أبيي الحزام الناسف في خاصرة السودان
كوري كوسا / السودان
لطالما أن منطقة أبيي هي البؤرة التي لم تعد فجأة كما كانت تشهد هدؤاً، حتي قبل إنتهاء الفترة الزمنية الفعلية المحددة لإتفاقية السلام الشامل CPA و قبل ورود حتى مجرد تكهنات من مراكز التصويت عن نتيجة الإستفتاء دعك من ظهور النتائج الرسمية النهائية للعملية. و الغريب و المحير في الأمر برمته أن رقعة أبيي لم تكن تشهد أي منازعات تُذكر حتى في أزمان الحرب نفسها، و كانت تُوصف بقناعة كاملة بأنها مثال للتعايش السلمي الذي يجب أن يُحتزى. و المحير أكثر أنه ما إن توقفت زخات الرصاص و صمت دوي المدافع و أزيز الطائرات في كل أرض الجنوب و عاشت أجواء السلم، حتى فارقت أبيي الاُخرى سلمها و هدؤها و بدأت بوادر لفوضى عارمة و شلالات من الدماء تلوح في الاُفق. و قد قرأت في الأيام الماضية من مصادر عدة إن المسيرية ينوون الخروج في مسيرة لرفع مذكرة يعلنون فيها شجبهم و إدانتهم لما وقع في الأيام الفائتة في منطقة أبيي من جانب دينكا نقوك و هو الفعل الذي ينطبق عليه المثل التقليدي السوداني القائل( ضربني و بكى، سبقني و إشتكى ). و شهادة للتأريخ اقولها أن المسيرية تعلم و الجميع أن أبيي هي أرض جنوبية مية المية و هي منطقة تضم منذ الأذل مشايخ دينكا نقوك التسعة و قد جرى ضم المنطقة( إدارياً ) في العهد البريطاني إلى مديرية كردفان عام 1905م، و قد سُئل المسيرية من قبل عن معنى كلمة( أبيي ) في لغتهم( العربية ) فخُرست ألسنتهم و عجزوا عن إعطاء رد مُقنع و ها أنا أيضاً أقول لهم إن أردتم فأسألوا دينكا نقوك عن معنى الكلمة فسيجيبونكم بما عجزتم عنه. و أقول لهم أيضاً و أزيدهم ان مسلك السلبطة و الهمبته في وضح النهار ذاك لن يزيدهم إلا مزيد من الخسران و الحسرة و إن الحق أقدرعلى أن ينتصر رغم كيد الكائدين. و أقول لهم لا تنطلقوا ممططين أجنحة الفتنة و أعينكم مغشية لتستقروا فوق الأفخاخ المدلهمة التي يدفعها إليكم أهل المؤتمر الوطني، فالمؤتمر الوطني لا يهمه إن كنتم مدعين أم صادقين بقدر ما يهمه ما تحت أرض الدينكا من ذهب أسود يمثل 70% من بترول السودان أو فالحريق، و سوف يجعل المؤتمر الوطني المسيرية يصدقون الكذبة حتى و لو أدى ذلك إلى إفنائهم جميعاً. و لو كان في عقل المسيرية ذرة من حكمة الشجعان لفطنوا أن مصالحهم مع دينكا نقوك أكبر بكثير من مصالحهم تلك التي قد تكون مع أهل المؤتمر الوطني، و لتركوا تلك الأرض لأهلها عسى و لعل أن يرضى لهم دينكا نقوك في المستقبل بأن تمر أبقارهم كما كانت تفعل في زمن الوحدة، لتأكل من عشب الجنوب عقب الإنفصال الذي دنى دنواً لا يشكك فيه عاقل.
و أخيراً لطالما قلت و سأظل أقول ان الإنفصال لم يكن خياراً حكيماً البتة، فليس من المنطقي أبداً التوهم بان الجنوب سوف يمضي إلى سبيله دولة مستقلة و يترك أبيي و (دينكا نقوك) و يغلق عليه حدوده و يرفع التحية مع أنغام النشيد الوطني الجديد ثم ينسى كل شئ، أو أن المتربصين من المسيرية و من أهل المؤتمر الوطني سوف يطلقون سراح أبيي الأسيرة هكذا (بأخوي و أخوك) و يقولون لدينكا نقوك (أذهبوا و أنتم الطلقاء). كلا بل سوف يدفعون بالأفخاخ و يدعمون الأحقاد حُرقةً على ذهاب الجنوب مع خزائن نفطه بسلام و ضياع الشمال فالغريق في خضم الأمواج يتشبث بقشة حتى لو كانت من صنع الوهم!. و أخيراً جداً أخشى أن أبيي ستمثل تلك القشة التي قصمت ظهر البعير البائس، القشة التي ستنسف سنسفيل أبو المنطقة و السودان بأكمله و تأخذ بإتفاقية السلام الشامل و هي في دقائقها الأخيرة إلى أدراج الرياح و تطيح بأحلام السفاكين و المتربصين و الذين ملأوا الدنيا ظلماً و ظلام و صدقوا خرافاتهم المزعومة.
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة