بروتوكول نافع وقطبي في الرد على الامام
لم يعجبني تصريح لايَ من مسئولي العصبة الانقاذية منذ ان نصًبوا انفسهم اولياء علينا ، الا ما صدر عن الثنائي نافع الشهير بابي العفين وصنوه قطبي المهدي في الرد على الرسائل الناعمة التي اطلقها الامام الصادق المهدي وصنفها مريديه واحبابه بانها تهديد باشعال الثورة.
لا بد ان يكون الامام قد ادرك مبكرًا جسامة المأزق الذي حشر فيه نفسه بتحديده لتاريخ 26 يناير كمهلة لاستجابة العصبة الحاكمة لمطالبه بتشكيل حكومة قومية وتعديل الدستور واجراء انتخابات حرة ، وفي حال عدم تنفيذ ذلك هدد الامام بمنازلتها بأحد خيارين ، اما اسقاطها بالجهاد المدني او اعتزاله العمل السياسي .
تهديد الامام باعتزال العمل السياسي يقع في باب حديث النفس للنفس ومخاطبة الذات لا الخصم ، فالتهديد بفعل شيئ او الامتناع عنه لا يتحقق الا اذا كان من شأنه ان يجلب ضررًا لمن صدر في حقه التهديد اذا تم تنفيذه ، ولهذا السبب لم ينفق السيد نافع وقتًا في التدبر في تهديدات الامام فقال له ما معناه ( اعمل اللي يريحك ) .
شخصيًا لم تفاجئني زيارة الامام لمنزل الرئيس بصحبة وفد حزب الامة للالتقاء باشقائه بالحزب الوطني ، فقد كانت الزيارة خطوة ضرورية لخروج الامام من مأزق الخيارين ، فالزيارة التي قام بها لمعقل انصاره بالجزيرة ابا حسمت خيار الاعتزال حين استمع باذنيه الى هتافات الهاتفين التي طالبته بمواصلة مشوار السياسة ورفضها الاعتزال ، فالامام لا يرد طلبًا لمريديه ، فقد ولاه الله عليهم وعلينا معهم من الصبا الى اللحد - بعد عمر طويل - فالسيرة الذاتية للامام تقول انه وعقب تخرجه في جامعة اكسفورد التحق بوظيفة مساعد مفتش بوزارة المالية بالدرجة (كيو) ‘ لبضعة اشهر ثم انتقل منها الى وظيفة رئيس وزراء شغلها ثلاث مرات حتى الآن ، فلم يكن الامام يحتاج الى اكثر من سماعه لتلك الهتافات لكي يطوي ملف خيار الاعتزال ، ويقف في انتظار ولايته الرابعة .
زيارة الامام لمنزل الرئيس كانت بدواعي معالجة مأزق التاريخ الذي ضربه بنفسه لخيار الثورة الشعبية ، ولم يجد الامام حرجًا في ان يستبدل جبة الجهاد بصديري المناصحة مع من يريد الثورة في وجوههم ، فخرج – وقد مضت ذكرى سقوط الخرطوم في حال سبيلها - وهو يقول ، اذا لم تستجب الحكومة لشروطة فانها تكون ( قد انكفأت على نفسها ) ، ومع نعومة هذا التصريح الا انه لم يعجب قطبي المهدي فادلى بتصريح قال فيه : قضايا الدستور واطلاق سراح المعتقلين مسائل سياسية ليست للمعارضة دور فيها .
لا ادري سببًا واحد يدعو الصادق المهدي للثورة في وجه هذا النظام ، فقد اغدق عليه النظام العطايا والمزايا في السر والعلن ، ولا يجد الامام حرجًا في قبولها والمطالبة بها في كل مناسبة وبعد كل حين ، في الوقت الذي يعاني فيه عامة الناس من شظف العيش وقسوة الحياة وضراوة المرض ، وليس في بيت الامام (عاطل) واحد بين ابنائه الذكور ، فولي عهده عبدالرحمن استعاد كل (نجمة) فقدها من على كتفه بفعل النظام بثلاثة امثالها ، وقد يسر النظام لابنه الاصغر ثلاثة (نجوم) دفعة واحدة تكفي لتحقيق هوايته العسكرية ، والشعب معظمه عطالى وحيارى ومفصولين .
لقد بادل الامام كرم الانقاذ معه بكرم من جنسه ، فقد اسهم الامام في منح انتخابات رئاسة الجمهورية الشرعية التي كان البشير يبحث عنها حينما قام بترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية ثم انسحب عنها دون ان يدري احد لماذا ترشح ولماذا انسحب . وحينما دخلت قوات العدل والمساواة مدينة امدرمان ، حمل الامام وفده واتجه الى مقر الرئيس البشير ليعلن الوقوف الى جانبه ، و لم تكن قوات خليل قد فعلت اكثر مما فعله الامام حينما ارسل محمد نور سعد (1976) على رأس قوة سلكت ذات الطريق عبر دارفور ودخلت امدرمان لتلاقي مصيرًا اسوأ مما لاقته قوات خليل.
الواقع ان الشعب السوداني لم يكن في حاجة لمباركة الامام لينطلق في ثورة مشفوعة بشروطه ، فالشعب يحتاج اكثر من اي وقت مضى لصمت الامام ، فقد دفعت الانتفاضة الشعبية التي ظهرت بوادرها ثمن خروج الامام من مأزقه الحكومي ، وقد اسهم الامام وشروطه في تخذيل الانتفاضة التي ترجاها الناس ، وبث الروح في جسد العصبة الحاكمة بعد ان كادت ان تخرج ، فلينتظر الامام رد الحكومة على طلباته كيفما شاء له الانتظار ، اما الشعب السوداني فله رأي آخر.
سيف الدولة حمدناالله
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة