قوش ومصر المؤمنة
زمان مثل هذا
"التيار"
في لقائه بمنسوبي القطاع الصحي بالمؤتمر الوطني، قال الفريق أول صلاح عبد الله (قوش) مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية : أنّ القوى الدولية والإقليمية تعلم علم اليقين، أنَّ الاستقرار مربوطٌ ببقاء المؤتمر الوطني في السلطة، وأنَّ الوطني رقمٌ يجب أن يكون مَوجوداً، وإلاّ (انفرط عقد الأمن في السودان). • على ذات السياق وفي ذات المكان تحدَّث د. عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم، وقال: إنّ المؤتمر الوطني (سيد الساحة)، ونقول للذين يحاولون إشعال الأوضاع (إننا ها هنا)، وأضاف أنّ الذين يحلمون بأنّ ما حدث في تونس ومصر سيحدث في السودان (واهمون). • انتهى الخبر وبدأ التعليق... • لا أعتقد أنّ هناك عاقلاً على وجه هذه الأرض يمكن أن يراهن على عنصر القوة الأمنية من أجل البقاء السياسي، بعد أن شاهد (دروس العصر) المجانية في تونس ومصر. • بل حتى الشيخ الجليل (غفر الله له) عبد الرحيم البرعي لو كان حيّاً لكتب قصيدةً أخرى غير (مصر المؤمنة)، والتي يظنها مؤمنة بأهل الله، ويظنها مبارك مؤمنة بـ (أمن الدولة).. ونظنّها مؤمنة بالله مباشرة، فهو الذي يُطعِمُ من جوعٍ ويُؤمِّنُ من خوف. • ومبارك كان يقولُ للغربيين إنّ ايِّ اضطراب أمني ولو لساعة واحدة في مصر سوف يؤثر على كلّ منطقة الشرق الأوسط • هذا وهمٌ كبير يقعُ فيه الإخوة المصريون. • فها هي مصر ولمدة عشرة أيام بلا حكومة وبلا شرطة... فما الذي حدث في الشرق الأوسط؟؟؟. • كُنّا بنقول في شنو؟؟؟. • نعم... على الرغم من دعوات التغيير والحكومة العريضة، وحكومة القاعدة الواسعة التي انطلقت من بعض قادة المؤتمر الوطني، إلا أنّ هناك قادة آخرين لا يزالون بعيدين عن التاريخ والدين. • فدروس التاريخ التي أمام هؤلاء كفيلة بإفحام أقلّ السياسيين فهماً لطبيعة العلاقة بين الحكام وشعوبهم، فها هو الجنرال حسني مبارك والذي كان يظنُّ ألا أحد يستطيع أن يتنفس الهواء إلا بإذنه. • ها هو الآن محشورٌ في قصره، بعد أن حكم ثلاثين عاماً... ها هو يترجى شعبه لكي يمهلهُ فقط ثمانية أشهر. • أمّا دروس الدين... فهي ما يجب أن يعلمه قادة الإنقاذ بالضرورة، وهم الذين يقولون أنّهم جاءوا بالدين ولأجل الدين. • فمن أبسط قواعد التوحيد أنّ الله هو (المهيمن) وأنّهُ هو (القادر)، ومن ظنّ للحظةٍ أنّه مهيمنٌ بذاته فليراجع إيمانهُ... هذا ما كان على قوش والخضر أن يقولاه للناس وهم يحملون الإسلام شعاراً. كان يجب عليهم أن يقولوا أنّهم لو بقوا في الحكم فبقدرةِ الله، وإن غادروه فبمشيئة الله.. هذا خيرٌ من استعراض القوة... ولكن. • وحينما قال فرعون أنّ الأنهار تجري من تحتهِ... أغرقه الله... وأجرى الأنهار من فوقه. والعظاتُ والعبرُ لمن يقرأ التاريخ ليس لها أول ولا آخر، في شأنّ من ينازع الله في كبريائه... ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار. • لهذا أعتقد أنّ الرهان على القوة الأمنية والعسكرية هو رهانٌ على السهم الأخيب... ورهانٌ على الفرس الأعرج. • لم يبق إذن سوى أن تمضي مسيرة الإصلاح والتغيير، دون أن يقف في وجهها أحدٌ... ودون أن يقف على المنابر من يُهدد الآخرين ويقلل من شأنّهم.