دور الطغاة في صناعة الثورات
هناك تعريفين أثنين في القاموس اللغوي لمصطلح الطاغية، التعريف الأول: يصف الطاغية بانه الشخص الذي يمارس السلطة بحقد و قسوة شديدين. أما التعريف الآخر: فهو الشخص الذي يحكم بدون ضوابط أو قيد زمني. بناء علي ذلك نجد دوماً في العالم المتقدم الحاكمين و المحكومين علي حد السواء لديهم قناعة راسخة، بأن تحدد مدة الحكم. حيث ان في ذلك التقييد رحمة للمحكومين و محمدة للحاكمين: رحمة للمحكومين، لأنهم يرون ان بقاء الحاكمين في كرسي السلطة لأمد طويل، يهيئي لبيئة غير صالحة للعمل الديمقراطي اذ أنه يؤسس للدكتاتورية، يخلق مستنقعات للفساد و المفسدين و و كذلك المحسوبية، و الأخطر من ذلك يتحول هؤلاء الحاكمين إلي أناس مستبدون ليس فقط علي العامة من الناس، بل علي أحزابهم و مناصريهم.
عليه، الشخص المستبد عندهم، يلعب دوراً أساسياً في تعطيل كل عوامل العطاء و الترقية في مجتمعاتهم و أوطانهم‘ هذا ما أكده الكواكبي إذ قال: إن الإستبداد يحول ميل المة الطبيعي، من طلب الترقي، إلي طلب التسفل، بحيث أنها إذا دفعت نحو الرفعة لأبت و تألمت كما يتألم الأجهر من النور. أما كون التقييد محمدة للحاكمين، فإن هؤلاء الحاكمين يدركون جيداً بأن الإستمرارية الطويلة في الحكم يفقدهم و أحزابهم أكثر مما يكسبون. و ذلك لأن الثمة الغالبة عند العالم المتقدم هو المواكبة و لكي يحدث التواكب لا بد من الفكر الحديث و الحداثة الفكرية لا تتم إلا بالتجديد ، و التجديد لا يتم إلا بضخ دماء حارة جديدة. أذن هذه معادلة إن لم تضع في الحسبان، عاقبتها حتمية عندهم مقولة الرئيس الأمريكي السابق روسفيليد:
It is a terrible thing, to look over your shoulder, when you are trying to lead, and you find no one there.
بناء علي ما تقدم، و الشواهد كثيرة، نجد أن أوطان و أمم قد تمزقت أوصالها بما كسبت أيدي الحاكمين الطغاة، فكثير من الشعوب سألوا حاكميهم أسئلة مشروعة و الأجوبة عنها مشروعة كذلك، فبدلاً من أن يجيبوا سائليهم عما سألوا... قالوا للسائلين... ألم تعلموا أم نسيتم ما قد علمناه لكم عندما كنتم صغارا في العمر و في السياسة ... ألم تعلموا بأننا قلنا لكم...لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم... فقال السائلون ...ما هي هذه الأشياء... قال الحاكمون... ها..ها..أما تعرفونها... قال المحكومون...إنكم لم تمنحونا الفرصة لنطرح لكم أسئلتنا...قال الحاكمون...إنكم لم تطرقوا أبوابنا إلا سألتم عن شيئين اثنين هما الحكم و المال: فالحكم هذا مِلكية لا ينازعنا فيها أحد، و لا نفوضها لأحد، و عن كيف نمارسها أو نسلمها لا يسألنا عنها أحد... و أما المال فهذه طبعاً لا نسلمها لأحد، و لا نقسمها مع أحد... و لا يعلم مصادرها غير الضريبة أحد ، و لا يعلم اوجه صرفها أحد، نضعها في أيادي امينة و لا يعرف هذه الأيادي الأمينة إلا نحن و زوجاتنا و شيئ آخر لا نعتبرها تعدي علي السيادة الوطنية ... هي البنوك الأجنبية لأنكم تعرفونها انتم بأنها خارجة عن السيادة الوطنية...فقال المحكومون أنتظروا إذن ... فثاروا بغضبة واحدة...ليس فقط لأجل الحكم و المال، بل طال الغضب ازالة اي أثر للحاكمين و تنظيماتهم... فزع الحاكمين و خرجوا من قصورهم العاجية كلٍ برسالته الوردية الندية... منهم من قالوا لقد تمت مغالطتنا... منهم من قالوا مطالبكم مشروعة... منهم من قالوا لا لتصفير العداد... منهم من رفع الحصانة عن أُولي القربي المفسدين... منهم من قذف بمن كانوا تحت التراب فوق التراب...منهم من طالبوا بالتغيير قبل الهبوب(الريح)... و منهم من بدأوا بالتغيير .... و أخيراً كلهم أنتهوا بقولهم فهمنا ما سبق أن قلتم لنا... فشكاواكم كلها مستجابة في العلن...
تيراب أحمد تيراب
الدوحة- قطر
06.02.2011
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة