أليس فيكم رجل رشيد ... !؟
طارق عثمان
السودانى
[email protected]
"سنخرج للشارع لاسقاط الحكومة وابعاد المؤتمر الوطني عن سدة الحكم والسلطة"... "الحكومة لا تخشي شيئا وتريد ان تجري حوارا وطنيا شاملا مع كافة القوي السياسية لاستقبال مستجدات مرحلة مابعد خروج الجنوب من الوطن الام"... هذا مضمون ما ظلت تردده المعارضة والحكومة طيلة الفترة الماضية، فلا خرجت المعارضة للشارع واسقطت النظام ولا بدأت الحكومة حوارا شاملا لجمع الصف الوطني، فكلاهما متردد في دعواه، وما بين هذا التردد يعيش المواطن متوجسا من الخروج للشارع ومترقبا لما وعدت به الحكومة من اصلاحات.
فالمتتبع لخطوات المعارضة طيلة الفترة ومنذ توقيع اتفاقية نيفاشا التي غُيبت عنها تماما ومنذ تحديد سقفا زمنيا معينا في الدستور الانتقالي لقيام انتخابات عامة علي كافة المستويات فحديث المعارضة لم يتغير وهدفها لم يتغير بالمتغيرات التي فرضتها الاتفاقية حيث ظل هدفها ومحور حديثها اسقاط النظام القائم دون مجرد التفكير في لملمة شتاتها ورتق نسيجها الذي اهتري بفعل الظروف والمصالح والتضييق الحكومي عليها المتعمد وغير المتعمد بل ظلت تعلق نفسها بشئ تعلم علم اليقين انه لن يتحقق في ظل ما هي عليه من تشرزم ما لم ترتب اوضاعها سياسيا وجماهيريا، بل واجتماعيا بعد ان اختلطت الخلافات بين السياسية والشخصية حتي اصبحت تقول قولها هذا وهو مصدرا للاستهزاء من قبل سامعيه حتي اذا تحدثت مع اي من المواطنين العاديين الا قال لك " ديل ما بعملوا حاجة" وبات عدم فعل الشئ متلازمة مع حديث المعارضة.
نعم الانقاذ مارست ضغوطا علي الاحزاب المناوئية لها وعملت بشكل مباشر وغير مباشر علي تفكيك الاقوي منها الا ان ذلك لا يمنعها من ممارسة ما عليها من واجبات تجاه قواعدها وتجاه الشعب الذي ملأه الاحباط من افعالها وخلافتها حول الصغائر وترك الوطن ليكون ضيعة لفئة قليلة تتسلط فيه كيفما تشاء دون وازع او رقيب، فالمعلوم ان استقامة الحكومات بقوة المعارضة، ولكن المؤسف ان ما تسمي نفسها بالمعارضة لا يخرج الكثير من قادتها عن كونهم تجار يمتهنون السياسة كـ(اكل عيش)، حتي اصبحت مصطلحات "بيع القضية وقبض الشنط" السمة الغالبة في علاقة الحكومة والمعارضة، اتت الانتخابات العامة التي اعلن عنها الدستور الانتقالي قبل خمسة سنوات فازدحمت قوي الاحزاب في دار مسجل الاحزاب كازدحام السودانيين علي "الترزي" يوم الوقفة، دون ان تضع اي اعتبار لقواعدها التي انقطعت منها لسنوات طوال وكانت لديها فرصة الالتقاء بها وتجديد ما بلي من تفكيرها وكاد ان يتمزق، ازدحمت الاحزاب وعندما لم تجد مناص من موعد الانتخابات والدخول في الزمن الحاسم حتي تملصت وخيبت ظن من ينتظر التغيير من المواطنين، فالمعارضة هذه الايام تدعو للخروج للشارع لاسقاط الحكومة وهي لا تدري بان الشارع ليس هو الشارع الذي تتصوره في مخيلتها حيث تغيرت ملامحه بل وتغيرت نظرته للاشياء تماما ولا اقول قد فقد الثقة بها باعتبار ان الكثير من الناس لا يزال يملأه العشم بعودة المعارضة بعد غياب، فالحكومة لا يمكن ان تسقط بكثرة المؤتمرات الصحفية التي ملها الصحفيين لانعدام الجديد فيها، ولا بالاجتماعات التي تضج بالخلافات وانما بالنظرة الموضوعية للقضية السودانية والتحديات الوطنية الكبري دون ادخال الاجندة الحزبية الضيقة، وقبل ذلك بالاصلاح الداخلي وايجاد العلاج للامراض المستوطنة داخل "حيشان" الاحزاب المعارضة كل علي حدا فلا يمكن لمريض ان يصارع من هو اقوي منه مالم يجري الفحوصات الطبية الكاملة حتي يشخص ما به من علة ويتناول العلاج اللازم لها، اما الحكومة التي ظلت تنادي بالحوار الوطني منذ فترة ليست بالقصيرة وتتحدث عن الوفاق والتوافق من جانب وتتحدث عن قوة ضراعها من جانب اخر فكأن البلاد حلبة للمصارعة وميدان للمعارك التي تكون العضلات فيها هي المنتصرة، فهي تتحدث عن الحوار وترفض التفاوض مع (س) من الاحزاب وتستهزي بمن هو يرغب في الحوار الحقيقي معها، فمنطق القوة وعدم اللامبالاة الذي تنتهجه الحكومة والعنف اللفظي الذي يمارسه بعض قادتها مثل " الحشاش الاملاء شبكتو" وغيرها لا يمكن ان يصب في خانة التراضي الوطني الذي تحتاجه البلاد في اخطر مراحل تاريخها، فترديد الحكومة لمثل تلك العبارات يهزم فكرة اي حوار يمكن ان يدار في هذه الفترة من تاريخ البلاد بعد ان فقدت الجنوب الذي يمثل ثلثها، وازمة دارفور التي تزداد اشتعالا يوما بعد يوم ، فلا المعارضة بمقدورها ان تسقط النظام بشكلها الحالي لا نها لا تمثل البديل لهذه المرحلة ولا الحكومة يمكن ان تخرج البلاد بسياسة الضراع هذه الي بر الامان...
المعارضة تتحدث عن تحريك الشارع .. والحكومة تتحدث عن جديتها في الحوار ولكلاهما نقول المثل الشعبي " السواي ما حداث" لان كليهما يتحدث اكثر مما يعمل والمواطن يسمع للاثنين معا ويكون مقتنعا تماما بان كل ما يقال لا يخرج عن كونه استهلاكا سياسيا وفقد الامل في مردوده علي الواقع...يسمع المواطن للحكومة خلو الموازنة من الزيادات ويفاجأ بارتفاع سعر اهم سلعتين في حياته وهو كان علي قناعة بان ذلك سوف يحدث..!! يسمع المواطن بان المعارضة سوف تخرج علي الحكومة يوم كذا لطردها عن السلطة لانها زادت الاسعار وضيقت علي المواطن، فيفاجأ بان من يتحدث عن الخروج جالسا مع الحكومة الذي ينوي طردها .. فسماع المواطن لهبة المعارضة وسماعه لغرور الحكومة وصبره علي الاثنين لا يمكن ان يكون الي مالا نهاية فلكل شئ حد فسوف ياتي اليوم الذي لا يسمع فيه الشعب لهما معا بل سيتحدث هو وستكون المعارضة والحكومة هم من يسمعون.. فقبل ان يتحدث الشعب ويقول ما يجيش بخواطره الفرصة ما زالت سانحة وشمس التغيير لم تشرق من مغربها بعد وما زال الشعب ينتظر ان ياتي رجل من اقصي المدينة لينصح الخارجين للاطاحة بالنظام ان رتبوا انفسكم فيما بينكم .. ويقول للحكومة ينزع الملك من من يشاء ...!!
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة