= فيما يلي مختصر كتاب ( أصول الفقه ) للمرحوم / عبدالوهاب خلاف . و أعتقد أن فيه الأمل بازالة كافة أشكال الخلافات الفقهية و المذهبية و التي كان لها الاثر السلبي الكبير في حياتنا .
= اعداد / الاستاذ / نوري حمدون – الابيض – وزارة التربية و التعليم – يناير 2011
=فعلم أصول الفقه في الاصطلاح الشرعي :
هو العلم بالقواعد و البحوث التي يتوصل بها الى استفادة الاحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية . أو هو مجموعة القواعد و البحوث التي يتوصل بها الى استفادة الاحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية. يعني هو مجموعة القواعد التي نعرف بها الحلال و الحرام .
= و أما موضوع البحث في أصول الفقه :
فهو الدليل الشرعي الكلي من حيث ما يثبت به من الاحكام الكلية . فالاصولي يبحث في القياس و حجيته و العام و ما يقيده و الامر و ما يدل عليه و هكذا .. فالاصولي لا يبحث في الادلة الجزئية و لا فيما تدل عليه الاحكام الجزئية , و انما يبحث في الدليل الكلي و ما يدل عليه من حكم كلي ليضع قواعد كلية لدلالة الادلة كي يطبقها الفقيه على جزئيات الادلة لاستثمار الحكم التفصيلي منها .
= مجموعة الاحكام الفقهية في طورها الاول مكونة من أحكام الله و رسوله (ص) و فتاوى الصحابة و أقضيتهم . و مصادرها القرآن و السنة و اجتهاد الصحابة .
= و في عهد التابعين و تابعي التابعين و الامة المجتهدين , و هو بالتقريب القرنان الثاني و الثالث اتسعت الدولة الاسلامية و دخل في الاسلام كثيرون من غير العرب . و واجهت المسلمين طواريء و مشاكل و بحوث و نظريات و حركة عمرانية و عقلية حملت المجتهدين على السعة في الاجتهاد و التشريع لكثير من الوقائع . و فتحت لهم أبوابا من البحث و النظر . فاتسع ميدان التشريع للاحكام الفقهية .
= و أول من دون من قواعد هذا العلم و بحوثه مجموعة مستقلة مرتبة مؤيدا كل ضابط منها بالبرهان و وجهة النظر فيه الامام محمد بن ادريس الشافعي المتوفي سنة 204 للهجرة .
= المشهور في اصطلاح الاصوليين أن الدليل هو ما يستفاد منه حكم عملي مطلقا , أي سواء أكان على سبيل القطع أم على سبيل الظن . و لهدا قسموا الدليل الى قطعي الدلالة و الى ظني الدلالة .
= ثبت بالاستقراء أن الادلة الشرعية التي تستفاد منها الاحكام العملية ترجع الى أربعة : القرآن و السنة و الاجماع و القياس . و هذه الادلة الأربعة اتفق جمهور المسلمين على الاستدلال بها . و اتفقوا أيضا على أنها مرتبة في الاستدلال بها هذا الترتيب : القرآن , فالسنة , فالاجماع , فالقياس .
= و توجد أدلة أخرى عدا هذه الادلة الاربعة لم يتفق جمهور المسلمين على الاستدلال بها , بل منهم من استدل بها على الحكم الشرعي , و منهم من أنكر الاستدلال بها . و أشهر هذه الادلة المختلف في الاستدلال بها ستة : الاستحسان , و المصلحة المرسلة , و الاستصحاب , ة العرف , و مذهب الصحابي , و شرع من قبلنا .
= فجملة الادلة الشرعية عشرة : أربعة متفق من جمهور المسلمين على الاستدلال بها . و ستة مختلف في الاستدلال بها .
= أنواع الاحكام التي جاء بها القرآن الكريم ثلاثة :
الاول : أحكام اعتقادية : تتعلق بما يجب على المكلف اعتقاده في الله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر .
و الثاني : أحكام خلقية : تتعلق بما يجب على المكلف أن يتحلى به من الفضائل و أن يتخلى عنه من الرزائل .
و الثالث : أحكام عملية : تتعلق بما يصدر عن المكلف من أقوال و عقود و تصرفات . و هذا النوع الثالث هو فقه القرآن .. و هو المقصود الوصول اليه بعلم أصول الفقه .
= و الاحكام العملية تنتظم نوعين :
أحكام العبادات من صلاة و صوم و زكاة و حج و نذر و يمين و نحوها من العبادات التي يقصد بها تنظيم علاقة الانسان بربه .
و أحكام المعاملات من عقود و تصرفات و عقوبات و جنايات و غيرها مما عدا العبادات , و ما يقصد بها تنظيم علاقة المكلفين بعضهم ببعض , و سواء أكانوا أفرادا أم جماعات أم أمما .
= و من استقراء آيات الاحكام في القرآن يتبين :
أن أحكامه تفصيلية في العبادات و ما يلحق بها من الاحوال الشخصية و المواريث لأن أكثر أحكام هذا النوع تعبدي و لا مجال للعقل فيه و لا يتطور بتطور البيئات .
و أما فيما عدا العبادات و الاحوال الشخصية من الاحكام المدنية و الجنائية و الدستورية و الدولية و الاقتصادية , فأحكامه فيها قواعد عامة و مباديء أساسية , و لم يتعرض فيها لتفصيلات جزئية الا في النادر . لأن هذه الأحكام تتطور بتطور البيئات و المصالح . فاقتصر القرآن فيها على القواعد العامة و المباديء الاساسية ليكون و لاة الامر في كل عصر في سعة من أن يفصلوا قوانينهم فيها حسب مصالحهم في حدود أسس القرآن من غير اصطدام بحكم جزئي فيه .
= نصوص القرآن جميعها قطعية من جهة ورودها و ثبوتها و نقلها عن الرسول الينا .
= و أما نصوص القرآن من جهة دلالتها على ما تضمنته من الاحكام فتنقسم الى قسمين :
1- نص قطعي الدلالة على حكمه ,
2- و نص ظني الدلالة على حكمه .
= السنة في الاصطلاح الشرعي :
هي ما صدر عن رسول الله (ص) من قول أو فعل أو تقرير .
= تنقسم السنة باعتبار رواتها عن الرسول الى ثلاثة أقسام :
سنة متواترة , و سنة مشهورة , و سنة آحاد .
= أما من جهة الورود :
1- فالسنة المتواترة قطعية الورود عن الرسول , لأن تواتر النقل يفيد الجزم و القطع بصحة الخبر كما قدمنا .
2- و السنة المشهورة ليست قطعية الورود عن الرسول . لأن أول من تلقى عنه ليس جمع التواتر . و لهذا جعلها فقهاء الحنفية في حكم السنة المتواترة , فيخصص بها عام القرآن و يقيد بها مطلقه , لأنها مقطوع ورودها عن الصحابي . و الصحابي حجة و ثقة في نقله عن الرسول . فمن أجل هذا كانت مرتبتها في مذهبهم بين المتواتر و خبر الواحد .
3- و سنة الآحاد ظنية الورود عن الرسول . لأن سندها لا لا يفيد القطع .
= أما من جهة الدلالة فكل سنة من هذه السنن الثلاثة قد تكون قطعية الدلالة , اذا كان نصها لا يحتمل تأويلا , و قد تكون ظنية الدلالة اذا كان نصها يحتمل التأويل .
= ليس كل ما صدر عن الرسول يعتبر تشريعا :
1- فما صدر عنه بمقتضى طبيعته الانسانية من قيام و قعود و مشي و نوم و أكل و شرب , فليس تشريعا . لأن هذا ليس مصدره رسالته , و لكن مصدره انسانيته . و لكن اذا صدر منه فعل انساني و دل دليل على أن المقصود من فعله الاقتداء به , كان تشريعا يهذا الدليل .
2- و ما صدر عنه بمقتضى الخبرة الانسانية و الحذق و النجارب في الشؤون الدنيوية من اتجار أو زراعة أو تنظيم جيش أو تدبير حربي أو وصف دواء لمرض أو أمثال هذا فليس تشريعا أيضا لأنه ليس صادرا عن رسالته , و انما هو صادر عن خبرته الدنيوية و تقديره الشخصي . و لهذا لما رأى في بعض غزواته أن ينزل الجند في مكان معين قال له بعض صخابته : أهذا منزل أنزلكه الله , أم هو الرأي و الحرب و المكيدة ؟ فقال : بل هو الرأي و الحرب و المكيدة .
3- و ما صدر عن رسول الله و دل الدليل الشرعي على أنه خاص به , و أنه ليس أسوة فليس تشريعا عاما : كتزوجه بأكثر من أربع زوجات .
و الخلاصة :
أن ما صدر عن رسول الله من أقوال و أفعال في حال من الحالات الثلاثة التي بيناها فهو من سنته و لكنه ليس تشريعا , و لا قانونا واجبا اتباعه . و أما ما صدر من أقوال و أفعال بوصف أنه رسول و مقصود به التشريع العام و اقتداء المسلمين به فهو حجة على المسلمين و قانون واجب اتباعه .
= و قد اصطلح علماء الاصول على تسمية الحكم المتعلق بفعل المكلف على جهة الطلب أو التخيير بالحكم التكليفي . و على تسمية الحكم المتعلق بفعل المكلف على جهة الوضع بالحكم الوضعي . و لهذا قرروا أن الحكم الشرعي ينقسم الى قسمين : حكم تكليفي , و حكم وضعي .
= ينقسم الحكم التكليفي الى خمسة أقسام :
الايجاب , و الندب , و التحريم , و الكراهة , و الاباحة .
= في الخاص و دلالته :
اذا ورد في النص خاص ثبت الحكم لمدلوله قطعا , ما لم يقم دليل على تأويله و ارادة معنى آخر منه . فان ورد مطلقا أفاد ثبوت الحكم على الاطلاق ما لم يوجد دليل يقيده . و ان ورد على صيغة الامر أفاد الايجاب المأمور به ما لم يوجد دليل يصرفه عن الايجاب . و ان ورد علي صيغة النهي أفاد تحريم المنهي عنه ما لم يوجد دليل يصرفه عن التحريم .
= اللفظ الخاص :
هو لفظ وضع للدلالة على فرد واحد بالشخص مثل محمد أو واحد بالنوع مثل رجل أو على أفراد متعددة محصورة مثل ثلاثة و عشرة و مائة و قوم و رهط و جمع و فريق , و غير ذلك من الالفاظ التي تدل على عدد من الافراد و لا تدل على استغراق جميع الأفراد .
= فالخلاصة : أن مجال الاجتهاد أمران :
- ما لا نص فيه أصلا ,
- و ما فيه نص غير قطعي ,
- و لا مجال للاجتهاد فيما فيه نص قطعي .
= هذا , و يشترط لتحقيق الأهلية للاجتهاد شروط أربعة :
الأول : أن يكون الانسان على علم باللغة العربية و طرق دلالة عباراتها و مفرداتها .
الثاني : أن يكون على علم بالقرآن .
الثالث : أن يكون على علم بالسنة كذلك .
الرابع : أن يعرف وجوه القياس .
= اعداد / الاستاذ / نوري حمدون – الابيض – وزارة التربية و التعليم – يناير 2011
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة