أهمية حوار الأديان
من المؤكد أن مشاهدة أي نشرة أخبار عالمية على شاشة التلفاز تثبت لكل المشاهدين العاديين أن معظم الحروب المسلحة التي يُقتل ويُجرح ويتشرد من جرائها ملايين البشر كل عام تعود أسبابها إلى الكراهية الدينية ، فالصور المأسوية المنقولة من فلسطين أو كشمير أو أفغانستان أو باكستان تكشف بجلاء عن صراعات دموية تستخدم فيها المبررات الدينية المتطرفة لتصفية الآخر ، ويُلاحظ أن الصراعات الدامية التي تعكس التعصب الديني لا تقتصر على مظاهر العنف الديني بين بعض اتباع الأديان السماوية الثلاثة ، أي الإسلام، المسيحية واليهودية ، وإنما تشمل صراعات مدمرة داخل الطوائف الدينية نفسها كالصراعات المسلحة بين الشيعة والسنة في باكستان والمواجهات الدامية بين الكاثوليك والبروتستانت في ايرلندا الشمالية!
ومن المؤكد أن كافة المآسي الإنسانية التي تنجم عن التعصب والتطرف الديني لدى هذا الطرف أو ذاك تشكل أكبر وصمة عار في جبين الإنسانية وأن هذا الواقع المأساوي الدولي سوف لن يتغير إلا عبر فتح أبواب الحوار الديني بين اتباع الأديان المختلفة بغرض نشر ثقافة التسامح الديني المفضية لاستتباب السلم والأمن الدوليين علماً بأن تلك الغاية الإنسانية النبيلة لن تتحقق إلا عبر الاتفاق على القواسم المشتركة التي تجمع بين الأديان كمحاربة الفقر والجريمة والفساد بمختلف أشكاله وتجنب الخوض في المسائل العقائدية التي من المستحيل الاتفاق عليها بسبب تمسك كل اتباع دين بمعتقداتهم الدينية.
إن مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ، والذي تم إنشاؤه بموجب القرار الأميري رقم 20 لعام 2010 ، هو بحق مركز دولي لمقاومة الكراهية الدينية لأن هدفه الأساسي هو دعم ثقافة الحوار بين الأديان وتعزيز التعايش السلمي بين معتنقي الأديان وتفعيل القيم الدينية المشتركة لمعالجة المشكلات البشرية الخطيرة ، ولذلك يكتسب المؤتمر الثامن لحوار الأديان الذي ينظمه مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان أهمية دينية وسياسية عالمية كبرى إذ يناقش المشاركون خلال انعقاده ، في الفترة من 19 إلى 21 اكتوبر 2010 ، أهم الوسائل المفضية للتعايش السلمي بين أتباع الأديان السماوية مثل دور الأسرة في نشر ثقافة التسامح الديني بين الأطفال ودور المؤسسات التعليمية والإعلامية والاجتماعية والتربوية والدينية في نشر ثقافة قبول واحترام الآخر ودور وسائل الإعلام وأجهزة الاتصالات الحديثة في تنشئة الأجيال المتسامحة دينياً ودور الشباب في تعزيز ثقافة التعايش السلمي الديني ، ولا يملك المرء إلا أن يحي جهود مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان لأنه يؤكد للعالم كله استعداد العالم الاسلامي المستمر للحوار الديني البناء ويسعى في ذات الوقت إلى نشر ثقافة التسامح الديني التي تستهدف القضاء على كافة مظاهر التطرف والتعصب والعنف الديني عبر الحوار الإيجابي الذي سيوتي أكله ولو بعد حين.
فيصل علي سليمان الدابي/المحامي
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة