الخرطوم تدق طبولها نحو الجنوب الجديد
بقلم \مبارك عبدالرحمن احمد
الخـــــرطوم يـــــنايـر 2011
[email protected]
مما هو معلوم في علم السياسة بالضرورة قيام تجمعات التفافية موسمية في ارؤقة المركز للاتفاف حول مسالة المشورة الشعبية للمنطقتين جنوب كردفان والنيل الازرق وتجريدها من محتواها التي اتفقت حوله في نيفاشا ، فالمركز الذي سلك مع الهامش السوداني وخصوصا جنوب السودان من قبل منهج التماطل والازدراء لقضيته وتضييع الوقت له عندما طالبوا قبل استقلال السودان بمطلب الحكم الفدرالي الذي يعطيهم حكم شبه مستقل يمكنهم من عدم تدخل للمركز في شئونهم الاقليمية سلك سلوك سوف يستمر تكراره مع الجنوب الجديد في مشهد يعيد التاريخ نفسه ، فعام 1948 وعام 1956 يدور حاليا في الجزء المتبقي من شماله الان ، فالملاحظ ان الجنوبيين لم يكونا يحلمون انذاك باقامة دولتهم المستقلة بل دفعوا لها دفعا من قبل المركز بتصرفاته.
دعنا نضع العربة خلف الحصان حول قضية اجراء اصلاحات ضرورية تجاه التعامل مع تلكم الهامش خصوصا او نظام الحكم في الدولة علي وجه العموم فاولا : مسالة الاعتراف بالتنوع الديني والاثني لمكونات الشعب السوداني امر غير مقبول لدي المركز بل اسواء منه عند فترة 1956 وحتي انه تطور حاليا في ناحية خطيرة لدرجة اطلاق تصريحات رئاسية في هذا الشأن تشير الي تصور شكل الدولة المقبلة ودرجة الصراعات التي سوف تكون فيها .
ثانيا : تجربة شعب جنوب السودان سوف تلهم كل الشعوب التي تحارب المركز حاليا الي سقف المطالب التي سوف تطرح علي اي منضدة للتفاوض في المستقبل ، فان الذي منح شعب جنوب السودان قضية تقرير المصير التي اصبحت علاجا ناجعا لاشكالاتهم لايوجد ما يمنعه من ان تصبح نموذج ينبغي تطبيقه علي بؤر الصراعات بغيا في الحلول ، خاصة ان مسالة الوحدة غير مقدسة بل المصالح هي التي تكون دوما ركن الزاوية لاي تسوية ترضيهم والا فان المركز لم يكتسب اي تراكم لخبرة جراء تعامله مع الهامش.
ثالثا: ان اطالة الوقت يحدث حقيقة تغير للاحوال ويستمر الغبن تجاه المركز مما يساعد علي انضمام عدد كبير من ابناء تلكم المناطق الي الثورة اضف الي ذلك تعرض النظام الي هزات عنيفة تضعفه امام المواجهة فيضطر الي عقد الصفقات والاتفاقيات لاطالة عمره التي لن تقل سقفها من جنوب السودان .
رابعا: الموقف الذي انتهجه الجنوبيين في الاربعينيات كان لا تدعمه اي قوة عسكرية مستقلة ولكن اليوم المشهد مختلف جدا في المنطقتين ومراقب من قبل المجتمع الاقليمي والدولي . فالذي يرفض اليوم منح الحكم الذاتي لشعب النيل الازرق في اطار الدولة الموحدة سوف يضطر بل ويفاجئ باقتلاع حق تقرير المصير منه مثلما حدث في مشاكوس .
والذي يريد ان يلتف ويقلل من شانها في جبال النوبة جنوب كردفان سوف تجعل مسالة التعبئة العالية السقف خيار ينبغي ان يتبع خاصة تجارب الشعوب تجاه المشورة الشعبية اوصلتهم الي نهايات مختلفة منها ما اوصلها الي اعلان الدولة المستقلة مثل تيمور الشرقية ومنها ما اعطتها حكم ذاتي مثل شعب اشي في اندنوسيا ومنها ما اوصلها الي الاعتراف بعدالة قضيتها وجعل الدولة تجري اصلاحات دستورية تضمن حفظ حقوق تلكم الشعوب كيوبك في كندا. فما الذي يريد ان يفعله المركز تجاه مسالة المشورة الشعبية اذا سئل، ينصح متنفذيه وقادته خاصة الذين يملائون الصحف بتصريحات متضربة ننصحهم بالاطلاع الي تجارب الشعوب حول مسالة المشورة الشعبية .
دعوني اعرض لكم مثلا تصريحات عفاف تاور في سودانيزاونلاين حول المشورة الشعبية " وطالبت تاور بحملات تعبئة بولاية جنوب كردفان لتلافي الخطأ الذي وقعت فيه المشورة بولاية النيل الازرق وقالت ان المشورة في الاخيرة وقعت في خطأ كبير وزادت «يفترض اي شخص صوت لحكم ذاتي او تقرير مصير يسقط صوته»، وقطعت بأن المشورة واضحة لا تعني استفتاءً ولا تقرير مصير ولا حكما ذاتيا" يدل هذا التصريح درجة التناقض و الغموض الذي يتعامل مع المركز وتوابعه تجاه مسالة بل يمثل تضليلا لمكاسب هذا الشعب من النضال الطويل الذي قاده ضدهم .
الوطني هو الذي رفض ادراج مسالة تقرير المصير لشعب المنطقتين في التفاوض حتي خرجت بهذا الشكل والتاريخ معلوم بذلك وما رئيس اللجنة المكونة حاليا بهذه المسالة الا هي مواصلة لتغويض مطلب وراي الشعب تجاه قضايه المصيرية مثلما حدث في كينيا لحظة المفاوضات ، فالمخجل حقا انهم مازالون ينتمون الي هذا النظام ويعتقدون ان لديهم مصلحة فيه الذي ما لبس الا ولفظهم من منظومته التصورية للدولة الاسلاموعربية .
مجرد التصريح بطريقة يفهم منها تغويض لقضية المشورة الشعبية سوف تزيد من حالة التوتر في المنطقة والاحتقان لدي ابنائها المخلصين ويجعلهم يقومون بالتعبئة المضادة لذلك مما سوف ترفع سقف التوقعات لدي الشعب حول ما اذا كان قد لبت هذه الاتفاقية تطلعاتهم ام لا، لا التي تعيد فتح كتاب الاتفاق من جديد خاصة ان القانون لم يحدد الي اين الاحتكام عند الاختلاف فاي طرف سوف يسعي جاهدا الي مرافعة قضيته الي الطرف الذي سوف يفصل فيها بعدالة.
واخير انصح هذه اللجان بالمواصلة في بلع مخصصات وميزانيات هذه اللجان السبعة كدابئهم وان لا يفكروا في النزول الي الشعب في الشارع في تلكم المناطق فهولا ما عادوا الشعوب التي تغش في الانتخابات بزجاجات البيبسي كولا وتسلب ارادتها فانهم الان يعلمون ومجربون من هو الذي ظل دوما في تبني وتحقيق مطالبهم بل وينتزعها من المركز ف " كوكو عرَف " كما يقال في المثل الشعبي المحلي.
ونواصل
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة