لقد ذهب الجنوب...........ولكن من المسؤول وما العواقب المتوقعة؟
بقلم/عمر عبدالرحمن عبدالله البشاري/الخرطوم
e-mail:[email protected]
حق تقرير المصير ..... التأني والسلامه والعجلة والندامة
ونبدأ من المنتهي لأنه الأستحقاق الأهم والمعطي الأكثر مفصلية في تاريخ السودان إذ يتحدد مصيره بين أن يظل دولة واحده أو يصير إلي دولتين .
ونقول ليس من عاقل سينكر علي شعب جنوب السودان أو غيره من الشعوب والمجموعات أو حتى الأفراد حقهم او حقه في تقرير مصيره وتحديد الكيفية التي يريد من خلالها أن يعيش حياته وقد نص الأتفاق هنا صراحة علي حق شعب جنوب السودان في تقرير مصيره بعد ست سنوات من تاريخ التوقيع عليه أي في التاسع من يناير 2011 وشدد علي طرفي الأتفاق علي العمل علي جعل خيار الوحده جاذبا وهنا يكمن تناقض غريب بين الفترة الأنتقالية المقدرة بست سنوات والعمل علي جعل خيار الوحدة جاذبا فهذا القول الأخيريعني فيما يعني إن كنت أحسن التقدير مايلي:-
1-إزالة تراكمات سوء الظن الذي عمد الأستعمار يوم نهج سياسة المناطق المقفولة في جنوب السودان إلي زرعة بتشجيع التوجه الأفريقي المسيحي للجنوب ضد التوجه العروبي الأسلامي في الشمال .
2-إزالة التهميش الذي تعرض له أبناء الجنوب في تولي نصيب عادل من سلطة الحكم المركزي في السودان .
3-العمل على تحقيق مقدارمن التنمية في الجنوب يجعله يقف علي قدم المساواة في المستوى الأقتصادي مع الشمال .
4-إزالة الآثار النفسية والأجتماعية للحرب التي تطاولت لأكثر من21عام .
5-إرساء دعائم حكم ديمقرطي تؤول فيه السلطة لشعب السودان شماله وجنوبه.
6-وبالجملة إعاده هيكلة الدولة السودانية علي نحو جديد يعمل علي إزالة الغبن والمظالم والشك والريبة وسوء النوايا والفهم بين من يملك زمام الأمر في الشمال والأخوة في الجنوب بما يجعلهم يفضلون الأستمرار في دولة موحده .
إذا كان الأمر علي هذا النحو فالحركة الشعبية محقة في أن المؤتمر الوطني لم يوفي بمتطلبات الوحدة الجاذبه.
ويبقي السؤال لماذا فشل المؤتمر الوطني في ذلك ؟
والأجابة بغاية البساطة وتتلخص في نقطتين:ـ
1-السنوات الست المذكوره في الأتفاق غير كافيه لتحقيق المطلوبات المعنية فتراكمات شكوك دامت منذ الأستعمار وآثارحربين دامتا في مجموع فترتيهما ما يزيد علي 37 عاما من عمر إستقلال البلاد البالغ 55 عام لا يمكن معالجتها في ست أعوام، فيمكن تدمير عمار 1000 سنة في يوم واحد ولكن إلي كم سنة نحتاج إلي إعادة أعمار دمار تم في37 سنة ؟
وإن كان من مأخذ على المؤتمر الوطني فهو قبوله في الأتفاق بجعل الوحده جاذبه بهذا المعنى الكبير وفي ستة أعوام وهو في هذا على واحد من عدة أمور :-
1-إما أن يكون مفاوضه لم يعلم بأن الست سنوات غير كافية لأحداث الأمر المذكور وهذا أمر مستبعد نسبة لأن هذا الأمر لا يمكن أن يفوت علي كل عاقل ناهيك عن مفاوضبن محنكين.
2-أو أنه لم يكن جادا في إحترام خيار العمل على جعل الوحدة أمرا جاذبا، أي أنه كان غير حريص على الحفاظ على وحدة البلاد وهذا أمر مستبعد بسبب أنه من الواضح أن قادة المؤتمر الوطني لا يريدون تحمل وزر ومسؤولية تقسيم البلاد تأريخيا مما يضعف رصيدهم السياسي فضلا عن كون إنفصال الجنوب يعني ذهاب الموارد البترولية التي بات إقتصاد البلاد يطفو على مركبها .
3- أو أن يكون المفاوض لم يكن يخطر على باله بأن الجنوبيين يمكن أن يفضلوا الأنفصال علي الوحدة وهذا لا يتماشى والعقل والسبب أنه في سوابق الأمم غالبا ماتفضل الأنفصال على الوحدة ما خيرت على ذلك مع إستثناءاءت قليلة فما بالك مع الجنوب الخارج لتوه من حربه ضد الشمال مع كل ما تحمله الحرب من مرارات وأشجان .
4-أو أن المؤتمر الوطني كان يعتقد بأن له وسائله الخاصة التي تمكنه من إقناع قادة الحركة الشعبية بالعمل على الحفاظ على وحدة البلاد وقد خابت تلك الوسائل فأسقط في يده وخرجت الأمور عن دائرة سيطرته مما أربك الحسابات وترك صاحبها حيران آسفا.
5-أو أن مفهوم خيار الوحدة الجاذبة لم يكن بالمعني المذكور أعلاه وأن الوحده الجاذبة تعني مقايضة الشمال بالجنوب في إطار الدولة الواحدة أي أن يطلق المؤتمر يد الحركة في الجنوب وأن تقنع الحركة بنصيبها من كعكة السلطة والمال القومي في مقابل أن تطلق يده في الشمال وتترك له النصيب الباقي من الكعكه .
6- أو النقطين 5 و6 معا إذ أن المؤتمر الوطني قد إعتاد علي التعاطي السياسي غير الأخلاقي والطبيعي أن يقع ضحية لهذا النهج الخاطئ مبدئيا.
2-النقطة الثانية لأسباب فشل المؤتمر الوطني في جعل خيار الوحدة خيار جاذبا يعود إلي جانب قبول المؤتمر الوطني بالوعاء الزمني غير الكافي منطقيا لتحقبق الوحدة الجاذبة قبوله أيضا بأن تكون مسؤولية إنجاز الوحده واقعه عليه مع شريكه في الأتفاق الحركة الشعبية لأن تلك المسؤولية أوسع من طاقتيهما معا وتحتاج إلي تضافر جهود كل القوى السياسية والمجتمع المدني وكافة أبناء الشعب السوداني وحتي مساعدة الأطراف الخارجية خصوصا الأفارقة والعرب وهنا أيضا يتدخل الحرص على السلطة والأنانية وحب الذات في فرض هذا الأمر المخل، فالمشاركة في المسؤولية والواجب لابد أن يقابلها أستحقاق في السلطة الحقه والفعلية وهذا ما حرص المؤتمر الوطني دوما على عدم حدوثه وهذا أدي إلي نتيجة هامة جدا وحاسمة في ترجيح خيار الأنفصال على الوحدة وهي عدم تضافر الجهود للعمل التبشيري والترويجي للأتفاقية بين مجتمعات الشعب السوداني في الشمال والجنوب وذلك بتوضيح أن الأتفاق يجعل تاريخنا يمربمرحلة مفصلية بين الأنفصال والوحدة وأن الوحدة الجاذبة هي التحدي والرهان الأكبرالذي يجب أن نعبرخلاله إلي المستقبل و أن الأمر يحتاج إلي تضحية من الشمال وتسامح وغفران من أهل الجنوب ولربما تثنت السانحة التي تسمح لنا بالشرح لأهل الجنوب بأننا نفهم بأن الحرب التي دارت رحاها في بلادنا كانوا هم الأكثر تضررا منها ولكننا في الشمال ولاسيما مناطق التماس قد عانينا من ويلاتها وأن كل سوداني قد دفع فاتورتها من قوت بنيه ومستقبل أجياله مما يسهم في تخفيف الأحتقان الناتج عن مراراتها. وهذا الأمر يقع على عاتق منظمات المجنمع المدني وقادة الرأي والأحزاب والقوى الحديثة و كل الذين يستشرفون المستقبل ويعلمون أن الواقع إلي زوال وأن اللحظة الراهنة لها مابعدها وهذا الجهد إذا توفر كان من الممكن أن يعمل علي ردم هوة ضيق الزمن المتاح لجعل الوحدة خيارا جاذبا لشعب جنوب السودان والمؤسف أن سياسات التمكين قد محفت هذه القوى وروضتها لصالح أستمرارية من يحكم في السلطة وبالتالي صارت نمر من ورق يخدم مصالح النظام ويعجز عن مواكبة مصالح الشعب والأمة السودانية وقيادتها إلي أفق أرحب من النماء في الحياة والأشراق في الفكر، وهكذا قد أفضى بؤس الفكر السياسي وحب السلطة والسعي الدؤوب للأنفراد بها والتمتع الآني بملذاتها إلي فتح الباب واسعا أمام التيار الأنفصالي في الحركة الشعبية الذي أدارظهره لكل عهد وميثاق بجعل الوحدة خيارا جاذبا بل على العكس تقوي بالظروف المذكورة آنفا وجرف معه كل الوحدوييين إلي أن أصبح في آخر المطاف كل من يدعو إلي الوحدة خائنا كذوب وكل من يبشر بالمستقبل أفاك أثيم.
وهكذا نرى أن مفاوض المؤتمرالوطني قبل يهذا القيد الزمني القصير ولم يتح من يمثلونه في السلطة الفرصة للآخرين لمشاركته عبء تكثيف الجهود ومضاعفةالعمل من أجل جعل خيار الوحدة جاذبا للأخوة في الجنوب لعبور الفترة الأنتقالية والحفاظ على وحدة البلاد.
ومن النتائج المتوقعة لأنفاصال الجنوب الذي أصبح في حكم المسلمات ما يلي:-
أولا:- يمكن للشحن المعنوي الزائد ضد الشمال بغرض تحقيق الأنفصال أن يؤدي بالمغامرين الطامحين في السلطة المراهنين عليها في الجنوب المستقل يؤدى بهم إلي إستغلاله في خوض حرب ضروس ضد الشمال خصوصا وأن الدولة الناشئة ستواجة بتطلعات الموطنين في تجاوز آثار الحرب وتحقيق التنمية والرفاهية الموعودة والمقرونة بالأستقلال عن الشمال فضلا عن تحديات التوازنات الأجتماعية والقبلية ،والعودة للحرب ستكون مبررا كافيا لقمع كل تلك التوجهات لأن على الجميع التوجه صوب تأمين الأستقلال والدفاع عن الحدود في وجه المستعمرين والجلابة الطامعين في أراضي ومقدرات الدولة الوليدة ،ومبرارت مثل هذه الحرب موجودة ومتمثلة بأحسن مايكون في القضايا العالقة وأبيي على رأسها ونكون بذلك قد خسرنا الوحدة ولم نربح السلام وسيدفع شعب السودان الصابر في الشمال والجنوب على السواء تكلفة أهواء الساسة من الجانبين ودعونا نأمل ألا يحدث ذلك والله المستعان.
ثانيا:-من الممكن أن يؤدي فصل الجنوب إلي تمكن التوجه الأيدولوجي الأحادي العروبي الأسلاموي المضاد للتنوع الثقافي وللتعدد الأثني مما يقود إلي إعادة إنتاج سيناريو التشظي والأنشطارالأميبي لما تبقي من السودان الشمالي وجبال النوبة النيل الأزرق ودارفوروشرق السودان مشاريع جاهزه لتطبيق ذلك النموزج.
ثالثا:- يمكن لدولة الجنوب حديثة التكوين أن تفشل في مواجهة متطلبات الدولة من تنمية وعدالة ومحاربة للفساد وإدارة للتنوع الثقافي الأجتماعي مما يوقعها في ممارسة القمع والتسلط أمام ألآخرالمعارض المختلف في الرأي والفكر والتوجه مما يجر الدولة الوليدة إلي دوامة من العنف والعنف المضاد وقد بدأت بوادر ذلك مع جورج أطور قلواك قاي وقبريال تانج .وبكل تأكيد لا يمكن لدولة الشمال أن تكون بمنأى عن صادر أزمات الجنوب.
رابعا:- إنفصال الجنوب و تراجع عائدات النفط وظلال الأزمة الأقتصادية العالمية وضعف هباكل الأنتاج المحلي من الممكن أن يؤدي إلي شح السلع وإرتفاع أسعارها وتراجع الخدمات وتدني مستوياتها مع حالة الفقر التي يعيشها معظم قطاعات الشعب السوداني إضف إلي كل ذلك ما يعانيه الشباب من البطالة السافرة والمقنعة مما يؤدي إلي زيادة وتيرة المعارضة الشعبية لنظام الأنقاذ وإنتقال تسونامي الغضب الشعبي الذي أجتاح الشوارع التونسية والمصرية إلي الشارع السوداني مع بعضالأختلاف إذ من المتوقع أن يؤدي ضعف المعارضة وإنعدام ثقة الشعب السوداني فيها إلي أن تتحول تلك التظاهرات إذا حدثت إلي نوع من الفوضى لأنعدام القيادة والتوجيه .
هذا فقط غيض من فيض ألآثار التي يمكن أن تنتج من إنفصال الجنوب ومضاعفاته ونسأل الله السلامة .
عمرعبدالرحمن عبدالله البشاري/الخرطوم26/يناير/2011
e-mail:[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة