الجبهة الوطنية للمعارضة و التغيير السياسي
زين العابدين صالح عبد الرحمن
تلقيت في بريدي الالكتروني البيان الأول للجبهة الوطنية العريضة المعارضة و تقول ديباجة البيان تكونت الجبهة بمبادرة من القطب ألاتحادي الأستاذ على محمود حسنين حيث اجتمعت كما ورد في البيان في المملكة المتحدة و أيرلندا الشمالية قوى سياسية و شخصيات وطنية مرموقة و صامدة من كافة أقاليم السودان لبحث " ما ينبغي عمله لخروج الوطن من النفق المظلم الذي أدخلته فيه الإنقاذ و إزالة حالة الأسى و الإحباط التي يعاني منها الشعب" و الحوار بين المجتمعين قاد ألي تكوين الجبهة آخذين في الاعتبار سلبيات العمل الجبهوى في الماضي على أن تضم الجبهة في عضويتها كل من يؤمن بأهدافها و يعمل من أجل بقاء السودان موحدا.
يحتوي البيان على سبعة عشر هدفا في مجملها تدعو ألي بناء هيكلية و مؤسسات الدولة من جديد باعتبار أن الدولة القائمة ألان هي دولة الحزب الواحد و لن تصلح أن تكون دولة ديمقراطية كما إنها منفرة للوحدة الوطنية لذلك هي تدعو ألي إسقاط النظام بكل الوسائل المشروعة من أجل تحقيق الأهداف المنصوص عليها في البيان.
بعد قراءة البيان من قبل أية شخص تدور في خلده عدد من الأسئلة المشروعة خاصة أن العمل الجبهوي العريض في السودان يبدأ بحماس كبير من قبل المؤسسين ثم يتعرض بعد ذلك لتحديات كبيرة من داخله تؤدى ألي انهياره أو ضعفه و انصراف الجماهير من حوله و هذا يرجع للتباين الفكري و السياسي للقوى المكونة له كما انه يطرح نفسه أنه يمثل حركة جماهيرية واسعة و فاعلة و بعد فترة يصبح مجموعة من القيادات تتحدث باسم الجماهير و ليس لها علاقة بها كما حدث في " الجبهة الوطنية 1969- 1977 ثم التجمع الوطني الديمقراطي 1989- 2005" القضية الأخرى علاقة المعارضة الخارجية بالداخل و كيف يتم التنسيق بينهما حيث إن عملية التغيير تتم في الداخل و ليس الخارج إضافة ألي إن القضية المهمة هل هناك دولة من الدول المحيط بالسودان تقبل أن توفر الأرض للمعارضة الخارجية و الدعم ألوجستي بعد تجربة التجمع الوطني الديمقراطي ؟ كل هذه الأسئلة طرحتها على الأستاذ على محمود حسنين الذي لم يبخل علىً بالرد باعتبار إنها أسئلة موضوعية تشكل معلما في الطريق و سوف تكون جزءا من النقاش في المؤتمر العام الذي تحضر له الجبهة في لندن الشهر القادم.
مؤتمر الجبهة الذي سوف يعقد في الشهر القادم و الذي سوف تدعا أليه القوى السياسية المعارضة المختلفة إضافة ألي شخصيات سودانية في الداخل و الخارج سيناقش عددا من القضايا المتعلقة بقضايا الحكم و بناء هيكلية الدولة و الوسائل المشروعة التي سوف تتبناها الجبهة من اجل إسقاط النظام كما إن المؤتمر سوف يجيب على كل الأسئلة المطروحة كما عرفت من إجابات الأستاذ على محمود حسنين و يتفاءل عدد من قيادات الجبهة برغبة العديد من الشخصيات السودانية في الخارج بالمؤتمر العام للجبهة نتيجة لتعنت و مراوغة الحزب الحاكم في قضية التحول الديمقراطي و تمسكه بالقوانين المقيدة للحريات و استخدام الحزب إمكانيات مؤسسات الدولة للمصلحة الحزبية الضيقة.
و لا أعتقد أن تنجح الجبهة الوطنية العريضة في اكتمال تكوينها أذا لم تجد دعما كبيرا من القوى السياسية السودانية في الداخل و من الحركات الدارفورية الكبيرة " العدل و المساواة – حركة تحرير السودان" إضافة ألي الحركة الشعبية باعتبار أن الجبهة تؤكد في بيانها إنها تعمل من اجل وحدة السودان و تنفيذ كل ما جاء في اتفاقية السلام الشامل كما إنها تؤكد قد دعت كل القوى السياسية و عددا من الشخصيات السودانية المتواجدين في لندن و ايرلندا للاجتماع ألتحضيري و حضور مناديب لعدد من القوى السياسية الرئيسية إضافة لحركات دارفور الرئيسية هذا غير التأييد الذي وجدته من عددا كبيرا من السودانيين في المهاجر و لكن القضية الأساسية ليس الحشد الكبير للشخصيات الوطنية و السياسية فتجربة التجمع الوطني الديمقراطي ما تزال ماثلة للعيان فإن الحشد لم يساعد التجمع على تنفيذ أهدافه لان الحشد كان بعيدا عن نشاطات التجمع لان بعض القيادات السياسية المؤثرة على قمة التجمع كانت تخشى الجماهير وفتح قنوات مؤسسات التجمع حتى لا يخرج التجمع من قبضتها فكانت الديمقراطية و الحرية الشعارات المرفوعة كأهداف يناضل من اجلها التجمع تشكل غيابا كاملا في مستويات التجمع الأمر الذي افقد التجمع المبادرات الجماهيرية التي كان في أمس الحاجة إليها فعندما جاءت التسويات عبر المفاوضات كان التجمع غائبا أو رقما مضافا لأحد الأطراف في التسوية السياسية فكيف تستطيع الجبهة تدارك تلك الإخفاقات و سلبيات التجارب السابقة في سلسلة التحالفات التاريخية بين القوى السياسية المختلفة؟
في رد فعل من قبل السلطة الحاكمة لتشكيل جبهة للمعارضة في الخارج قال الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية "إن الجسم الجديد لن يؤثر على الحكومة كونه معارضا من خارج البلاد و إن السودان لا يعانى من ضيق في الحريات حتى يلجأ المعارضون لتشكيل جبهة بالخارج" رغم أن الجبهة في ديباجتها طرحت عددا من القضايا تعتقد هي التي دفعتها لتشكيل الجبهة واحدة فقط منها قضية الحريات التي تحدث عنها الدكتور مصطفى كما إن عددا من أحزاب المعارضة في الداخل كانت رفضت حضور ألاجتماع الذي كان قد دعا أليه السيد رئيس الجمهورية بحجة أنها تريد علاجا لكل القضايا من ضمنها قضية الوحدة حيث تحدثت عن قضية التحول الديمقراطي و إعادة النظر في القوانيين المقيدة للحريات و حل مشكلة دارفور و تخفيف المعاناة عن كاهل الجماهير وغيرها.
و حركة المعارضة في الخارج سوف تجد لها دعما قويا من المنظمات الأهلية في كل من أوروبا و الولايات المتحدة الامريكية خاصة أن الرأي العام في الخارج مهيأ لتقبل معارضة تنادى بالديمقراطية و توسيع الحريات كما أن قضية المحكمة الجنائية سوف تعتبرها الجبهة من أولوياتها لمعالجة قضية دارفور باعتبار إن الدول الأوربية تؤيد قضية المحكمة كما عددا من المنظمات الأهلية ما تزال تعتبر قضية دارفور قضيتهم التي يجب عدم التخلي عنها دون معالجة فالجبهة سوف تكون مؤثرة حتما على الحكومة وخاصة في الخارج.
ربما لا تجد الجبهة الوطنية أذن صاغية هذه الأيام بسبب المعركة الدائرة حول قضية الاستفتاء بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية حيث أن أغلبية الدول مشغولة به وخاصة الولايات المتحدة و عددا من الدول الرئيسية في أوروبا لكن بعد الاستفتاء سوف يخلق واقعا جديدا سوف يشكل تحدى كبير للحكومة و هو الذي تراهن عليه المعارضة إن كانت في الداخل أو الخارج خاصة أذا اختار الجنوبيون الانفصال.
و يعتقد بعض من القائمين على الجبهة إن المؤتمر الذي سوف تعقده الجبهة الوطنية في الشهر القادم في لندن هو الذي سوف يحدد معالم المعارضة القادمة و شكل التحالفات السياسية و مدى علاقة الخارج بالداخل و التنسيق بينهما و تصور عمل الجبهة لقضية الوحدة و كيفية إقناع قيادات الحركة الشعبية بالتمسك بالوحدة كخيار وحيد من اجل الحفاظ على الوطن الموحد مع تغيير جذري في قضية التحول الديمقراطي و علاقة الدين بالدولة و أشياء آخري و الأيام القادمة حبلى بالمفاجأت.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة