جبال النوبة والنيل الأزرق ابيي مضاف إليها دارفور – مثاقيل استخدمت في قضية السودان الجديد ومشروع التوجه الحضاري العروبي الاسلامي. (2-2 )
كنا لقد تحدثنا عن أجرام ميزان الاتفاقية وهي كانت ثلاثة جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وابييي ثم اضيف إليها دارفور في حديثنا عن اتفاقية السلام اشرنا على أنه هناك خلل عظيم في فهم الاتفاقية فيما يخص البروتكولات الثلاثة جبال النوبة والنيل الأزرق وابيي وذلك نتيجة لعدم الوضوح فيها بالنسبة للإنسان العادي الأمر الذي تطلب من القائمين عيها عمل شاق ومضني لإيصال الفهم لجميع شرائح المجتمع في مناطق التنفيذ في شكل ورش عمل وما إلى ذلك.
وأهم أوجه الخلل يتمثل في البنود التي ضمنت في البروتكولات وعلى وجه الخصوص مايعرف بالمشورة الشعبية هذه المشورة الشعبية لقد اصبحت فيما بعد ذريعة احسن استخدامها أحد شريكي الحكم المؤتمر الوطني وكانت تلك الذرائع الثلاثة ( البروتكولات ) البوابة التي مررت منها الاتفاقية استحقاق تقرير مصير جنوب السودان وهي بوابة رئيسية مرت بها العديد من الملفات التي حملها مهندسي اللعبة السياسية من خارج السودان ومن داخله
أكبر الملفات هو تقرير المصير فيما بقيت تلك البروتكولات الثلاثة معلقة قيد التنفيذ وقد لا تجد طريقها إلى النور بعد اعلان انفصال الجنوب وفي ظروف قد يختلقها النظام الحاكم بقيادة المؤتمر الوطني ليجد لنفسه مبررا حتى لإلغاءها تماما ولقد نلحظ ذلك في التصريحات التي اطلقها البشير وكذلك قادة نظام المؤتمر الوطني والتي تقول في مجملها لا يسمح بوجود الحركة الشعبية في الشمال بعد انفصال الجنوب والتصريحات التي اطلقها رأس النظام الحاكم في خطابه المثير للجدل عن تطبيق الشريعة الأسلامية بعد انفصال الجنوب.
لقد ذكرنا سابقا أن الناس لا ترفض الشريعة ولكنها تخشى من الممارسة والتطبيق الخاطيء وفي أن يستخدمها النظام للبطش والتنكيل بالشعب السوداني ولقد حدث ذلك بالفعل والدلائل كثيرة ولقد ذكرنا إيضاً فأن السودان بلد لا توجد به عدالة لذلك لا يصلح ان تطبق فيه أي شريعة مهما كانت لأن أي شريعة لا يمكن أن تطبق إلا في ظل توافر العدالة والمساواة بين كافة المواطنين بمختلف أعراقهم وثقافاتهم فالشريعة مثل اي قوانين تطبق لإقرار العدل والانصاف .
لن يخشى الناس الشريعة لأن ليس كل النصارى أو الوثنيين كما يحلو للبعض أن يسمهم معتادي الأجرام لذلك سيرجموا وتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ولكن يخشى الناس صناعة التهم والقضايا ضد الأخرين وتنفبذ العقاب عليهم جذافا والمسلمين ايضا بشر ليسوا ملائكة بل أكثرهم مجرمون دجالون ومنافقون .
وفي ظل حكومة حدثت بإنقلاب عسكري تصبح الدولة السودانية ليست لها مشروعية ولا يحق لنظامها الغاصب للسلطة أن يفرض على الناس فيها أي قوانين موضوعة بدون موافقة الجميع وأن ذلك لن يتعدى أن يكون اصطناع مشروعية لخدمة مصالح النظام لأن النظام الحاكم مشبوه على كافة الأصعدة فهو فاقد الآهلية التي تجعله يفرض شرعة هو نفسه لا يؤمن بها حسب الممارسة والتطبيق وما يشهده العالم بأثره من فساد وخراب وفي العرف العام مشروعية الدولة تأتي من مشروعية النظام وكما هو التشريع هو سيد القوانين.
تصريحات آهل النظام لها مدلولات ومؤشرات خطيرة تنفي تماما وجود أي نية للنظام الحاكم التنحي عن السلطة ولقد أظهر هذا النظام عدم وطنية وعدم ولاء للشعب السوداني بدليل أن ممارساتهم الجلئرة في تنفيذ بنود الاتفاقية دفعت الجنوبيين إلى الانفصال عن الشمال لذلك كنا عندما نعبر عن ذلك كنا نقول فصل الجنوب وليس انفصاله بمعنى ان الحكومة طبقت الاتفاقية بطريقة عكسية تماما إذا علمنا أن الاتفاقية كانت حدث استراتيجي يهدف في الأساس إلى إرساء دعائم السلام وبناء الثقة بين الفرقاء في جؤ تتفاعل فيه جميع المكون السوداني الاثني والثقافي واطلاق الحريات والرؤى والافكار في تلاقح وانسجام مع كافة أبناء الوطن الواحد حتى تتحقق الوحدة .
ولكن بعد رحيل قرنق اتيحت الفرص للانتهازيين من تجار المصالح وفي مواقع معينة تصبح السياسة في ميزان التجارة تماما يستخدم فيها المثاقيل والأجرام لترجيح كفتي الميزان بينما كانت قاعدة الميزان في حالة السودان مضطربة نتيجة لفقدان التوزان على أرضية هي في الأصل غير صلبة لفقدان مشروعية الدولة لذلك قرأت نصوص الاتفاقية بالمقلوب ولم يفهمها المواطن وعاثت اصابع المغرضين فيها فسادا عظيما حتى أدى إلى تقسيم السودان .
جاء السلام حسب المواصفات الاجنبية التي رعته ولكنه في ذات الوقت حقق للمؤتمر الوطني أهم اجندة وهي هدنة واستراحة يلتقط فيها النظام انفاسه وبعث روح جديدة بعد أن قويت شوكة الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان واتسعت رقعة الحرب حتى شملت درافور وهنا كان لابد للنظام ترتيب وضعه وقد جأت اتفاقية السلام نجدة وهكذا استطاع النظام استثمار الجدول الزمني للاتفاقية ووظفه في تطبيق أهم برامجه ومنها مزيد من الدكتاتورية والهيمنة وفرض السيطرة في كافة اجهزة الدولة وتأصيل ما يعرف ببرامج التعريب والأسلمة .
في التعريب عمد النظام إلى أتاحة الفرص لرعايا بعض الدول العربية وتوطينهم ومنحهم الجنسية السودانية بشكلها العشوائي بدون الرجوع إلى أي قوانين أو نظم الهجرة والتوطين وسخر لهم كل وسائل الارتزاق على حساب المشردين من أبناء الوطن داخل السودان وخارجه ولقد عمل النظام أيضا على تعريب المنهج التعلمي عشوائياً وسطحيا وعلى وجه الخصوص التأريخ والجغرافية عمد في ذلك إلى تغيير اسماء المواقع أو تبديلها من الإفريقية إلى العربية في معظم مناطق السودان المدن والقرى والطرق والشوارع وكل ذلك من أجل طمس الهوية الإفريقية ومحو الوجود الأفريقي.
أن التصريح الأخير الذي اطلقه البشير عندما كان في القضارف هو تكملة لما تم حيث قال فيه أن بعد فصل الجنوب لن يكون هناك جنس في مملكته الجديدة غير العرب ولا لغة غير العربية وهذا هو الإفلاس بكل معاني الخزي والعار والهوس السلطوي، التخبط في إدارة شئون الناس يورث العقل تخبط الفكر والمقال السديد
أما اجرام الميزان الثلاثة هي سوف تكون اكثر فعالية بعد اتمام عملية فصل الجنوب فالأجرام الثلاثة متساوية من حيث الأوذان ولكنها تختلف في الكثافة من حيث القيمة والانتاج وتقول نظرية فيزاغورس في المثلث القائم الزاوية مربع الوتر يساوي مجموع الضلعين الأخرين هذا في حالة ابيي بكثافة البترول مقابل جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق.
في ميزان الاتفاقية يستخدم النظام كل جرم حسب الأهمية ويضعه على كفة الميزان وفي لغة المصالح كل شيء جائز لا ندري من يزن لمن وإذا سلمنا جدلا أن تلك المناطق الثلاثة وبنودها رهن مصالح القوى المتنازعة ( الجنوب والشمال ) من هو الخاسر الحقيقي؟ والأمر لا يحتاج إلى ذكاء لأنه واضح كوضوح الشمس في كيد السماء وإلا لماذا قبل تأجيل نفاد البنود المستحقة في البروتكولات الثلاثة ولم يقبل تأجيل في حق استفتاء لتقرير مصير شعب الجنوب مما يشير ذلك إلى حدوث تجاوزات في الاتفاقية برمتها ويصبح بذلك ذريعة يمكن أن يتذرع بها النظام الحاكم في الشمال في ابطال تنفيذ ما تبقى من بنود البروتكولات الثلاثة بناءاً على تصريحات البشير بنفسه بعدم السماح لوجود فرع لنظام له ارتباط بدولة أخرى فالنظام لوح في أكثر من موقع بأنه سوف يعتبر ذلك عمل استخباراتي ( الحركة الشعبية ) ومعنى ذلك أن كل منسوبي الحركة الشعبية والجيش الشعبي سوف يصبحوا هدف للأجهزة الأمنية مما يعني لابد من وجود مخرج قانوني يغير الحالة المرتقبة والتي قد تؤدي إلى تفاقم صراعات داخل السودان الشمالي .
سلفاكير رئيس الحركة الشعبية هو الأخر صرح بأن جيش الحركة سوف يبقى في الشمال في حال انفصال الجنوب وهذا كلام يمكن أن يكون في حدود ترضية منسوبي الحركة أو ما يعرف بقطاع الشمال ولكن ليس هناك ضمانات لذلك لأنه إذا ماتم فصل الجنوب واصبح هو رئيس له سوف يعتبر خطابه هذا تدخل في شئون دولة جارة له ولا ندري كيف يمكن لنظام الإنقاذ أن يتعامل معه .
وهذه البروتكولات الثلاثة والتي وصفناها باجرام ميزان اتفاقية هي أيضا حق مستحق الممارسة من قبل شعوب المناطق الثلاثة للتعبير عن رأيهم سلميا وتحقيق مبداء الحوار الديمقراطية في المطالبة بالحصول على مطالبهم المشروعة دون اللجو إلى استخدام النزاع المسلح كوسيلة للتعبير عن نضالهم من أجل قضاياهم المصيرية وبينما هي كذلك ( البروتكولات ) فأن إساءة استخدامها أو التلاعب بها يقود البلاد من الوضع الأمن إلى الخراب والدمار الشامل وفوضى عارمة والكلام عن تجنب الحرب كلام جميل ولكن لابد من صمام أمان وهي الضمانات الموثقة بين كافة الأطراف بعيدا ‘ن المصالح الدولية.
الحكومة نفسها غير واثقة فيما تقول عن قبولها بنتيجة الاستفتاء والدليل التعزيزات العسكرية المتعاظمة التي تقودها حكومة المركز والخرطوم التي اصبحت مدينة عسكرية ينتشر فيه الجيش وقوات الشرطة بكميات مأهولة كل هذا القلق نتاج طبيعي للظروف التي وصلت إليه البلاد من انقسامات وكثير من الجنوبيون قلقون على أرواحهم ومصالحهم في الشمال ومصابون بخيبة أمل فيما يعتقدونه بأنهم اخضعوا إلى تجربة الاستفتاء مرغمين بدوافع ما تم في حقهم من ممارسات جائرة منذ فجر السودان الأول وجأت حكومة المؤتمر الوطني وفجرت تلك التراكمات التي حققت للإنفاصليين هدفهم .
حتى السنة الثانية من عمر الاتفاقية كان ممكن تحقيق الوحدة وكانت هناك أصوات كثيرة ومن الجنوبيون أنفسهم ينادون بالوحدة ولكن تعند المؤتمر الوطني عزز الشعور بالفراق والطلاق غير الرجعي.
حالة الترقب والتوجس التي يعيشيها الشعب السوداني منذ ان بداء الجنوبيين عملية الاستفتاء في 9-1-2011م لن تنتهي على خير مالم يتدارك عقلاء السودان اسباب الخيفة والتوجس لأن المجموعات التي قامت بشن الهجوم على قوات الحركة في غرب منطقة ابيي صبيحة يوم الاستفتاء لم يتم حسم أمرها ولقد راح ضحية ذلك الهجوم عدد يقال أنه فوق الثلاثبن نفسا مما يعني هناك خلل كبير يصيب أو اصاب أجهزة الدولة أو أن الدولة متعمدة لحدوث مثل تلك الخروقات وفي تفس الوقت نرى أن دور المنظمات الدولية التي يناط بها رعاية اتفاقية السلام يكاد يكون معدوما في مناطق شتى من السودان وخصوصا الجهة الغربية وذلك بالطبع يندرج تحت بند استخدام أجرام الاتفاقية وتقاطع المصالح الشهور الست الباقية سوف تشهد أحداث خطيرة على الصعيدان المركزي والاطراف.
هناك اتفاقات تمت بين الحكومة واطراف أخرى داخلية وخارجية لا يعرف السعب السوداني عنها أي شيء
محمود علي قيقاوي
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة