ما هو مصير أمن السودان إذا انفصل الجنوب؟!
في الوقت الذي ما يزال فيه العالم يفتي في مصير السودان، في الوقت الذي يؤكد فيه بعض الزعماء السودانيين الشماليين أن انفصال جنوب السودان واقع لا محالة ويروجون لذلك داخل وخارج السودان، في الوقت الذي يدعو فيه فضيلة الشيخ القرضاوى جميع السودانيين إلى التمسك بوحدة السودان ، في الوقت الذي يشجع فيه الغرب وعلى رأسه أمريكا النزعات الإنفصالية في الجنوب ويحذرون من بحر الدماء الذي سيسيل إذا لم يتحقق الانفصال أو الاستقلال كما يسميه المتطرفون الجنوبيون ، في الوقت الذي راحت فيه الحركة الشعبية لتحرير السودان تعلن نهاراً جهاراً عن انحيازها لخيار الانفصال حتى قبل موعد الاستفتاء وتكرر ذلك بمناسبة ودون مناسبة إلى درجة أن بعض الجنوبيين أصبح يرى أن إسم الحركة يجب أن يغير فوراً إلى الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان ، في الوقت الذي يضع فيه معظم السودانيين أياديهم على قلوبهم خوفاً من تبعات انقسام أبناء الوطن الواحد، يجب ألا يغفل أحد عن السؤال الكبير الذي مفاده: ما هو مصير العساكر السودانيين إذا تم انفصال جنوب السودان عن شماله علماً بأن أجهزة الشرطة والجيش والأمن السودانية تتشكل أساساً من الشماليين والجنوبيين؟!
أهمية السؤال تنبع من الحقيقة البديهية التي يعرفها أو يجب أن يعرفها الجميع وهي أن جهاز الشرطة هو حارس السلام الإجتماعي وأن جهاز الأمن أو الاستخبارات هو رأس الرمح في حماية أمن البلد أما الجيش فهو حارس الحدود وحامي حمى البلد ولذلك فإن المصلحة الأمنية العليا لأي بلد تكمن في بقاء هذه الأجهزة العسكرية قوية ومتماسكة ، عليه، فإن الرد على السؤال المطروح يستدعي اتخاذ جميع الاحتياطات لمواجهة أي طواريء عسكرية أو أمنية في الشمال أو الجنوب إذا أخرجت أرض الإنفصال أوزارها!
إن معظم الخبراء العسكريين يؤكدون أن فصل الجنوب عن الشمال سيؤدي إلى عواقب عسكرية وخيمة، فالعسكر الشماليون سوف يُرحلون إلى شمال السودان والعسكر الجنوبيون سوف يُرحلون إلى الجنوب لأن العمل في الأجهزة العسكرية يقوم على الولاء للدولة وأن الضرورة العسكرية ستفرض ذلك خصوصاً إذا وقعت حرب بين الشمال والجنوب أو استمرت العدائيات بينهما الأمر الذي سيؤدي إلى تفتيت المؤسسات العسكرية في الشمال والجنوب ويعرضهما للتدخلات الأجنبية والاختراقات الاستخباراتية مما ينذر بالكثير من التدهور الأمني في الشمال والجنوب على حد سواء!
أما نحن ، القابضون على جمر الوحدة رغم شدة سخونته ، فلا نملك في الوقت الراهن إلا أن نمارس أضعف الإيمان السياسي وندعو الله بقولنا: ليبق السودان بجنوبه وشماله دولة واحدة موحدة بلا مناطق مهمشة أو حدود مقفولة وليظل السودان القديم هو السودان الجديد بنفس حدوده وسكانه رغم أنف الانفصاليين المحليين والدوليين الذين يجتهدون بشتى الوسائل والسبل لتجزئة السودان ، ذلك البلد الكبير الجميل ، وتحويله إلى دويلات صغيرة متناحرة لا حول لها ولا قوة!
فيصل على سليمان الدابي/المحامي
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة