تأملات
إشادات.. إشادات
كمال الهِدي
[email protected]
· " أشاد.. أثنى على.. امتدح.. انبهر.. عبر عن دهشته.." عبارات صارت تطرب بعضنا وتنشرح لها أفئدتهم، سيما المسئولين.
· يعبر رئيس الاتحاد الأفريقي عيسى حياتو عن إعجابه بأحد ملاعبنا فيهلل البعض فرحاً.
· يقول قرن شطة أن حفل الافتتاح كان جميلاً فتنفرج أسارير البعض وكأن دولتنا حديثة تكوين حتى تثلج صدورنا إشادات الآخرين حول أمور يفترض أن نحسن صناعتها بأفضل مما نراه حالياً.
· أمر مخجل حقيقة أن نفرح إلى هذه الدرجة بإشادات لا يعدو معظمها أن يكون شكلاً من أشكال المجاملة لا أكثر.
· فمن غير المنطقي أن نصف حفلاً ينعدم فيه الصوت بالبهجة والروعة!
· ومن المعيب جداً أن نتداول هذه الإشادات فيما بيننا ويفرح بها المسئولون بهذا الشكل المثير للعجب.
· نفرح ونهلل عندما نسمع إشادة بأحد ملاعبنا، لكننا نتجاهل فضيحة أرضية ملعب ود مدني رغم أن دولتنا سعت لتنظيم البطولة وكانت تعلم بموعدها منذ زمن طويل ولم تفاجأ به حتى يتحدث بعضنا عن إصلاح الملعب بعد بدء البطولة.
· " إستاد المريخ رائع جميل.. وإستاد الخرطوم لبس حلة زاهية وإستاد بورتسودان صار أكثر روعة" .. هذه حقائق لا جدال حولها لكنه الوضع الطبيعي الذي كان من المفترض أن تكون عليه ملاعبنا منذ عقود طويلة وليس الآن فقط.
· فالسودان من مؤسسي الاتحاد الأفريقي وليس حديث عهد بكرة القدم.
· والسودانيون مهووسون بكرة القدم ويقتطعون من قوت يومهم لمتابعة مبارياتها في هذه الملاعب ولذلك بدلاً من الإطراء المفرط كان يجب أن نسأل أنفسنا لماذا نأتي متأخرين دائماً!
· بالأمس قال الأخ مزمل أبو القاسم أن جمال الوالي قد كلف الشركة المشرفة على إستاد المريخ بالسفر إلى مدني لإصلاح أرضيته الفضيحة.
· ولنا أن نتساءل هل تعاني دولتنا من الفقر لهذه الدرجة التي تجعلها تنتظر جهود الأفراد حتى وإن كانوا جزءً من نظامها لترميم ملعب يستضيف بعض مباريات البطولة!
· وطالما أن جمالاً يفعل ذلك حباً في مسقط رأسه جزيرة الخير فلماذا لم يتقدم الصفوف قبل أن يحل الضيوف بيننا ويفتضح أمرنا بهذا الشكل المخجل؟!
· حتى في المبادرات الفردية نحن متأخرون!
· على كل إن كان جمال الوالي يفعل ذلك من جيبه الخاص فلابد أن يشكر علي مثل هذه الجهود والمبادرات.
· حتى كبار الصحفيين السياسيين في بلدنا يسعد الواحد منهم بملء عموده بكلمات المديح والثناء للمسئولين، رغم أن شعبنا يعاني من انعدام الكثير جداً من الخدمات الأساسية.
· فقد قرأت لقريب السيد رئيس الجمهورية مقالاً مخجلاً تدفق بعبارات الثناء بسعادة المشير حتى فاض.
· أولاً وقبل كل شيء لابد من تذكير الكاتب المعني بأن أدب وقيم السودانيين تمنع الواحد منا من أن يكيل المديح والثناء لأحد أقربائه بهذا الشكل.
· فالشهادة هنا تكون مجروحة كما نقول.
· وثانياً لابد من تذكير الكاتب المقصود بأن الإفراط في الثناء والإطراء يوقع صاحبه في أخطاء وتناقضات لا حصر لها.
· وكمثال على ذلك فقد أسهب هذا الكاتب في الحديث عن تجهيزات الشرطة السودانية والاهتمام الذي تجده من رئيس الجمهورية وقال أن الخرطوم صارت واحدة من أكثر العواصم أمناً.
· لا خلاف حول السيارات والأجهزة الحديثة التي زودت بها الشرطة السودانية في السنوات الأخيرة، فهذه حقيقة لا ينكرها إلا مكابر.
· إلا أن كل ذلك لم يجعل الخرطوم واحدة من أكثر عواصم العالم أمناً.
· بل على العكس فقد تعددت أشكال الجريمة وانتشر السلاح وصرنا نسمع بأنماط جرائم لم يتعود عليها أهل السودان في السابق.
· وللتدليل أكثر على فكرة أن الإفراط في الإطراء يوقع صاحبه في التناقض فقد ذكر الكاتب أن الرئيس أكد أن الشرطة سوف تنتشر في دارفور قريباً لتحمي أمن المواطن والنازحين واللاجئين وهي خطوة متأخرة للغاية فحكومة الإنقاذ تحكم منذ 22 سنة ولم تأت بالأمس يا أخي الكريم.
· قال الكاتب أيضاً أن الرئيس فاجأ رجال الشرطة بحديث المتخصص في الاقتصاد حيث تناول الأزمة العالمية وظلالها على السودان.. وهذه لا تحتاج لمتخصص في الاقتصاد رغم اتفاقي مع الكاتب في أن السيد الرئيس رجل فاهم ومثقف وواع، إلا أن العبارة أعلاه لا تعد في نظري دليلاً على ذلك.
· و يبقى السؤال إلى أي درجة أفاد السيد الرئيس وطنه بهذا الوعي والفهم والثقافة!
· أضاف الكاتب أن لغة الأرقام التي تحدث بها الرئيس كانت مثار دهشة الحاضرين، حيث أكد أن الحكومة تدفع مقابل كل جالون بنزين يشتريه المواطن من محطة البنزين مبلغ ( 2 ) جنيه.. وفي رأيي أن من تذهلهم مثل هذه المعلومة البسيطة يفترض أن يراجعوا قدراتهم الذهنية.
· واستطرد الكاتب قائلاً أن الرئيس كشف أن معظم ديزل الزراعة المخصص ذهب إلى السوق حيث تم بيعه لأصحاب اللواري وبعضه يهرب خارج السودان وهذا ما حدث للسكر أيضاً.. وهذا يمثل قمة التناقض في حديث الكاتب.
· إذ كيف يتم تهريب المواد الهامة بهذا الشكل وفي نفس الوقت يحدثنا الكاتب عن الكفاءة العالية للشرطة السودانية.
· قال الكاتب أيضاً أن الرئيس أعلن عن خطة لمحاربة التهرب الضريبي عبر حملة ستبدأ قريباً.. أيعقل يا أخي الكريم أن تبدأ حكومة بعد 22 سنة من الحكم حملاتها لمحاربة المتهربين من الضرائب؟!
· أردت فقط أن أنبه إلى حقيقة أن الموازين في السودان اختلت كثيراً وأن المعايير لم كما السابق، حيث لم يكن الواحد منا يجرؤ بالمجاهرة بحديث شكر أو إطراء لأخ أو قريب أو حتى صديق حتى لو كان الأمر يتطلب شكراً حقيقة.
· بدلاً من تخدير أنفسنا بمثل هذه الإشادات يفترض أن ننبه بعضنا لجوانب القصور حتى نتمكن من عمل ما نقنع به أنفسنا قبل الآخرين مستقبلاً.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة