شرعية( البلطجة) وشرعية الشعب
محمد ادريس عبد الله
[email protected]
نسيم الثورة الشعبية الذي هب من تونس الخضراء ضد انظمة القمع العتيقة يؤتي أكله في ارض الكنانة مصر هذه المرة, فقد زحف الشباب المقهور بصدورعارية ليواجه اجهزة القمع مطالبا بالحرية والعيش الكريم برحيل الدكتاتور , معظم هؤلاء الشباب لم يكن قد خلق عندما اغتصبت هذه الدكتاتوريات السلطة في بلاد الشرق الاوسط وافريقيا , لايعرف هذا الشباب سلطة منذ نعومة اظافره الا هذه الاصنام التي تطعمه الهروات وتذله لينال لقمة تبقيه على قيد الحياة وهو يعاني الفقر و البطالة والعوز , زحف الشباب المصري من مختلف المدن والمحافظات ليحاصر مبارك ونظامه الفاسد الذي حكم مصر على مدى ثلاثين عاماوالذي هو استمرار لنظام انور السادات السيئ الصيت واضع اسس الانحدار الذي اسس عليه مبارك نظامه و في ظل هذا الانحدار اصبحت مصر الدولة المحورية في الجيوبوليتك العربي والاسلامي تابع ملحق بالكيان الاسرائيلي بل بقرة حلوب تضمن بقاء واستمراراسرائيل اقتصاديا وسياسيا وتقهر الاحرار في داخل مصر وخارجه ومشاركة في جريمة ابادة الشعب الفلسطيني والتآمر على نضاله المشروع.
الشباب يعشق أم الدنيا
ثورة الشباب المصري فعل تكون عبر معاناة طويلة مجبول بعرق ودماء الشرفاء. أُذل الشعب المصري لعقود طويلة من سلطة ترى في المواطن ملحق فطري يضمن سعادة الحكام في اشباع نزوتهم التي تستلذ بقهر العامة وتعاملها كقطعان لاحقوق لها ولا كرامة بل انها خلقت لتلبي حاجة الحاكم وذويه والملحقين بسلطته اقتصاديا متمثلة في الرأسمالية الطفيلية التي تمتص عرق ودماء المصريين وترهن المصالح القومية للعرض والطلب كأي سلعة, طفح كيل الظلم والاضطهاد للغلابا ولعامة الناس من المصريين الذين عاشوا علاقات القهر المنظم على مدى خمسين عاما في ظل سلطة تحتقر المواطنية وترى فيها مهدد لوجودها وتمتهن القمع والتضليل فتقسم الشعب الى مواليين تبع و(بلطجية )وتلعب على تناقضاته الداخلية باستغلال فزاعات الارهاب والطائفية وفي حقيقة الامر انها سلطة البلطجية بلا منازع والناهبين لمقدرات البلاد .اتى الشباب المصري من كل فج , من الحارات الفقيرة , من ركام العمارات الفرهة التي تبنيها القطط السمان التي تعلفت من دمام هؤلاء,من القبورالتي هي بيوت الاحياء , من مكب النفايات, القهوجي اغلق المقهى وحمل روحه متقدة كجمر النرجيلة ليثأر لانسانيته , رمى الصبي بلوح بيع الخبز ولم يعد الى معلمه في المخبز انخرط مع اترابه بحثا عن الحرية آملا بلقمة غير مغمسة بالدم,القى الحمال بالطرد ليطرد الظلم, ترك بائع الصحف الجرايد ليكون مادة الاعداد القادمة من الصحف ملتحقا بالشباب ,بائع الفول والكوشري رمى بوزرته وصرخ ارحل, حجات السوق بائعات البيض والفراخ لملمن معاطفهن ليمدن الشباب بعاطفة الامومة ويزغرطن لاثارة حماس المصري , العاطليين عن العمل وخريجي الجامعات الذين يقضون نهاراتهم في المقاهي صرخوا ارحل مبارك.. ممش ح نمشي الا تمشي, جاءوا من جبل المقطم و من الحقول رافضين عهد البغال والبلطجة التي وضع فيها النظام مصر, صرخ الشباب بالقول الشعبي( يا أم العواجز) وهي السيدة زينب رضي الله عنها وهو قول لاستنهاض روح مقاومة العجزو رفض الهوان انها الروح المصرية التي تستمد قوتها من تراثها ومخزونها التاريخي والشعبي هؤلاء الشباب يرددون اغاني الشيخ امام والشاعر احمد فؤاد نجم والسيد درويش( طلعت ياما احلى نورها, الحلوة قامت تعجن في الفجرية , والديك يؤذن لصلاة الفجر, صبح الصباح فتاح ياعليم والجيب مافيهيش مليم ,بس المزاج رايق وسليم,باب الامل بابك يارحيم... انه شعب اسطوات هو قيادة نفسه وهو يقول شيخ وقسيس لرحيل الرئيس, رمم الشعب وحدته وكشف من ضلله واستغله وبثورته يعيد الامل لعهد الشعوب في السيادة على اوطانها فاذا كانت مصر مشهورة بالاهرامات فيظل الشعب المصري كبير هذه الاهرامات.
فلم شعبي مصري طويل
تسمر الكل مذهولا امام شاشات التلفاز وهو يتابع بسالة الشباب المصري وعامة الشعب, هذا الشعب العظيم الذي تستلهم منه الشعوب المقهورة العبر انه ابو ثورة 23 يوليو وحركة عدم الانحيازونصير حركات التحرر الوطنية و من لحمه خرج المفكريين مثل توفيق الحكيم وطه حسين والعقاد ولويس عوض وحسن البنا ومحمود العالم ونصر ابوزيد والميسيري ومحفوظ وسيد قطب وجوج زيدان..... كل اجهزة الاستخبارات ظنت ان الشعب المصري والشعوب العربية قد ثبطت عزيمتهاوهجنت واصبح مفعولها تابعا للطواغيت الا ان الشعبين التونسي والمصري سددا صفعة قوية للدكتاتوريات واسيادهم من الدول العظمى, ماقام به الشعب المصري يبدو كفلم طويل ابطاله الشباب المصري ومعشوقته مصر ويمثل دور الظالم فيه( الخائن) مبارك ماذا كان سيقول المرحوم صلاح جاهين ويوسف شاهين واسامة انور عكاشة لو عاشوا هذه اللحظة, انه فلم فات على هؤلاء المبدعيين انتاجه فأكملها الشباب المصري بأجساده ودمائه وصرخ تلميذهم يوسف خالد (.... المتحف المتحف احموا المتحف) انه شباب قلبه على وطنه وتراثه ووجدان الانسانية جمعاء اما الدكتاتور وسدنته باعوا الوطن وجمعوا الثروة ويبحثون الآن عن الملاذ كالهاربين من العدالة ولا عاصم لهم من ارادة الجماهير, خرج مبارك كصديقه المخلوع بن علي يقول ..اعي مطالبكم واقال الحكومة وعين نائب له لأول مرة منذ ثلاثين عاما .. كما قالها سلفه بن علي .. انا فهمتكم واجري تعديلا وزاريا محدودا واعلن الحريات, كل هذا الترقيع لن يسعهم انه زمن بوعزيزة وابناء الايه وليس زمن الدكتاتوريات وابناء الذوات ,انتهت شرعية مبارك ونظامه ولكن ان الجغرافيا السياسية ترفض رحيل نظامه وتراهن على الزمن وتحضر لترتييب الاوضاع لسرقة الثورة لمصحة الابن المدلل اسرائيل وهذا مانخشاه, ختم مبارك عهده بالدم كما كان عهده مجبول به وبدي عليه العناد والغرور واستغرب من امرء بلغ خمسة وثمانيين عاما ومكث ثلاثين منها حاكما مطلقا ماذا يريد ان يقول؟ انه يريد ان يصطحب معه الوطن بمافيه الى القبر كالملوك القدماء في عهد الفراعنة الذين تدفن معهم كل املاكهم وخدمهم وحشمهم!!! ولكن ان الشعب المصري يريد الحرية والعيش الكريم وسيتحق الحياة وأنه جعل ميدان التحرير (كوشة ) للاعراس وبوتقة للتعاضد والتسامح والمساواة وتربة للامل لكل الشعوب المقهورة .
تحية لارض الكنانة وشبابها
نحن في ارتريا ننظر بالفخر والاعتزاز لتضحيات الشباب المصري في مواجهة حكومات القمع والدكتاتورية ولمصر في قلوبنا مكانة خاصة ففيها نما فعل انعتاقنا ومنها تشربنا العلم واليها يسعى العليل منا, رغم تآمرانصار كامب ديفيد على حلمنا . ثورة الشباب المصري ومن قبلها التونسي تعطينا الامل والثقة بأن الشعوب لها ارادة جباره ولا شرعية لأي حاكم اذ لم تكن نابعة من رغبات الشعب واي فعل سياسي أو تغيير دون مشاركة الشعب منقوص ومشكوك في شرعيته نقول هذا وحالنا من العجز والضعف بلغ اشده ومعارضتنا أهدرت الوقت مجانا مسخرة كل امكاناتها في المماحكات و وحالها لايسر الا الدكتاتور وشبابنا الذي يعول عليه شعبنا في نهضته وخلاصه من الاستبداد قد آثر الخلاص الفردي تاركا أرض الشهداء محبوسة وفريسة للدكتاتورية بعد خضع الى غسيل الدماغ من( اللاسلطة )الامر الذي افقدهم الثقة بأنفسهم وبالمعارضين الذين يلقنونهم فقه الانساب واستعلاء الذات ونقاء السليل. يعتقد البعض بأن الشعب الارتري لايمكنه ان يسجل اسمه كبقية الشعوب في مقارعة الدكتاتورية بالنضال السلمي عبر خوض الاحتجاجات المدنية والتظاهرات متناسيا كل تلك التضحيات على مدى عشرين عاما و الشعب يعض على شفتيه الما وظلما من قهر اللاسلطة وعجز المعارضة في استنهاض طاقاته كونها حرقت طاقاتها وطاقات الشعب في المعارك الهامشية لاشباع غرور القيادات الهرمة التي تقتات على الماضي فكرا وممارسة وانكفأت في اطرها الاهلية تاركة عامة الشعب في حيرة من أمرها فهي لاتقوده ولاتسمح بكل جديد كأن الدكتاتورية توجد معارضة من جنسها, فالذي يلام ليس الشعب بل نخبته الجاهلة التي تعتبر نفسها وصية عليه كالدكتاتور وابواقها التي تملأ المساحة الضيقة من الانترنت للمشاحنات الشخصية . الفعل الشعبي في الثورة نتاج معاناة مرة تعيشها الشعوب لأمد طويل وشعبنا له كفاية من القهر ولكن لكل بلد ظرفه و الثورة لامحالة ليست فعل اعلامي او تكنولوجي بقدر ماهي مادة ثمينة للاعلام وتكنلوجيا الاتصالات فاذا كان الاستبداد يرهن الوطن لعهد البغال وعلاقات الغابة فان المعارضة لامحالة لايكون فعلها لعهد الحمير والعصبيات بل لعهد الامل والحرية والفضاء الشفاف والتسامح والديمقراطية , اذن ماذا قدمنا للشعب لنطلب منه فعلا ثوريا؟ او نتعلل بأن مايحدث في المكان الفلاني لايمكن ان يحدث في ارتريا ونحن نثيط عزيمته ونضلل فكره ونبدد طاقاته في صراعات زمن البغال كما فعل مبارك وافورقي الذين يعتمدان على ذوي السوابق والفاسدين في حماية حكمهما, اذن علينا استنهاض طاقات الشعب ومخاطبة مصالحه وتمتين وحدته وليس استعلاء اروماته وعندها ستجدون الشعب سباقا في الثأر لوطنه وارضه وشرفه وسوف لن تجدوا لتلك الفوارق مكان .
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة