علم الجمال وتحديات بناء الامم
قد يبدو العنوان غريبا عند الكثيرين , فالكثير قد تعاطوا مع مختلف العلوم الطبيعية والانسانية بمختلف مسمياتها ,وأعنى هنا العلوم المنهجية والتى تشتملها المناهج التعليمية والتربوية ,ولكن علم الجمال فهو خارج هذه المنظومة تماما . الذى دفعنى للكتابة عن هذا الموضوع حقيقة هو خطوة السيد / وزير القوى البشرية والتى تم بموجبها تشكيل لجنة لاعادة النظر فى المناهج التعليمية والتربوية على ضوء التدنى المريع لمستويات مخرجات المؤسسات التعليمية بالبلاد , فرأيت المساهمة بالاشارة لما اعتبره ركنا اساسيا فى عملية بناء الامم من خلال اسقاطاته المتعددة والمتشعبة فى تشكيل شخصية الفرد وبما ينعكس فى تفاعله مع ماحوله ايجابا .
من المؤسف حقيقة ان قضية التخطيط التربوى ظلت على الدوام يتم التعاطى معها كقضية ثانوية , ولكن حين النظر لمخرجات المؤسسات التعليمية بمنأى عن مجمل مكوناتها الاكاديمية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والوطنية , ويكون مؤسفا حقا لو كان تشكيل اللجنة المعنية يهدف فقط لمعالجة ضعف التحصيل والمناهج الاكاديمية , لان الضعف الناتج ليس اكاديميا فحسب , بل فى مجمل الموكونات اّنفة الذكر , ولقد عكفت منذ ثلاثة عقود على للتركيز على دراسة مجمل اوجه القصور قى بناء الامة مع التركيز على قنوات اعداد القوى البشرية , وخاصة بالدول النامية , وبكل اسف الذى خلصت له ان هذه القضية تمثل خطا احمرا , ليس فقط بالدول النامية , بل هو خط احمر من قبل العالم المتقدم فى قبالة اى مسعى بالدول النامية لمعالجة اوجه القصور تلك , ولقد وجهت بشتى التكتيكات لاجهاض كافة المساعى التى بذلتها فى هذا الجانب , كل ذلك لانه يمثل المفتاح السحرى لمعالجة معاناة وتخلف هذه الشعوب .
فاليوم وبكل بساطة لو توجهت بسؤال بسيط للكثيرين بماذا يعنى علم الجمال , بلا شك ستصاب بدهشة بالغة حينما تجد ان جلهم لاعلم لهم بهذا العلم , فياترى لو تقدمنا اكثر , وطرحنا السؤال بصورة اخرى , كم عدد المتخصصون ببلادنا فى علم الجمال ؟ اترك الاجابة لادارة التقويم التربوى لتقدم لنا الاحصائية . من الاحتمالات الكبرى عدم وجود اى متخصص بالبلاد فى هذا العلم . بل قد يذهب البعض للقول بالافتقار للمراجع الخاصة بهذا العلم ناهيك عن تضمينه ضمن المناهج التعليمية او التربوية . صحيح أننى كغيرى قد سعيت من خلال مجهودات متعددة لتناول العديد من الجوانب التى يتناولها هذا العلم دون ادراك منى فى مرحلة ما بأن هناك علما يعنى بمجمل هذه الجوانب يدعى علم الجمال .
صدقونى لو قلت لكم بأننى لو كنت وزيرا للتربية والتعليم لكان اول قراراتى اعتماد هذا العلم كمادة اساسية بكافة المراحل التعليمية بمستويات تناول تتناسب وكل مرحلة , لان مانحتاجه حقيقة مخرجات تعليم متخصصة فى مختلف مناحى الحياة ولكنها مشبعة بمختلف جوانب علم الجمال , هذا اذا كنا نرنو حقيقة لبناء أمة حضارية راسخة الاقدام , تتفوق على كافة الامم . فكافة الاختلالات التى نعانى منها الان بمجتمعاتنا هى نتاج لافتقارنا للتشبع بمكونات هذا العلم . فعلم الجمال من بعده الفلسفى تتلمس من خلاله البون الشاسع بين المراحل المتقدمة للباحثين فيه من الدول المتقدمة والاضمحلال الكبير من جانب الدول التى تعّرف بالنامية .
كل ذلك دفعنى لاثارة هذه القضية الحيوية فى عالم اليوم , وحتى يلم القارىء الكريم ببعض الجوانب التى يتناولها هذا العلم , بما يمكنه من ادراك حساسية القضايا التى يتناولها , فأكتفى للاشارة لبعضا من تلك القضايا :
- المثل الاعلى والبطل
- العمل كمصدر للاحساس بالجمال
- جمال الطبيعة
- العلاقة بين الموضوع والانفعال الجمالى
- الحب
- التقليد والتجديد
- الصور الفنية
- المودرنية والواقعية
- المبادىء الاساسية للادب
- الملامح الاممية والقومية فى الثقافة
- التقارب والاثراء المتبادل للفنون
ان هنالك العشرات من الجوانب التى يتناولها هذا العلم التى تشكل فى مجملها النزوع نحو ترسيخ قيم رفيعة تشكل بناء شخصية تتعاطى مع التطور العصرى الذهل فى مختلف الجوانب الحياتية, وتعمل على حلّ معادلة اخفاق مجتمعاتنا فى حلّ قضية الاصالة والمعاصرة التى نعيشها ولانعترف بها وهى بيت الداء , فهى أشبه بالذى يجبر نفسه على ارتداء ثوب شتوى فى عزّ زمهرير الصيف ويتسائل لماذا الجو ساخنا .
ختاما نقول , ان الارتقاء بالقيم الجمالية بالمجتمع يمثل حجر الزاوية لاحداث تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية حقيقية , ولايعنى معاناتنا من القصور الحاد لعلمائنا وفلاسفتنا فى هذا الجانب الحيوى التقاضى عن الامر برمته , فالنيجة الحتمية اذن سوف لن يختلف عليع اثنان .
والله من وراء القصد
عاطف عبد المجيد محمد
عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدلبرغ- المانيا
عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا
الخرطوم بحرى – السودان
تلفون:00249912956441
بريد الكترونى:[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة