لا مكان للحركة الشعبية في الشمال بعد الانفصال
حسن عبد الحميد
المتابع لمسيرة الحركة الشعبية منذ أن وطأت أقدامها أرض الشمال ومارست العمل السياسي كشريك في حكم البلاد وانفردت بحكم الجنوب؛ يلاحظ بوضوح أنها تعتمد المعايير المزدوجة في تعاملاتها وتكيل بأكثر من مكيال في تعاطيها مع الأحداث على الساحة السياسية السودانية، فلم نرَ في العالم حزبا سياسيا مشاركا بنصيب وافر في السلطة يقوم باحتضان المعارضة ويشكّل مع الأحزاب المعارضة تحالفا لإسقاط الحكومة مثلما فعلت الحركة الشعبية بتأسيسها لتحالف جوبا أو ما يُسمى بقوى الإجماع الوطني.
ولأن عجائب الحركة الشعبية لا تنقضي بانقضاء الفترة الانتقالية؛ فقد أتحفتنا صحف الخرطوم الأسبوع الماضي بعجائب جديدة؛ فقد جاء في صحيفة (آخر لحظة) يوم الثلاثاء الماضي25 يناير 2011م على الصفحة العاشرة تصريح للدكتور رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب والقيادي بالحركة الشعبية ـ نقلا عن (الشرق الأوسط ) ـ ضمن حوار طويل قوله (ستظل الحركة الشعبية جزءا من التنظيمات السياسية في الشمال)!! وفي نفس الصحيفة على الصفحة الثامنة صرح بول لول وانق وزير الدولة بالعدل والقيادي بالحركة الشعبية في حوار مع الصحيفة بأن (الجنوب دولة علمانية وغير مسموح بقيام حزب إسلامي أو عقائدي)!!
أما تصريح الدكتور رياك مشار بوجود حزب للحركة الشعبية في الشمال بعد الانفصال؛ فدونه خرط القتاد، وستعمل قوى سياسية واجتماعية كثيرة للحيلولة دون إنبات الورم السرطاني المسمى بالحركة الشعبية في أرض الشمال بعد أن يعافينا الله منه بالانفصال، وعلى رأس تلك القوى الجماعات الإسلامية بمختلف تياراتها وواجهاتها، ومنبر السلام العادل بطبيعة الحال، والمؤتمر الوطني نفسه لن يسمح بذلك كما رشح في صحف الخرطوم خلال اليومين الماضيين. ولن تجد الحركة الشعبية استنجادها بقوى تحالف جوبا، لأن هذه الأحزاب نفسها ليست لديها فروع في الجنوب، ولا أظن أن الحركة الشعبية ستسمح للقوى الشمالية بالعمل هناك، لأنها ببساطة تمنع القوى السياسية الجنوبية نفسها من العمل السياسي في الجنوب. وإذا استعرنا منطق بول لول وانق الآنف بأن الجنوب دولة علمانية لا تسمح بقيام أحزاب إسلامية؛ فإن الشمال دولة إسلامية لن تسمح بقيام أحزاب علمانية.
وتصريحات كل من الدكتور رياك مشار وبول لول وانق تحيلنا إلى التذكير بضرورة إجازة دستور إسلامي كامل الدسم وخالٍ من (الدغمسة) التي أشار إليها رئيس الجمهورية في خطاب القضارف الشهير، فإذا كانت الفترة الماضية قد سمحت فيها الدولة بـ(الدغمسة) لأي سبب وتحت أي مبرر؛ فلا أظن أن المرحلة القادمة بعد انفصال الجنوب تبرر هذه (الدغمسة)، وصريح خطاب الرئيس يحمل بشريات بأن الدستور القادم سيكون إسلاميا، وبالتالي غير مسموح للحركة الشعبية بالعمل في الشمال بعد الانفصال، وعلى الأحزاب العلمانية الأخرى توفيق أوضاعها بحيث تتلاءم مع الدستور الإسلامي، أو فليعتزل (عواجيزها) العمل السياسي دون الدخول في عنتريات وأوهام محاولة إسقاط النظام.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة