العقلية العنصرية و صكوك المواطنة
كوري كوسا / السودان
و كأن هذا السودان قد صار مملكة او ضيعة خاصة جداً بجماعة المؤتمر الوطني يأمرون و ينهون فيه و يأخذون و يعطون فيه بلا رقيب و لا حسيب، متناسين تماماً بل لاغين حقائق المجتمعات و ثوابت التأريخ التي لايمكن أن تتبدل أبداً. إن جماعة المؤتمر الوطني مثل ما كانت في السابق تمارس سياسة تغييب الادمغة مستفيدة منها في حشد الناس و إرسال الشبان إلى ملاقاة حتفهم بإسم الدين لمحاربة أبناء الوطن الواحد في الجنوب مؤكدين بإنهم يضمنون لهم حق الدخول إلى الجنة (صكوك الغفران) و يكتبون لهم عقود الزواج بحور العين و التمرق في بحور العسل و اللبن و الإستمتاع بالثمرات و كل ما لذ و طاب من فاكهة الجنة و نعيمها و شرابها البارد، و كأن جنة الله في فقههم المختل هي مدنهم الإنقاذية ذات الخمس نجوم أو فللهم المخملية الفخمة التى لا تحصى و لا تعد. إن هذه الجماعة السادرة في غيها لا تحسن أبداً وضع الفرق بين ما هو لله و ما هو من اجل السياسة و بين ما هو للحزب و ما هو للوطن وللشعب فتخلط الجميع و تضع كل المسائل في سلة واحدة و هي في ذلك منطلقة من معتقد فادح الخطاء بان لهم عقود ممهورة تخولهم تملك و إستحواز ارض الوطن مثل إمتلاكهم الفلل و المدن المصدرة تلك. و هو الامر الذي يتكشف لنا عندما يجري الحديث عن قضية الجنسية و المواطنة بعد إنفصال الجنوب و ذهابه كدولة مستقلة كما هو المرجح. و في لقاء سابق تم في مساء يوم الجمعة 7 كانون الثاني (يناير)مع قناة الجزيرة أكد البشير ان مواطني الجنوب سوف يتم النظر إليهم كلاجئين لدى الشمال في حال الإنفصال و إنهم سوف يتم تسريحهم جميعاً من الخدمة المدنية و العسكرية التي يشغلون نسبة %20 منها في الشمال (بحسب التعداد السكاني الخامس)، و هم بالتالي لن يحصلوا على الجنسية تلقائياً على إعتبار أنهم يتبعون لدولة الجنوب. و الجلي في الموضوع أن جماعة المؤتمر الوطني تنظر إلى نفسها باعتبارها صاحبة ما سوف يتبقى من السودان الشمالي بل تملكه ارضاً و شعباً فتعطي من تشاء صك البقاء فيه و تطرد منه من تشاء. متناسين ان السودان في الاصل دولة واحدة و لكل شخص حق التنقل و البقاء في أي جزء منها، و ان الجنوبيين كانوا موجودين في السودان منذ الاذل قبل المؤتمر الوطني و قبل حتى ان يفكر أهل المؤتمر الوطني بالهجرة الى السودان، و غير ذلك ان جماعة المؤتمر الوطني لو كانو عقلا لادركوا ان المواطن الجنوبي الذي يبقى في الشمال إنما يفعل ذلك عن قناعة و لانه يرقب في البقاء في الشمال فعلاً و لانه قد إرتضى العيش هناك و أقلم نفسه على تلك الحياة و حيث له مصالح و منافع تغنيه عن العودة الى الجنوب. و أنه لا ينبقي ان ينتقموا من المواطن الجنوبي في الشمال تشفياً منه لمجرد أن الجنوب قد إنفصل و ذهب بنفطه و خيراته بل ان يعتبروه إضافة حقيقية للشمال و لخدمته و بنائه في تنوع جميل مع من تبقى من أبناء السودان الواحد و للإبقاء على بعض الامل في الوحدة مستقبلاً، و لانه لايمكن ان يصوت مواطن جنوبي لصالح الإنفصال و عن رغبة و مع ذلك يظل هو و أبنائه في الشمال. المواطن الجنوبي في الشمال يريد البقاء في الشمال لانه لا ناقة له في الإنفصال و لا جمل. و لكن عقلية جماعة المؤتمر الوطني المتخمة بامراض العنصرية العفنة و الفتنة البغيضة تأبى إلا أن تطل بوجهها المجرم القبيح و التي سوف ترتد عليهم حسرة مطلقة و ندامة كبيرة في أزمان اُخرى قادمة في رحم الايام و إن غداً لناظره لقريب.
و نواصل...
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة