بسم الله الرحمن الرحيم
مصانع الأسمنت الجديدة والتوزيع الجغرافى المنحاز
(منعت نشره فى الصحف الرقابة الامنية )
بقلم محمد بشير عبدالله
[email protected]
من ابجديات الاقتصاد "المخطط" كاقتصاد السودان ، والذى لا يحكمه قوى
|
محمد بشير عبدالله |
السوق (العرض والطلب) ، - وحتى فى ظل الحكومات الغير الديمقراطية كحالة نظام الانقاذ الحالى - المفترض وجود مجلس (مستقل) للتخطيط الاقتصادى مهمته إجراء دراسات الجدوى الاقتصادية على المستوى الكلى (ON MACRO LEVEL ) للبلاد لتحديد مواقع للصناعات الإستراتيجية فى البلاد – مثل مصانع الأسمنت والسكر والصناعات الاخرى - بما يضمن عدالة توزيع هذه الصناعات مناطقيا ، خاصةً فى بلد قارى كالسودان والذى تشكو "هوامشه " على الدوام من ظلامات تاريخية من "المركز" أدت إلى درجة حمل السلاح ضد هذا المركز المهيمن الذى يتحكم فى كل شئ إبتداء" من القرار السياسى والإقتصادى والموارد الاقتصادية ولا يعدل فى اى شئ وبل يركز كل السلطة والثروة فى المركز (الخرطوم) والإقليم الشمالى ، والاسوأ ان المركز لا يأخذ اى عبرة من هذه الإحتجاجات والثورات والضغوط التى تُمارس عليه من قوى الهامش نتيجة
لهذا الاهمال المستمر ، وبل أدى هذا الإهمال والإضطهاد والحرب الى إنفصال جزءٍ عزيزٍ من مساحة البلاد (جنوب السودان) وربما قد تعم عدوى الإنفصال بقية أقاليم السودان اذا لم يرع المركز ويقلع عن سياساته فى محاباة بعض الأقاليم إقتصاديا على حساب أقاليم اخرى مهمشة وغالبة العدد .
لتوضيح آخر الامثلة الصارخة على هيمنة المركز وإهماله الهوامش ومحاباة الاقليم الشمالى نورد فيما يلى ما اوردته النشرة الاقتصادية اليومية (الرؤية)، العدد رقم (7) بتاريخ 23 يناير 2011 م (.......رئيس الجمهورية بصدد افتتاح عدد من مصانع الاسمنت فى ولاية نهر النيل ومنها : مصانع اسمنت عطبرة – خط الانتاج الرابع ، مصنع الشمال للاسمنت بالدامر ومصنع التكامل (غرب بربر)، وذلك للفترة من 25 الى 26 من يناير الجارى واعلن بذلك والى ولاية نهر النيل ان التكلفة الكلية لهذه المصانع تبلغ مليار دولار ، وقال الوالى ان التمويل عبارة عن رؤوس اموال عربية واجنبية ووطنية واضاف ان المصانع تعمل على توطنين صناعة الاسمنت وتحقيق الاكتفاء الذاتى واتاحة فائض التصدير .
الخبر اعلاه يوضح الحقائق التالية :
1\ المصانع الثلاثة المذكورة تتمركز فى مدن عطبرة ، الدامر وبربر ومن السهولة لأى سودانى قياس المسافات الفاصلة بين هذه المدن علاوة على وجودها الجغرافى .
2\ المصانع المذكورة هى ليست مشاريع فى طور الدراسات ولكنها مشاريع تم انشاؤها بالفعل بتمويل بلغ مليار دولار ، وزيارة رئيس الجمهورية للاقليم فقط لإفتتاحها حتى تزاول إنتاجها التجارى .
3\ هذه المصانع أُنشأت لخدمة إقليم واحد (نهر النيل والشمالية ) يقل سكانه عن مليونى شخص ، وأنها ستعمل على إستيعاب الآلاف من العمالة المحلية( اليدوية وربما الفنية ) من هذا الاقليم ، وهذا امر طيب بالتأكيد من حيث مبدأ حل جزء من مشكلة العطالة فى هذه البلاد المنكوبة .
4\ تمويل انشاء هذه المصانع جاء من مصادر مختلفة (عربية واجنبية ووطنية ) وهو تمويل موجه بالتأكيد من المركز لمشاريع تم تحديد مواقعها ودراستها مسبقا من قبل السلطات المعنية بالحكومة المركزية .
اذا تم استطلاع رجل الشارع العادى (the average man with minimum economic mentality ) وطُلب منه اقتراح مواقع لإنشاء مصنعين جديدين فى السودان (اذا تم استبعاد حالة عطبرة بإعتبارها خط انتاج اضافى للمصنع القائم اصلا) ، ومع الأخذ فى الإعتبار أن هنالك مصنعين قائمين للأسمنت فى السودان أحدهما فى ربك (وسط البلاد) والآخر فى عطبرة (شمال شرق البلاد) فإنه ربما يقترح(رجل الشارع) مصنعاً فى الجنينة فى الغرب الأقصى وآخر فى القضارف فى جنوب شرقى السودان وذلك مراعاة للتوزيع الجغرافى العادل للمصانع ولتنويع تشغيل العمالة السودانية فى أقاليمها المختلفة ، وخاصة وان المواد الخام لهذه الصناعة متوفرة فى طول البلاد وعرضها . كما أن مصنعاً فى الجنينة مثلاً سوف يحل مشكلة غلاء الأسمنت فى غرب البلاد والناتج أساساً من التكلفة العالية للنقل من وسط البلاد وشماله هذا من جانب ، ومن الجانب الآخر انه وفى حالة فائض الإنتاج فى مصنع (الجنينة) هنالك أسواق واعدة فى دول الجوار القريبة مثل تشاد وافريقيا الوسطى .الأكثر من ذلك انه لا توجد حكمة او جدوى إقتصادية (Lack of economic prudence) من تركيز إستثمار بمليار دولار أمريكى لصناعة واحدة (الأسمنت) وفى اقليمٍ واحد فى الوقت الذى كان كل إستحقاق اتفاق سلام دار فور (اتفاق ابوجا) - والذى كان عدم سداده أحد أسباب إنهيار هذا الإتفاق – فقط (700) مليون دولار ، وكان بإمكان الحكومة المركزية إستقطاب هذا المبلغ من قروض من الخارج لصالح تنفيذ مشاريع فى دار فور وليس بالضرورة توفير المبلغ من الموارد الداخلية وبشكل عاجل ، وتكون بذلك قد أوفت الحكومة بإتفاقها الموقع مع حركة تحرير السودان ، والدراسات الخاصة بالمشاريع المراد تمويلها فى دار فور جاهزة طرف صندوق دار فور للإعمار والتنمية ولكن غياب الإرادة السياسية من طرف الحكومة هى وحدها السبب فى عدم تنفيذ الاتفاق ليس فى جانبه المالى فقط ولكن فى بقية بنود الإتفاق الأمر الذى عاد بطرفى الإتفاق إلى مربع الحرب حسب إعلان حكومة المؤتمر الوطنى ، وهو أمر يدعو للأسف .
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة