الاختلاط مطلوب الاسلام الاساسي
بقلم - نوري حمدون– الابيض – السودان
= أنصار السنة جماعة اسلامية لها وجود ظاهر وسط الامة الاسلامية . وجودها أكبر من حجمها الحقيقي بحساب الافراد المنتمين لهذه الجماعة . اكتسبت هذا الحجم الكبير بسبب تبني الدولة السعودية للفكرة و الصرف الكبير على أنشطتها في كافة أنحاء العالم . و السعودية هي التربة الاولى التي ولدت فيها الفكرة على يد مؤسسها محمد بن عبدالوهاب قبل نحو ثلاثة قرون , تلك الفكرة المسماة أحيانا بالوهابية .
= أبرز ما تدعو له جماعة أنصار السنة التطبيق الكامل للشريعة كما فعل الرسول و صحابته في الجزيرة العربية في القرن السابع . و ذلك يعني التأكيد على الاساس الاول للاسلام و هو نفي الشرك بأنواعه التي من ضمنها اتخاذ القباب و الاولية و القبور و التقرب اليهم . كما تدعو الى الفصل التام بين الجنسين و اعادة المرأة الى البيت لتكون تحت قوامة الرجل بحسب الافضلية التي منحتها الشريعة له .
= واحد من بنود النقطة الاخيرة هو الاختلاط الذي يعده أنصار السنة من المحرمات . و قد الفوا في ذلك الكتب العديدة التي تعتمد على نفس الادلة و البراهين من الكتاب و السنة و التراث جميعا . و الكتاب موضوع الدراسة واحد من بينها . و أرجو من خلال العرض التالي أن أوفق الى توضيح وجهة النظر المغايرة التي ترى أن الاختلاط ليس من المحرمات فقط , بل هو خيار الاسلام الاول و الاخير منذ (أقرا) و حتى (أكملت لكم دينكم) .
= و الكتاب الذي هو موضوع هذه الدراسة يعرف نفسه على النحو الآتي :
أختاه ... متى الالتزام ؟!12
جمع و ترتيب و تأليف
فريق عمل دار نشر نور الإسلام
http://daralnashr.noor-alislam.com
تقديم نورالإسلام
= سأقوم في كل مرة في هذا البحث بايراد كلام المؤلف الوارد في الكتاب كما هو أولا , ثم أعلق عليه ثانيا موضحا ما أعتقد أنه الخطأ في كلامه بحسب المعروف في الفقه و اصوله . ثم أجتهد رأيي في بعض الاحيان . فان جاء اجتهادنا للحق موافقا فزنا بالدرجتين . و ان جاء اجتهادنا للحق مخالفا سعدنا بالدرجة . و لا حول و لا قوة الا بالله .
و بسم الله نبدأ :
1= أدلة من القرآن الكريم
يستعين الكاتب أولا بآيات من القرآن الكرين نعتقد أنه لم يوفق في اثبات أنها تنهى عن الاختلاط حتى و ان كان في عفة . و نحاول أن نحاور تلك النصوص التي اختارها كما يلي .
قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً)13سورة الاحزاب 33 - 34
1= الآية الكريمة الخطاب فيها لنساء النبي و ليس للنساء عامة . ان أقرب زيارة لأول كتاب في التفسير توضح ذلك . و لكن يصر البعض على نفي هذا الأمر لاثبات حرمة الاختلاط ليا لعنق النصوص . فليس في الآية دليل على حرمة الاختلاط .
وقوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يُؤذين وكان الله غفوراً رحيماً)14سورة الأحزاب 59
2= أولا : للآية أسباب نزول . فبعض فساق يثرب كان يحب العبث مع الاماء ( العبيد من النساء ) عندما يذهبن للخلاء فيؤذيهن هذا . لكنه لا يميز أحيانا بين الاماء و الحرائر لأن اللبس واحد , لذلك نزلت الآية . أيضا الآية لا تحرم الاختلاط . و لكنها تدعو للتعفف معه و فيه .
و ثانيا : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) متروك تقدير كيفيته للمرأة . و الآية في عمومها تضبط الاختلاط ليكون متوافقا مع العفة و التطهر و هو أمر تحث عليه كل الديانات و القيم و الاعراف الانسانية .
وقوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن) 15سورة النور 30-31
3= الآية امتداد لحديث ضبط الاختلاط . فالمطلوبات المذكورة تحدث مع الاختلاط و ليس مع القرار في البيت . و ضرب الخمار على الجيب هو وضع الطرحة على فتحة الثوب عند الصدر فتستره . كل ذلك حتى يكون الاختلاط آمنا و عفيفا . فالاسلام اذن يدعو الى أن يختلط الرجال بالنساء في عفة و طهارة تم وصف بعض جوانب تلك العفة في الآية المذكورة أعلاه .
قوله تعالى: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) 16سورة الأحزاب 32
4= تخضعن بالقول أي ترققنه و تنعمنه كما تفعل النساء عامة ( لأنكن لا تشبهن النساء لكونكن زوجات الرسول شخصيا ). فالخطاب متعلق بنساء النبي كما ترى . و لا نستطيع فقهيا أن نؤسس عليه تحريما للاختلاط كما يريد الكاتب أن يفعل .
وقوله تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) الآية18سورة الأحزاب 53
5= مطلوب من نساء النبي أن يتوارين عن الرجال حتى و هن في بيتهن . يستمر الخطاب الخاص بنساء النبي الذي لا شأن لبقية النساء به . حيث أن عامة النساء لا يشبهن نساء الرسول . و كما ترى فان الكاتب ينسب كل ما يقال لنساء النبي ليعتبره مطلوبا للنساء عامة . و ينسى أن الشريعة لا تقوم على التأويل و لا الافتراض و لا القياس . فما يجئ عبر هذه الآليات هو الاجتهاد و هو حكم البشر من الفقهاء من أنصار السنة أو غيرهم . و المجتهد يلزم نفسه فحسب . أما أن يلزم الآخرين فانه يحتاج لنص قطعي الدلالة و الثبوت و هذا ما فشل فيه كاتبنا .
2= أدلة من السنة النبوية الشريفة
= ثم يستعين الكاتب بنصوص الاحاديث النبوية على النحو الآتي :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها"19رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب (الصلاة)، باب (تسوية الصفوف وإقامتها) ج4/ص 159.
6= أولا : الحديث رواه أبو هريرة و هو للاسف راو غير ضابط و ورود أسمه في السند يضعف الحديث . و لعل البعض يستغرب هذا الحديث عن ابي هريرة . و لكن المعروف أن عمر بن الخطاب كان قد ضربه بالدرة و منعه من رواية أحاديث الرسول . كما أن السيدة عائشة غلطته أكثر من مرة في ما يرويه من أحاديث . و معلوم أن ابا هريرة كان يروي لكعب الاحبار و هو يهودي اسرائيلي معروف .
ثانيا : متن الحديث لا يتصور وروده عن الرسول الكريم . نستبعد أن يصف الرسول (ص) صفوف المؤمنين في المسجد بالشر و الاكثر شرا (شرها) . فباذن الله , فان كل ما في المسجد هو خير محض . و هذا يتوافق مع ما ذكرناه (أولا) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها"20رواه الترمذي في سننه في (أبواب الرضاع)، الباب رقم (18) برقم (1183)، وقال: "حديث حسن صحيح غريب"
7= الغير معقول في هذا الحديث المنسوب الى الرسول في أنه يحدد للشيطان مكانا يعمل فيه و يحدد لله مكانا آخر يوجد قيه . فالشيطان وسوس للرسول و هو بحضرة القرآن الكريم في ما يعرف بحادثة الغرانيق . و الله أقرب اليك من حبل الوريد . و الاثنان يتعلقان بالرجال و النساء على السواء . و قوله ( المرأة عورة ) يعني أنها عرضة لشياطين الانس من فساق المجتمعات . و هذا ما يدعونا و يدعو المرأة للانضباط بضوابط العفة عند الاختلاط و ليس لمنع الاختلاط .
عن عتبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو24؟ قال: الحمو الموت"2525 رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب (النكاح)، الباب (111)، الحديث رقم (5232) ج9/ ص330.
9= و هنا نجد دعوة لسلوك حضاري راقي حاول الرسول غرسه في انسان الجاهلية . حيث لابد من الاستئذان قبل الدخول على الاماكن الخاصة – لا سيما دخول الرجال على اماكن النساء الخاصة . و ليس المفهوم الدخول المطلق على النساء في الشارع و في السوق و في المزرعة و في مكان العمل و مكان اللقاءات العامة كالمدرسة و المستشفى و مكاتب الحكومة و النادي و السينما .
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم"26رواه البخاري في صحيحه في كتاب (النكاح)، الباب (111)، الحديث رقم (5233) ج9/ ص330-331.
10= أولا : ابن عباس مطعون في رواياته الكثيرة الاضطراب .
ثانيا : الحديث يحرم الخلوة بالمرأة . و نحب أن ننبه الى أن (الخلوة) غير (الاختلاط) . فالخلوة تحرمها القيم الانسانية بكافة أنواعها . بينما الاختلاط سلوك بشري طبيعى متضمن في نسيج الحياة . و الحديث أعلاه لا يحرم الاختلاط و لم يأت على ذكره , انما يحرم الخلوة و هو أمر متفق تماما مع فطرة الناس و لا غبار عليه.
عن جرير ابن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري"28رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب (الآداب)، باب (نظر الفجأة)
12= غض النظر و صرف البصر من الامور التي يمارسها الانسان المتحضر في كل مكان و مع كل ملة – مؤمنين أو كافرين . و لا يمكن غض البصر الا مع الاختلاط لأن غض البصر واحد من ضوابط الاختلاط . و عليه فمن الطبيعي أن يشير الاسلام الى هذا الضابط الهام و هو دين الفطرة .
عن بريدة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : " يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة"29رواه الإمام أحمد في المسند
13= و النظرة المحرمة هى المنطوية على غرض خبيث . و على الناظر و المنظور اليه كليهما أن يعملا على تجنب الخبيث و ابتغاء الطيب .و هذا العمل لا يتم الا أثناء الاختلاط – و الحديث بهذا الشكل يؤكد أهمية حدوث الاختلاط مع ضبطه .
3= أفكار حول النصوص
ثم بعد بعد ذلك يحاول الكاتب التعلق ببعض النصوص العامة يستولد منها تحريما أراده و بشدة للاختلاط و لم يفلح حتى الآن في العثور عليه , فنجده يقول ما يلي :
يقول صلى الله عليه وسلم: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تَمسَّ طيباً"54،رواه مسلم في صحيحه في كتاب (الصلاة)، ويقول: "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة"55. رواه مسلم في صحيحه في الموضع السابق ولقد تنبهت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى خطر تساهل المرأة في خروجها من بيتها فقالت: "لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما مُنعت نساء بني إسرائيل"56صحيح البخاري مع الفتح،
20= و لكنه لم يمنعهن الخروج الى المساجد و لا الى غيرها . لقد ضبط الخروج للمسجد بضابط عدم التزين و التعطر و التبرج عموما مما لا يليق بمكان كالمسجد . تماما مثلما ضبط الاختلاط في عموم الاماكن الاخرى بضابط العفة في النظر و الحديث و الزينة .
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال بالنساء في الطريق: "استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن57الطريق، عليكن بحافات الطريق"، فكانت المرأة تلصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به58. رواه أبو داود في سننه في كتاب (الأدب
21= النهي الوارد في الحديث ليس ل – قد اختلط الرجال بالنساء – و انما ل – تحقق الطريق - المفضي الى المدافعة و الزحمة التي رفضناها في ما سبق من أحاديث . المدافعة و المزاحمة التي هي الباب الواسع للفتنة و ضياع العفة و ليس الاختلاط في حد ذاته .
ولأنه إذا كانت أمهات المؤمنين -مع ما كُنَّ عليه من التقى والعفاف وقوة الإيمان والبصيرة بالحق- مأمورات بعدم الخضوع في القول والقرار في البيوت وعدم التبرج، فغيرهن من النساء المسلمات مأمورات بذلك من باب أولى
24= كان يجب أن يكن مأمورات بذلك من باب أولى – و لكن هذا الامر لم يصدر في النصوص القرآنية أو الحديثية . و يكون الحديث عنه من باب التمني و الامنيات . و الشريعة لا تعرف شيئا اسمه ( من باب أولى ) . فكيف نقول أن الله كان يجب من باب أولى أن يأمر بكذا و كذا . فهذا هو التشريع مع الله و العياذ بالله . الشريعة لا تعرف الا النصوص قطعية الثبوت و الدلالة .
ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص، فهي عامة لجميع الأمة في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة
25= من قواعد و اصول الفقه أيضا أن النص الذي دلالته على العموم تظل ثابتة الى أن تخصص بدليل صحيح . و أن الخاص يبقى خاصا الى أن يعمم بدليل . و النص الذي نحن بصدده هو : ((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)) هو أصلا خاص بنساء النبي بصريح عبارة (( يا نساء النبي )) و صريح عبارة (( أهل البيت )) . و التخصيص أتى به الله و رسوله في القرآن و الحديث . و بعد تخصيص الله لاوامره يستحيل أن نعممه نحن دون أن ننسخ الخاص . و لم يقل أحد أن الآية المذكورة منسوخة . فنحن اذا أمام نص خاص أصلا .
= و الآن الكاتب يسأل سؤالا :
نسأل: أي وصية من الوصايا الواردة في هذه الآية مخصوصة بأمهات المؤمنين دون سائر النساء؟، فقد قيل فيها: (إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً، وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)89سورة الأحزاب 32-33
27= و للاجابة نقول ( و قرن في بيوتكن ) خاصة بنساء النبي و ان ورد بعدها ما هو مشترك مع عموم النساء . تماما مثلما جاء في الآية ( انا أعطيناك الكوثر فصل لربك و انحر ) . فيها خطاب خاص بالرسول الذي أعطي الكوثر و لم يعط لأحد غيره . و طلب منه الرب الصلاة و النحر و هي واجبة في عموم الرجال و النساء على السواء . فالشاهد أن الخطاب الخاص لا يصرف عن خصوصيته بتاتا فيصير عاما و ان ما بستفاد منه يكون حكما خاصا .
= ثم يقول الكاتب مستدركا بعد كل ما جشمنا من معاناة :
لأنه وإن كان الأصل هو قرار المرأة في بيتها، فإن الإسلام يُجيز لها الخروج منه عند الحاجة إلى ذلك مع الالتزام بالحجاب الشرعي واجتناب مخالطة الرجال، فيجيز لها مثلاً الخروج لزيارة الوالدين، ولصلة الأرحام، وللحج مع محرم، ولطلب علم، ولمراجعة طبيب، وللإدلاء بشهادة لدى القاضي، ولأداء الصلوات في المسجد إذا أُمنت الفتنة، ولقضاء حاجة مشروعة لا تقضى إلا بوجودها ونحو ذلك
32= أخيرا نتذكر أن الاسلام يجيز للمرأة الخروج . و أخيرا نقر بأن الاسلام يضبط الخروج بضوابط العفة . و أخيرا نعترف بأن هناك حاجات مشروعة لا تقضي الا بالمرأة و بخروج المرأة و باختلاط الرجل بالمرأة . و أخيرا نعترف بأن هذه الاشياء أكثر من أن تحصى فنجملها اختصارا في كلمة ( و نحو ذلك ) . و أخيرا نقر بأنه يمكن أن تؤمن الفتنة و أن العالم ليس قطيعا من الخراف و الذئاب .
= ثم ان الكاتب يتصور أن الفتاة المسلمة قد أقنعها كلامه فقررت ترك العمل و الخروج مفضلة بدل ذلك أن تقر في بيتها ظنا منها و منه أن ذلك من الاسلام , فيقول :
و قالت : سيدي المدير أنا اعتذر بشدة فأنا أقدم استقالتي إليكم و أرجو منكم قبولها.
تعجب المدير و قال : لِمَ ؟
قالت : ستجد السبب في الورقة يا سيدي .
و تركت المكتب و انصرفت من المصلحة بلا رجعة .. فلما انصرفت قام رئيسها بفتح الورقة فلم يجد بها إلا سطر واحد ..
تركت العمل طاعة لله و رسوله
33= و بنفس اللغة الرومانسية يمكننا أن نتخيل أنه , و في نفس الوقت , تدخل أمرأة ما في مكان ما في ساعة ما مكتبا ما لمدير ما تحمل ورقة التعيين مكتوب فيها ( بدأت العمل طاعة لله و رسوله ) . لأن العمل أيضا عبادة . و الاختلاط ابتلاء أراده الله لنا ليمحص أعمالنا .
و أخيرا نقول :
ان العالم ليس مكانا يعيش فيه الناس بحسب السيناريو أو المخطط الذي نرسمه نحن لهم . أن العالم مكان يعيش فيه الناس كل بحسب ما يعتقد أنه الصحيح . و أثناء ذلك تتشكل الصورة العامة للمجتمع . أحيانا تظهر الصورة العامة المجتمع جاهليا لا يضبطه ضابط . و أحيانا تظهر الصورة العامة المجتمع متعفنا بالدكتاتوريات السياسية و الدينية التي تسوسه بالارهاب و العقاب . وأحيانا تظهر الصورة العامة المجتمع مشعا براقا كأنه صفحة السماء حيث اتخذ كل فرد فيه موقعه الذي يريد و أصدر البريق الذي يقوى عليه بينما رددت الاكوان صدي هذه التجربة التي عنوانها الحرية و الديمقراطية و حقوق الانسان و حيث لا يبقى في السماء .. سوى الضياء.
الاختلاط مطلوب الاسلام الاساسي
بقلم - نوري حمدون– الابيض – السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة