محاكم التفتيش
أحمد محمد عثمان
يا قوم ألا تعقلون
يا قوم ، ألا تسمعون
يا قوم ، ألا تعدلون
لست بعثياً ولا شيوعياً
أنا قومي وسوداني أغبش ، من الأغلبية الصامتة التي أخشي أن تصمت إلي الأبد حتي تحت ظروف القهر الذي لا يستحي ولا يراعي شرعاً ولا قانوناً
قرأت البيان المفزع : قرار سياسي بإعدام الرفيق الطالب لونجي عبد الرحمن وأن هذا القرار يهدف للثأر وتصفية المخالفين للرأي .
أتفق مع الجهة السياسية التي كتبته في أن القرار استهدف إرهاب الشعب وتصفية الحركة الوطنية وأنه أتخذ في خضم المستنقع الذي يخوض فيه كل أبناء الأمة المكلومة
لكنه ليس تكراراً لإعدام مجدي في أول عهد الإنقاذ والخراب . صحيح أنه خراب لم ولن ولا يمكن لأي نظام أن يسبقه عليه
ولكن إعدام مجدي أتي بغرض السرقة والإرهاب
بلا شك فإن القرار كامل القهر الاقتصادي للنظام بالقهر الفاشي بعد التفريط في وحدة البلاد وسيادتها التي تفككت بالفعل وأتي بالمقام الأول لإخماد أنفاس أي تحرك يمكن أن تقوم به روح الأمة وهي طلابها وفلذة كبدها
أتي رداً علي جهة سياسية وفي مطلع يناير 2010 حين شهدت العديد من الجامعات ، ومازالت ، عملاً منظماً تقوم به عصابات من ما يسمى بالكتيبة الجهادية تستهدف حظر النشاط الطلابي في الجامعات . دائما تكون هذه العصابات محملة بالسيخ والسواطير والجنازير والعصي والأسلحة النارية وبعدد من العربات والحافلات .
هذا تتعرض له الجامعات الآن ومن ذات العناصر وهي تكون غير آبهة بحرمة الأرواح والدماء واستقرار العام الدراسي وسلامة الطلاب والعاملين في الجامعات وقدسية حرمها .
طبعاً لا يوجد قدسية لأي شيئ اليوم إلا قدسية وجود النظام الفاشي
تصدت تلك العصابات في الأسبوع الأول من يناير 2010م إلي نشاط حزب البعث السياسي في كلية الغابات جامعة السودان (بسوبا) وإعتقلت الطالب الجعلي أحمد واقتادته إلي أحد أوكارها وأوسعته ضرباً وتهديداً بعد محاولة إرهاب الطلاب والإعلان عن حظر النشاط الطلابي .
حلال عليهم أي ما يفعلون
تكرر ذات السلوك الإجرامي في كلية البيطرة بـحلة كوكو وشهدت العديد من كليات جامعة النيلين أحداثاً مماثلة منها محاولة اغتيال الطالب الوافد من تونس الذي أعتقل سريعا بعد نجاته من الموت المحقق
في 11/1/2010م قامت ذات العصابات بتطويق ندوة أقامها البعث بمناسبة ذكرى الاستقلال في كلية الزراعة بشمبات وبذلت المحاولات المستميتة للتشويش على الندوة والإساءة والتجني على البعث فكراً ونضالاً ورموزاً وشهداء وللحاضرين
في منتصف نهار 12/1/2010م بكلية الزراعة بشمبات أثناء خروج الطالب الرفيق لونجي عبد الرحمن من قاعة المحاضرات ولاحقته مجموعة من تلك العصابات بقيادة أسامة يس داخل حرم الكلية وهي محملة بالسكاكين والأطواق والسيخ بعد إشارة أحدهم إليه .
وحينما شعر بالخطر وهو الفرد إزاء المجموعة حاول جاهداً تحاشيهم بتغير خط سيرة والاستدارة حول إحدى القاعات لتفادي المواجهة
هذا دليل أول لا يوجد فيه تنازع أنه كان يحاول النجاة بحياته
ظلت تلك العصابة تلاحقه إلي أن حاصرته مع استمراره رغم ذلك في إثناءهم عن سلوكهم الإجرامي الذي وصل بهم إلى إشهار السكاكين في وجهه وضربه في رأسه بالسيخ .
بهذا يتعزز أنه كان هناك خطراً حقيقياً علي حياته وهذا هو الدليل الثاني
لم يكن أمام لونجي عبد الرحمن إلا الدفاع عن نفسه حيث أخرج سكيناً ولوح لهم بها فأصابت الطالب أسامة يس ، من كلية الهندسة الذي اقتاد تلك العصابة من كليته في مجمع الخرطوم إلي كلية الزراعة بشمبات .
هذا دليل ثالث أن الحكاية كانت دفاع مشروع عن النفس
وحتي إذا لم يكن هكذا فليس هناك نية مسبقة للقتل
توجه بعدها الرفيق لونجي عبد الرحمن إلي المستشفي لتلقي العلاج ومن بعد ذلك إلي مركز الشرطة للتبليغ عن الحادث فيما ظلت عصابات الإجرام والهوس تلاحقه في المستشفى وفي مركز الشرطة .
هذا دليل رابع علي وجود حسن النية في ذهابه إلي الشرطة
تصريح عميد كلية الزراعة بشمبات في 13/1/2010م للعديد من الصحف الصادرة واصفاً ما حدث بأنه مواجهات طلابية بين فصيلين سياسيين ظلت تشهدها العديد من الجامعات وأن الطالب المتوفي ينتسب للمؤتمر الوطني والطالب المتهم ينتسب لحزب البعث وأنه كان في حالة دفاع عن النفس هو الدليل الخامس .
تزامن مع هذا التصريح صدور بيان من البعث مكتب الطلاب (نشرته كاملاً صحيفة رأي الشعب ) أورد فيه هذه الوقائع وإتفق مع إفادة السيد عميد كلية الزراعة ونقل تعازي البعث وقيادته لأسرة الفقيد وذويه داعياً إلي نبذ العنف ومطالباً بوضع حد لجرائم العصابات المنظمة التي يديرها أحد رموز النظام . وتضمن فقرة من مقال لونجي في صفحة وعي الطلبة بصحيفة الأخبار قبل يوم من الحادث يدين فيه استخدام العنف في النشاط الطلابي .
تكرر الأمر ، ففي 15/1/201م وفي كلية الزراعة شمبات لاحقت ذات العصابة الطالب الرفيق إسماعيل أحمد في محاولة لإغتياله مما حدا به للجوء إلي الحرس الجامعي الذي أدخلة في أحد المكاتب إلا أن العصابة لاحقته وكسرت باب المكتب وأوسعته ضرباً مبرحاً بالسيخ والجنازير حتى أغشي عليه متضرجا بدمائه فيما صاحت عصابة السوء التي ظنت أنه قد قتل وصرخوا أخذنا الثأر ، أخذنا الثأر .
كل هذه الوقائع سجلت في أقسام الشرطة وموثقه عبر البيانات والأدبيات في موقع وعي الطلبة www.altalabh.com ، تعبيراً عن الموقف المبدني الفكري والنضالي للبعث من العنف والعنف المضاد ، ومحفورة في وجدان وذاكرة الوطنيين والشرفاء طلاباً وأستاذة وعاملين.
في محكمة جنايات بحري شهدت جلسات القضية من خلال الشهود وإفادات لونجي :
• مجموعة من طلاب كلية الهندسة وآخرين “بالخرطوم جنوب" قدموا إلى كلية الزراعة بشمبات (شمال بحري) وهم يحملون السكاكين والسيخ والعصي والأطواق وتحملهم عربة بمعية المجني عليه (أسامة يس).
•المجموعة تنتمي إلى الحركة الإسلامية – الكتيبة الجهادية.
• حضروا لتعقب البعثيين وتعرفوا من خلال الإرشاد على الرفيق لونجي عبد الرحمن والذي كان وحيداً .
• أفاد أحد شهود الدفاع والذي أكد أن له علاقة صداقة بعدد من البعثيين أن أحد أعضاء الحركة الإسلامية (حدد أسمه في المحكمة) جاء إليه قبل يوم من الحادثة متوعداً البعثيين بالقول “قل لهم لنرى أي منكم غداً"
• المجني عليه كان حاضراً لندوة البعثيين وكان ضمن المجموعة التي أساءت وشوشت عليها.
• أكد لونجي عبدالرحمن إنتماءه لحزب البعث وأنه لظروف الدراسة لم يكن حاضراً للندوة ولم يكن على علم بالذي جرى فيها لأن تلفونه كان مغلقاً.
• أكد لونجي إفادات شهود الإتهام بأنه كان وحيداً في مقابل مجموعة مسلحة تعرف على واحد منها وأنه لا يعرف المجني عليه من قبل.
حوكم لونجي وفي 25/1/2011م جلسةالنطق بالحكم أورد القاضي إفادات ثلاثة من شهود الإتهام التي قبلتها المحكمة :
• أن المجني عليه كا يحمل سكيناً ومعه مجموعة تحمل أطواق وأشياء أخرى.
• أن المتهم كان لوحده وكان أمامهم.
• أن المتهم أستل سكيناً في مكان الحادث وسدد طعنة واحدة (حديقة الجامعة).
• أحد أفراد المجموعة ضربه بطوق في رأسه.
• لم تقبل المحكمة شهادة أثنين من شهود الدفاع لأنهم لم يكونا حضوراً زمن الحادثة.
استنتجت المحكمة أن المتهم لونجي لم يكن في حالة دفاع عن النفس ولا العراك المفاجئ حيث لم يلجأ للحرس الجامعي علما بأن الذين لجأوا للحرس الجامعي لم يجدوا ملاذا آمنا حادثة اسماعيل .
وصدر الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت .
يا رب العالمين ، أين العدل هل ينتظر المرأ حتي يقتل ثم يدافع عن نفسه
انحرف قاضي محكمة التفتيش بالقضية عن العدالة وحولها إلى محاكمة سياسية وذلك من خلال تجريده المتعمد للوقائع والإفادات التي أوردتها والتي أكدت أن هنالك مجموعة محملة بأسلحة متنوعة وتنتمي إلى النظام وأنها قدمت من الخرطوم . إلى طالب خارج قاعة محاضرته وإن الحادثة وقعت في حديقة . أتت المجموعة مسلحة وبقصد جنائي وبإصرار وترصد من خلال التعقب والملاحقة لطالب منفرد . وبعد ذلك كله غالطت محكمة التفتيش غالطت الوقائع وحصرت نفسها في القتل العمد بإغتيالها لحق الدفاع عن النفس والعراك المفاجئ حيث أكدت وقائعها أن الحادثة تمت في حديقة الجامعة بينما لونجي ظل فرداً ملاحقاً منذ خروجه من القاعة بواسطة مجموعة هدرت حياته وشرعت في زهقها بالضرب والتهديد .
شرع القرار سابقة لتصفية المخالفين في الرأي وأنهم إذا قاوموا سوف يجرموا بإصدار حكم الإعدام عليهم
القتل مشروع بالنسبة لهم والحياة لهم وحدهم
ولكن إلي حين
أذكروا هذا كله لأن القضاء هو أول ما يجب القضاء عليه
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة