التداعيات القانونية لقضية ويكيليكس
بصرف النظر عن الدوافع الحقيقية لتسريب الوثائق العسكرية السرية الأمريكية والبريطانية حول حرب العراق من قبل موقع ويكيليكس ، حيث يرى البعض أن هكذا تسريبات قد تمت عن طريق عسكريين أمريكيين أو بريطانيين كانوا يملكون فرصة الوصول للوثائق السرية وأن هؤلاء قد دبروا هكذا تسريبات بدوافع أخلاقية محضة صادفت دوافع أخلاقية مماثلة لدى جماعة ويكيليكس بينما يرى البعض الآخر أن هكذا تسريبات قد تمت بتدبير من الاستخبارات الأمريكية والبريطانية لتحقيق أغراض سياسية دولية معينة ، فإن موقع ويكيليكس قد تحول في نظر الكثيرين إلى مناهض دولي لجرائم الحرب التي يؤكد الموقع أنها أرتكبت في العراق من قبل القوات الامريكية والبريطانية ، ومع أن موقع ويكيليكس قد تعرض لعدة ضغوط بغرض وقف التسريبات من قبيل اتهام مدير الموقع بجريمة اغتصاب وسحب الدعم المالي من الموقع واتهامه بتعريض حياة الجنود الأمريكيين والبريطانيين والمتعاملين معهم للخطر إلا أن الموقع ما زال مصراً على خوض الحرب العالمية للتسريبات بعد تأكيده بأن نشر الوثائق السرية لن يضر أحداً بعد حذف الأسماء منها!
قبل أيام قلائل، خص موقع ويكيليكس بعض القنوات الدولية الشهيرة ومنها قناة الجزيرة القطرية بخبطة إعلامية دولية كبرى حول قضية التسريبات ، فقد قامت قناة الجزيرة بنقل مؤتمر جماعة ويكيليكس من لندن تم خلاله الإفراج عن وثائق سرية إضافية وأكدت جماعة ويكيليكس وقوع جرائم حرب في العراق من قبل جنود أمريكيين وبريطانيين وأنها سترفع قضايا ضد وزارة الدفاع البريطانية أمام المحكمة العليا البريطانية بسبب ارتكاب جرائم حرب في العراق منها على سبيل المثال قيام جندي بريطاني بإطلاق النار وقتل طفلة عراقية في التاسعة من عمرها كانت تلهو أمام منزل أسرتها!
إن قضية التسريبات تثير تداعيات قانونية دولية كبيرة ، فعلى سبيل المثال فإن مطالبة الأمم المتحدة للحكومتين الأمريكية والبريطانية بإجراء تحقيق دولي حول الوثائق المسربة يُرسي سابقة قانونية دولية جديدة مفادها أن الحصانات الوطنية حول سرية الوثائق العسكرية التي تمتد عادة لنصف قرن قد تُهدر في أي وقت بدواعي الكشف عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية!
من المؤكد أن العالم قد يئس من تحقيق العدالة الدولية عن طريق المؤسسات الدولية بسبب الاستخدام الجائر لحق النقض والحصانات الدولية والمقاطعات المقصودة للمعاهدات الجنائية الدولية لكن ما زال هناك بعض الإيمان في نزاهة القضاء البريطاني والقضاء الأمريكي باعتبارهما يمثلان صلب الديمقراطية العالمية ، فهل سينصف القضاء البريطاني والقضاء الأمريكي ذوي الضحايا المدنيين العراقيين الذين قُتلوا ظلماً داخل السجون وعلى الحواجز العسكرية والذين أكد موقع ويكيليكس أن عددهم يبلغ خمسة أضعاف العدد المعلن من قبل القوات الأمريكية والبريطانية أم أن التشبث بدفاع الحصانات الوطنية سيطيح بحلم تحقيق العدالة الأرضية؟! وعلى أي حال فسواء انتهت هذه الحرب العالمية الالكترونية بنصر لذوي الضحايا أم لا ، فإن العدالة الإلهية ستقتص من الجناة بعشرات الوسائل الخفية التي لا يعلمها إلا الله لأن طواحين العدالة السماوية تطحن ببطء لكن بشكل ناعم كما يقول المثل اليوناني!
فيصل على سليمان الدابي/المحامي
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة