الانفصال.. لبن العرب المسكوب
ياسر محجوب الحسين
ماذا لو انقلب كوب اللبن وانسكب على الأرض.. النتيجة لا يوجد بالكوب لبن، كما لا يمكن إستعادة اللبن بعد ملامسته الأرض.. بعد أن أصبح الانفصال أقرب للواقع لماذا يبكي الأشقاء العرب على اللبن المسكوب.. ماذا يفيد البكاء على شئ محال رجوعه الى ما كان عليه.. اليوم تُنصب البُكائيات في مختلف أرجاء الوطن العربي (حُزنا) على انفصال جنوب السودان.. السودان أكبر الدول العربية مساحة وأغناها بالموارد الطبيعية، يتجزأ والعرب يتفرجون وأفضلهم مسلكا يبكون.
بعيدا عن التفاعلات الداخلية والتاريخية التي أدت إلى مآل الانفصال، نستطيع أن نقول بكل ثقة أن انفصال جنوب السودان سيكون نتيجة حتمية لخلل هيكلي في الأمن القومي العربي، هذا الأمن المختل أضاع العراق ومن قبله فلسطين ومازالت هناك العديد من المهددات التي تتربص بهذا الوطن الملتاع.. الأمن القومي بمفهومه الشامل يتضمن الجوانب الاقتصادية مثلما يتضمن الجوانب السياسية، والسؤال ماذا كان دور المنظومة الاقتصادية العربية في دعم الاقتصاد السوداني؟.. بالتأكيد لا نتحدث عن دعم في شكل منح لا تسترد ولكن نتحدث عن دعم في شكل حزم استثمارية تعود بالارباح للمستثمرين العرب قبل أن تعود إلى السودان!!.. لم يتحرك العرب تجاه السودان بما يكفي بمنظور اقتصادي أمني رغم أن السودان سنّ افضل قوانين الاستثمار على الاطلاق في تاريخه.. الخُذلان العربي للسودان في جانبه الاقتصادي يتضاءل ويتواضع أما الخُذلان السياسي العسكري.. من لا يعلم أن دولا عربية دعمت الحركة الشعبية دعما عسكريا في فترة من أحلك فترات الصراع فقويت الحركة عسكريا وأستأسدت، فقط لأن تلك الدول لها خلافات سياسية مع نظام الحكم في السودان حينها؟!.. لقد أوشكنا في السودان أن ننشئ متحفا لانتهاكات شرف العروبة.. هذا المتحف سيحتوي على دلائل دعم عدد من الدول العربية للحركة الشعبية، أسلحة ومعدات وأشياء أخرى.. على المستوى السياسي كان زعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق يجد المنابر السياسية والاعلامية في تلك الدول ليوجه من خلالها رسائله (العنصرية) المعادية للعروبة والداعية للانفصال!!.
لاشك أن هناك خُلّص في الوطن العربي يسوءهم حال النظام العربي وفي حلوقهم غصة ومرارة، ويشاركون السودان أسفه وحزنه.. السياسيون في السودان رغم كل هذا التقصير مهتمون بالمشاركة في مختلف الفعاليات العربية ضمن محاولات حثيثة ومضنية لشرح أبعاد قضية السودان.. د. نافع على نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني شارك مؤخرا في الدورة العامة الرابعة والخمسين لمؤتمر الأحزاب العربية بالمغرب وقد جاء شعار هذه الدورة ملائما ومتسقا مع حالة السودان وهو "نحو مواجهة الفتن الداخلية وأعاصير التجزئة".. من ضمن مقرارات المؤتمر الذي استمع لتقرير شامل من د. نافع عن الوضع بالسودان، اعتبار يوم إعلان انفصال جنوب السودان يوما سنويا لمناهضة التجزئة في حال الانفصال باسم (اليوم العربي لمناهضة التجزئة).. متى يكف العرب عن البكاء على اللبن المسكوب؟!.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة