حرب الطماطم!
من الثابت تاريخياً أن دولة بيرو الواقعة في قارة أمريكا الجنوبية هي الموطن الأصلي للطماطم كما يسميها الانجليز أو البندورة كما يسميها الإيطاليون ، وقد قام المستعمرون الأسبان بنقلها من قارة أمريكا الجنوبية إلى قارة أوربا ومن ثم انتشرت زراعتها في بقية قارات العالم. لقد كان الأوربيون يستخدمون الطماطم في باديء الأمر لأغراض الزينة فقط لا غير ولا يأكلونها مطلقاً باعتبارها ثمرة سامة ، ولم تتشرف الطماطم بدخول المطابخ الأوربية ومن ثم المطابخ العالمية الأخرى وتصبح من المكونات الأساسية للأطعمة إلا في منتصف القرن التاسع عشر بعد أن اكتشف الأوربيون أن الطماطم ، المكونة من ماء ، غلوسين ، مواد رغوية، زيوت وفايتمينات أ، ب وج ، هي من أشهي الخضروات وأفيدها صحياً إذ أنها تحتوي على مواد فاتحة للشهية ، ملينة للإمعاء ، مدرة للبول ومنشطة للجسم، وهي تشكل غذاءاً ممتازاً للأصحاء وللمصابين بأمراض القلب والضغط والكلى والسكري، كما تُستخرج من أوراق وسيقان نبتة الطماطم مبيدات حشرية ولقحات طبية فعالة تكافح الأوبئة المهددة لصحة الإنسان كالكوليرا والتهاب الفيروس الكبدي ولعل ذلك هو السبب الذي دعا توماس جيفرسون ، أقدم ثالث رئيس للولايات المتحدة الأمريكية، إلى كتابة بحث زراعي حول هذه الثمرة العجيبة!
وإذا أخذنا جولة سريعة في العالم العربي فسنكتشف أن مصر قد شهدت مؤخراً مظاهرات عديدة ضد غلاء سعر الطماطم وانتشرت كاريكاتيرات عديدة في معظم الصحف العربية تنتقد غلاء سعر الطماطم التي أصبحت من المكونات الأساسية للأطباق العربية أما الكويت فقد شهدت حملات مقاطعة شعبية تحرشت بثمرة الطماطم نفسها حينما دعا المحتجون إلى مقاطعة شراء الطماطم تحت شعار "خلوها تخيس" ويرى البعض أنه إذا استمر ارتفاع سعر الطماطم بهذا الشكل فمن المرجح أن يعود الناس لاستعمالها لأغراض الزينة فقط لا غير!
من المؤكد أن ارتفاع سعر الطماطم الذي اخترق حواجز الأمن الغذائي قد نجم بشكل أساسي عن اعتماد معظم الدول العربية على سياسة استيراد الخضروات من دول العالم الأخرى وانعدام التكامل الزراعي العربي على الرغم من أن العالم العربي يزخر بالأموال والأراضي الخصبة والمياه والخبرات الزراعية التي تستطيع أن تحوله إلى أكبر منتج للطماطم في العالم وإذا استمر انعدام التكامل الزراعي العربي على هذا النحو فمن المرجح أن يشهد العالم العربي في السنوات المقبلة مظاهرات الجذر والخيار والكوسة والباذنجان! فهلا تحرك المسؤولون الزراعيون في العالم العربي قبل فوات الأوان؟!
فيصل علي سليمان الدابي/المحامي
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة