ذكرى الرحيل الاليم
مصطفى سيد احمد المقبول
مصــــــــطفى:-
عبقرى الفن الغنائى السودانى الاستاذ مصطفى سيد احمد المقبول شخص تميز من بين اقرانه ليصبح رائداً من رواد الاغنية السودانية فى خاتمة الالفية الثانية و قد برهن بتجربته الفريدة انه يستحق لقب فنان الالفية الثانية على مستوى السودان , لقد ادهش وابدع فى تناوله للاغنية السودانية فى جميع جوانبها و منطلقاتها وليس فقط متخصصاً فى ألاغنية الرمزية كما يصوره كثير من النقاد , مصطفى ادى اغنية الحقيبة كان لم يؤدها احد من قبله جسدها بطريقة لا تقل جودة من رواد حقيبة الفن , فهو خير مثال لتواصل الاجيال , كما تتضح مسألة اصطفائه هذه من تميز شخصيته الانسانية صاحبة القلب الطيب الذى يسع كل من عاشره و زامله و سمع غنائه , لا تجد من ابناء جيله من الفنانين من قال بغير ذلك ودائماً وابداً يجمع الناس رايهم حول من يقنعهم بطرحه , وطرح الاستاذ مصطفى يمثل ابتكار لمس وترجم خبايا النفس السودانية الجميلة التى لم يستطع غيره الوصول الى العمق الذى وصله هو اليها فاخرجها فى شكل جعل الناس فى حيرة من مقدراته الكبيرة والجبارة برغم الوهن الذى اصاب جسده المثقل بالمرض فى الايام الاخيرة من حياته , انفعل بغنائه للوطن بكل صدق وامانة اشعلت فى كل من يستمع اليه ويستشعر القيم الوطنية فى نفسه و تثور دواخله بمعانى حب التراب وذلك لاستخدام استاذنا للمفردات الدقيقة والعميقة المرتبطة بوجدان الانسان السودانى ومن هذه المفردات طورية وطين وكورية و منجل وواسوق و مشرع ودليب و نخل , فغنائه للوطن فاق الخيال والتصور حينما فضل الوطن فى احدى اعماله على اجمل عروس فى البلد وما يصاحب هذه العروس من مواكب من المهنئين و ضجيج الفرحين .
سيــــد احمـــــد:-
لقد ساد السودانيين بطيب معشره وبساطته , وقد قدم استاذنا الجليل اجمل وانبل عمل لجماهير الشعوب السودانية بتبنيه للونيته التى اشتهر بها و اشتهرت باسمه واصبح هو الرائد الحقيقى لها فاقام لها صرحاً عظيماً ولج به قلب المجتمع واسره وتوجه ذات المجتمع رمزاً لعبقرية الغناء السودانى دون منازع , وعملية سيادته للشعوب السودانية الولهة بالفن الغنائى هذه جاءت بتلقائية و عفوية سودانية محضة لم تتدخل فيها عوامل الاستقطاب والدعاية و الاعلان وذلك لان استاذنا العظيم يمتلك من الحس و الصوت و التعبير مقدرة كبيرة بحيث لا يسمع ادائه احد الا و انداحت مشاعر هذا المستمع مع سلسبيل غنائه وادائه العزب الذى لا يحده حاجز او جدران بل ينطلق مسترسلاً عبر الاثير والفضاءات الواسعة , وهو الان فى عالم اخر لا يعلم ان الناس قد نحتوه فى وجدانهم و رسموه فى خيالهم بصورته الحزينة المبتسمة والدالة على قوة العزيمة والاصرار والعناد فى مواجهة تحدى المرض والغربة والعزلة , استاذنا الملهم لا يدرى ان الناس قد نصبوه امبراطوراً للاغنية السودانية ووشحوه باوسمة الابداع والبطولة حيث لا تمر ذكرى رحيله الا و تجده ماثلاً فى كل البيوتات والاندية والتجمعات الشبابية , فقد صار عنصراً مكملاً لحياة الناس التى بدونه تصبح علقماً لا يطاق.
المقــــــــــــــــبول:-
القبول من الله , ان تجد الناس يحبون شخصاً ما فهذا مؤشر على اجتماع الحسن من الصفات فيه و تمتع ذات الشخص بروح مملؤة بحب الخير للناس فينعكس هذا الشعور على من يتفاعل مع مثل هذا الشخص المثالى الذى يمثل استاذنا العزيز انموذجاً له , قبول الناس له و قبوله هو للناس تجاوز مجتمعه المحلى المحدود الى خارج الحدود حيث الشعوب الاخرى ذات الوجدان المختلف , لقد ازهل من كان معه فى غربته بسرعة تفاعل الاجانب معه و زوبانهم فى اثيره الذى ما ان يدخل فيه احدهم الا وتجده منسجماً معه انسجاماً تلقائياً غير مكلف , فمصطفى صاحب روح سهلة تأسر كل من يتعامل معها , فلا تجد فى شخصه ما يعكر الصفو او يجرح الشعور , فهو من طينة سودانية فيها كل خصائص الانسان السودانى البسيط , فاصبح فكرة تسير على قدمين , فكرة للمعاناة والصبر والتضحية والتفانى , اجبر ابناء وطنه على قبوله قبولاً يتناسب وجوهره الاصيل وكل ما تمر زكرى رحيله الاليم تجدنا نسترجع تلك الايام التى زينها بابداعه المتفرد فاليدم اسمه رمزا للوطنية و متكأً للغبش والمساكين.
اسماعيل عبد الله
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة