ثوب الثأر
أحمد محمد عثمان
في عرف القبائل سواء كانت العربية أو غيرها أن يؤخذ الحق والعين بالعين والسن بالسن وهذه هي الشريعة التي أستنت منذ قدم الأيام
لا يختلف البشر علي هذا العرف الذي قنن ديناً وعرف عادة وجري تقليداً
هذه المقدمة تأتيني حين أفكر فيما حدث في الوطن المكلوم
وتذكرني بفيلم قديم مثله المرحوم أحمد زكي الممثل المصري الذي كان يشبه السودانيين في الأخلاق القديمة والشكل
مثل أحمد زكي دور الراحل العظيم والعظمة لله وحده ، جمال عبد الناصر زعيم مصر والأمة العربية
أتذكر في دوره هذا روح قوية ووثابة مثلتها الممثلة أمينة رزق
كانت صعيدية في دورها أصرت علي أن تقابل عبد الناصر لكي تحكي له حكاية قديمة ظلت تعيش في أسرتها لعقود
ظلت تنتظر عند بابه حتي يؤذن لها بمقابلته كرئيس للجمهورية
سمح لها أخيراً بالمقابلة ومثلت لحضوره
حكت له أن جدها الكحال أخذ للسخرة مع مئات الآلاف من الصعايدة وأجبر علي حفر قنال السويس
مات عشرات الآلاف منهم ، قتلوا وتمت تجويعهم وعطشوا حتي الموت
عاد أحدهم إلي قرية بني مُر حيث موطن ومنبت العديد من القبائل السودانية
كان وحيدا يحمل معه ثوب أو جلباب الكحال وقال حين سألوه أنه قتل في منطقة قنال السويس
لبثت عائلته تبكيه ولكنها لم تقيم مأتماً ولم تحي له ذكري
لأن الاثنين لا يجوزان إلا بعد أخذ الثأر
انتظرت الأسرة مئة عام حتي أعلن عبد الناصر تأميم قنال السويس
حينئذ قررت السيدة العجوز أن تقابل عبد الناصر وتعطيه الثوب
قالت أنه أحق الناس به لأنه أخذ ثأرها من الذين تسببوا في بعد استغلاله في حفر قنال السويس
صافح عبد الناصر السيدة وقال لها أن البقية في حياتها
في عرف الصعيد أن هذه هي إشارة إلي أن في ذلك الحين فقط ، عندما أخذ الثأر يمكن إقامة المأتم
قد تكون القصة خيالية ولكن المعني واضح
كيف نحاسب من قتل مننا مئات الألوف ونهب بلادنا وأفقر شعبنا وأذله علي مدي نيف وعقدين
هل يمكن بعد ذهابه أن نهز أكتفنا ونقول عفا الله عما سلف
قال الراحل الحاج مضوي
لا يوجد عفا الله عما سلف
وصدق لأن الحساب ولد ولابد منه إذا كان لهذه الأمة أن تبقي أمة
وثوب بنت الكحال الصعيدي يرقد في بيوت مئات الألوف من السودانيين شرقاً وغرباً وشمالا ووسطاً وجنوباً حتي وإن انفصل الأخير
يعرف الكثيرين أن هناك العشرات بل الألوف الذين يدونون الحساب الذي يجب أن يدون بدقة وأمانة حتي لا يكون علينا حساب الدنيا والآخرة معاً
لا يمكن أن يكون الغرب وحده هو الذي يحقق العدالة
لابد من أن تكون هي الأمة وأبنائها
تذكروا ثوب الكحال
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة