استسلام نيفاشا :الأرض مقابل السلام / صلاح مرسى
يوم غد الأحد سوف يقرروا الجنوبيون مصيرهم بعد أن انتزعوا هذا الحق انتزاعا من حكومة البشير لأول مرة فى تاريخ السودان ,كما توقعنا دائما كل الدلائل تشير الى احتمال حدوث الانفصال بنسبة عالية جدا تفوق 95% , وليس هناك ما يدعوا الى الاستغراب إذ أن هذه هي النتيجة المتوقعة والحتمية من استسلام نيفاشا الذى فصل تفصيلا إلى تمزيق السودان , نعم استسلام نيفاشا وليس سلام نيفاشا دعنا أن نسمى الأشياء بأسمائها الحقيقة ولو لمرة واحدة بدلا من الضحك على الذقون أو تغييب للعقول الذي تمارسه الآلة الإعلامية الإنقاذية ليلا ونهارا على الشعب السوداني لكي يصدق أكذوبتها الكبرى حتى تمرر سياساتها الانفصالية تحت دعاوى السلام.
السلام الذى لم يؤمن وحدة البلاد إنما هو استسلام بكل المقاييس لسبب بسيط جدا لأن المتمردون قد حققوا النصر المبين بعد أن حصلوا على الجائزة الكبرى وهو تقرير المصير الذى تنتفي معه كل مبررات القتال لأي متمرد فى أى جزء فى العالم إذا نال هكذا حق بأي وسيلة كانت حربا أو سلما فالأمر سيان فما الحروب إلا وسيلة لإجبار الطرف الآخر لكي يجلس على مائدة الحوار ومن ثم تبدأ المساومات لنبل المطالب كل حسب قوته . ربما يقول قائل ان الإنقاذ لم تهزم فى الميدان عسكريا وهذا قد يكون صحيحا لكن الحقيقة أنهم هزموا نفسيا لفقدانهم إرادة القتال بعد أن عمدوا إلى تهميش الجيش وإضعافه والسعي الى الحرب المجانية وبأقل التكاليف بدفع الشباب الى أتون الحرب بدون خبرات والنتيجة بروز الانهزام النفسي الذى أفضى الى استسلام نيفاشا.
تدعى حكومة الإنقاذ أنها لم تكن الوحيدة فى إقرار حق تقرير المصير للجنوبيين فى سياق دفاعها لتقسيم البلاد وإنما هذا الحق أقرته أيضا أحزاب المعارضة فى اسمرا عام 1995 لكن هكذا ادعاء مردود عليه لسبب بسيط جدا لأن الحكومة هى الحاكمة وليست المعارضة وعليها تقع مسؤولية الحفاظ على وحدة البلد ولا ينبغي للحكومة أن تجارى تفكير وتكتيكات المعارضة التي ليست لديها اى سلطات ولكن الإنقاذ تعاملت مع هذا الأمر بصورة غير مسئولة وانتهازية مكشوفة .
كنا نعلم أن حكومة البشير هي حكومة انفصالية منذ أن أقدم إلى القبول بحق تقرير المصير وحكاية الوحدة الجاذبة ما كانت إلا شعارا للاستهلاك المحلى فقط ولزر الرماد في العيون ,والسؤال المطروح الان هل استسلام نيفاشا سوف يحقق هدفه الاول فى استدامة السلام مقابل الارض ام سوف يقودنا الى حرب الدول وهذا هو الخسران المبين.
الإنقاذ التي جاءت لإنقاذ السودان كما تدعى هي ألان تفرط في وحدة تراب الوطن , بعد ساعات سوف نفقد جزء عزيز من بلادنا ولن نكن أبدا بلد المليون ميل مربع الذي طالما افتخرنا به بين الشعوب وسوف يذهب إخواننا الجنوبيون بعيدا بدولتهم أسيادا عليها يلعقون جراحهم ويبنون دولتهم الوليدة دولة السودان الجديد.
السبت 8/1/2011
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة