سودانياتٌ ما قبل قرار ٍبقابل الأوطان
"مساجينك تغرد في زنازينك"
من أناشيد الموسيقار محمد الأمين
محجوب التجاني
الثلاثاء: 11 يناير 2011
تستوقف التفكير عبارة رئيس منظمة بان أفريكا كونفرنس في بيانه الخاص (8 يناير 2011) بإستفتاء الجنوب: "ما من خيار للجنوبيين سوي الإنفصال. وقد تعرضوا لتمييز ٍشامل ٍضدهم، وعُوملوا كالعبيد في صّحن دارهم، وأجبروا علي قبول الإسلام ديناً لهم." نجد في العبارة سانحة للحديث عن الإسلام دين أغلبية السودانيين الشماليين ودين مسلمين في الجنوب، وما مارسه الإسلاميون الإنقلابيون بإسم الإسلام بعنف السلطة والإساءة إليها. فالفرق بين الإثنين في فهم الدين والمجتمع من الأهمية بمكان. ولا يمكن أخذهما علي صعيد الواقع كمحتويً أو معنيً واحد، وإن إتفقا في العبادات وبعض المعاملات.
أولا "بالتبادئ"، يرتاد الخاطر سؤالٌ غير إبتدائي: وهل في السودان - خلا المركز ومن تلبّس بثوبه - أناسٌ لم يشاركوا الجنوبيين التمييز الشامل ضدهم، فلم يُعاملوا كالعبيد في صحن دارهم، ولم يُجبروا مثلهم علي إظهار الخنوع لمعتقداتٍ فرضت إرهاباً عليهم، فجرّدت نفوسهم من فطرتها وبددت إستقلالهم ورأيهم؟ ليست هناك نسبية في حريات البشر وحقوقهم. فهي قيّم طليقة، ما من قيدٌ بها إلا لكفل حق الآخرين. وبوقر هذه الحقيقة في العقول، نثر الصادقون درر حكمتها الغالية في جيد المعارف وهامة العلوم. قال ابن الخطاب "متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا." ولولا نور الحق الذي أشعل ملكاته الكامنة في إيمانه العامر، ما أطلق قولته التي توقدت بها الحقوق في العصور مدارا.
بمعرفة الإنسان ربه المعبود، أنار شرع الإسلام للبشرية طريق النور. فهو مُوقد الحريات ومُشعِل الحقوق. فما أفدح إجرام هؤلاء الذين بإسمه أظلموا بالسيئات برقه، وأطفأوا من بريقه، وهدموا بنفاقهم بعض بنيانه. "والله مُتمٌ نوُره" [الصف:8]. والأنبياء أشقاء. عيسي رسول من رب العالمين "آيةً للنَاس ورَحمة" [مريم:21]، ومحمد منّ به المولي "رحمة ً للعَالَمِين" [الأنبياء:107]. فتطابق رسالات السماء مع بعضها كامل المصدر والمقصد، كمالا إلهيا لا يتوفر في غيرها مثله. يقول علماء الإجتماع، لو وُجد اليوم في مجتمع ٍما للبشر تطبيقٌ كامل لهذا الكمال المطلق الذي تقصر عن صنعه رسائل الأرض ووسائلها، فسيصدر عن الناس خطأ ما لطبيعة إنسانيتهم. وفي الإسلام، غاية المخلوق الإستطاعة ما وسعت نفسه. وعليه بالإجتهاد. ولا يتم الإجتهاد الأكبر للإرتقاء بالنفس إلا في أجواء الإختيار بحرية العقيدة. فإذا انعدمت الحرية، وُكلف مالا يستطيع، لن يقترب من الكمال قيد أنملة.
عَلّم المصطفي المسلمين في كل زمان ومكان مناجاة ربهم بقوله له: "إني علي عهدك ووعدك ما استطعت". ومن حبه لعباده، حبّب الغفور الرحيم لعباده معاملة الإنسانية بالتراحم والمودة، وحرّم عليهم الظلم، وأمر بالتقوي في العبادات، وبالعدل في المعاملات للأفراد والجماعة. فيا لها من أمانة عرضها الخالق علي السماوات والأرض والجبال "فأبين أن يَحمِلنها وأشفقنَ مِنها وحَمَلهَا الإنسانُ إنه كانَ َظلُومَا جَهُولا" [الاحزاب:33]. الإسلام بهذا يزداد إجلال الخلق لعظم مسؤلياته وإحساسهم بنعم الله علي من آمن به. يتمتعون بالآي الحكيم، وفهمه، وعلوه وسمو قدره في ذاته، ويوقنون بإعجازه لدي طرح منتوج البشر وإبداعاتهم الفكرية والتنظيمية إلي جانبه. ودين شأنه التفكر وقوامه العقل والمعرفة لم يُنزل ليُرهب الخلق من خلق مثلهم. ولكنه نزل لتخشع نفوس الجميع لبارئهم.
فما أنزهه دينا عن خطل الحكام وفشل الحكومات وتخلف علمائها وموظفيها والمنتفعين بها، وما أبعدهم عن حكمته وعدله. وما أصعب موقف من أخذ منهم بعض شعائره وصاغها شعارات يطلب بها السلطة والمال، ويخوض في سبيلهما أنهارا من دماء الفقراء وقمع المساكين الأبرياء، خروجا علي أمر الدين: "ومَالَكُم لا ُتقاتِلون في سَبيل الله والمُستضّعفين مِن الٍنساء والرجال والولدَان" [النساء:75]. باضت سياساتهم المظالم، وأفرخت البؤس والشقاء. قد يطالع بعضهم الآي الحكيم. وربما تفرس بعضا من احاديث. علي أنه بخروقاته لمعانيها ومعاكسته لحدبها علي عباد الله قد يحق عليه القول، يضحي "كمِثل ِالحِمَار يَحمِل أسْفارَا" [الجمعة:5 ].
ظن إخوة المسلمين ومسيحيين أن إعلانات ديكتاتورية مايو ومن بعدها ديكتاتورية الإسلاميين الإنقلابيين نذيرٌ بإنطلاق نهضة علمية ثقافية عريضة لتجويد إلمام الناس بمجالات الدرس والبحث في معارف الإسلام، التي تركت في أربعة عشر قرنا متصلا إرثا لا يقدر بثمن للإنسانية المتعطشة للحياة والسلام. وظن علمانيون بعقل التأمل والإستبصار، وما ُقدر لهم من حكمةٍ وخبرة، أن الإستغراق في معاني الدين ووسائل وضعها لإستشفاء البشر من منغصات الحياة ستؤدي إلي تعزيز العلاقات الأخوية بين أديان مُوجدها الواحد الأحد، ورُسُلها أشقاء. نسأل الديكتاتورية المتثورة: كم بحثٍ أعدت، وكم كتابٍ أخرجت، وكم مجلدٍ نقبت في بحور الإسلام الحكيمة والمسيحية السمحة واليهودية العليمة وأديان إفريقيا القديمة "لتعارفوا"؟ ونعجب كم علم ٍمنعت، وكم عالم ٍطردت، وكم باحثٍ سجنت، وكم معلم ٍغيبت، وكم جاهل ٍعينت، وكم، وكم، وكم؟
ما أفجع ما علم آملون مضللون حين استغرق الإسلاميون الإنقلابيون في ملذات التسلط، وأصابوا شرايين المجتمع بالتجلط: حُرقت كنائسٌ وديعة بالحرب المجنونة في الجنوب وجبال النوبة؛ وأطلقت النارعلي ظهور مصلين من أنصار السنة في مسجد الله وهم ركعٌ سُجود، وحُولت جوامع وزوايا لجماعات الأنصار والختمية أكبر كتل المسلمين السودانيين إلي مراكز سياسية لتجنيد الجواسيس وأمن الإنقلابيين. وأصبح الإسلام العدل الذي أشرق في بلاد السودان نوره أوائل ظهوره في بلاد العرب وانتشر فيها وما بسطه الله مد البصر حوله مئات القرون رمزا لحاكمين ببعض شعائره وصوغا من شعاراته، صحابة السلطة المسروقة وخزانة الدولة المنهوبة – "يقوُلُون هذا مِنْ عِند الله ليَشترُوا به ثمناً قليلا" [البقرة: 79].
وا إسلاماه!
مصاب جنوبيين "بإجبارهم علي الإسلام" مصاب ثقيل لإنسانيتهم الغالية ومواطنيهم المتألمين لهم من كل عقيدة ودين في البلد، وهو ايضا إصابة مثقلة بالخطيئة الجارحة لكُنه الإسلام ومعانيه الأمثل: فالإسلام دين الحرية ومبعث الحق لا يقوم أبداً علي الجبر والإكراه. "ولوشآء رَبُك لآمّن مَن في الأرض ُِكلهم جَميعا أفأنت ُتكره الناسَ حتي يَكوُنوا مُؤمنين" [يونس:99]. والإسلام الذي دعا له الإسلاميون الإنقلابيون إحتوي ممارسات خطيرة بالإستبداد بالسلطة والإفتقاد للعدل والضرر بمصالح البلد والإضرار بالرعية. فالمصاب إذاً جامع شامل، لم يقف عند حدود منطقة أو إقليم. ولكنه جاب الأصقاع وأصدرت به دول وهيئات الفتاوي، ليس في حق المخطيئين الفاشلين؛ بل تظاهروا للأسف بمغنم السانحة لرمي نور الله بما لا يليق، وتذنيب المسلمين المعارضين بعبث بعضهم الشنيع.
أشاع النظام بإعلامه وعلمائه ومنظماته ومليشياته تشويه معاني الإسلام في مفاهيم الحكم والسلطة والمال العام والأمن العام والعلاقات الداخلية والعلاقات الخارجية واستن من القوانين ما لم يدرك من معاني الشرع غير المبتدأ وأسقط الخبر، عشرين عاما متصلة، إنفصم بها أوسع جماهير المسلمين عن حكامهم بشعاراتهم "الإسلامية" إنفصاما لم يحدث إلا علي أيدي إستعمار التركية الذي لم يَخْفِ هدفه بإستعباد السودانيين ونهب ثرواتهم، بينا استعبد إسلاميو السودان الإنقلابيين أهل البلاد تحت ستار مُشين ٍمن إدعاء التقوي والورع و"الدفاع" عن الدين والوطن: تجنيد الأطفال بالرصاص، واغتصاب النساء وجلدهن، وقتل ضباط القوات المسلحة وجنودها الشهداء في مذابح رمضان، شهر الصيام المقدس.
لهذه الأفعال، تجاسر ساسة ومفكرون في الغرب وتبعهم في الشرق بألسنة لاهثة نفرٌ لا يعلمون دينهم ولا يابهون به، إبتغاء التبجح بالرأي والتباهي بالغي. وتجرأ مغرضون جاهلون علي المسلمين ودينهم الحنيف، رسوماتٍ لا معني شخابطها القبيحة غير الهزؤ والإستفزاز، وفرمانات أجنبية تحاملية تسوئ حياة المسلمين لا مغزي بها غير التحقير والإزدراء. وبين هذا وذاك، لم تدمغ أقلام عاقلة من المسلمين وغير المسلمين جماعات الإرهاب وآلات حكوماتها وإعلامها الهدام وحده بهذا العدوان الأثيم؛ ولكنها أشارت بقوةٍ وفي آنٍ واحدٍ للإسلاميين الإنقلابيين الذين استباحوا الدين في أرض السودانيين ونزعوا عن توقيرهم له مبادئ العدل والتقوي وحق الرعية. أضعفوا هيبته، وذهبوا بحرمته بلا مذهبٍ ولا شيخ ٍ ولا طريقة.
كتبنا لرئيس بان أفريكا كونفرنس كل ذلك. وقلنا له ولغربيين: للإسلام ربٌ يحميه. وللسودان شعبٌ يتعايش أديانا، يعارض سياسة، ويميز بين الإسلام الذي عرفه قرونا بصالحات النهار، وقيام الليل، واستغفار الأسحار، وإسلامييّ الإستهبال طلاب السلطة والمال اللاهثين وراء المناصب وأبراج القيادة. وقرأنا عليه في خاتمة تعليقنا علي عبارته المنددة بإجبار الجنوبيين علي الإسلام، أي إسلام أجبروا عليه إن كان حديثه عن الديكتاتورية. أما إن دار حديثٌ عن الجنوبيين المسلمين أنفسهم، فربنا وربهم أعلم بهم. سلميون. لا يعانون في ديارهم جبرا. ومنهم الأنصاري والختمي وغيرهم من أهل الصوفية، إسلام السودانيين الشعبي، يعيشون في حبٍ ومودةٍ مع أهلهم المسيحيين والروحانيين. وحدويين وديمقراطيين، يريدون من قوي الإجماع أن توحد أوطانهم وتصلح حكوماتهم.
وغداً يومٌ جديد…
سودانياتٌ ما قبل قرار ٍبقابل الأوطان
"يا شعب غرامو الحرية"
من أناشيد الموسيقار محمد الأمين
محجوب التجاني
الإثنين: 10 يناير 2011
الدكتور لينارد مادو، رئيس بان أفريكا كونفرنس في الولايات المتحدة، أرفدنا شاكرا ومقدرا ببيان أصدرته منظمته، عنوانه "جنوب السودان جاهز للتصويت علي الإستقلال" (8 يناير 2011).
منظمة بان ـ أفريكا [إفريقيا الكبري] منظمة طوعية لا تخضع لحكومة أو نظام إفريقي رسمي. تعود جذورها إلي الستينيات الأولي من القرن العشرين أيام حركة التحرر الوطني المجيدة التي إستقلت فيها معظم دول القارة من الإستعمار الأوروبي، وحملت كل حكومة تركته المثقلة، وعلي رأسها تشظي الأفارقة علي أنفسهم عبر الحدود السياسية التي لم يحذق الإستعمار صنعها، ولكنه قطعا أتقن فرضها لتبقي لغما دائما للصراع السياسي والإقتصادي بين أهل الوطن الواحد، كلما انفتح جوف الأرض عن كنوزها.
ولِما نذهب بعيدا، وأبيي عاشت قرونا في محبةٍ وتزاوج وأمان بين الدنكا نجوك والمسيرية. ما شاع خبر النفط بحيرة تجري تحت المراعي حتي طاش صواب السماسرة في المركز ومن خلفهم أو أمامهم المستثمر الأجنبي. ومن وراء الإثنين تداعب شياطين السيطرة والتحكم في النفط الموعود قيادات وجماعات كان المنتظر منها تغليب روابط السكان التاريخية القوية، وما اورثها الحكماء من مودةٍ ورحمة وتعاون علي البر، علي الفرقة والصراع بالسلاح، وزرع الأحقاد وتحصيلها أجيالا حاضرة وأخري قادمة، إلي ما لا تحمد عقباه.
الجنوب علي طريق الإنفصال
كتب رئيس مؤتمر بان أفريكا: "يبدو أن جنوب السودان يُشرف علي الإنشطار عندما يُدلي الجنوبيون بأصواتهم الاحد 9 يناير 2011، إن كانوا يرغبون أو لا يودون ترك الشمال. المتوقع الذائع أن صوتهم سيذهب للإنفصال. فبعد حقبٍ من القتال الذي ُفقد فيه ثلاثة مليون إنسان، ما من خيار للجنوبيين سوي الإنفصال. وقد تعرضوا لتمييز ٍشامل ٍضدهم، وعُوملوا كالعبيد في صّحن دارهم، وأجبروا علي قبول الإسلام ديناً لهم."
النفط نزاع قائم
تقول بان أفريكا "أغلبية الجنوبيين سود السحنة ومسيحيي الديانة، بينما أغلبية الشماليين عرب ومسلمين. أضاف إكتشاف النفط بعدا جديدا للنزاع. معظم إبار "النفط في الجنوب؛ ولكن المصافي وتسهيلات التصدير في الشمال. ويُصر نظام الخرطوم علي استلام 50% من كل عوائد النفط. الإنتاج الحالي حوالي 500000 برميل في اليوم، و98% من دخل الجنوب يجئ من النفط. ومنذ إتفاقية عام 2005، إستلم الجنوب حوالي 10 مليار دولار عوائد نفط. مع ذلك، يظل واحدا من أقل الأماكن تنمية، وأكثرها إفقارا في الارض، بسبب عقود من الإهمال. وبعد الإستقلال، هل يستمر الجنوب في إعطاء الشمال 50% من عائد النفط؟ يبقي الأمر ماثلا."
لقاء مع الوحدوي قرنق
"لإستقلال الجنوب مضامينٌ واسعةٌ لقارة إفريقيا. أصر الرئيس الراحل جون قرنق، في محادثتي معه، علي حكم ٍذاتي للجنوب يكون كاملا وحراً من الأغلال، يستمر فيه الجنوب جزءا من السودان. إن قرنق رجلٌ جذاب الشخصية، ضليع، ولامع الذكاء. وقد تمتع بحس ٍشعبي وُطموح ليحكم كل السودان، ليس الجنوب وحسب. في هذا، يختلف قرنق عن معظم أعضاء الحركة الشعبية وجيشها، بما فيهم سلفا كير ميارديت. وبتشديده علي الحكم الإقليمي الذاتي كاملا في نطاق السودان، مع ذلك، كان قرنق يضع نصب عينيه قيود منظمة الوحدة الإفريقية (الإتحاد الإفريقي حاليا)."
"تؤكد مبادئ الوحدة الإفريقية علي حُرمة الحدود التي رسمها الإستعمار وعدم جواز إنتهاكها. ويؤمن قادة إفريقيا بأن الإنفصال في بلدٍ إفريقي سوف يؤدي إلي الإنفصال والمطامع في بلدٍ إفريقي آخر. ومن ثم، عدم استطاعتهم تأييد حركتي بيافرا [نيجريا] وكاتنغا [الكنغو] الإنفصاليتين."
إرتريا حالة شرعية
"عام 1993، إنفصلت إرتريا من إثيوبيا؛ ولكن الإرتريين يمكنهم أن يجادلوا بأنهم كانوا دولة مستقلة تحت الطليان (تبريرا معقولا)، إلي أن انتزعها الإمبراطور هيلاسلاسي بالقوة وجعلها محافظة إثيوبية؛ وبهذا لا تنطبق أحكام الوحدة الإفريقية/الإتحاد الإفريقي [بحُرمة الحدود] عليهم. وربما تطالب بعض الشعوب والأقاليم بالإستقلال تبعا لحالة جنوب السودان كمثال أرض الصومال، إقليم كاسمانك في السنغال، مقطع كابيندا في أنغولا، وأجزاء من جمهورية الكنغو الديمقراطية وفيها كاتنغا (التي تدعي الآن شابا)، وشمال ساحل العاج (تحت سيطرة القوي الجديدة)، والأوقادين في إثيوبيا، وجنوب تشاد، وإقليم دارفور في السودان – ليس حصرا.
الرئيس الليبي معمر القذافي دعا لتقطيع أوصال نيجريا بناءا علي عدم الإنسجام الواقع بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي. إن جمرة الإنفصال لا تزال متقدة وسط الإيبو فيما أطلق عليه آنفا بيافرا. وكمنظمةٍ جديدةٍ تناضل سلميا "الحركة من أجل تأسيس بيافرا دولة ذات سيادة"، بشراسة، لبعث جمهورية بيافرا."
دروس في حالة الجنوب
"أيا بلغ الأمر، لإستقلال جنوب السودان بطانة فضية. لسوف يَرغم قادة إفريقيا علي إعارة تنبههم لمظالم مواطنيهم المقهورين ولطموحاتهم، فإنهم مهمشون، ويُعاملون كالعبيد. علي الرؤساء الأفارقة أن يُدركوا أنهم خدام مواطنيهم الذين يدفعون لهم مرتباتهم، وليسوا أسياداً لهم. إن أولئك الذين يخسرون الإنتخابات لزامٌ عليهم أن يتخلوا عن الحكم، والذين ينهبون الأموال منهم عليهم أن يعيدوها ويجدوا لهم أسّرة في السجن. فهل يسمعون؟ ستبدي لنا الأيام."
بهذا انتهي بيان بان أفريكا. ولنا تعليقٌ عليه مقارناً بإراءٍ في سياسة الغرب نحو قارتنا الأم.
تعليق
نتفق مع ليونارد مادو علي الإجمال في تحليله الأمين لمسببات الإنفصال في وطننا، وفي بلدان القارة الأم من حولنا. يتفق في طرحه مع عددٍ كبير من الساسة والمفكرين في الغرب والقارة والشرق، قالوا إن ماسآة الحكم في البلدان النامي منها والمتردي بلا تنميةٍ واحدة، هي إنفراد الحكام بالسلطة للإستئثار بالمال، والتمرغ الخائب في جاه الدولة علي حساب الشعب والقيم والأخلاق.
علي أننا نري أن رئيس بان أفريكا لم يدقق توصيفه لتركيبة الجنوب العرقية والدينية. فعلينا بها: في الجنوب أقليتان دينيتان هما المسيحيين والمسلمين. أما أغلبية الجنوب الدينية فتتبع دياناتٍ إفريقيةٍ روحانيةٍ قديمة قد يعتنق من طقوسها مسلمون ومسيحيون مع ذويهم في مناسباتٍ مختلفة، لا يجدون غضاضة ًفي التمتع بها.
أما سحنة الجنوبيين ففيها الأسود والأحمر، مثلهم في ذلك مثل إخوتهم الشماليين لأسباب جينيةٍ واضحة. تزاوج الأجداد أياً ما كانت سحنتهم في ديار ما بلغوا من أقطار الأرض، فتكاثروا "صهرا ونسبا". ومن يجسر اليوم فيدّعي عنصرا لم يمتزج بآخر؟ إنها النازية القبيحة التي نبذتها أديان السماء قبل أن ترفضها أفكارالعلمانية. وهي سلوك مشين متي أعلنت خرقا للدستور ومروقا جهولا علي أمر الرّب "وجَعَلناكُم شعُوبَا وقبائل لتعَارَفُوا" [الحجرات:13].
ثم إن علينا ألا نرجم الديمقراطية بالفشل. فهي أعظم ضمان ٍأوجده البشر في عالمنا المعاصر لحرياتهم وحقوقهم. وليسترجع من شاء سنين حكوماتنا المنتخبة، فليحكم بفهم ٍوعدل لأنه في كل مرةٍ أطاحت فيها حركته الجماهيرية بإعداء الحرية ومنتهكي الحقوق، أعادت الديمقراطية كرامة السوداني في كل أنحاء الوطن واعتزازه بنفسه وأهله ومجتمعه ووطنه. فاوضت الديمقراطية بإرادة الشعب متمرديه بالمساواة والأحترام. واحتضنت مطالبهم. ولم يكن لحكم لا ديمقراطي أصلاً مقدرات الحرية وتعظيم حقوق الآخرين ليضمنها لهم.
في العشرين عاما الماضية من دوس الإسلاميين الإنقلابيين علي إرث شعبنا البهي في مقاومة الطغيان بمختلف ألوانه وادعاءاته، ودحره، للسودانيين إنفصاليين ووحدويين أن يفخروا بإضافتهم العالية لهذا الرصيد الكبير علي مستوي القارة والبلدان الشبيهة في قارات العالم.
وغداً يومٌ جديد...
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة