أنه قال للرئيس الفلاني كذا وكذا وطلب منه أن يكون حكيماً في تعامله مع قضايا شعبه.
· لكن هذا المبارك المكروه من كل مصري الآن لا يستطيع أن يفهم ويصر على حكم أهل مصر رغماً عن أنفهم.
· ولو أن مصر قيادة وشعباً تفاعلت مع الآخرين تفاعلاً حقيقياً وبعيداً عن هذا الاستعلاء لتغير الحال.
· البعض يقولون أن الثورة السلمية هي الطريق الوحيد لحلحلة القضايا التي خرج من أجلها شباب مصر للشوارع.
· تقرأ فيما وراء سطور البعض أن من سبقوهم لمثل هذه الثورات كانوا همجاً وأنهم يريدون أن يقدموا درساً عظيماً في الثورات.
· مع أن المعلوم أن جميع الثورات لابد أن تكون فيها تضحيات ودماء.
· ومن يطلقون هذا الوصف ينسون أن ثورة مصر نفسها راح فيها العديد من الضحايا حتى اللحظة عندما تعامل معهم بلطجية نظام المريض مبارك بتلك الوحشية التي تابعها الناس على شاشات مختلف القنوات الفضائية.
· لكن ما يرفع الضغط في هذه الثورة هو أن بعض المشاركين فيها يعولون على رجل لم يجدوا منه خلال ثلاثين عاماً خلت سوى الغطرسة والنهب وإهانة الكرامة والتحقير لكل ما هو مصري وعربي.
· هذا الفرعون كبرت في رأسه حتى بدأ يتوهم أنه مصر ومصر هو وهو ما اتضح جلياً من بيانه الهزيل الذي ألقاه بالأمس.
· ورغماً عن كل ذلك لا يزال هناك من يرون أن الجيش سيقول كلمته في النهاية.
· يملأ هؤلاء أذاننا كل يوم بحديث معسول عن بسالة القوات المسلحة المصرية ونزاهة رجالها، مع أن كل بلاوي مصر الحالية هي نتاج حكم عسكري تحت مسميات وهمية.
· فمنذ الخمسينات تبادل حكم مصر العديد من الرؤساء الذين ينتمون للمؤسسة العسكرية ولذلك أستغرب لحديث البعض الجميل عن الجيش المصري وتخوفهم من حدوث انقلاب على الثورة.
· فالثورة في هذه المرحلة لا تحتاج لأكثر من عسكري راشد يتولى زمام الأمور وينحاز لشعبه طالما أن الطاغية ونظامه المتجبر لا يرون بين المصريين من هم أرجل أو أجدر أو أفهم منهم.
· فقد سمعت أحد ألوية هذه القوات المسلحة الباسلة المصرية يقول أن من يعتصمون في ميدان التحرير لا يعرفون الكثير من الأمور مثل احتمالات تردي الوضع ودخول إسرائيل وأمريكا كأطراف فيما يجري.
· تخيلوا بالله عليكم عسكري ربما أنه لم يحصل على تعليم عال ينعت جميع فئات الشعب المصري بالجهل ويعتبر نفسه وبقية البهاء الذين تحكموا في مصير هذا الشعب على مدى عقود طويلة أصحاب الفهم وسعة الإدراك!
· استغربت لانتظار الثوار بالأمس حتى ساعات متأخرة من الليل لسماع الخطاب الذي ألقاه طاغية مصر الكريه عديم النخوة والضمير، سيما بعد أن سبق خطابه بيان هزيل عديم النكهة والمعنى من القوات المسلحة المصرية الباسلة.
· فلو كان هناك تغيير يذكر كان من المفترض أن يأتي به بيان الجيش.
· لكن بعد أن قال الجيش ما قاله في بيانه الأول وأكد أنه سيصدر بعض البيانات الأخرى وضح جلياً أن الأمور ما زالت بيد الطاغية وحده.
· فالجيوش كما تعلمنا لا تتحدث وحين تأتي ساعة الجد تجدهم يتولون السلطة ليوقفوا العبث وسفك الدماء وإهدار الموارد.
· لكن الجيش المصري الذي يبدو واضحاً أن ولاءه للطاغية يفوق حبه لمصر خرج على المصريين بكلام لا معنى له.
· وبعد خطاب الرئيس المتجبر ونائبه العميل وحين تأكد لهما ولبقية المتغطرسين والمستفيدين أن الحديث العاطفي لم يجد صداه وسط الثوار خرج جيش مصر العظيم ببيان رقم اثنين.
· والمؤسف أن البيان رقم اثنين لم يقل هزالاً عن سابقه.
· فهو ينطوي على تهديدات ضمنية للشعب الذي يزعمون أنهم يقفون إلى جنبه.
· كل ما استطاع الجيش قوله هو أنه يتعهد للثوار بضمان كل وعود مبارك.
· فأي ضمانات يمكن أن يقبل بها المصريون بعد ثلاثين عاماً من الظلم والعمالة والتكسب غير المشروع!
· وطالما أن جيش مصر حاسم وحازم وقادر على حماية مصالح الشعب فلماذا وقف متفرجاً خلال الثلاثة عقود الماضية؟!
· ظلوا يصدعون رؤوسنا بعظمة مصر ويحدثوننا عن تاريخ مزور ومغشوش ناسين أن مصر ظلت تلعب دور الدولة العميلة للأمريكان والصهاينة على مدى عقود طويلة.
· رأيي أن ما يعقد الأمور على الثوار اليوم ويصعب عليهم فكرة فرض إرادتهم رغم هذه الحشود الهائلة ليس هو أهمية مصر كما يدعي البعض، لكنها العمالة.
· فنظام مبارك الفاسد الكريه حول مصر إلى أفتك الأسلحة في وجه أمتها العربية.
· قدم مبارك وبقية شلة اللصوص والخونة الذين عاونوه للأمريكان واليهود كل ما يريدونه ولذلك صار أمر التغيير في المحروسة بالغ الصعوبة.
· مبارك الذي زعم بالأمس أنه لا يمكن أن يخضع مطلقاً للملاءات الخارجية هو من ساهم في تدمير العراق.
· ما زلت أذكر تلك القمة التي سبقت قدوم قوات التحالف لإخراج صدام من الكويت وكيف أن مبارك كان حريصاً جداً على تلبية تعليمات أسياده الأمريكان.
· فقد طلب التصويت على قرار مجلس الجامعة وحين عارضه طاغية ليبيا القذافي وسأله " منذ متى كنا نصوت على هكذا قرارات في مجلس الجامعة؟ تجاهله مبارك وأصر على خطوة التصويت لأنه كان قد قدم الرشاوى لبعض ممثلي البلدان الضعيفة وحسم الأمر سريعاً بالقول " يلا يا جماعة مين المع القرار يرفع يده."
· عبارته تلك ذكرتني بأسواق الجمعة والدلالات وهو بالجد يسلك سلوك الدلالين.
· حقير مصر مبارك هذا هو الذي ساعد الأمريكان في ضرب أفغانستان وهو من أسهم بشكل أو بآخر في معاناة السودان.
· مبارك هو من ظل يغلق المعابر على الفلسطينيين ويضيق عليهم الخناق حتى يقبلوا بشروط الإسرائيليين والأمريكان المجحفة.
· ورئيس مخابراته عمر سليمان هو من لعب أقذر الأدوار في تعقيد مشاكل فلسطين.
· طاغية مصر هو من أهان جميع المصريين وكل أبناء الشعب العربي.
· هذا اللص الكبير الذي كان حتى وقت قريب يتعشم في تحويل المنصب لابنه جمال أحتقره أكثر مما أحتقر ألد أعداء الأمة العربية والإسلامية.
· سرق أموال شعبه حتى فاقت ثروة عائلته المليارات حسبما أوضحت التقارير ورغماً عن ذلك يتحدث الجيش عن تعهداته بضمان ما وعد به شعب مصر.
· أليس في جيش مصر رجل عاقل رشيد قادر على وضع حد لهذه المهزلة؟!
· ألم يسمع هؤلاء بقصة مشير اسمه سوار الذهب؟!
· فهذا الأخير رغم اختلافنا مع نتائج خطوته لاحقاً بسبب العديد من الظروف، إلا أنه تصرف ببسالة يحسد عليها.
· انحاز الرجل لأبناء شعبه عندما شعر بأن رغبتهم هي التخلص من طاغية تجبر وتغطرس.
· لم يكثر من الحديث أو يصدر البيانات، بل تسلم السلطة ووعد بتاريخ محدد لإعادة الأمانة لأهلها وقد أوفى بوعده وقدم سابقة ودرساً بليغاً لكل العسكريين.
· هذه هي المواقف التي يجب أن يتعلم منها الآخرون.
· أما الحديث المعسول والنظريات في أوقات الثورات فلا تجدي نفعاً.
· كل العشم أن ينجح ثوار مصر في مسعاهم النبيل، لكن ذلك لن يتحقق ما لم يعجلوا من وتيرة ما يجري الآن.
· لن تنالوا مبغتاكم أخوتي ما لم تضعوا حداً لآمالكم فيمن سرقوا ثروتكم وظلموكم وشردوكم وأهانوكم طوال العقود الماضية.
· ثقوا أن جيشكم الذي تراهنون عليه جيش " أي كلام" وعليكم أن تضعوا هذا الجيش الذي يدعي وقوفه معكم في المحك، فحينها فقط يمكنكم إحداث التغيير المطلوب.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة