هل يوجد بالسودان أحزاب ؟ ؟ ؟
للحزب السياسي تعريفات كثيرة واختلفت هذه التعريفات باختلاف وتنوع الأيديولوجيات والمفكرين الذين تناولوا هذا الموضوع بالبحث والتحليل ، فهناك من ركز على أهمية الأيديولوجية حيث رأى إن الحزب هو اجتماع عدد من الناس يعتنقون العقيدة السياسية نفسها، ورأى آخرون أن الأحزاب تعبير سياسي عن الطبقات الاجتماعية، وهناك من رأى أنها جمعيات هدفها العمل السياسي، وآخر رأى أنها تكتل المواطنين المتحدين حول ذات النظام، إلى غير ذلك من التعريفات.
وبشكل عام يمكن تعريف الحزب السياسي بأنه " مجموعة من المواطنين يؤمنون بأهداف سياسية وأيديولوجية مشتركة وينظمون أنفسهم بهدف الوصول إلى السلطة وتحقيق برنامجهم"
ومن خلال هذا التعريف الشامل لمفهوم الحزب السياسي نستطيع القول أن الحزب السياسي موجود اليوم في معظم، إن لم نقل كل، الأنظمة السياسية في مختلف أنحاء العالم بغض النظر عن طبيعة هذا النظام دكتاتوري أو ديمقراطي.
واذا أردنا ألا نطلق كلمة حزب جزافاٌ على أي شلة أو مجموعة لنتشبه بالدول المتطورة سياسياً واقتصادياً ونقول إننا مثلنا مثلهم دولة راقية لها أحزاب سياسية عريقة ؟ أو نتجاهل المضمون ونتمسك بالقشور ونسمي الطوائف الدينية التي ترأسها و ترعاها أسرة واحدة بحزب ؟ فهذا سيقودنا إلى خطأ فادح ؟ ونكون قد اخطأنا و سمينا الأشياء بغير مسمياتها ؟
فى علم الرياضيات يقال: إن الافتراض الخاطئ يؤدى قطعاً إلى نتيجة خاطئة فعندما نفترض أن أسرة ما يتبعها كم من الذين فاتهم قطار التعليم والوعي وتربطهم بها روابط دينية مع فئة قليلة من المتعلمين من الأسرة نفسها أو من أنسبائهم أو من لهم مصالح معهم ويظهرون كواجهة لها فى مقابل الجاه والمناصب عندما يستولون على السلطة فهذا هو عين الخطأ ؟
مع احترامي لهم كأسر دينية تشكل حقبة من تاريخ السودان وخاصة أسرة محمد احمد المهدي بطل السودان العظيم طيب الله ثراه ، إلا إن هذه الأسر أثبتت على مدى التاريخ أن الهدف الأساسى من نشاطها هو المحافظة على مستواها المادى والاجتماعى الذي تكون في عهد الاستعمار قبل أن تراعي مصلحة الوطن والمواطن المغلوب على أمره ؟ إنهم يهتمون ويناضلون في كل ما يخص مصالح أسرهم إلا في ما يطور السودان بنفس القدر اقتصاد , تعليم , صناعة , طاقة الخ.
1
والآن بعد الانتخابات الاخيرة سترون كيف ستغريهم المناصب التي ستتكرم بها الحكومة لبعضهم علهم يحافظون على مصالحهم والاستمتاع بجزء صغير من الكيكة الديمقراطية الشهية ؟؟
كيف يمكن أن نسمي تنظيم الأسرالطائفي بحزب وهم ليس لهم أي برنامج وطنى مكتوب أو لهم خطة سياسية اقتصادية لتطوير الوطن ؟ ؟ وعندما كانوا في الحكم لم يبرهنوا على اهتمامهم بإصدار أي قرار ليتضح أنهم منحازون للوطن ورفعته قبل مصالحهم الشخصية ؟ وهذا ما أظهر للعامة أن الحكومات الشمولية تعمل وتنجز مشاريع تنموية بصورة أوضح مما أزهدهم في هذه الطوائف ودعاهم للغفران للحكام ولأخطائهم مهما كانت ؟ ؟
يقول البعض إنهم لم يعطوا الفرصة والوقت الكافي ؟ إن القرار يمكن أن يصدر في لحظة ؟؟ مثلاً إصدار قرار بإلغاء قوانين سبتمبر علماً بأنهم كانوا من اشد معارضيها أو إصدار قرار بتكوين لجنة من كبار الأطباء والمسؤولين لتطوير قطاع الخدمات الطبية ووضع مقاييس جديدة متطورة توقف نزيف العملات الصعبة التي تذهب للعلاج في الخارج علماً بأن السودان يزخر بالأطباء الأكفاء الذين يخدمون دولاً متقدمة ؟؟ قرارات مثل هذه كان يمكن أن تصدر في لحظة وحتي من باب الاستعراض والكذب والتمثيل لكسب ود العامة لم تصدر !!
في الإمارات كل يوم تطالعنا الصحف بقرار جديد يصب في مصلحة مواطني الدولة ..توطين الوظائف , منع التدخين في الأماكن العامة , تطوير التعليم والمناهج وتجنب الروتين في التعليم الخ.. وكل هذه القرارات تنفذ وتتابع بدقة ؟؟ فهنيئاً لدولة الإمارات التي حباها الله بحكام وطنيين أفذاذ يسهرون علي تطوير مواطنيهم وخدمهم بكل تفان وإخلاص ؟
كيف يمكن أن نسمى تنظيم أسرة طائفي بحزب وهذا التنظيم رئيسه من نفس الأسرة ثابت لا يتغير إلا عند الموت وبالوراثة ويملك وحده حق تعيين المكتب السياسى والإدارى وأي منصب آخر ومن أسرته فقط ! وفصل أي عضو لا يدين بالولاء والطاعة ويقبل الأيادي ؟ إنها لا تطبق الديمقراطية داخل طائفتها فكيف نتوقع منها التعامل بديميقراطية ؟ أليست هذه هي الشمولية بعينها ؟ إنني أعتقد أن الذي يسمي هذه التنظيمات الأسرية أحزاباً هو شخص يمتاز بالطيبة يقبل بالموجود أو السذاجة السياسية أو لا يعرف ماذا تعني كلمة حزب أو له مصلحة في ذلك ؟؟
هذا لا يعني إقصاء الآخر ؟ فالمجال مفتوح لهم لتكوين أحزاب ديمقراطية حقيقية بمعني الكلمة ولها برامج وطنية مدروسة تواكب العصر وليتذكروا أن الأجيال الجديدة الحالية لا تعرفهم ولن تقبلهم بصورتهم القديمة ؟؟ وإلا فاتهم الركب وأصبحوا تاريخاً منسياً !! أما التجمعات الخرطومية والتي أنشأت بواسطة الطلاب الذين كانوا يدرسون في العراق وسوريا وسموا أنفسهم بأحزاب كالبعث العربي وكذلك الناصريين الذين درسوا في مصر
2
أين هي برامجهم وجماهيرهم ؟ وكيف يمكن أن يقنعوا الشرق و الغرب والجنوب بالبعث العربي ؟؟! إذا كانوا يعتبرون هؤلاء أصلاً سودانيين ؟؟؟
هنالك أحزاب صغيرة أخرى لها برامج طموحة وإمكانيات مادية ضئيلة وتتركز في العاصمة والمدن الكبيرة بعددية ضئيلة وسط المتعلمين لا تمكنها من الفوز بأي انتخابات حرة أو غير حرة ؟؟
هل يمكن أن يتجمع كل هؤلاء والذين يقدرون بعدد 85 تجمعاً (حزب) ليكونوا حزباً سودانياً ديمقراطياً كبيراً له برنامج وأهدافه وطنية يتفق عليها الجميع ليجد له مكانة في قلوب السودانيين بمختلف أعراقهم ودياناتهم أي برنامج يتوافق مع العصر ومتطلبات السودان الحالية يضعه في مكانته المنشودة بين الأمم المتحضرة ؟ حزب قوي يستطيع أان يناطح في الانتخابات أو في المعارضة ؟؟ وإلا علينا أن ننسى ونترك الساحة لمحتلها ليفعل ما يشاء!
أمريكا القارة بجلالة قدرها لها حزبان رئيسان ؟؟ جمهوري وديمقراطي ؟؟ انجلترا لها ثلاثة : المحافظون , العمال والليبرالي الديمقراطي؟ هل أحزابنا الكثيرة المتواضعة وصغيرة لها اعتراض علي تسخير أموال البترول والذهب في الزراعة للتصدير وتأمين الغذاء للجميع ؟ هل تعترض علي تطوير التعليم ليكون وطنياً مرتبطاً بالعمل المنتج ؟ أي التعليم من أجل الإنتاج وليس التعليم من أجل التعليم والشهادات ؟ هل يعترضون علي ترشيد الاستيراد لتكون هنالك أولويات ؟ أي استيراد المعدات الطبية والأدوية قبل التفاح ؟ وأدوات الإنتاج قبل العنب ؟ هل يعترضون علي تحرير المرأة ومحاربة العادات الضارة ؟ وعلى إغراء وتسهيل عودة الكوادر العلمية المهاجرة لخدمة السودان ؟ وعلى استثمار أموال المغتربين في شركات مساهمة إنتاجية مثمرة ؟ وغيرها كثير من المتطلبات البديهية لتطوير الوطن وجعله يتسع الجميع !!
فإذا كانت كل هذه الأحزاب وطنية وتؤمن بهذه البديهيات ؟ فلماذا لا تتوحد تحت برنامج وطني يطوره ويتفق عليه الجميع ؟ ياتري من هو المستفيد من هذه الشرذمة أي التفكك ؟؟ وإذا رضينا بهذا التفكك فلا مناص من أن نرضى بما يحصل الآن ولا نكون مثاليين ونحلم كثيراً ؟؟؟
انني أعتقد أنه لا يمكن لنا أن نصل الي مرحلة الديمقراطية الحقيقية التي ننشدها إلا إذا كونا احزاباً حقيقية وسط المتعلمين بعدد لا يتجاوز الـ 3 نميزهم بحزب الوسط , اليمين و اليسار, لها برامج تواكب العصر وترضي طموح السوداني الذي انفتح علي العالم ورأى بعينه كيف تتطور الشعوب بسرعة مذهلة ونحن الي الآن 90 % من مواطنينا في مرحلة الإنسان الأول الذي كان يبحث عن الماء والكلأ والغذاء والمأوي وإن وجد الغذاء فهو (موية فول او ويكة) ؟؟ وإن وجد المياه فهي ملوثة وإن وجد المسكن فعشيش أو ما لا يصمد أمام الأمطار ؟؟ قد يكون كلامي هذا مستفزاً للكثيرين الذين يحبون الإطراء والأحلام الوردية ؟ ولكني أعتقد أنها الحقيقة المرة ؟؟
3
كيف يمكن أن يصوت الأمي الذي إذا قلب رمز الشجرة رآه فجلة واحتار وتساءل لمن ترمز الفجلة ؟؟ ا والأمي الذي لا يستطيع ملء ورقة التصويت فيساعده المراقب في ملئها ؟؟
إنني أشبه الانتخابات الاخيرة في السودان بالذي يود أن يركب ماكينة سيارة في عربة كارو !! أي الذي يحاول تطبيق نظام متطور ابتدعه إنسان وصل مرحلة الرفاهية على إنسان أمي جائع لا يعرف أن هنالك أصلاً برنامجاً ولا يعرف مصلحته حتي ! فلماذا نكذب أو نخدع أنفسنا ونعيش في حلم ونصرف مبالغ طائلة هباءً ؟
الذين يمارسون الديمقراطية في بريطانيا وغيرها لهم ثلاثة أحزاب كبيرة عريقة لها برامج مدروسة ورئيس منتخب يراقب من الصحافة الحرة وأعضاء الحزب ويحاسب وينتقد ويصحح ويمكن إقالته بكل سهولة ؟ وينتخبهم متعلمون يقرأون البرامج وينتقدونها ويصححونها حتي تكون مقنعة وتحقق لهم مصالحهم !
إن القاعدة تقول انتخابات الجهلاء قطعاً سوف تأتي بجهلاء ؟؟؟ لا يعني هذا أن ننتظر إلي أن يتعلم كل السودانيين حتي نقيم انتخابات؟؟ ولكن المصلحة تملي علينا أن يقتصر حق الانتخاب والترشيح على المتعلمين فقط حتي وإن كانوا في بريطانيا لا يفعلون ذلك ؟ ولا مجال للعواطف والكذب على أنفسنا ؟ وأعتقد أن ذلك سيكون في مصلحة غير المتعلمين! والبصير يقود الأعمي وليس العكس؟؟
نعم .. إن لنا متعلمون كثر منهم أفذاذ يعرفهم العالم !! كل برع في تخصصه!!
يتعجب الكثيرون ويقولون: إننا نرى السودانيين يتفوقون في الجامعات بالخارج ويتبوأون المناصب الرفيعة في دول متقدمة ونفاجأ عندما نرى حالهم في الأخبار المصورة بالتليفزيون!! يمكن لهؤلاء أن يتجمعوا في حزب ديمقراطي كبيرو يمولوه ويضعوا له برامج وطنية إنتاجية متطورة تواكب العصر تغير من حال رجل افريقيا المريض والمديون ؟؟؟
وإن لم نفعل ذلك فستكون مناقشة شؤون الوطن مجرد تسلية صالونات في المناسبات أو تسلية بالكتابة والقراءة في الصحف الالكترونية
هذا الرأي قد يكون سابقاً لأوانه ؟ وسيحاربه بشراسة من يسمون أنفسهم أحزاباً
وهم في الواقع (طوائف دينية) !! وكذلك من المستفيدين من جهل جيوش المواطنين الذين فاتهم قطار التعليم وهناك من عمل وسيعمل علي إبقائهم جهلاء ليحركهم مثل قطع الشطرنج ؟ إذ كيف يمكن لدولة نالت استقلالها قبل أكثرمن 50 عاماً تصل فيها نسبة الأمية الي أكثرمن 70% !!
4
هل يمكن أن نطمح بأن تتجمع كل الأحزاب الصغيرة لتكون حزباً ديمقراطياً كبيراَ تحت لواء إنقاذ السودان الذي في طريقه للتشرذم والزوال ؟؟؟ أعتقد أن هذا ممكن لو
تجرد قادة تلك الأحزاب الصغيرة من حب الرئاسة وأصبح همهم وسبيلهم وولاؤهم للسودان الحبيب ؟؟؟ أما أن يكون لنا 85 حزباَ صغيراً يتندر عليها البعض ويسميها أحزاباً ديكورية ؟؟ كل منهم يعزف لحسابه ؟ فهذا قطعاً يخرج مقطوعة موسيقية نشازاً ؟؟ ويترك السودان فريسة لكل مقامر طموح ليفعل به ما يريد ؟ أو حزب واحد ينفرد بالسلطة لأنه لا ينبري له أي منافس قدير بالساحة !!
ما الذي يمنع السودان من أن يكون سلة غذاء العالم ؟! هل لقلة الأرض ؟ أم المياه ؟ أم الأيدي العاملة الرخيصة ؟ أم الطاقة ؟ أم الخبراء؟ لا ثم لا ؟ إنها لقلة العزيمة والوطنية الصادقة !!
إن الحل الوحيد لكل قضايا السودان هي تطوير العنصر البشري و الإنتاج ثم الإنتاج ثم الإنتاج.. وليس التسول والاستدانة عنوان المهانة.
هنالك سيدة كينية أحرزت جائزة نوبل سنة 2004 تُدعي ونقاري ماساي بزراعتها مليون شجرة ببلدها ؟ هل نطمح في أن تقوم حكومتنا الجديدة بزراعة مليون نخلة سنوياً أي 4 مليون نخلة خلال سنواتها الأربعة القادمة ؟
إنني أدعوا جميع الحريصين على مصلحة ومستقبل سوداننا الحبيب بالعمل على تكوين حزب جامع لكل الأحزاب الوطنية الصغيرة ليتكون من المتعلمين له برنامج وطني متطور لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان وضياع السودان وذلك في ظرف السنوات الأربعة القادمة عله يدخل الانتخابات القادمة منافساً قوياً إن شاء الله
عبدالله حمد الملك
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة