1/ذكريات الثورة في دارفور وكيف بداءت ؟؟
بقلم / شاهد عيان / الاستاذ/ ابراهيم محمد اسحق
كاتب صحفي وباحث
تمهيد :-
في البداية التحية للشهداء الذين سقطوا في ساحات الردي عبر التاريخ من اجل دارفور والتحية لروح رفيق دربي في النضال الثوري الاستاذ / بابكر عبدالله ذلك الفتي النحيل الاسمر ( مؤسس حركة تحرير السودان )الذي انتقلت روحه الطاهرة الي بارئها في اوخر عام 2010 وقدم روحه فداء لدارفور واهلها ، والتحية لبني وطني واهلي وعشيرتي الذين استبسلوا دفعا عن كرامتهم وعزتهم وذودا عن ارض اجدادهم ، دارفور ارض العزة والتاريخ وموكب العلماء وحفظة القرآن ، خدمة الحرمين الشريفين ، اهل الكرم والشهامة ، والذين قال فيهم صديقي واستاذي /سيد امير : ان من اراد باهل دارفور سواء سوف تدور الدائرة علية ويخذيه ويذله صاحب الله صاحب العز والجلال في الدنيا والاخرة قال سيد امير مقالته تلك بعد ان زار دارفور في في معية الامير /حسين ايوب علي دينار في بداية عام 1993 وبعد ان صعد الي قمة جبل مرة وعانقت روحه ارواح الاولياء والصالحين من اهلها وقد استقبلته الحبوبات بتحية اهل فارس في قمة جبل مرة وهي ( برا فتا ) وسطر ذلك بقلمه باحرف من ذهب وكيف ان السماء تجاوبت مع ترتيل يسن والقران الحكيم في ذلك اليوم المهيب لترعد السماء وتبرق وتنهمر ماء من المزن ، وكانت مقالته تلك في صحيفة الانقاذ دليلا دامغا علي سوء نية حكومة الانقاذ والمؤتمر الوطني و شاهدا علي بداية تاريخ ثورة جديدة و بزوغ فجر جديد لعزيمة شباب اشار اليهم بانه التقاهم في بداية التسعينات من القرن الماضي وقال ان هولاء الشباب هم الذين عرفوه بدارفور واهلها ، كان من بين هولاء الشباب من سوف اذكره في مقالتي وفي المقالات اللاحقة وهم الذين اسسسوا وفجروا الثورة ودخلوا التاريخ من اوسع ابوابه عبر بوابة الالفية الثالثة .
جيل النهضة الثقافية :-
بداء مجموعة من الشباب حركتهم للتنوير الفكري والثقافي وسط اهل دارفور وكان ذلك عقب الفيضانات التي ضربت السودان في فترة الثمانينات في عهد الديمقراطية الثالثة في حكم الصادق المهدي لقد كانت مجهوداتهم تسيير بصورة غير عادية حيث تمكنوا في وقت وجيز من جمع رأي صفوة معتبرة من اهل دارفور من المثقفين عبر مشروعهم الثقافي لاحياء التراث ويبدواء انهم كانوا في سباق مع الزمن والاحداث لذلك لم يريدوا ان يبداء نضالهم من حيث هم من فراغ و بلا تجربة او خبرة لقد ارادوا ان يأخذوا من تراثهم و ماضي اجدادهم المنعة والعزة والعبرة وان يأخذوا لحاضرهم التجربة والخبرة وان لايتجاهلوا واقعهم فهم انما ينطلقون من الصفر .
لقد كان شعارهم (النهضة الثقافية ) عن طريق التراث لبناء مستقبل زاهر وعدم الاستسلام للواقع المرير كان عليهم ان يجربوا وان تكون لهم افكارهم وفلسفتهم الخاصة بهم لقد بداء ثلاثة شباب ينظمون انفسهم تحت راية معهد علي دينار بالحاج يوسف الوحدة الوطنية مربع خمسة في دار ( جمعية ابناء الفور الخيرية – سابقا ) فاوقد هولاء الشباب نورا لمحاربة الامية وتثقيف اهليهم وكان واجبا عليهم سرعان ما تحول الي هم وغاية لقد اطلقوا علي معهدهم في ذلك الوقت المبكر - معهد علي دينار - لقد كان شخصي الضعيف من ضمن هؤلاء الشباب حيث دفعني الاخ/ الطاهر اسماعيل وهو زميل دراسة لي في المرحلة الابتدائية ومن اقربائي لتلبية نداء الواجب نحو اهلي وعشيرتي الفور بقيادة هذا العمل . وشرعت في اقناع من حولي من افراد اسرتي واول من اقنعته بهذا العمل هو شقيقي ( الاستاذ/ محمدين محمد اسحق) وطلبت منه ان يقوم بتلبية نداء الواجب نحو رفع راية التعليم وسط اناس وجدوا انفسهم في تهميش مفروض عليهم وجهل مضروب عليهم فهم يعشيون في مدن من الصفيح علي اطراف العاصمة في اكواخ بائسة وعشش ، وقد اقنع اخي محمدين صديقه الاخ الاستاذ/ محمد اسحق الذي قدم من ( من منطقة وادي صالح ) والذي بدوره تشجع وتطوع ، اما الاخ الطاهر اسماعيل فلم يهن بل تمكن من اقناع الاخ / حسن اسماعيل وقد كان من منطقة ( ليلي ) وهي احد قري زالنجي والذي بدوره اقنع الاخ الاستاذ/ عباس عبدالله سليمان من منطقة كبكابية في جلسة صغيرة لكي نبداء مشوار ووصل عددنا حينذاك الي ( ستة افراد) عزمنا علي بداية انطلاق مسيرتنا في تعليم الاهل وبداية انطلاق ثورتنا الثقافية من منطقة الحاج يوسف ، التي انتقلنا اليها بعد رحولنا من منطقة كوبر في اواخر عام 1983 لقد كنا من السكان الاوائل لما سمي وقتها بحي الوحدة شرق كرتون كسلا .
حيث كانت مجموعة كبيرة من اهل دارفور ، وجبال النوبة واهلنا من جنوب السودان يعيشون ويسكنون في ما عرف بكرتون كسلا ، وكما ذكرت فانها اكواخ من الصفيح يحيط بها الفقر والمرض والجريمة معا ، ذلك الثالوث المرعب .
كنا نسمع ان العقيد جون قرنق قد اختار السكن بالحاج يوسف بالقرب من اهله وكذلك سلاطين الجنوب ومكوك النوبة ومشايخ وعمد الفور كان ملاذهم الاخير الحاج يوسف لقد اختار القدر ان تكون الوحدة السكن قلعة لانطلاق ثورة التحرر الثقافية لاهل دارفور مثلما كانت لاهل جبال النوبة و اهلنا في الجنوب من قبل .
بداء ابناء النوبة ثورتهم التعليمية بمعهد ( اميمية) بمربع 6 بالحاج يوسف وبداءو ينظمون انفسهم في القماير والفتيحاب وامبدة ،
كما استمر عمل معهد علي دينار ( رمز سلطنة الفوروتاريخهم العريق ) بالحاج يوسف مربع 5 وانتقل العمل بعد توسع المعهد الي مربع 7 في منزل يتبع به لاحد اعمامنا ويدعي / بابكر محمد احمد الذي كان من دعاة التنوير التعليمي فقد كان مشجعا لي ان اواصل تعليمي منذ طفولتي عندما كنت بالمرحلة الابتدائية فما احتجت الي شي الا وكان اسرع المستجيبين لدعمي .
وفي احد الايام قال: مدير المدرسة ويكني في ذلك الزمان (ناظر المدرسة ) بديوم بحري ويدعي ( الطاهر) في اجتماع دعاء له اولياء الامور من اهل دارفور بالتحديد واخذ جانبا والدنا / محمد اسحق (علية رحمة الله ) بقدر ما قدم واعطي ووالد صديقي الطاهر اسماعيل ووالد صديقنا / ابراهيم فضل وقال لهم بصوت واضح النبرات : عليكم بالاهتمام بهولاء الاولاد فأن لهم مستقبل وبالاخص ابناء الفور هولاء فأنهم يمتازون بالذكاء والاخلاق ، لقد كانت ذلك التشجيع حافزا لنا ان يكون لنا اسهاما وعطائا لاولئك الذين قاموا برعايتنا وتربيتنا وتعليمنا في ان نحمل لهم هذة الشعلة التي اهتزت لارجائها العلمين لاحقا ؟؟
بعدها شرع الاخوان محمدين محمد اسحق والاخ مختار محمد في التعليم الابتدائي بمدرسة اسسها مشايخ الفور بكرتون كسلا كان منهم جدنا المرحوم / العمدة ادم تور، حيث تأسست هذة المدرسة في منزل تبرعت به فاعلة خير من بنات الفور اسمها الشيخة / دهباية وقد كانت تري ان تعليم ابناء ذلك الجيل خير لها من مسكنها الوحيد فتنازلت من ارضها لصالح قيام مدرسة لتعليم ابناء كرتون كسلا .
وفيما بعد اسس شقيق الاستاذ/ محمدين مع اصدقائة مدرسة متوسطة في الحي الجديد بكرتون كسلا وتتابعت بوادر النهضة الثقافية في منارات تعليمية وثقافية بالعون الذاتي وسط اهالي دارفور وقد بداءت الشعلة من الحاج يوسف .
وتم تاسيس جمعية النهضة الثقافية بمنزل تبرع به خالنا / ادم ادريس موسي ومن الصدف ان بداءت النهضة الثقافية نشاطها في الوقت الذي ظهرت فيه بوادر التمرد في اقليم (كاتنقا في الكنغو) مع بداية حروبات منطقة الانهار في بورندي ورواند.
فشهدت الحاج يوسف هجرات متتالية في بداية التسعينات من الشباب الافارقة الذين يتحدثون السواحيلي واللنقالا كان من ضمنهم ( عمر البورندي ) وعمر لنقوي ذلك المعلم القادم من تنزانيا ، لقد بداءت الحاج يوسف تشهد مخاضا عسيرا .. لوعي ثوري من مجموعة المقهورين والمضطهيدن الافارقة القادمين من رحم المعاناة ، فانتظم الفور تحت لواء ( جمعية النهضة الثقافية ) بفضل تحرك مجموعتنا فتعلموا كيف يحيون رموزهم التاريخية ففي الفترة ما بين عام 1984 – 1991تمكن الفور من امتلاك عشرات الدكاكين في سوق الوحدة تبعهم في ذلك البرقو والفلاته والزغاوة الذين كانوا علي صلة رحم مع اسرتنا ، والملاحظ ان كل ابناء منطقة كانوا يطلقون اسماء رموزهم التاريخية او مناطقهم التي اتوا منها فهنالك لافته تحمل اسم ( سلاطين دارفور ) واخري تحمل اسم ( منطقة بارك الله ) الخ ...
توج عمل جمعية النهضة الثقافية باول عمل ثقافي عندما شاركنا في اسبوع الاسلام في افريقيا عام 1990 الذي اقامه اتحاد اطلاب المسلمين بجنوب السودان وتم دعوة جمعية النهضة الثقافية لاقامة معرض للتراث حيث القي فيها الاخ عباس كلمة تاريخية عن وثيقة ( السلطان محمد الفضل ) حينما خاطب الخليفة العثماني الذي اراد غزو دارفور فصفق الجميع للخطاب الذي القاه الاستاذ/ عباس .
كان من الحضور / رئيس رابطة مسلمي الولايات المتحدة الامريكية ويدعي / محمد (وهو ايراني الجنسية) واشاد بنشاطنا واخذنا معه في جولة لزيارة المعرض الذي اقمناه في الصالة العليا ، وسالنا : منذ متي بدات صناعة الحديد في دارفور ؟؟ ومتي بدء عمل النسيج في دارفور ؟؟ وعن تاريخ سلطنة دارفور ؟؟ وحينما حكينا له ذلك واثبت له مرافقه ما ذكرناه له وقتها ،وهو والي الخرطوم اللواء / محمد سعيد عثمان الذي كان برفقته وزير الشباب والرياضة وقتها / العميد / ابراهيم نايل ا يدام الذي قال قولتة المشهورة( المي حار ولا لعب قعونج حينما رأي معرض تراث و تاريخ دارفور .
بقلم / الاستاذ/ ابراهيم محمد اسحق
كاتب صحفي وباحث
المقالة التالية :-
2/ عودة سلطنة الفور معجزة القرن العشرين :-
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة