المحكمة الجنائية والحركة الشعبية ودولة حنوب السودان
طه الصاوي
الخرطوم1 فبرير 2011
جاء بصحيفة السوداني –الخميس 27 يناير 2011 أن كلا من السيدين دينق الور وزير التعاون الأقليمي بحكومة الجنوب ود. إدوارد لينو القيادي ومسئول الأستخبارات السابق قد صرحا بايجاب حول انضمام الدولة الوليدة للمحكمة الجنائية الدولية.
قال الأول ""ولم لا.."أي لم لا ننضم اليها"..ليست لدينا مشكلة مع الجنائية"....بينما روي عن الثاني قوله بعد أن اتفق مع الأول " أن دولة الجنوب ستوقع وستصادق على كل المواثيق الدولية بما فيها ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية" وأضاف " ربما سيؤثر أنضمامنا الى المحكمة الجنائية الدولية في علاقاتنا مع المؤتمر الوطني ولكن ليس مع الشمال".
لنا عدة ملاحظات على تصريحات السيدين ألور ولينو ونحن نفترض بالطبع صحة الرواية الصحفية، فآفة الأخبار رواتها:
اولا: استغربت أولا السرعة التي قام بها السيدين الأفادة القاطعة حول الموضوع. فقد كان ظني أن مثل اشتراك الدولة الوليدة في المؤسسات الدولية –شأنه في ذلك شأن الدول الديمقراطية الحقيقية– تحكمه الإجراءات الدستورية المتعلقة بالمؤسسات التي تفوض بالقول في مثل هكذا أمور.
ثانيا: كان من الأوفق أن يجيئ تصريح السيدين الكريمين مسبوقا بجملة مثل "أنه من رأيي". بما يعني أن ما جاء لا يمثل أكثر من رأي للسيدين وأن القول الفصل في نهاية الأمر متروك للأجهزة المعنية في الدولة الوليدة. وكان المرتجى من السيدين الكريمين أن تكون لهما الريادة في إطلاق التصريحات بنهج يليق برجال الدولة وأن يضربا المثل في ذلك لمسئولي الدولة الوليدة.
ثالثا: والأهم من كل ذلك هو نقاش المسوغات الموضوعية لانضمام الدولة الوليدة للمحكمة. ونحن نناقش الأمر هنا من منطلق انتماءنا الأفريقي العام وما سنسوقه من مبررات لعدم الأنضمام لهذه المحكمة ينطبق على كل الدول الأفريقية المنضمة والتي تنوي الإنضمام على حد سواء. فأن أهم ما يقدح في هذه المحكمة هو موقف الولايات المتحدة منها وموقفها هي من الولايات المتحدة.
فالمحكمة وبعد عمل الولايات المتحدة على حماية مواطنيها منها بكل السبل لم تعد محكمة لاقامة العدل في العالم كما كان من المفترض. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل. وبحكم عضويتها في مجلس الأمن الدولي فان ذات الولايات المتحدة تعطي نفسها سلطة تحويل القضايا للمحكمة...فأي عدالة دولية هذه؟؟؟
ليس ذلك فحسب بل تجرأ الولايات المتحدة على الطلب من دول مثل السودان الإلتزام بقرارات المحكمة.. والتساؤل المشروع لمسئولي الحركة الشعبية والتي يرى فيها الكثيرون حركة ثورية للتحرر هو: ألا يجد السادة القادة في مثل هذه المواقف مدعاة للرفض مبدئي للأنضمام لهذه المحكمة..أو على الأقل للتحفظ.
كنت والى حين اطلاعي على تصريح السيدين ألور ولينو أظن أن هذا كان سيكون رأيهما المبدئ حول قضية الأنضمام ...وأن ليس للأمر علاقة بالدولة الجارة..الى الشمال ورئيسها ...وانما هي قضية مبادئ عدالة دولية تتساوى فيها الدول التي ترى أنها تسيطر على العالم بقوتها وجبروتها مع الدولة الوليدة...مساواة تامة...والا فانها لن تكون محكمة وإنما ملهاة....
آمل في نهاية الأمر أن يكون تصريح السيدين كلام جرايد ساكت. كما آمل ألا يعني موقف السيدين الشخصي هذا أن الدولة الوليدة لا ترى القضايا الدولية الا بعين المصلحة الميكافيلية التي لا يحكمها مبدأ أخلاقي..فهما ينظران الى الولايات المتحدة كحليف ينتظران منه الكثير مما يستدعي غض البصر عن مواقفها الأخلاقية المختلة..ومن منطلق ان ليس في السياسة أخلاق...
ونحن بعض من جمهور دولة الشمال الذين أشار اليهم نطمح في أن تكون الدولة الوليدة من عداد الدول التي تقف من القضايا الأقليمية والدولية مواقف مبدئية ولا تكون كالدول التابعة وجمهوريات الموز...نقول هذا ليس من باب الاستعلاء ولكن من باب شعور بالانتماء لمبادئ كانت أساسا من شعارات الدولة الوليدة ..ومنها مبدأ التحرر نفسه ....ونحن من الذين ظل وسيكون موقفنا دائما من شعب الدولة الجديدة منطلقا من موقف التعاضد...والتشارك في الكفاح الإفريقي والتحرر من الهيمنة من أي جهة جاءت هذه الهيمنة...
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة