الإعلام الاجتماعي Social media المارد القادم
طه يوسف حسن . جنيف
يبدو ان الإعلام أصبح أكثرجرأة وشجاعة في القرن الحادي و العشرين وصار مصدر قلق لكثير من الحكومات كما هو الحال في رياح ويكيلكس التي تسببت في إنتشارالخوف وسط جنرلات البنتاغون و تسريبات الجزيرة التي أضعفت موقف حاخامات السلطة الفلسطينية و التويتر الذي هز عرش زين العابدين بن علي و الفيس بوك الذي قضى على إمبراطورية حسني مبارك ولنرى ماذا ستفعل شبكة بلوجر Blogger و شبكة ماي سبيس My Space الإجتماعية في الأيام القليلة القادمة.
الإعلام الإجتماعي تربع على عرش صاحبة الجلالة السلطة الرابعة التي تزحزحت إلى الترتيب الثاني بعد سلطة الشعب بحلول القرن الحادي والعشرين ... ثورة (الإعلام الاجتماعي) Social media انطلقت وبدأت تسحب البساط من تحت الإعلام التقليدي الصحافة الورقية و الإذاعة و التلفزيون هذا هو الحدث الأهم في الحياة العامة في هذه الأيام والأيام القادمة.
وللتوضيح فإن مفهوم الإعلام الاجتماعي هو عبارة عن شبكات اجتماعية بها أعضاء من مختلف دول العالم، وتهدف إلى ربطهم والتعارف بينهم حسب التخصص، والمكان، وطبيعة الأهداف الخاصة والاهتمامات.
في بداية الأمر استخدم الشباب شبكات التواصل الإجتماعي للدردشة و الثرثرة و لتفريغ الشحن العاطفية ولكن يبدو أن موجة من النضج سرت في شرايين تلك الشبكات الإجتماعية حيث أصبح الشباب يتبادلون وجهات النظر الثقافية و الأدبية و السياسية و أستقر الأمر مؤخراً على أن أصبحت تلك المواقع الإجتماعية ( هايد بارك) لكثير من الشباب خاصة شباب المنطقة العربية لتبادل أرائهم من أجل المطالبة بتحسين إيقاع الحياة السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية ومن هنا تشكلت حركات الرفض الشبابية التي إنتظمت في تونس مروراً بمصر و اليمن و الأردن والله اعلم أين ستنتهي.
لاحظ ... تخطت تلك الأفكار الرافضة للسياسات بسهولة عبر شبكات التواصل الإجتماعي ( الفيس بوك و التويتر و البلوجر Blogger و ماي سبيس My Space) حدود الوطن العربي رغم أن المواطن العربي يتحرك بصعوبة جداُ داخل تلك الحدود لصعوبة التأشيرة التي تمنحها بعض الدول وترفضها أخرى.
ولعل هذا هو السبب الذي أدى بالشباب إلى استخدام الإنترنت والأدوات الإلكترونية كمصدر أساسي للتواصل وتبادل الأخبار والمعلومات.
السياسيون بدأوا يستخدمون هذه الوسائل للتواصل مع الشباب وبناء علاقة مباشرة معهم وتحسين صورتهم بعد أن إلتمسوا أهمية هذه المواقع . وهكذا أخذ الإعلام الاجتماعي بإعادة تشكيل الأسلوب الذي يتعامل به السياسيون مع شعوبهم.
ولا يختلف شاهدا عدل على أن هذه الشبكات الاجتماعية التي تهدف في الأساس للتعارف إلا أنها توفر بدائل سريعة ومختصرة ومركزة في اهتمام الأشخاص. ولم تعد - لنسبة كبيرة من مستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي - وسائل الإعلام التقليدية المعروفة مثل الصحافة و الإذاعة والتلفزيون محط اهتمام الناس.. وخلال السنوات والعقود القادمة قد تتعرض شعبية هذه الوسائل للتضاءل شيئاً فشيئا .. إضافة إلى أنه في خضم التفاعل الإلكتروني يحدث تأثير أشخاص على أشخاص، وثقافات على ثقافات وشعوب على سياسات مثل ما حدث في تونس و يحدث الآن في مصر.
وعلى الرغم من المشاكل اللا أخلاقية التي قد تتسم بها مثل هذه المواقع أحياناً ، حيث إنها أغلقت في بعض الدول لأسباب سياسية أو اجتماعية مثل الباكستان وتركيا، إلا أنها اصبحت واقعا ملموسا مؤثرا على الحياة العامة والحياة الشخصية و السياسية لمئات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
فقد بدأ العديد من الدبلوماسيين والسياسيين في العالم باستخدام أدوات الإعلام الإجتماعي من أجل تعضيد علاقاتهم مع شعوبهم. مثل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي و حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، وملكة الأردن رانيا العبدالله، ، وغيرهم من الذين يملكون حسابات شخصية على شبكة الفيسبوك والتويتر، الأمر الذي يؤكد مدى تطور الإعلام الاجتماعي. ولا يترك الدبلوماسيون والسياسيون اليوم فرصة سانحة لإستخدام هذه الأدوات لإجراء حوارات ونقاشات مباشرة حول قضايا ومشاكل المجتمع.
أول من استخدم بكثافة هذه الظاهرة الإعلامية الحديثة هو الشعب الفيليبيني في 17 يناير 2001 وبعد ساعتين فقط من قرار البرلمان تبرئة الرئيس جوزيف استرادا من تُهم الفساد، تبادل المواطنون 7 ملايين رسالة الكترونية تدعو كلها إلى النزول إلى الشارع احتجاجاً والحصيلة: مليون متظاهر في مانيلا، وتدحرج رأس استرادا . بعد هذا الحدث الفيلبيني النادر والمفاجئ، توالت “الأحداث الإلكترونية” التي تصب في خانة الديموقراطية المباشرة . في إسبانيا عام 2004 خرجت تظاهرات تم تنظيمها عبر الرسائل الإلكترونية تطالب بإسقاط رئيس الوزراء جوزيه ماريا انزار . حكومة الحزب الشيوعي في مولدافيا سقطت قي عام 2009 على أيدي شبان نظّموا أنفسهم عبر الفيس بوك ، والتويتر ، ورفعوا شعارات تندد بتزوير الانتخابات.
الكنيسة الكاثوليكية تعرضت هي الأخرى للمرة الأولى في تاريخها إلى أوسع تشهير بأخلاقياتها، بعد أن بدأ شبان في كل أنحاء العالم ينشرون صوراً ووقائع عن اعتداءات جنسية ارتكبها قساوسة بحق أطفال ونساء . ولم يسلم بابا الفاتيكان من التراشقات اللإلكترونية التي أصابت الكنيسة الكاثوليكية.
بالطبع، استخدام ثورة الإعلام الاجتماعي لاتعني على الدوام انتصار الشعوب المُنتفضة، كما دلّت على ذلك احتجاجات روسيا البيضاء في 2006 وانتفاضة الحركة الخضراء في إيران في 2009 وانتفاضة القمصان الحمر في تايلاند العام 2010 وغيرها . إذ إن الأمر يتطلب توافر ظروف عدة أهمها: وصول النقمة الشعبية إلى قلوب جميع المواطنين (كما حدث في تونس ويحدث الآن في مصر)، إضافة إلى العنصر الأهم: وهو وقوف الجيش على الحياد خلال اندلاع الثورة، كما حدث في تونس وكما هو الحال في مصر وقبلها في إندونيسيا وتشيلي ، وحتى في حال فشل الانتفاضات والثورات، فقد بات في يد الشعوب سلاح إلكتروني عوّض إلى حد كبير عن تصلّب شرايين الأحزاب السياسية التقليدية وعجزها عن تشكيل قوة ضغط فعّالة على الحكومات لتحقيق الإصلاحات.
تشير أحدث إحصائية عن الشبكات الاجتماعية الأكثر هيمنة في العالم إلى ان أكبر 20 شبكة انترنت اجتماعية يصل عدد مستخدميها إلى اكثر من 700 مليون مستخدم من كافة دول العالم.
ومن الأسواق الأكثر شعبية لشبكات الإعلام الاجتماعي هي الفلبين والمجر وبولندا.. وتعتبر الصين الدولة الأكثر في المدونات الشخصية، حيث تزيد عن 42 مليون مدونة شخصية.. وفي الولايات المتحدة وصلت المدونات فيها إلى أكثر من 26 مليونا.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة