صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
البوم صور
بيانات صحفية
اجتماعيات
 
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
مقال رائ
بقلم : حسن الطيب / بيرث
جنة الشوك بقلم : جمال علي حسن
بقلم :مصطفى عبد العزيز البطل
استفهامات بقلم: أحمد المصطفى إبراهيم
بقلم : آدم الهلباوى
بقلم : آدم خاطر
بقلم : أسامة مهدي عبد الله
بقلم : إبراهيم سليمان / لندن
بقلم : الطيب الزين/ السويد
بقلم : المتوكل محمد موسي
بقلم : ايليا أرومي كوكو
بقلم : د. أسامه عثمان، نيويورك
بقلم : بارود صندل رجب
بقلم : أسماء الحسينى
بقلم : تاج السر عثمان
بقلم : توفيق الحاج
بقلم : ثروت قاسم
بقلم : جبريل حسن احمد
بقلم : حسن البدرى حسن / المحامى
بقلم : خالد تارس
بقلم : د. ابومحمد ابوامنة
بقلم : د. حسن بشير محمد نور
بقلم : د. عبد الرحيم عمر محيي الدين
أمواج ناعمة بقلم : د. ياسر محجوب الحسين
بقلم : زاهر هلال زاهر
بقلم : سارة عيسي
بقلم : سالم أحمد سالم
بقلم : سعيد عبدالله سعيد شاهين
بقلم : عاطف عبد المجيد محمد
بقلم : عبد الجبار محمود دوسه
بقلم : عبد الماجد موسى
بقلم : عبدالغني بريش اللايمى
تراسيم بقلم : عبدالباقى الظافر
كلام عابر بقلم : عبدالله علقم
بقلم : علاء الدين محمود
بقلم : عمر قسم السيد
بقلم : كمال الدين بلال / لاهاي
بقلم : مجتبى عرمان
بقلم : محمد علي صالح
بقلم : محمد فضل علي
بقلم : مصعب المشرف
بقلم : هاشم بانقا الريح
بقلم : هلال زاهر الساداتي
بقلم :ب.محمد زين العابدين عثمان
بقلم :توفيق عبدا لرحيم منصور
بقلم :جبريل حسن احمد
بقلم :حاج علي
بقلم :خالد ابواحمد
بقلم :د.محمد الشريف سليمان/ برلين
بقلم :شريف آل ذهب
بقلم :شوقى بدرى
بقلم :صلاح شكوكو
بقلم :عبد العزيز حسين الصاوي
بقلم :عبد العزيز عثمان سام
بقلم :فتحي الضّـو
بقلم :الدكتور نائل اليعقوبابي
بقلم :ناصر البهدير
بقلم الدكتور عمر مصطفى شركيان
بقلم ضياء الدين بلال
بقلم منعم سليمان
من القلب بقلم: أسماء الحسينى
بقلم: أنور يوسف عربي
بقلم: إبراهيم علي إبراهيم المحامي
بقلم: إسحق احمد فضل الله
بقلم: ابوبكر القاضى
بقلم: الصادق حمدين
ضد الانكسار بقلم: امل احمد تبيدي
بقلم: بابكر عباس الأمين
بقلم: جمال عنقرة
بقلم: د. صبري محمد خليل
بقلم: د. طه بامكار
بقلم: شوقي إبراهيم عثمان
بقلم: علي يس الكنزي
بقلم: عوض مختار
بقلم: محمد عثمان ابراهيم
بقلم: نصر الدين غطاس
زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
فيصل على سليمان الدابي/قطر
مناظير بقلم: د. زهير السراج
بقلم: عواطف عبد اللطيف
بقلم: أمين زكريا إسماعيل/ أمريكا
بقلم : عبد العزيز عثمان سام
بقلم : زين العابدين صالح عبدالرحمن
بقلم : سيف الدين عبد العزيز ابراهيم
بقلم : عرمان محمد احمد
بقلم :محمد الحسن محمد عثمان
بقلم :عبد الفتاح عرمان
بقلم :اسماعيل عبد الله
بقلم :خضرعطا المنان / الدوحة
بقلم :د/عبدالله علي ابراهيم
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات English Page Last Updated: Jan 12th, 2011 - 22:21:57


ما بين سنغافورة والسودان كيف نستفيد من هذه التجربة التنموية العظيمة؟!/محمد وقيع الله
Jan 10, 2011, 20:24

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع
Share
Follow sudanesewebtalk on Twitter

 

ما بين سنغافورة والسودان

كيف نستفيد من هذه التجربة التنموية العظيمة؟!

محمد وقيع الله

(إهداء وعزاء إلى الباكين والمتباكين على ضياع ربع أرض الوطن العزيز)

(1  من 2)

 

فروق شاسعة تفصل ما بين أوضاع سنغافورة والسودان. ومع ذلك فيمكن للحكومة السودانية والشعب السوداني الإفادة العظمى من تجربة هذه الدولة الصغيرة الناهضة، أو التي نهضت فعلا وحققت لشعبها جل ما كان يطمح إليه، أو قل إنها حققت له أكثر مما كان يطمح إليه أو يخطر له على بال!

دولة المدينة الفاضلة:

سنغافورة دولة صغيرة مما يمكن أن يسمى دولة – المدينة.

City- State

أي الدولة الصغيرة القائمة على أساس مدينة أو حاضرة واحدة، خلاف الدولة القومية.

Nation- State

التي تقوم على أرض شاسعة وتضم مناطق ومدن وقرى متكاثرة.

 ودولة المدينة كانت محط أحلام الفلاسفة الغابرين، وعلى مستواها التحليلي أنشأ أفلاطون جمهوريته اليوتوبية، وأقام الفارابي مدينته الفاضلة.

وخطط مكيافللي فلسفته المرعبة (وإن كان قد رمى إلى توحيد إيطاليا كلها على نواة  دولة - مدينة فلورنسا!).

وكتب روسو فصول فلسفته الرومانتيكية الحالمة في العقد الإجتماعي على نطاق حدودها!

الدولة الأشد ازدهارا:

وبالإضافة إلى سنغافورة توجد بضعة مدن – مدينة، في عالما اليوم، مثل إمارة موناكو، وبعض مدن نيو إنجلاند، وكانتونات سويسرا.

وهي كلها مدن عامرة مزدهرة، ولكن سنغافورة أشدها عمارا وازدهارا، وهي تختلف عنها في ناحية واحدة مهمة هي التي دعتنا لإنشاء هذا المقال لمضاهاة وضعها بالسودان.

دولة لا ديمقراطية:

تختلف سنغافورة عن دول المدينة الآنف ذكرها، في أنها ليست دولة ديمقراطية على النمط الأوروبي.

فلا هي ذات ديمقراطية مباشرة، بمعنى أن يجتمع سكان الدولة كلهم على صعيد واحد  لمناقشة المشاكل، واتخاذ القرارات، وتنفيذها.

ولا هي ديمقراطية تمثيلية يتنافس فيها حزبان قويان، أو أحزاب متعددة، ويعطي السكان أصواتهم لمن يأتوا نوابا ليمثلونه، ويختارون بدورهم الجهاز التنفيذي.

في سنغافورة حزب غالب، يكاد ينال جميع الأصوات، ويحوز رضا المواطنين في أغلبيتهم الساحقة، وهذا شيئ عزيز في الوجود، أن يصوت الناس في اتنخابات حرة نزيهة، وفي كل مرة يعطون بمحض إرادتهم، أصواتهم بهذ القدر الإجماعي أو شبه الإجماعي لحزب واحد!

وإذا كان البعض قد سمى هذه الظاهرة بالدكتاتورية الناعمة، فهي تسمية ظريفة وإن لم تكن مصيبة.

لأن النظام السياسي السنغافوري يمكن أن يسمى كذلك إذا اقتصر النظر على المظهر دون الجوهر.

 وإلا فجوهر ذلك النظام لا يمكن أن يعد دكتاتوريا أو سلطويا لأن الشعب يختار حكومته مرة بعد مرة وهو عنها راض.

ورضا الشعوب عن حكوماتها مطلب عسير نادر.

 فإن نصف الناس أعداء لمن ولي الأحكام هذا إن عدل.  كما قيل في حِكم الشعر!

ولكن أهل هذه الدويلة الصغيرة حجما، والكبيرة قدرا، قد خرجوا عن نطاق تلك الحكمة الشعرية السياسية الانطباعية القديمة، ومنحوا ولاءهم المتجدد لحكومة تخدم الشعب بما يريد وتزيد.

القابلية للنهضة .. لا للإستعمار:

انفصلت سنغافورة عن ماليزيا في عام 1965م، وعالجت سراعا  اشكالات ما بعد الإستقلال، وحسمت خياراتها السياسية والإقتصادية بشكل نهائي. وقضت على ما أسماه فيلسوفنا العظيم مالك بن نبي بأوضاع (القابيلية للإستعمار).

وباشرت تنفيذ مهام النهضة، تاركة معظم الدول الآسيوية من حولها تضج في لغو قضايا الهوية، والإثنية، والصراع الديني، ومطالبات تقسيم الثروة التي لم تتحقق ولم تتراكم بعد.

وهي القضايا الجدلية التي  يهوى الحديث فيها، ويدمنه، مثقفو البلاد المتخلفة، المتخلفين ثقافيا أكثر من مثل شعوبهم!

 انطلقت سنغافورة على التو في مضمار النهضة، تاركة البلاد الآسيوية المعطوبة بمثقفيها، من منقوصي الثقافة، غارقة في مشاكلها القديمة التي جرتها إلى مشاكل أوخم منها، مثل مشاكل الجريمة المنظمة، واستفحال أدواء المخدرات، والدعارة، والإتجار بالبشر، وتكاثر الأطفال غير الشرعيين، وتفشي البطالة، واتساع أحياء الفقر التي تتوالد فيها تلك الأوبئة والآفات.

الجهاد المدني السنغافوري:

لقد كان من شأن سنغافورة أن تعافت سراعا من أمراض القابلية للإستعمار وأعراضها فور أن شدت المئزر، وانخرطت في حركة (الجهاد المدني) الحقيقي، جهاد التنمية، لا جهاد التصاخب بالشعارات والتنافس على مناصب الحكم التي ابتلي بها سياسيو المعارضة في السودان.

وظل فيلسوفها العملي وأبوها الروحي الزعيم لي كوان يو يشرف على وضع الخطط الكبرى الذكية المرنة.

ويوجه البلاد نحو الإنجاز بغض النظر عن تفاصيل الآيديولوجيا والشعار.

وسبق بهذا المنحى البراغماتيكي جاره زعيم النهضة الصينية الحالية، دنغ هسياو بنغ، الذي اشتهر لاحقا بحديث لون القط الذي لا يهم (ولا يفرق!) طالما أنه قادر على اقتناص الفأر!

وهذا نمط من التفكير صحيح، ففي المقصد النهائي، يقاس أداء الدول في مسار التنمية وجهاده المدني الحقيقي، بارتفاع معدلات الإنتاج والنمو.

والشعوب لا تأكل من الشعارات الخرقاء والمثاليات الجوفاء، وإنما تقتات من عائدات التنمية العملية المتزايدة بوتائر أسرع من معدلات نمو السكان وتسارع أقدار استهلاكهم.

كفاءة القطاع العام:

وفي هذا المدى انطلقت سنغافورة بعيدا عن النمطية السائدة، ولم تستورد نهجا تنمويا ولا سياسيا تلزم به نفسها.

ولذلك انطلقت تؤسس لجهاز اقتصادي كفء، تملكه الدولة لا القطاع الخاص.

وهو جهاز ضخم يضم المصانع، والمتاجر، والمساكن، والمستشفيات، والمدارس، والكليات، وخطوط الطيران، وشركات الاتصالات، ويحيط بالمجتمع ويستوعبه ويسبق نموه بالنظر المستقبلي النافذ.

ولا ينتظر وقوع مشكلة حتى يشرع في حلها، بِلْه أن يدعها تتمادى حتى تصبح كارثة، وإنما يتحسب لها قبل أن تقع بزمان طويل.

وهكذا نجت سنغافورة من مشاكل تحتم وقوعها في بلا أخرى عرف سياسيوها ومخططوها، بقصر النظر وتقاصره، كسياسيينا ومخططينا (العشوائيين!) الذين لم تدلهم أي تجارب عمرانية قديمة أو متقادمة على ضرورة التحسب لمشاكل بدهية الوقوع مثل المرور، واتخاذ حلول لها، ما كانت لتكلف شيئا لو أنها اتخذت في الوقت المناسب.

أما في سنغافورة فهي مع ضيق مساحتها، واحتشادها بالخلق، فلا تكاد ترى فيها أثرا لاختناق مروري حتى في ساعات الذروة.

ذلك أن سياسييها المتفرغين لقضايا التنمية لا لقضايا الصراع على كراسي الحكم، انتبهوا بدارا إلى خطورة مشكلة المرور، فصمموا الشوارع فسيحة واسعة، تنساب فيها حركة السير بلا تعثر ولا عناء.

وشجعوا الناس على استخدام المواصلات العامة، وأغلوا أسعار السيارات الخاصة بالضرائب الباهظة بحيث يزهد فيها الناس رغم ثرائهم الملحوظ !

إعدام تجار المخدرات:

وانتبه هؤلاء السياسيون والمشرعون إلى ما تأتي به قضايا التنمية، ويفرزه الثراء من مشاكل اجتماعية، وعلى رأسها إدمان المخدرات والتحلل والأخلاقي، فصنعوا حواجز هائلة دونها.

 وفي مجال مكافحة المخدرات، مثلا، لم يجعل القانون السنغافوري للقاضي إلا من خيار واحد فقط، يواجه المدان بالاتجار بالمخدرات، وهو خيار الإعدام شنقا حتى الموت.

 وجلد ابن الأكرمين الأمريكي:
وأما أدنى جريمة تهدد حالة السلم العام، فعقوبتها الجلد لا غير !

وهل نسي الناس بعد قصة ابن الأكريمين، الأمريكي، الذي قام بإتلاف إحدى السيارت، في الشارع العام، وحكمت عليه إحدى محاكم سنغافورة بالجلد، ولم تبال حكومة سنغافورة بضجيج المجتمع الأمريكي، وضغوط حكومته، والجهود والوساطات الكثيفة التي استهدفت تغيير الحكم أو إلغائه، وأصرت على تنفيذه، وإن كانت قد خفضت عدد الجلدات.

وما كان إصرار سنغافورة على إمضاء حكم  الجلد على الفتى الأمريكي الضال، إلا تعبيرا عن الحزم والعزم على الحفاظ على ضبط حالة الأمن والاستقرار، وذلك حتى لا يتجرأ شخص آخر، مهما كان، على الإفساد في الأرض وبث الفوضى وسط الناس.

وفي تصور حكام سنغافورة - وهم محقون في ذلك - فإن تقويض حالة الأمن يؤدي لزاما إلى تقويض الجهود التي يبذلونها في سبيل التنمية والعمران.

 ولا تنمية ولا عمران بلا أمن متين مكين ركين كما قال ابن خلدون!

 

 

 

ما بين سنغافورة والسودان

كيف نستفيد من هذه التجربة التنموية العظيمة؟!

محمد وقيع الله

(إهداء وعزاء إلى الباكين والمتباكين على ضياع ربع أرض الوطن العزيز)

(2  من 2)

 

تبلغ مساحة سنغافورة 692 كيلو مترا مربعا، أي أقل من مساحة العاصمة السودانية المثلثة .

ويبلغ عدد سكان سنغافورة 4,7 ملايين نسمة.

وقد بلغ إجمالي الإنتاج المحلي لسنغافورة للعام الماضي 2010م، حوالي 251 بليون دولار ( مقارنة بنحو 92 بليون دولار للسودان).

وبلغ معدل إنتاج الفرد في سنغافورة للعام نفسه، 54 ألف دولار، (مقارنة بنحو ألفي دولار للفرد في السودان).

 وبلغ إجمالي الصادرات السنغافورية لهذا العام  273 بليون دولار، (مقارنة بنحو 9 بليون دولار للسودان) .

كما بلغ إجمالي الواردات 243 بليون دولار، (مقارنة بنحو 7 ونصف بليون دولار للسودان) .

ووصلت حصيلة الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيها إلى 189 بليون دولار.

ويتركز الإقتصاد السنغافوري على الخدمات والصناعة، وأهم الصناعات السنغافورية هي الإلكترونيات، والأدوات الكهربية، وأدوات حفريات استخراج النفط، وتكرير النفط، والصناعات المطاطية، والصناعات الغذائية، وإصلاح السفن.

وقد بلغ إنتاج الكهرباء 42 بليون كيلوات يستهلك أكثرها ويصدر أقلها إلى الخارج، (مقارنة بنحو 4 بليون كيلوات هو مجمل انتاج كهرباء السودان الذي لا يكفي للإستهلاك المحلي!)

ورغم أن سنغافورة عانت من متاعب التراجع الإقتصادي العالمي خلال الأعوام ما بين 2001 -2003 م إلا أنها استعادت نمط نموها السابق خلال الأعوام الماضية، فاتصل معدل نموها الإقتصادي بحوالي 7 % سنويا حتى عام 2008م، ثم تراجع قليلا في العامين الأخيرين.

كفاءة القطاع العام:

وهذه النجاحات الإقتصادية الفائقة ما كان لها أن تتم على أساس من أداء القطاع الإقتصادي العام، لولا قوة الحكومة السنغافورية، ونظافة أيدي ولاة الأمور هناك، ولولا قوة الشعب السنغافوري ونظافته ووطنيته كذلك.

وفي ذلك برهان على أن القطاع العام ليس رمز الفشل الإقتصادي وسببه الأساسي بالضرورة، كما يقول البعض.

فالقطاع العام يمكن أن يدار إدارة علمية مثالية تماثل إدارة القطاع الخاص، هذا إذا سمت ثقافة الشعب السياسية وطهرت ذمم قادته.

فحينها يصيب الخير المجموع، ولا يخص أفراد النخب التي تتسارع لالتهام مصادر الثروة قبل أن تتكون، وإلا فكم  من شركة عندنا قضى عليها الحكام ومحاسيبهم من الإداريين الفاسدين المفسدين وهي بعد في المهد؟!

لقد تكونت الثقافة السياسية عندنا، ويمكن أن نقول الثقافة الوطنية أيضا، على الحس الفردي، والطابع الانتهازي، والتسابق نحو الغنم العاجل لا الآجل.

فليس عارا عندنا أن ينهب الموظف الكبير من أموال القطاع العام، وإن كان عاره في الحقيقة أعظم من عار سراق الليل، الذين يقفزون على بيوت الناس لسرقة مسترخص المتاع، فهؤلاء شرهم محصور مقصور على أضيق نطاق.

ومع أنك لا تكاد تجد أحدا يجادل ويحتج على تناول أيدي سراق الليل بالقطع، لكنك ترى وتسمع من الكثيرين من المثقفين وأشباههم ممن يتسارعون لإعلان الاحتجاج وراء الاحتجاج، ويجئيون بالشبهات تلو الشبهات، للدفاع عن سراق المال العام!

إن الكثيرين من مديري شركات قطاعنا العام، والمتنفذين فيها، لا يرون أن تلك الشركات هي مال الشعب ومجمل استثماره، ولا يرون أنهم مجرد أجراء اختيروا لإدارتها وتنميتها، ولا يظنون أنهم مسؤولون عن الخسائر التي يمكن أن تحيق بها!

 وإنما يحسبون أن تلك الشركات إنما أنشئت خصيصا لخدمتهم هم، وخدمة أهليهم وأقاربهم، فوظائفها ليست معروضة في السوق الحر للأكفاء ممن يمكن أن يؤدوها باقتدار، ويؤسسوا لنجاح تلك الشركات.

وإنما هي وظائف محتكرة لأهل المديرين والنافذين في وأصدقائهم ومعارفهم، حتى ولو كانوا من أعجز العاجزين!

ولذلك فلا غرو ان تعجز شركات القطاع العام عن تحقيق ما أنيط بها من مهام، حتى ولو كانت كل أسباب الفوز الأخرى في صالحها.

فقد ابتليت الكثير من هذه الشركات بقادة إداريين موبوئين بداء الفساد. والقائد الموبوء بداء الفساد هو إنسان ميت ضميريا، ولا يمكن أن نتوقع منه غيرة أو احتراقا من أجل إنجاح مشاريع القطاع العام.

التفسير الثقافي لا يكفي:

ومع وجاهة الدفع السابق، إلا أن تفسير الأمور بالعامل الثقافي وحده فيه تبسيط شديد في التحليل والتعليل.

ولذلك فينبغي أن نبحث عن عوامل أخرى قد تجلي لنا وجه الظاهرة على وجه التفصيل.

 وهذا ما ينبغي أن تنبري للقيام به عقول مدربة مختصة تبحث في دقائق الأمور، وتستجليها عن قرب، أقصد بذلك مراكز الأبحاث السياسية التي انتشرت في بلادنا أخيرا (كمودة!) ولم ينجز أي منها بحثا يؤبه به !

إن أساليب إدارة القطاع العام السنغافوري ربما انطوت على أسرار غير متاحة لنا، كانت هي سبب قوته وكفاءته.

وهذه أسرار ينبغي أن نعرفها عن كثب، وهنا يمكن أن تبعث هذه المراكز، التي تدعي الإنتساب إلى البحث العلمي، بعض الباحثين النابهين الناضجين، إلى سنغافورة، في مهمة بحث علمي، محدد الإطار، ليأتوا لنا بما قد يكون السر الكامن الذي يفسر لنا سبب هذا النجاح المرموق، ويكون درسا لنا عسى أن تفيد منه سائر مؤسسات البلاد.

وحدة التحليل الصغيرة:

وهذه مهمة بحثية ضيقة المدى، يحبط جدواها حديث المثقفين المستفيض، المستطيل، المسترسل، الذي يشبه حديث الشعارات، عن ظاهرة النمور الاقتصادية الآسيوية، والنهضة الإقتصادية في الباسفيكي، والانطلاق التنموي في جنوب شرق آسيا، فهذا حديث فضفاض لا يغني ولا يفيد، إلا على مستوى العبرة العامة، لجمهرة العامة، وقد كان!

أما من أجل اكتساب الفائدة العملية القابلة للتطبيق من تجارب هذه البلاد الناهضة، فلابد من حصر الوحدة التحليلية، وتحجيمها قدر الإمكان، وذلك حتى تقتصر مادة البحث على المطلوب فقط، ولا تتعداه إلى أحاديث المثقفين المرجفين.

(قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ).

أسئلة البحث:

والمطلوب في حالتنا هذه هو أن نعرف فقط، وعلى وجه التحديد، كيف يدار القطاع العام السنغافوري بكفاءة عالية تحقق هذه الأرباح الطائلة التي استعرضنا طرفا منها في مطلع هذا المقال؟! 

وهل للقطاع العام السنغافوري معايير موضوعية محددة، في شؤون التوظيف، والمتابعة، والمراقبة، والتقويم، والإثابة، والعقاب؟!

وكيف تنفذ هذه المعايير على أرض الواقع هناك؟!

وما هو المصير الذي تواجهه الشركات الخاسرة، أو تلك التي لا تحقق نجاحا في حدود المطلوب؟!

هل تلغى؟! أم تستبدل إدارتها بكادر جديد؟!

وإذا ما ألغيت إحدى الشركات، فهل يكون إلغاؤها هو العقاب المناسب الذي يحيق بمنسوبيها؟!

وبالتالي يحذر كل منهم من مثل هذا العقاب الساحق، ويتسابقون في التفاني في الإنجاز منذ البدء، ويتآمرون بالمعروف، ويتناهون عن المنكر، في مجال العمل الإنتاجي المثمر، ويضربون بأيديهم، ونعالهم، على أيدي الفاسدين، المفسدين، المهملين، المقصرين، وأقفيتهم ؟!

دعنا ننجز هذا أولا:

إن الإجابة على هذه الأسئلة الملحة وأمثال لها تسهم كثيرا في تفسير أسرار نجاح القطاع العام السنغافوري في تنفيذ ما أكل إليه من مهام النهضة بالإقتصاد.

ولكن لا يعني ذلك أن تقتصر آفاق البحث العلمي المطلوب عليها وحدها، باعتبار أنها هي وحدها سر النجاح.

 فالنظام التعليمي السنغافوري الذي يزود هذه الإدارات بالكوادر المتفوقة، يستحق أيضا أن يكون موضوع بحث عميق منفصل.
ولكن دعنا ننجز البحث الأول وحده الآن، وذلك حتى لا نقع في محذور التعميمات التي تحدثنا عنها سابقا، وقلنا إنها قد تسطح البحث، وتخفي الحقيقة عن الأنظار.

 وفي الحقيقة فإننا ما نبهنا في هذه السانحة إلى موضوع النظام التعليمي السنغافوري، إلا لنشير إلى أن التركيز على عامل وحيد، لا يمكن أن يهدي وحده لتقصي أسرار الموضوع.

ولذلك فليكن هذا الموضوع عن النظام التعليمي السنغافوري، مشروع بحث مؤجل، ريثما تنجز لنا جهة علمية مسؤولة، الموضوع الذي طرحناه في البحث الأول، عن أسرار نجاح القطاع العام هناك.

وقد تساعد نتائج البحث الأول وتوصياته في تحديد إطار هذا البحث الجديد.

 


مقالات سابقة مقالات و تحليلات
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 05 سبتمبر 2010 الى 25 ديسمبر 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 مايو 2010 الى 05 سبتمبر 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 سبتمبر 2009 الى 14 مايو 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 16 ابريل 2009 الى 14 سبتمبر 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 24 نوفمبر 2008 الى 16 ابريل 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات 2007

© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

Latest News
  • Sudan's Abyei region awash with arms and anger
  • Military Helicopter Crash Kills Five in Darfur, Sudan Army Says
  • SUDAN: Lack of justice "entrenching impunity" in Darfur
  • The National Agency for Securing and Financing national Exports pays due attention to Nonpetroleum Exports
  • Vice President of the Republic to witness the launching of the cultural season in Khartoum state
  • Youth creative activities to be launched under the blessing of the president, Tuesday
  • Sudan's gold rush lures thousands to remote areas
  • South Sudan faces precarious start
  • Aid workers taken hostage in Darfur freed: U.N.
  • 19 People Killed In Clashes In Sudan's South Kordofan State
  • Headlines of major daily news papers issued in Khartoum today Thursday the 14th of April 2011
  • Minister review with Indonesian delegation Sudanese Indonesian petroleum cooperation
  • Bio-fuel experimental production launched in Sudan
  • Center for Middle East and Africa's Studies organizes a symposium on intelligence activities in Sudan
  • South Sudan Activists Say : Women Need Bigger Role
  • 'One dead' as army helicopter crashes in Khartoum
  • Vice President receives new Algerian ambassador the Sudan
  • A training military plane crashes killing one of the three crew on board
  • Headlines of major daily papers issued in Khartoum today Wednesday the 13th of April 2011
  • Minister of Defense announces some precautious measures to secure Port Sudan
  • Industry Minister Meets Ambassadors of Central Africa, South African Republic
  • Sudan has 'irrefutable proof' Israel behind air strike
  • Taha Affirms Government Concern over Youth Issues
  • Headlines of major news papers issued in Khartoum today Monday the 11th of April 2011
  • NCP: statements by the US Secretary of State and the new envoy an attempt to justify the American hostility
  • Two Sudan papers stop publishing, protest censorship
  • Helicopters, tanks deployed in volatile Sudan area
  • State minister at the ministry of oil meets the delegation of the Gulf company for metal industries
  • Headlines of major daily news papers issued in Khartoum today Sunday the 10th of April 2011
  • Ministry of Foreign Affairs: Sudan possess solid proof of Israeli involvement in the aggression on the country
  • Defense Minister visits Port-Sudan
  • Somali pirates hijack German vessel
  • Family denies assassination of key Hamas figure in Sudan
  • President Al-Bashirr, First VP Kiir Agree to Implement Agreement on Security Situation in Abyei as of Friday
  • DUP Denounces Israeli air strike on Port Sudan Vehicle
  • SBA Calls for especial Economic Relations with South Sudan State
  • Sudan-Brazil Sign Animal Wealth Protocol
  • Netanyahu vague on Sudan strike
  • seven Killed In New Clashes In South Sudan
  • Sudan's government crushed protests by embracing Internet
  • Hamas official targeted in Sudan attack, Palestinians say
  • مقالات و تحليلات
  • خواطـــر شاردات/كمال طيب الأسماء
  • قِفاز التحدي ما زال في أفريقياً من تونس إلى مصر... جاء دور.../عبد الجبار محمود دوسه
  • المُرتزقة الحقيقيون هُم النوبة أعضاء حزب المؤتمر الوطني !!/عبدالغني بريش فيوف/الولايات المتحدة الأمريكية
  • ثم ماذا بعد هذا ؟ التغيير ام عود على بدء!/عبدالكريم ارباب محمد
  • ثوره الشباب العربى وابعادها الفكريه/د.صبرى محمد خليل استاذ الفلسفه بجامعه الخرطوم
  • يوم ذبح الثور الأسود!!/عدنان زاهر
  • التاريخ يعيد نفسه/جعفر حسن حمودة – صحفي - الرياض
  • العالم باتجاه الحكومة العالمية.. إسألوا "غوغل" أو وائل غنيم! /هاشم كرار
  • بِل راسك يا مشير/إبراهيم الخور
  • ما توقعناها منكم/ كمال الهِدي
  • والساقية لسة مدورة ..!!/زهير السراج
  • الانقاذ والصفرة بيضة /جبريل حسن احمد
  • جنة الشوك / ما بين (إرحل يا مبارك) و(رأس نميري مطلب شعبي)!! بقلم جمال علي حسن
  • انتصرت الثورة الشعبية بمصر فهل وعت الانظمة الاستبدادية بالمنطقة الدرس أم لازالت تتشبس بالشرعية الدستورية الزائفة ؟/عاطف عبد المجيد محمد
  • المجد لثوار انتفاضة مصر-فهل يتواصل المد الثوري علي امتداد النيل العريق ان كنا جديرون بالاحترام؟/م/ نزار حمدان المهدي
  • الدروس المصرية: الفاضل عباس محمد علي - أبو ظبي
  • السودان ...وطني الذي تمزق أشلاء/د.محمد الحافظ عود القنا
  • فقط لو يعلم شباب التغيير والجمهور السوداني هشاشة نظام المؤتمر الوطني وجبنهم ورعبهم . لانتفضوا اليوم قبل الغد./محمد علي طه الشايقي(ود الشايقي).
  • الفريق عصمت ...(اغرب الغرائب)/جمال السراج
  • الرسالة الثانية إلى كافة الحركات المسلحة بدارفور (التفاوض والاتفاق مع النظام السودانى باطل ) إسماعيل أحمد رحمة المحامى0097477842186
  • التحية خاصة لشعب تونسى ومصري الأشاوش/عبدالكريم موسى أبكر
  • في ذكري الاب فيليب عباس غبوش : زعيم ثورة المهمشين في السودان بقلم / ايليا أرومي كوكو
  • دور السي اي ايه في بقاء الانقاذ عشرون عاما (1__3) / بقلم نجم الدين جميل الله
  • اسكندرية بين عهدين كنت قد بدأتها منذ أعوام خلت واليوم أختمها للشاعر السوداني / حسن إبراهيم حسن الأفندي
  • عيــد الحـب Valentine Day / السيدة إبراهيم عبد العزيز عبد الحميد
  • اعادة النظر في ( حلايب ) نقطة الضعف في العلاقات السودانية المصرية ../ايليا أرومي كوكو
  • جاء دور الشعب السودانى لينزع حقوقه نزعا/حسن البدرى حسن/المحامى
  • سيد احمد الحسين وشريعة جد الحسين/بهاء جميل
  • يا أسفا...هل أسعد بانفصال الجنوب؟ كلا والله، بل أقول: يا أسفا./محمد أبوبكر الرحمنو
  • رسالة لسلفاكير.. أنقذنا من حرامية وبلطيجية لندن فى القاهرة ..هؤلاء خطر على الجنوب و(معاً لمحاربة الفساد ) .. بقلم روبرت دوكو
  • محمد المكي إبراهيم شخصياً/استفهامات: احمد المصطفى إبراهيم
  • اتّـــقِ الله يـــا عبد الله دينــق نـيـــال !!/الطيب مصطفى
  • شكرا شعب مصر.... فقد فهمنا الدرس/محمد عبد المجيد أمين(عمر براق)
  • مبروك سقوط مبارك!/فيصل على سليمان الدابي/المحامي
  • عام الزحف...لكن إلي أين المنتهي/تيراب احمد تيراب
  • غريزة الدكتاتور /محمد جميل أحمد
  • يسـتاهـل/عبدالله علقم
  • المعلقة السودانية موديل الانفصال/فيصل على سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
  • اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية/سيف الاقرع – لندن
  • الماسونية الجديده للطيب مصطفي / محمد مصطفي محمد
  • دكتاتور وسفط اخر والايام دول؟؟؟ بفلم :ابوالقاسم عباس ابراهيم
  • الشعب السوداني والمصالحة الوطنية/جعفر حمودة
  • المنتفعون من حرب دارفور إبراهيم الخور
  • 25 يناير، سقوط الجدار الثاني /د. حسن بشير محمد نور- الخرطوم
  • سياحة في عقل حسني مبارك بقلم/ بدور عبدالمنعم عبداللطيف
  • ... هـذا مـا قاله قـادة البـجا لقرايشـون :/د. ابومحــمد ابوامــنة
  • خاف الله ياعمرالبشير/ابراهيم محمد
  • هل يجوز الحديث عن "يهودية "دولة الشمال السوداني المفترضة بعد الإنفصال ؟/محجوب حسين: رئيس حركة التحرير و العدالة السودانية
  • الجيش المصري أي كلام/كمال الهِدي
  • لن تجد حكومة الإنقاذ فرصة أثمن من منبر الدوحة لإنهاء قضية دارفور . بقلم : يعقوب آدم سعدالنور