المواجهة الدموية... صورة مقلوبة أم ماذا؟!
لم تتضح ملامح تلك "الصورة" التي أخذتها في وقت سابق للسودان ورسخت في ذهني... على رغم أن "الكاميرا" التي أخذت بها تلك "الصورة" أو اللقطة كانت من أحدث الكاميرات التي عرضت في سوق المنتجات اليابانية وهي ذات أبعاد رباعية... وعلى رغم ذلك عندما تم أخذ الصورة و"تحميضها" في أحدث الأماكن الأوتوماتيكية مع الأسف "ظهرت" الصورة باهتة وداكنة جداً ومائلة لـ "السواد" في كل ملامحها وجوانبها التي أخذت منها تلك "الصورة" على الرغم من حداثتها.
حاولت أنظر إلى "المشهد" أولاً بنظرة فاحصة بـ "نظارة" ومن غير نظارة لألتقط هذه المرة "صورة" أحدث وأوضح لسودان الغد المشرق... في أيام النفط وما بعد النفط، وقبل الانفصال وبعد الانفصال، ماذا يكون أو سيكون؟! أسئلة كثيرة تجول في خاطري حتى أرقتني وأرهقتني ذهنياً، واختلط عندي الحابل بالنابل... وأعدت الكرة مرة أخرى بتجرد ونكران ذات، والتخلص من كل تلك الشوائب التي تفوح رائحتها وتزكم الأنوف من قسمة تلك "الكيكة" النفطية، ومن انشطار الوطن، التي يريدون اقتسامها كلٌ على حسب هواه ومقدرته... بصرف النظر عن أشياء أخرى كثيرة لم يراع فيها حتى الحق "المكفول" لهم عند الاقتسام. والمشهد جد حزين ومؤلم للغاية... وينذر بشرر لا يحمد عقباه.
لا أريد أن أقول إن نظرتي "مأساوية" أو تشاؤمية لذلك "المشهد" المقبل في القريب العاجل، ولكن هنالك مثل يقال: "الخطاب يكفيك منه عنوانه" فالعنوان البارز لذاك الخطاب وتلك التصريحات السياسية من المتسلقين تدل على ذلك وإلى أبعد من ذلك... ليس لأني ضد "السلام" أو الوحدة الوطنية، أو تقدم السودان في المحافل الدولية... ولكن طالما هنالك "هبات" ومساعدات نقدية تأتي إلى جهة ما بعينها وتصب في غير المصب الرئيسي لها، غير ذلك لتعم الفائدة كل بقاع السودان... لأن الجنوب ليس وحده الذي أهمل فهنالك ولايات أخرى كثيرة أيضاً تعاني أكثر من "التخلف" والفقر ونقص التنمية وتحتاج إلى كل مقومات الحياة التي انعدمت فيها... ولكن ليس لتأمين وتأهيل "جيش" تحرير السودان طالما أن هنالك اتفاقاً أدى إلى "السلام" في الوقت الراهن، وبدلاً من تأهيل "جيش" من المفترض أن يكون هناك تأهيل تنمية وعمران للبنية التحتية لجميع ولايات السودان قاطبة وليس ولاية بعينها... نحن الآن في أبجديات البدايات لترسيخ مفهوم جديد مبنى على الديموقراطية والسلام، كما تقولون أو كما نسمع عبر القنوات الإعلامية المقروءة والمرئية منها، فماذا يكون الحال غداً بعد الانفصال والانشطار؟! ماذا يخبأ لنا القدر؟
وأيضاً يقولون "الصورة" واضحة كوضوح شمس النهار! لذلك حاولت أن التقط صورة من أمام المنصة النفطية للاستفتاء، أو من أمام تلك المنصة "الدموية" التي تتراءى أمام عيني... ويعمل لها من خلف "الكواليس" سراً وجهراً ويدير هذه الاستهدافات ضد السودان تلك الصنيعة الغربية بأمور لا تمت لوطنية السودان بصلة وكانوا يدعون لـ "الوحدة" في الظاهر، وهم أصلاً مع "الانفصال" والانفصاليين قلباً وقالباً ويتمنون أن يأتي ذلك اليوم قبل غداً... وليس بعد سنوات الفترة الانتقالية التي كانت قد وضعت في شروط "السلام"، وهم يرمون إلى أبعد من ذلك في تصوراتهم المقبلة لـ "السودان".
لذا حاضر السودان و"الصورة" الملتقطة من قريب جداً لتلك "الخريطة" الجديدة، لم ولن تكون حكراً للسودان والسودانيين فقط، لأنها صور "مقلوبة" يجب أن تعدل وألا تمر مرور الكرام... لأن ما يحاك اليوم في الخفاء وبين السطور... مع الذين يريدون أن يطبقوا تلك "القرارات" على السودان بأي شكل كان، هم أنفسهم الذين يغردون ويصفقون لهم الآن ويرمون لهم "الفتات" لتلك الجهة المعينة ليضمنوا تأييدها غداً وليتم لهم الانسلاخ والانفراد بـ "االانفصال"، و"سيبك" يا بلد المليون ميل مربع الله يرحمك ويغفر لك ولـ "الكان" السبب في ذلك... وأصل القصة كلها ليست "نفط" وانشطار فقط. بل هي حكاية النيل ماء الحياة، الذي يجري ويشق السودان من وسط الأحراش والغابات الاستوائية... وتأتي من تانا وفكتورياً، وتصب في البحر الأبيض ونهر "النيل" هو المستهدف... وهي حرب المياه المقبلة لتلك الدولة، و"النفط" هو المدخل والانفصال هي الواجهة.
لذلك نقول إننا عندما نخصص جهة معينة ونترك الجهة الأخرى التي أيضاً تستحق أن تعطى من ذلك "الحق" نكون بذلك قد أشعلنا نيران "الفتنة" القبلية لتكوين عنصري قبلي يؤدي في النهاية إلى نشوب الحرب "الدموية" لتلك المواجهات التي أخذت لها "الصورة" من قرب... وأتمنى أن تكون تلك "الصورة" التي أخذتها أضغاث أحلام لـ "صورة" مقلوبة أخذتها عن قرب للسودان، وأن يدرك السودانيون ما يرمى لهم ويحاك ضدهم من مؤامرات بقرارات وأسماء مختلفة في حق التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للسودان... ويا أهل السودان انتبهوا واصحوا من تلك الأحلام، وشوفوا سودانكم وين يروح. بح، بعد الطامة الكبرى.
جعفر حسن حمودة – صحفي - الرياض
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة