هل سيكون السودان قوة إقليمية ضاربة يوماً ما؟
دعونا نحلم بذلك قبل أن تدركنا المنية، فالسودان بلد شاسع المساحات في جميع أقاليمه الممتدة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، فيه كل مقومات الدولة الإقليمية التي نحلم بها، على رغم إشكالاته ومشكلاته الكثيرة التي يعانيها من بعض أفراد شعبه، الساعين واللاهثين وراء "السلطة والجاه"، كل بحسب مقدرته على فن التلاعب السياسي، واللعب بـ "البيضة والحجر"، للوصول إلى سدة "الحكم" أو النيل من بعض الوزارات ذات الثقل والمردود المادي.
وفي ظل التناقضات والنعرات القبلية الموجودة الآن في الساحة السياسية، وعدم التوافق بين الأحزاب والميليشيات الأخرى، يتحفز المتربصون للافتراس أو الانقضاض على "السلطة"، أو على السودان بصفة خاصة، وبأي وسيلة كانت، لذلك تجدهم يبحثون وينقبون عن الثغرات والحجج الواهية وإن لم يجدوها اختلقوها، لتبرير مواقفهم المعروفة أصلاً لدى الشعب السوداني. وما تلك التراشقات والتصريحات المؤتمراتية في الخفاء والعلن التي تحدث في السودان بين صاحبي "السلطة" الشريكين وأفرادهما، أو بعض الموالين أو المنتمين إلى هذا أو ذاك الحزب، أو المتقاعسين الذين يصطادون في الماء العكر، أو الذين لا يهمهم تقدم السودان أصلاً في شيء، إلا وهدفها تحقيق مآرب ومكاسب ذاتية فقط، لتقوية مراكزهم المالية، أو الجهوية التي توارثوها أباً عن جد، ويريدون توريثها إلى أبنائهم.
وإذا لم نتدارك المواقف قبل فوات الأوان، فستقع "كارثة" لا تحمد عقباها، والواقع السياسي وقراءة ما بين السطور يشيران إلى تلك الكارثة المتوقعة، من خلال إفشال اتفاق "السلام" وآلياته، بعد عناء الحرب التي دامت 20 عاماً، أو الاتجاه إلى الانفصال الذي ينادي به بعض المغرضين والحاقدين. والغموض السياسي الذي يكتنف تلك الوقائع المقصودة أو المفتعلة من بعض الرموز السياسية، أو الذين يعملون خلف الكواليس أيضاً، يشير إلى الفاجعة المتوقعة التي لا يعلم تبعاتها إلا الله سبحانه وتعالى... فهل من مخرج من هذا "الفيلم" المرعب الذي يقلق مضاجعنا؟ وهل يتدارك أهل السودان كل ما يحاك بهم في الخفاء وخلف الكواليس من "سيناريوهات" محلية وخارجية من خلال توحيد الجبهة الداخلية وإعادة تنظيمها للمضي قدماً نحو تلك الآفاق؟ أم سيظلون في غفلة من ذلك حتى تأتي الطامة الكبرى، بينما "الصفوة" من الوزراء والموالين والمحسوبين في زمرة "السلطة" يحتسون القهوة ويأكلون وينامون في أكبر وأفخم "الفنادق" في السودان، وعلى حساب أهل السودان البسطاء المسحوقين الذين يكتوون ويصطلون بنيران "الغلاء" الفاحش والسعي من أجل توفير سبل المعيشة لهم ولأسرهم!
كيف يتقدم السودان في ظل هذه التخبطات السياسية؟ وما مقومات التقدم التي يجب توفير أدواتها وآلياتها لكي نسير في الطريق القويم في بناء الأمة الإسلامية السودانية؟ وكيف نبني السودان الواحد الموحد ونتفق حول تلك الأهداف التي ترسخ القيم والمبادئ وفن التعامل الديموقراطي في شتى مجالات الحياة؟ كيف يتم ذلك، ونحن ما زلنا "نلف" وندور في حلقة مفرغة... ونؤدي خطوات "تنظيم" - كما يقول المصطلح "العسكري"- في مكان واحد منذ 50 عاماً في اعقاب استقلالنا من الاستعمار. حتى الآن لم نتحرك "قيد أنملة" في كل الاتجاهات الحزبية والسياسية بصفة خاصة والاقتصادية بصفة عامة... أين المشاريع السودانية والإقليمية؟
السودان سلة غذاء العالم المرتقب، أين هذا الحلم الوردي الذي نحلم به منذ أجيال؟ وهل سننتظر 50 عاماً أخرى لتحقيق هذه الأمنية، ولكي نرى السودان الجديد صاحب القوة الإقليمية المرتقبة؟ دلونا على الطريق يا أهل العلم والمعرفة وأصحاب السياسة غير المجدية... اتركوا كل شيء تتناحرون عليه وتسعون إليه، وأوجدوا الحلول السريعة الناجعة لاحتواء الأزمات السياسية، والتفتوا إلى السودان، سودان الغد المشرق قبل أن نصحوا على أصوات الإنذارات، وقبل أن يحل ذلك، فوتوا الفرصة عليهم، برفع راية الوحدة لتحقيق آمال الأمة السودانية، وسودان القوة الإقليمية المرتقب.
جعفر حسن حمودة – صحفي - الرياض
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة