تقرير المصير لدارفور 2014
عشية إجراء الاستفتاء لشعب جنوب السودان ليقرر في مصيره تتجه الانظار جميعا نحو الجنوب لتتاكد من النتيجة المحسومه لعمليات الاقتراع لصالح الاستقلال التام عن سلطة شمال السودان و إنشاء دولة افريقية اللون , الثقافة , الموقع , الادارة و اللغة بدلا من الانصهار في دولة الشمال الاسلاموعربية اما الاجزاء الاخرى من السودان و خصوصا الغرب و الشرق ربما لا يرفضون الانصهار في دولة الشمال لكن بشرط ان تكون الدولة إسلامية لا عربية و الحديث عن العروبة يجد اصواتا رافضة في الغرب اكثر من الجنوب ذاته و كذلك في الشرق فلغة البداويت اقدم بالف عام من العربية في الوجود و اللغة النوبية كذلك فيما يعتبر لغة الفور اللغة الرسمية في سلطنة دارفور المستقلة حتى عام 1916 م و قد كتب بها مواثيق الدولة و العهود و الاتفاقيات و هي اللغة الرسمية لسكان جبل مرة حتى يومنا هذا و كتب بلغة المساليت إتفاقية ترسيم حدود السودان الغربية بين ملك المساليت و المستعمر الفرنسي بعد ان هزم المساليت الجيش الفرنسي في معارك قادها الفرنسيون من اجل إستعمار دارفور و خاضها المساليت دفاعا عن ارض القبيلة و مملكتها و قد ظهرت اخيرا معاهد لتعليم لغة الفور في حي مايو بالعاصمة القومية و معسكرات النازحين كما ظهرت مدارس تدرس بلغة المساليت في معسكرات اللاجئين في تشاد اما لغة الزغاوة الذين يتهمهم النظام بالسعي لاقامة دولة باسمهم يمتد من تشاد حتى افريقيا الوسطى و السودان فهي لغة تكاد تكون رسمية في اقصى شمال دارفور و اصحابها اقرب اهل الاقليم للعرب كونهم المجموعة غير العربية الوحيدة التى تتخذ من الرعي مهنة اساسية لها و تفتخر بتربية الابل كما يفعلها العرب و تتقارب ثقافتهم مع الثقافة العربية في مناحي عدة منها :
1 – رعي الابل و التفاخر بها
2 – ثقافة الثار و مناصرة افراد القبيلة
3 – الزواج الاسري (زواج بنت العم ) و البعد عن مصاهرة الاخرين
4 – التمييز الطبقي داخل القبيلة , حيث يتفاخر اصحاب النسل الصافي على العبيد منهم
5 – إتباع نظام الشياخة و المملكة في إدارة القبيلة
هذه المجموعة رغم التقارب مع ثقافة العرب إلا انها اكثر مجموعة رفضت الانصياع للتعريب و قابلتها بحروب مع الكيانات العربية على الارض و تحالفت مع المساليت في حربهم ضد المجموعات العربية كما فعلت نفس الشئ مع الفور
أما المجموعات العربية في الاقليم فانها لا تتفق مع الشمال العربي حتى في عروبتهم دعك من السلطة ففي الوقت الذي يعتبر اهل الشمال تلك المجموعات انها مجرد مجموعات زنجية جذبتها رسالة العروبة فاصبحت عرب مستعربة و الفضل يرجع للعرب العاربه . يستنكر المجموعة العربية في دارفور تلك المقولة و يشير إلى إرتباط معظم كياناتها بالمجموعات العربية التى تواجدت في الجزيرة العربية قبل الاسلام و يشيرون إلى ان عرب الشمال ليسوا إلا بقايا للاتراك و الفراعنة المصريين إختلطوا بالنوبيين السمر و دليلهم على ذلك عدم إرتباط قبائل هذه المجموعات باي مجموعة عربية خارج نطاق حدود السودان فلن تجد الجعليين في الشام و لا الشايقية في حين يرتبط المحاميد و الزياديه و المسيريه بمجموعات عربية تحمل نفس الاسم في عدة بلاد عربية و افريقية كما يحمل تسمية مجموعاتهم سمات التسمية العربية ( بني هلبه , بني حسين ) و هذا دليل دامغ على إنحدار تلك المجموعات من اصل عربي , و كان هذا الخلاف في كل شئ من العوامل التى ادت إلى تكالب ابناء الشمال ضد الخليفة التعايشي و السعي لاسقاطه بكل السبل و يرى المجموعات العربية في دارفور انها لا خطر عليها من قيام دولة في دارفور ستشكل حتما ركنا اساسيا في قيامها و تثبيت اركانها و هذا ما ادى لانضمام جزء كبير جدا من ابنائها إلى الحركات المقاومه بعد بروز اصوات تنادي بحق تقرير المصير و قيام دولة دارفور من جديد
بعد النظر الفاحص للمعطيات المذكورة انفا يمكن تحليلها في ثلاث سيناريوهات محتملة لقضية دارفور
1 – رفض المجموعات الافريقية للثقافة الاحادية العربية للدولة السودانية و السعي لايجاد دولة افريقية تمثلها و ترعى لغاتها و ثقافاتها و سيلقى هذا السيناريو الدعم من دولة الجنوب الوليدة و المجتمع الدولي و كل المجموعات غير العربية في السودان , لاكن سيواجه بالعنصر العربي في المقابل
2 – تحالف المجموعات الافريقية مع عرب الهامش لصياغة دولة تستوعب الجميع و تغيير النظام الحالي مع وضع ضمانات لعدم نقض اي طرف للعهد في إقامة امة اسلامية تحت مظلة دولة مدنية تراعى الحقوق و تطبيق مثال تركيا و هذا السيناريو سيلقى تاييد شعبي واسع مع محدودية من الدعم الخارجي و إذا تحقق سيؤدي مثل هذا التحالف إلى سقوط النظام تلقائيا
3 – الاستمرار في الوضع الحالي لقضية دارفور و تدريجيا سيؤدي إلى هلاك الجيل الحالي من المناضلين و المحاربين الدارفوريين ليحل محلهم محاربون جدد ولدوا في المعسكرات و الملاجئى لم يروا خرطوم من قبل بل سمعوها في حكاوي الحبوبات و قصص التهجير القسري فنكون يومها اقرب من حبل الوريد لتقرير مصير دارفور و اعلانها دولة مستقلة .
ظهرت اخيرا اصوات دارفورية تنادي باستقلال الاقليم عن السودان و نادى بعض الحركات المسلحة بتقرير المصير لدارفور , و هذا نتاج طبيعي للحاق بعض الشباب الدارفوري بالحركات المسلحة مؤخرا و في جعبتهم ما شاهدوه من تمييز عنصري غداة دخول قوات العدل و المساواة للعاصمة
و لمن يسترجع الذاكرة كان اول مطالب الجنوبيين هي الحكم الذاتي و اخرها تقرير المصير و اليوم اول مطالب الدارفوريين الاقليم الواحد و يعلم الله اخرها ,,,,,
نجم الدين جميل الله
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة