اختراق أمنى ...!!
(حديث المدينة)
عثمان ميرغنى
"التيار"
القصة الخبرية التي نشرتها "التيّار" اليوم في الصفحة الثالثة خطيرة للغاية.. رغم كونها واقعة فردية وعابرة.. الصحفية النابهة مزدلفة دكام بحسها الخبري الرفيع التقطت رأس الخيط من مواطن من أبناء جنوب السودان.. حكى لها قصة رجل شمالي اقتحم البيت الذي يقيم فيه مع أسرته.. و طلب منهم الرحيل فوراً إلى الجنوب وإخلاء البيت وهددهم بامهالهم يوماً واحداً فقط لاخلاء البيت الرحيل إلى الجنوب.. بدون أي شك هذا الشخص درس الموقف جيداً، وعلم أن المشهد السياسي والشحن والتوتر السائد في الشارع يسمح له بعملية انقضاض سريعة.. يساعد في انجازها ربما بساطة الجنوبيين وشعورهم بأجواء العداء من يوم إعلان سياسة (الحقنة!). لكن تأتي الرياح بما لا يشتهي السَفِنُ.. المواطن الجنوبي اتصل بشرطة النجدة.. أقل من خمس دقائق كان الرجل في قبضة الشرطة.. حسم قانوني ولا أروع أكد أن الاستقرار ليس في وقف الحرب فحسب بل في سيادة القانون.. أن يحس (الإنسان!) من حيث كونه إنسان أنه آمن على نفسه وماله وأسرته طالما أنه في وضع مستقيم مع القانون. حكى لي صديق أن أحد معارفه السودانيين كان يقيم في دولة أجنبية (بوليسية).. سمع طرقاً في الباب في يوم من الأيام.. فذهب للرد عليه فوجد ثلاثة شباب ومعهم سيارة دفع رباعي.. أركبوه فيها.. وكانت تلك آخر مرة رأته فيها أسرته.. ومضت الآن أكثر من (15) عاماً.. لا يعرف أحد إلى أين أخذوه.. وليست تلك هي النكاية وحدها بل أن مجرد السؤال عن مصيره قد يلحق سائله بمصيره. نريد أن نكون دولة قانون.. لا يخشى فيها أجنبي على نفسه ولا مواطن.. لكن بصراحة أحياناً لا يجد الإنسان السوداني في نفسه مثل هذا الاحساس.. الاحساس الكامل بالأمان الكامل.. كما روى لي أمس شاب سوداني.. له قصة مثيرة للغاية.. للغاية.. نشرنا طرفاً منها في خبر بالصفحة الأولى قبل عدة أيام.. وسنرويها لكم بالتفصيل في عدد السبت بعد غدٍ باذن الله.. أكثر ما (ضرس قلبي) في قصته آخر جملة قالها لي بمنتهى العفوية.. (صدقني.. لو كنت في السودان لحظة تعرضي لهذا الحادث.. لما أقدمت على فعلتي التي فعلتها في ذلك البلد الأجنبي.. بصراحة كنت أحس بالأمان في ذلك البلد وأن القانون يحميني.. لكن في السودان.. وحدها محاسن الصدف هي التي قد تنقذني وتحميني.. وليس في كل مرة تسلم الجرة..) نريد دولة سيادة القانون.. لأنها ببساطة دولة توفر حد الأمان الذي يجعل المرء ساكن الوجدان لا يحتاج إلى تلمس عضله أو مسدسه.. ليحمي نفسه.. الحد الأدنى لسيادة القانون.. أن لا يصبح المواطن فيجد الحكومة اتخذت قراراً يقلب حياته رأساً على عقب.. دون أن تضع في ضميرها مصيره.. و مصدر رزقه ومعاشه.. كما فعلت قرارات وزارة المالية الأخيرة..
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة