في سابقة هي الغريبة ، وربما الاولى من نوعها، ان يهرب وفد الحكومي المفاوض من منبر وجد أصلا لحل قضية معقدة كقضية دارفور، بينما بقي الطرف الاخر متحديا ، مواصلا الحوار الي رمقه الاخير,, هروب وفد الحكومي من الدوحة هو دليل ساطع ينم عن عدم رغبة نظام البشير لدفع استحقاقت اهل دارفور كاملة، و ايضا لدليل اخر يخرس كل الالسنة الاثمة التي حاولت خلال فترة المفاوضات المضنية للتشويه على صورة حركة التحرير والعدالة ، و المحاولات اليائسة لاظهارها كصنيع حكومة والا كيف نفسر هذا الهروب الغير المسئول من منبر رعتها دولة اتفقت حول نزاهتها كل الاطراف ووساطة شهدت على حياديتها كل الناس.
فالنظام حتي الان فشلت في تبرير ما لجأ اليه في الدوحة وسحب وفدها بالرغم محاولاته المتسميتة لاثبات عكس ذلك عبر تصريحاتها المبهمة احيانا وابداء نيتة العودة الي الدوحة مرة اخرى ، ذلك بعد ان عجزت في اقناع اي من كان من المجتمع الدولي او الدولة الراعية او الوسيط المتشترك او الشعب السوداني او اهل دارفور عن الدافع الحقيقي وراء هذا الهروب المشين. في الاصل ان النظام جاء الي الدوحة لابرام اتفاق يرضى اوهامة لا احلام اهل دارفور، من خلال الركون الي الحلول السطحية التي لا تمت بجذور الازمة صلة ، في قضية باتت الأعقد من نوعها خلال هذا الحقب من الزمان ، اعتقادا منه ان دفع استحقاقات اهل الجنوب وتفتيت البلاد قد يرفع عن كاهله ثقل الضغوطات التي يعاني منه خارجيا او داخليا ،، او لربما حداثة ميلاد التحرير والعدالة قد اغراه كي يغريه بطعمة صغيرة و تنتهى لقمة صائغة بين انيابه واحشائه،،
ان السياق الزمني الذي جاء فيه هروب النظام من الدوحة يعكس بوضوح حالة الاضطراب والهلع ، الخوف والتوجس التي تسود اطراف وفد النظام قبيل اطلاق الوثيقة النهائية حول القضايا العالقة بين طرفي التفاوض " الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة " من قبل الوساطة الاممية المشتركة ،وما تحوى ضفتي تلك الوثقية من استحقاقات لا يمكن دونها التفكير في اي خطوة لايجاد حل عادل وشامل لقضية دارفور،،
وما يؤكد ضراوة النزال على طاولة التفاوض وعناد الممسكين بملفات حركة التحرير والعدالة هو فشل طرفا التفاوض في الوصول الي تفاهم حول القضايا المهمة أوحسمها في لقاءاتهم المباشرة الامر الذي ادي الي رفعها وايداعها بين يدي الوسطاء والاحتكام اليها والالتزام بما ستقرره في الوثيقة النهائية يتم التوقيع عليها ،الا ان (حدس) الوفد الحكومي قاده الي الاعتقاد بان خطرا محدقا في انتظاره وما منه الا ان اطلق ساقية للريح نحو الخرطوم.
من خلال التسريبات والاخبار التي تتواتر الينا من الدوحة ،ان حركة التحرير والعدالة اتبثت بما لا يدع مجالا للشك والريب بانها ولدت باسنانها و ان صمتها الدائم وعدم التفاتها أو إكتراثها لانتقادات التي توجهها (ضرتها) حركة العدل والمساواة ،، لهو دليل علي نضج قيادتها وصواب مسعاها وبعد نظرها وترفعها عن الصغائر وتقدمها نحو المرمى بخطى ثابتة ونظرة ثاقبة لتحقيق الهدف الذي ينتظره اهل دارفور بشغف شديد.
و تجلت قوة الموقف التفاوضي للحركة من قوة اتفاقها الاطاري الذي وقع عليها في الاشهر المنصرمة ،، وهو الحقيقة جاء شاملا من حيث مخاطبته للجذور الاساسية للمشكل السوداني في دارفور وشموليته في اشراك اصحاب المصلحة الحقيقة من النازحين واللاجئين من اهل دارفوروانفتاحاه على الاخرين ،، خلافا للنبرات الاقصائية التي كنا نسمعنها عقب توقيع كل اتفاق عن دارفور ،، وما نراه ونسوقه من عبارات في هذا المقال لا تعني باي حال من الاحوال تعضيدا لموقف حركة ما او المزيادة على مواقف حركة اخري ، وبين ايدينا الاتفاق الاطاري الذي وقعت عليها حركة العدل والمساوة وهو في الحقيقة جاء خالي الوفاض حتى من نوايا حسنه التي يجعنا نعتقد ان هذه الحركة كانت تقاتل من اجل دارفور او كردفان او السودان كم تزعم،، فالاتفاق الذي وقع في انجمينا لا يصلح به مخاطبة ازمة قرية صغيرة في دارفور ناهيك عن قضية شعب بكاملها او كما تتدعي العدل والمساواة،، واي قارئ بقدر قليل من الذكاء يستطيع ان يصل الي اهدف الاتفاق وهو بمثابة صورة فوتوغرافية تعكس الملامح الحقيقة لوجة الحركة ، ولن يكن شاملا على الاطلاق ولن تخاطب الا المطالب الاساسية للممسكين على مفاصل الحركة من القيادات ومن دار دائرتهم.
و المثير للانتباه، وفي هذه اللحظة الخطيرة التى تتجه فيها الامور الي المجهول وسعى النظام لوأد استحقاقات أهل دارفور ، بدأت ترتسم ملامحها بين سطور الوثيقة التي تزمع الوساطة طرحها على الطاولة في الايام القادمة، نلاحظ ان نبرة الشتائم والسب واللعب هي سائدة بين حركات دافور، و الاجدى ان تسود لغة التفاهم والتعاون والعمل الدؤوب في ايجاد خارطة لاجبار النظام وحمله للعودة الي طاولة التفاض،، إلا ان الواقع تقول عكس ذلك ، فالبرغم سماعنا بعض الاخبار التي تكشف نية العدل والمساواة في التحاور والتنسيق للمرحلة القادمة مع سيسي، الا ان ما تحمله الينا موقع سودان جيم وتصريحات النافذين فيها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك استحالة ايجاد اي ارضية مشتركة بين سيسي وخليل للتعامل مع الواقع المتقلب على الاقل في الوقت القريب،،
ويرى المراقبون ان اخبار موافقة حركة تحرير والعدالة بما جاء في مذكرة الوساطة حول القضايا العالقة والتي نزلت بردا وسلاما على صدور اهل دافور ، لوثوقهم بالوساطة التي تفهمت قضيتهم وشاورهم في الامر، عبر زيارتها المتواترة قابلت فيها اهل دارفور من كل اصقاعها ، وايضا الايمان الراسخ لدى اهل دارفور بأهلية حركة تحرير والعدالة في الزود عنهم وانتزاع حقوقهم من يد نظام الخرطوم الغاشم. نزلت تلك الانباء علي رأس العدل والمساوأة كضربة قاضية ،اصابت مركز اعصابها وافقدتها القدرة على التفكير ، جعلتها تتخبط بين الشتم والسب واللعن ،، حتى استدعي وجود الترابي في الدوحة لوصف العلاج المسكن لها ،، وقد سبق انه تدخل في مواقف شبيهه وضبطت ابرة بوصلة الحركة من جديد فهي ( الحركة) حبيسة بين جدران فكر زعيمها التاريخي و منبع إلهامها الروحي الدكتور الترابي .
ولا نعتقد ان التهجم لشخص الدكتور سيسي او اللجوء الي العنف اللفظي او تقديمة في صورة كاريكاتورية ساخره كما نراه في مواقع الحركة ، ذا جدوي لان كل هذه الهرطقات التي تحاول الحركة خلالها النيل من قامة الرجل السامق تفندها الوقائع و تتساقط في مواجهة قمع الادلة الدامغة والمواقف الوطنية الشجاعة التي توشح صدر هذا الرجل،، و حتي لو اسقطنا عمدا انجازاته القديمة تجاه اهله في دارفور ومواقفة المناهضة للنظام خلال حقبين ونيف من الزمان وما قدمه لاهله خلال وظيفته الاممية يجب ان لا ننسى بما ظل يقدمة للحركات الدرافورية خلال الفترة السابقة، في حلهم وترحالهم وكان خير من يصدح بالدعوة الي التلاقي ويقرع بحصاة لسانه ما يفرق بين مكونات اهل دافور حتي اعياه السعي بين صفا التوحد ومروة الانشطار ليتقدم بشجاعة و يتحمل المسئولية التي اشفق منها جميعا.
لا نرى جدوى من هذا الاضطراب والتخبط الذي تلجا اليها العدل والمساوأة في صياغة خطابها الجديد وفقا لما قد تفرزها نتائج مباحثات بين التحرير والعدالة مع الحكومة السودانية ، حيث ان للحركة مسارا يمكن عبرها الاستمرار في التفاوض بدلا من التهجم الشخصي والتنابز ، وهي التي تزعم دوما الامساك بزمام المبادرة في الميدان . ولماذا لا تحول تلك المبادرة بارغام النظام للعودة الي طاولة المفوضات؟ ذلك خير لها من محاولاتها اليائسة لذبح وصلب انجازات الاخرين على حائط الخيانة والارتزاق والتي فقدت معانيها بهروب وفد النظام الي الخرطوم
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة