دولة (إسرادان) الخطر القادم!
يوسف حسن ابراهيم
مع بدء العد التنازلي واقتراب عقارب الساعة من الموعد المحدد للانشطار التاريخي لأرض المليون ميل مربع، تتجاذب عدة اطراف تناقضات عجيبة بينما الخطر الداهم يطل برأسه، ففي شمال وجنوب السودان تسود لهجة جديدة تتحدث عن السلام والحوار والجيرة الطيبة بعد أن بات الانفصال اقرب من حبل الوريد.. أكاد أجزم بأن عملية الانقسام هذه واختزال الوطن القارة أشد وقعاً من الحسام على قلب كل سوداني غيور.
وفي منحى آخر يلمح شريكا الحكم في السودان للعودة الى الوحدة بعد الانفصال وتقرير حق المصير وهو رابع المستحيلات او كما يقال بلهجة محلية دارجة (لحسة كوع)!.
الشاهد ان كل الدلائل والمؤشرات تسير في اتجاه الانفصال بمباركة من أمريكا فهي التي دفعت بالسودان الى الهاوية بعد ممارستها ضغوطاً غير خفية على حكومة البشير وكله ليس من أجل ان يأخذ الجنوبيون استحقاقاتهم القومية والانتخابية، بل لمطامع غربية أو بالأحرى أمريكية اسرائيلية لاسيما وان الوجود الاسرائيلي في جنوب السودان بات ملء السمع والبصر، اذ يتربع فندق شيد حديثاً في جوبا يحمل اسم (شالوم) مطوقاً بحراسة أمنية مشددة لمنع التصوير والاقتراب، وثمة معلومات اخرى مفادها شروع اسرائيل في شراء وبناء مؤسسات وفنادق ومزارع تحت اسم جنسيات افريقية بحثاً عن الاستثمار الاقتصادي والسياسي بأقل كلفة.
ولا يستبعد حدوث اضطرابات خلال الاستفتاء رغم تأهب الحكومة في الشمال ووعودها بتأمين عملية الاقتراع لكن الوضع سيكون مختلفاً تماماً عندما تحين ساعة الصفر، وفي هذا الخضم ينبغي ألا ننسى أن الجنوبيين أنفسهم مختلفون فيما بينهم وهناك حركات مناوئة للحركة الشعبية وهو ما يجعل فرضية الاحتراب على الحكم في الدولة الوليدة الأقرب والأسرع تحققاً.
يبدو أنه زمان المهازل حقيقة حتى نجوم السينما دخلوا على الخط فهاهو جورج كلوني نجم بوليود يعلن انضمامه الى فريق يتولى مراقبة معارك محتملة بصور الأقمار الصناعية عبر محرك البحث الشهير جوجل!.
وبخبث ماكر وصفت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلنتون الوضع في السودان بأنه قنبلة زمنية موقوتة، دون الاشارة ولو عرضاً الى تحميل دولتها نذراً يسيراً من مسؤولية الخطأ الفادح للتدخلات غير الموفقة لادارة اوباما في الشأن الداخلي للسودان، وفي نهاية المطاف تحذر من قنبلة وشيكة الانفجار وهو شر البلية المضحك.
وثمة سؤال تصطف امامه مئات بل آلاف علامات الاستفهام.. لماذا جرى استبدال المبعوث الامريكي للسودان غرايشون بمهندس سيناريو الحرب على العراق كولن باول في هذا التوقيت الحرج؟!.
اذن الطبخة استوت على نار هادئة وكل شيء يسير على ما يرام ولم يتبق سوى اقتسام الكعكة وحينها سيدرك الجميع المغزى، ولسان حال ما تبقى من سودان الأمس أكلت يوم أكل الثور الأبيض.
محرر في صحيفة الندوة – مكة المكرمة
عضو الاتحاد العام للصحفيين السودانيين |