حزب المستقبل هو الأمل.. ويا فرحة في الدوحة إستحالت إلى وجَل..
أحمد أبكر
[email protected]
حزب المستقبل:
الكل يكتب عن الجنوب .. لأنه ينفصل الآن .. على أنني لا أفعل الشيئ نفسه ، لأنني أعتبره حديثٌ عن الموت .. بينما الحديث المهم هو الحديث عن الحياة ولوازم الحياة ..
لا بأس من الحديث عن الموت وأخذ العبر منه ، لكن يجب أن لا يكون التركيز، كل التركيز ، حول الموت ، فيجب أن تستمر الحياة ويستمر التخطيط لإنتاج وتجهيز لوازمها حتى من داخل صيوان العزاء..
اللهم ألزمنا الصبر الجميل في فقدنا الجلل ، جنوبنا الحبيب .. وبعد ..
ماذا عن الغد؟
الهامش يكسب .. رغم الأحزان..إذ ما يزال بالإمكان فعل شئيءٍ بالإيجاب على إنقاض الأرقام السالبة. فقط المبادرة .. المبادرة .. يا سيدات ويا رجال ..
مالك عقار .. الحلو .. عرمان ..ثوار الغرب ( دارفور وكردفان ) .. كيان الشرق .. من يقف أمام هذا الطوفان إن توحدت مكوناته المشار إليها أعلى المقال.
لا تقولوا ننتظر حلول السلام أولاً في كل ربوع البلاد حتى لا يقع فيالق المدن في حرجٍ إن هي توحدت مع جيوش الخلاء.. أعلنوا التوحد اليوم وليستمر البحث عن السلام .. وإذا لم يعجب ذلك النظام (فليركب أعلى ما في خيله) .. وهل يتوقع أحدٌ أنه بإمكانه أن يصل إلى الشهد دون التعرض لإبر النحل؟ ماذا عساه سيفعل النظام إذا أستيقظ ذات صباح وسمع بأن كل الشرائح المذكورة في مقالنا هذا قد توحدت في حزب كبير؟ هل يعتقل الملايين التي تسكن المدن؟ أم يحظر الحزب الوليد ذي الأسنان؟ وهب أنه أخذ بأحد المسلكين أو كليهما، ألا يعتبر ذلك العدوان لقاحاً تحتاجه ثورة التغيير؟
إنه الحل الوحيد .. إنه حزب المستقبل
لا يحتاج قطاع الشمال بالحركة الشعبية إلى كثير إعداد وتعديلات حتى تكون جاهزة للعرس الكبير.. فقط الإعلان صبيحة يوم الإنفصال أنهم – قطاع الشمال- ما عادوا جزءاً من الحركة الشعبية ، وحتى الإسم يمكن أن يتركوه وراءهم ..
أما الحركات الثورية المسلحة فلا تحتاج إلا إلى ردم هوة الخلاف بينها وجعل البساط أحمدياً.
ولقد حلمنا منذ أسبوعين مضيا ،ومن حقنا أن نحلم ، أن الدوحة يمكن أن تكون نقطة الإنطلاقة لذلك التصافي . فهل جاء الحلم أبلجاً؟
آه .. ثم آه .. ويا له من آه
ما بك ؟ هل تحول الحلم إلى وجدٍ و وجَل؟
لنرى بإختصار.. ولنضع وثيقة السلام المقترحة في الدوحة في الميزان .. ولنقيم المحتوى والوعاء معاً.
نعم أية إتفاقية هي عبارة عن محتوي ووعاء. تماماً مثل الماء.. لا يصلح الماء إن كان فاسدا .. كما لا يستقر ولو إلى حين إن كان الوعاء ذو ثقوب .. فسرعان ما ينسرب الماء المسكوب على الأيادي الراجفة من بين تلك الأيادي ليغوص بل يضيع في الرمال.
فماذا كان المحتوى وكيف كان الوعاء؟
المحتوى فيه أشياء حميدة لكنها (تحصيل حاصل) .. أشياء قد سلمت بها الحكومة حتى قبل أن تبدأ التفاوض .. إذ ما كان بإمكانها الإستمرار في الممانعة حيالها .. فقد كان الإجماع حولها هادراً وكاسحاً من كل الجهات: الحركات المسلحة ، المجتمع المدني ، الأحزاب وحتى المجتمع الدولي. كل أولئك كانوا ينادون بزيادة المبلغ الإبتدائي المرصود للتعويضات ، وتخصيص مبالغ معقولة للتنمية وإعادة التوطين ..ثم الإستيعاب والتوظيف وبتمييز إيجابي للتعويض عن الإقصاء الممنهج والحرمان طوال الفائت من السنين. فلم تملك الحكومة إلا أن تستجيب .. وقد كان.
ثم ماذا ؟
باقي المحتوى مهم .. بل هو الأهم .. لأن هذا البعض الباقي يعتبر محتوى و وعاء في آنٍ واحد: إذ أنه من ذلك المحتوي يتشكل الجدار الداخلى للوعاء الحافظ للإتفاقية.
وكيف ذاك؟
الإقليم .. والنائب الأول للرئيس.. هما الجدار الداخلى لوعاء الإتفاقية. ولكن ماذا جاءت في الوثيقة بشأنهما؟
تقول الوثيقة( حسب تصريحات حركة التحرير والعدالة) : أن تنشأ سلطة إقليمية بمجلسين: تشريعي وتنفيذي. أما الجهاز التنفيذي للسلطة فقد كان موجوداً حتى في إتفاقية أبوجا ، الجديدة هنا هو التلاعب بالألفاظ من قبيل أن تتم تسمية المفوضيات بالوزارات ، وشاغليها بالوزراء ( تفخيم للذوات) حتى يسيل لعاب المفاوضين. مع زيادة العدد أيضاً.
أما الجهاز التشريعي للسلطة الإقليمية الإنتقالية فهو جديد صحيح ، لكن ما هي أهمية هذه الأجهزة في ظل بقاء الحكومات الولائية في دارفور وأجهزتها التشريعية على حالها؟ هل يتحقق بذلك الإقليم؟ على من تضحك الوساطة ؟ وعلى من تضحك حركة التحرير والعدالة؟
هل يعقل أن يصدق مفاوضو التحرير والعدالة أن الوساطة قد إقترحت قيام كيان إداري لإقليم دارفور بمجرد وجود جهازين تشريعي وتنفيذي للسلطة الإقليمية الإنتقالية؟ أية شركة من الشركات ( صغرت أم كبرت) يمكن أن يكون لها جهازان تشريعي وتنفيذي .. ويمكن أن تنشئ شركتك و تسميها مثلاً :سلطة إقليم دارفورلإعادة الإعمار والتنمية ، فهل ستسحب تلك الشركة الصلاحيات الإدارية من الولايات؟ ما هذا الهراء؟
أما نائب الرئيس، والذي كنت حريصاً على تنبيه مفاوضي الحركات في مقالنا السابق ، أن يرفعوا السقف إلى مقام النائب الأول للرئيس بعد الإنفصال وخلو مقعد سلفاكير، فقد جاء ذكره على إستحياء ودونما تأكيد بأن النص يقول بأن ترشح الحركات ( أحد طرفي الإتفاقية) شخصاً ليكون نائباً للرئيس. تماماً مثل ما كان الحال في إتفاقية نيفاشا .بل جاء النص بالعموم وأعطى الصلاحية لرئيس الجمهورية أن يعين نائب الرئيس المحسوب على دارفور. هكذا !! . وماذا لو قام الرئيس بإختيار عثمان كبر أو جعفر عبد الحكم أو حتى موسى هلال ليكون نائب الرئيس؟ هل رأيتم كيف يتم ثقب الوعاء الحافظ لماء الإتفاقية؟ ..عجبي؟
لست أدري ما هي المؤهلات الأكاديمية التي بحوزة مفاوضي حركة التحرير والعدالة بإستثناء رئيس الحركة وشخص آخر أو شخصين ؟ لكن أن يتغنى بعضهم بهكذا وثيقة ويعتبرونها نصراً فهو أمر يدل على جهل عظيم. هذا إذا سلمت النيات من الأساس.
ويستمر الحديث عن الوعاء..
فأما الجدار الخارجي للوعاء الحافظ للإتفاقية فهو يتشكل من أصحاب القرار عند التنفيذ. فلكم ناشدنا ألأخوة في حركة التحرير والعدالة أن يبحثوا عن الرفيق الذي لا تملك الحكومة قراره ليكون لهم الشريك والعضد عند التنفيذ .. فتلك هي الضمانة .. (والرفيق قبل الطريق) كما يقولون .. فلئن ترافق حركة التحرير والعدالة كلاً من حركة العدل والمساواة .. وعبد الواحد ( إن رغب) ، ومني مناوي أو ألآخرون ، وتبحث عن رفقتهم سنةً كاملة أخرى خيرٌ لها من أن تذهب لوحدها ثم تفرض الحكومة عليها رفاقاً من عندها ليقاسموها القرار فيما يلي تنفيذ الإتفاقية. لو فعلوا ذلك فسوف ينهار الجدار الخارجي لوعاء الإتفاقية في غضون شهرين أوثلاثة من توقيعها.
هذا إذا تركها الثوار القابضون على الزناد لتقف ـ الإتفاقية ـ على أعمدتها منذ البداية.
ألا ما أضعف المحتوي ويا لهشاشة الوعاء.. هل هناك في الدوحة من ثائرٍ رشيد؟
أين إختفىت الفئة التي كنا نعتبرهم جيدين في حركة التحرير والعدالة؟ ومتى يقومون بالدور الإيجابي المطلوب؟ أم أن ما كنا نراه كان سراباً ؟ أم ... أستغفر الله.
قبل أسبوعين أطلقت الأمل .. وكنت على وشك تسطير مقال آخر أناشد فيه الذين خرجوا من التحرير والعدالة بالعودة إليها بعد أن رأينا منها ما حسبناه موقفاً نظيفاً كفيل بتحويل كل سيئاتها إلى حسنات .. لكن تبدد الأمل سريعاً .. أو يكاد ..أرجو أن أكون مخطئاً ..لكنني ما أراني.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة