قيل له: وما أدراك أنها كذبة؟ قال: من كبرها..
أحمد أبكر
[email protected]
إن الحقوقَ حياةٌ ، من ليس ينشدها ** لم الحيــاةُ إذًن أحبابــي وخلاني؟
والحرياتُ حقوقٌ لو نام صاحبها ** لا شـك يُسلَبُها ، لا شيـئَ مجـاني
من قصيدة لكاتب المقال في رثاء الزعيم قرنق
السهل الممتنع:
وقوى الإجماع الوطني (أحزاب المعارضة) ترفع مذكرة لأجهزة النظام الحاكم في السودان مطالبةً بالتصديق لها بتنظيم مظاهرة سلمية.
المذكرة إياها مشفوعة بحجة دامغة تقول: إمتثالاً لرغبة رئيس الجمهورية وتنفيذاً لتوجيهاته الداعية إلى ممارسة حق التعبير بوسائلها الأخرى ، غير الإنتخابات المزوّرة، فإننا ـ أي تحالف أحزاب المعارضة ـ نريد أن نخرج في مسيرة سلمية غداً.
وحتى لا ينكر البشير كلامه ووعده يتم يذكيره بالنصوص التالية الواردة على لسانه:
أولاً: أصدرت حكومة البشير بياناً رسمياً قالت فيه أنها تحترم خيارات الشعب التونسي. والشعب التونسي قد مارس خيار المظاهرات السلمية .. إذن البشير لا يرفض ، بل يحترم التظاهرات ، بحسب كلام حكومته.
ثانياً: البشير في خطبة الوداع في جوبا قال:"الراجل بمسكوه من لسانه" .. والكلام أعلاه كلامه وقالته حكومته بعظمة لسانها.
إذن طلب الترخيص بالتظاهرات السلمية قد جاء تأسيساً على وعد البشير نفسه.
بالطبع سيتم رفض الطلب
والمعارضة تعقد مؤتمراً صحفياً لأذاعة خبر رفض الطلب .. ثم تقدم طلباً آخر
ثم يُرفض الطلب الثاني .. وينعقد مؤتمر صحفي لإذاعة الخبر .. ويتم تقديم طلب ثالث
وهكذا
إلى الطلب العاشر ثم العشرين
والشارع يغضب .. وورقة التوت ، التي ما سترت عورة الحكومة يوماً ، تسقط عن كامل جسدها نهائياً،
والعالم كله يسجل الكذب الحكومي..
والشارع يسخر
ثم المؤتمر الصحفي الأخير لقوى الأحزاب
والإعلان عن توقف تقديم الطلبات .. والخروج إلى الشارع دونما إذن مسبق
وبيانات توزع على الإعلام وفي الأسواق .. وفي كل مكان.
ومضمون البيان عبارة عن رسالة أخيرة إلى الحكومة في يوم التظاهر، مفادها : أن الأحزاب تريد أن يرى البشير هل يحبه هذا الشعب أم يكرهه،
وهذا طلب من البشير شخصياً في خطبة الدامر.
سيناريو سهل .. أليس كذلك؟
لكنه ممتنع .. ما باله؟
ليس هناك من سبب. إنها فقط طلاسم سودانية على خشبة السياسة..الأحزاب ترفض هدايا البشير وهي راغبة فيها..
إنها مسرحية هزلية عنوانها : دنيا اللا معقول.
من طرف القاتل ومن جهة المقتول.
أن يطلق البشير مثل تلك الكذبة حين يقول أنه إذا شعر أن الشعب يكرهه سوف يخرج لهم طائعاً مختاراً ليرجمه هذا الشعب .. هو كذب لا يجرؤ طفلٌ مرفوع عنه القلم أن يفتريه. لكنه في سودان اللا معقول .. يمضي مثل هذا الكلام ويسود. وعلى لسان من؟ على لسان أمير المؤمنين في السودان.
إذا سألت صبياً يافعاً ماذا يضحكه سوف يقول لك من هول هذه الكذبة. وإذا قلت له وكيف عرفت أنها كذبة؟ سوف يعاجلك بالقول: من كبرها.
أما الأحزاب .. فأمرها عجب .. إذ كيف تفوت هكذا نداء من عدو وعلى طبقٍ من ذهب .. على نار هائجة.
هو نداء من عدو يريد أن ينتحر فلماذا لا تنحروه؟
نداء من شرير يريد أن ينفضح فلماذا لا تفضحوه؟
ماذا تنتظر الأحزاب؟
صحيح ليس لنا جيش التوانسة ، فجيشنا مدجّن ولم يعد جيش الوطن.
ولسوف تفعل قوى الأمن الشريرة بالمواطنين الأفاعيل .. والجيش لا يلجمها ، بل يساعدها على التنكيل.
لكن البديل موجود. قوات الحركات المسلحة الناشطة في غرب البلاد يمكنها أن تتحرك صوب الخرطوم لتحمي المواطنين من جنون قوي الأمن. لكن ذلك لن يحدث ما لم يغلي الشارع في الخرطوم.
ماذا تنتظر الأحزاب؟
الحركات المسلحة لا يمكن أن تقوم بكل الأدوار. نزالٌ بالسلاح في الميدان .. ثم تظاهراتٌ في شوارع الخرطوم .. ثم التأمين. كلا ، هذا كثير. إرحموهم يرحمكم رب النجوم.
هل من بديل للأحزاب؟
الشعب يمكنه أن يتجاوز الأحزاب.. لكنه بإعتقادي ليس الخيار المطلوب. الأحزاب تتفوق على جموع الشعب بأفضلية التنظيم. ودرس تونس ليس ببعيد عن الأذهان. الشعب هناك تجاوز الأحزاب .. لكنه تاه في الطريق. في تونس كانت ثورة بلا قيادة مما سهل مهمة (حرامية) الثورات. وإلتف النظام على الثورة كما الثعبان. ذهب رأسه وبقي الزيل والجسد.
تُرى .. هل وصلت رسالتي إلى الأحزاب؟ يحدوني الأمل.. أم يا ترى هذه الأحزاب شاخت.
والسلام.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة