بقلم:درة التاج
السودان دولة متعددة الثقافات والاصول والاعراق والاديان واللغات والرطانات
واللهجات الى جانب انها مفتوحة الحدود على دول عديدة.هذه البنية القوس قزحية تعكس ثراء وقوة وتاريخ عميق ضربت حضاراته بجذورها القوية فى عمق الزمان مما ضمن لها الثبات ولاستمرار.فانتقلت عبر التاريخ من جيل الى جيل بالحفاظ عليها والدفاع عنها ادراكا لقيمتها الكبيرة وتاثيرها البالغ سابقا وحاضرا ومستقبلا على تركيبة الامة وتوازن هذه التركيبة الشديد التعقيد والتداخل والانصهارالمنسجم المتناغم .فمن النشاز المزعج التحدث عن وحدة العرق والدين واللغة مع هذا الكم من التلون الانثروبولوجى الذى من شانه الخلال بالتوازن الحساس.
سنوات قد مرت منذ ان ان حمل ابناء دارفور السلاح فى وجه المؤتمر الوطنى بعد ان تبين لهم أنه الطريقة الوحيدة لايصال اصواتهم ومطالبهم له وللعالم.
عقود مرت على حرب الجنوب التى استنزفت الارواح والاموال وبذل فيها كل غال للحفاظ على وحدة اراضى السودان-القارة وتماسك كيانه وللاسف الشديد نحن مواجهون الان بالخطر الذى ظللنا نخشاه ونتفاداه: تقسيم ارض الوطن.
وليس هذا كل شىء فالناظرالى الوضاع السياسية والمستمع للتصريحات المتطرفة النارية سوف يدرك منذ الوهلة الاولى اننا مواجهون بسيناريوهات مماثلة فى مناطق اخرى من السودان مثل النيل الازرق وجبال النوبة ومناطق البجة فى الشرق ومناطق النوبة فى الشمال.
هذه السيناريوهات متماثة تماما تبدأ بالاستفزاز العرقى او الدينى المدعوم بالعنصرية فى الحقوق و الفرص فى ظل تهميش لايخفى على احد ولا نحتاج لذكر الالقصاء فكل اقليم فى السودان هو اقصاء طبيعى وجغرافى بحكم المسافات الشاسعة بيين المركز والاطراف وأقصاء متعمد بسبب سوء او انعدام الطرق و اتفاع تكلفة الانتقال والمواصلات المخيف.
ثم تنتقل السيناريوهات الى التمرد على الاوضاع غير المقبولة لهؤلاء السودانيين عقابا لهم على اعتناقهم غير الاسلام دينا وعلى لغاتهم ولهجاتهم غير المفهومة وعلى افريقيتهم العرقية.فيحملون السلاح لا حربا بل دفاعا عن هويتهم المستهدفة و حفاظا عليها .
السيناريو الثالث هو الحرب السافرة بين هده الفئات السودانية المرفوصة وبين المؤتمر الانقى دما من(هؤلاء) وهى حرب ظاهرها اخضاع التمرد وباطنها الابادة واضعف الايمان التشتيت والتشريد.
هذا ملخص لبداية حرب الجنوب التى وصلت الى نهائياتها بالانفصال القادم.وهذا هو مال تمرد دارفور ومسار جبال النوبة والنيل الازرقو البجة والنوبيين, نظرا للتشابه الكبير والترابط غير المرئى بين هذه المجموعات
اتساءل: اذا كان المؤتمر سوف يتخلى عن ارض وابناء الجنوب بهذه السهولة والبساطة,فلماذا كانت الحرب التى فنى فيها الشباب واستنزفت الارواح والموارد والسنوات مخلفة وطنا ممزق الجسد والنفس.
واذا كان الاوان قد فات على جمع الساسة والسلاطين و المثقفين والقساوسة والعساكر والمزارعين و رجل الشارع الامى الجنوبى البسيط وطرح هذا السؤال عليهم:ماذا استطيع ان افعل يا اخى لابقيك معى:شعب واحد فى وطن واحد؟. وما اقدم لك من اعتذار لتتجاوز عما فعلته بك و تمد يدا افريقية سوداء الشرة بيضاء النية و الوعد كيد موسى؟ وما هى مطالبك و شروطك حتى نعطى هذا الوطن الجريح فرصة للملمة اعضاءه ونعفيه معا من الما البتر والتمزيق ؟
اذا كان الاوان قد فات على حفظ السودان كاملا:شعبا وارضا فلماذا لا نحاول ان نتفادى تكرار هذا السيناريو فيما تبقى من السودان حتى لا ياتى علينا يوم تختزل فيه بلادنا- القارة فى اراضى النبلاء ذوو الدم الزرق.
سؤال:هل سينهى فصل الجنوب صراع الهوية والدين بالبلاد(أن وجد فى الاساس)؟
سؤال اخر:دولة الشمال القادمة,تلك الدولة العربية الاسلامية الم تقرأ فى القران الكريم(ومن اياته خلق السموات والارض واختلاف السنتكم و الوانكم)؟
سؤال اخير:هذا السودان الذى لا يتعظ ابدا من تجاربه المرة الفادحة الا يرى ان عدم التزامه بتنفيذ اتفاقيات السلام العديدة مع الجنوب هو ما هز الثقة بين الطرفين واوصلنا الى ما نحن فيه الان فيأتى ليكرر نفس السيناريو مع اهل دارفور من خلال مفاوضات الدوحة ؟وكيف تجلس الخرطوم لتفاوض دارفور فى شأن السلام ووقف الحرب وفى ذات اللحظة تحصد جيوشها المواطنين الدارفوريين؟
أقرأ كتاب بروفيسور عبد الغفار(قسم الانثروبولوجى-جامعة الخرطوم)
(دارفور اقليم العذاب) لتعرف المزيد وبعمق صادق عن جذور وتطور ازمة هذا الاقليم و تداعياتها.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة