صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
البوم صور
بيانات صحفية
اجتماعيات
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
مقال رائ
بقلم : حسن الطيب / بيرث
جنة الشوك بقلم : جمال علي حسن
بقلم :مصطفى عبد العزيز البطل
استفهامات بقلم: أحمد المصطفى إبراهيم
بقلم : آدم الهلباوى
بقلم : آدم خاطر
بقلم : أسامة مهدي عبد الله
بقلم : إبراهيم سليمان / لندن
بقلم : الطيب الزين/ السويد
بقلم : المتوكل محمد موسي
بقلم : ايليا أرومي كوكو
بقلم : د. أسامه عثمان، نيويورك
بقلم : بارود صندل رجب
بقلم : أسماء الحسينى
بقلم : تاج السر عثمان
بقلم : توفيق الحاج
بقلم : ثروت قاسم
بقلم : جبريل حسن احمد
بقلم : حسن البدرى حسن / المحامى
بقلم : خالد تارس
بقلم : د. ابومحمد ابوامنة
بقلم : د. حسن بشير محمد نور
بقلم : د. عبد الرحيم عمر محيي الدين
أمواج ناعمة بقلم : د. ياسر محجوب الحسين
بقلم : زاهر هلال زاهر
بقلم : سارة عيسي
بقلم : سالم أحمد سالم
بقلم : سعيد عبدالله سعيد شاهين
بقلم : عاطف عبد المجيد محمد
بقلم : عبد الجبار محمود دوسه
بقلم : عبد الماجد موسى
بقلم : عبدالغني بريش اللايمى
تراسيم بقلم : عبدالباقى الظافر
كلام عابر بقلم : عبدالله علقم
بقلم : علاء الدين محمود
بقلم : عمر قسم السيد
بقلم : كمال الدين بلال / لاهاي
بقلم : مجتبى عرمان
بقلم : محمد علي صالح
بقلم : محمد فضل علي
بقلم : مصعب المشرف
بقلم : هاشم بانقا الريح
بقلم : هلال زاهر الساداتي
بقلم :ب.محمد زين العابدين عثمان
بقلم :توفيق عبدا لرحيم منصور
بقلم :جبريل حسن احمد
بقلم :حاج علي
بقلم :خالد ابواحمد
بقلم :د.محمد الشريف سليمان/ برلين
بقلم :شريف آل ذهب
بقلم :شوقى بدرى
بقلم :صلاح شكوكو
بقلم :عبد العزيز حسين الصاوي
بقلم :عبد العزيز عثمان سام
بقلم :فتحي الضّـو
بقلم :الدكتور نائل اليعقوبابي
بقلم :ناصر البهدير
بقلم الدكتور عمر مصطفى شركيان
بقلم ضياء الدين بلال
بقلم منعم سليمان
من القلب بقلم: أسماء الحسينى
بقلم: أنور يوسف عربي
بقلم: إبراهيم علي إبراهيم المحامي
بقلم: إسحق احمد فضل الله
بقلم: ابوبكر القاضى
بقلم: الصادق حمدين
ضد الانكسار بقلم: امل احمد تبيدي
بقلم: بابكر عباس الأمين
بقلم: جمال عنقرة
بقلم: د. صبري محمد خليل
بقلم: د. طه بامكار
بقلم: شوقي إبراهيم عثمان
بقلم: علي يس الكنزي
بقلم: عوض مختار
بقلم: محمد عثمان ابراهيم
بقلم: نصر الدين غطاس
زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
فيصل على سليمان الدابي/قطر
مناظير بقلم: د. زهير السراج
بقلم: عواطف عبد اللطيف
بقلم: أمين زكريا إسماعيل/ أمريكا
بقلم : عبد العزيز عثمان سام
بقلم : زين العابدين صالح عبدالرحمن
بقلم : سيف الدين عبد العزيز ابراهيم
بقلم : عرمان محمد احمد
بقلم :محمد الحسن محمد عثمان
بقلم :عبد الفتاح عرمان
بقلم :اسماعيل عبد الله
بقلم :خضرعطا المنان / الدوحة
بقلم :د/عبدالله علي ابراهيم
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات : مقال رائ : بقلم : عاطف عبد المجيد محمد English Page Last Updated: Dec 25th, 2010 - 19:47:32


الاعتدال فى نظرية الحرب والسلام أهمية وضرورة /عاطف عبد المجيد محمد
Oct 22, 2010, 10:08

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع
Share
Follow sudanesewebtalk on Twitter

الاعتدال فى نظرية الحرب والسلام أهمية وضرورة

 

والبلاد تمر بأهم مراحلها التاريخية الدقيقة , والمسرح السياسى يعجّ  بالتصريحات والتحليلات من داخل البلاد وخارجها , واصبح السودان مادة دسمة يومية بالفضائيات العربية , والتحركات المكوكية للمسؤولين وهم يجوبون العواصم , وامام هذا المشهد الذى تتعاظم تفاعلاته يوم بعد يوم , يقف المواطن السودانى (محمد احمد) و (منوال ) مذهولا . وفى كثير من الاحايين غير مبال , فهو لايدرى مايخبأه له القدر . لقد ظل لعقود طويلة مقتنع تماما بأنه يعيش فى عالمه الخاص البسيط . سوى عيشته ابان حقبة استعمارية او حفبة حكومة وطنية , فلا فرق فى حياته , فلقد ظل خلال كافة الحقب يعيش دون خط لايعرفه , يسمونه خط الفقر , فشارع الاسفلت لايعنيه , فهو لايستخدمه , والابراج ليست من طموحاته , لانه لايدرى ماتعنيه , والبترول ليس مادة اساسية فى حياته , فهو لايمتلك جرار , ولاسيارة فارهة ليلهث وراء الوقود , فدابته تأكل من حشاش الارض , وهى تحرث جبراكته , وهى تنقل متاعه وانتاجه للسوق وكذلك وسيلة مواصلاته واتصالاته . ومخزونه الاستراتيجى غاية فى البساطة , منذ  الحقبة الاستعمارية , لم يتغير . والتعليم تكفيه خلوتهم المتواضعة لينهل منها مايفيده فى دينه ودنياه , رسخت فى حياته القناعة والرضا بماقسمه الله سبحانه وتعالى له ولاسرته , فابنه الذى تعلم فى الحضر هجر بيئته , وقل تواصله , واخذته الفانية , ولم يجلب لهم الا الويلات والخذلان , فاّثروا عدم تداول سيرته , وبتعبيرهم البسيط  يقولون العوض على الله .

 

واليوم ونحن نشهد هذه المهرجانات السياسية على مسرحنا المترامى , يقفذ الى مخيلتنا سؤال حرى بنا أن نطرحه , ما الذى قاد هذا البلد الى مايعرف بحافة الهاوية هذه ؟ وما الذى دفع بنخب البلاد افتراضا ليقودوا هذه الملايين من البسطاء من ابناء هذا الشعب الى هذا الوضع المأساوى ؟ أهى السلطة أم التسلط ؟ أهى الايديولوجيات التى هجرها اهلها أم الوصاية البابوية من خلال صكوكها التى من الله عليهم بها دون العباد ليسنوا ويشرعوا مايشاؤون , وعلى الرعية السمع والطاعة ؟ وببراءته المعهودة يسألهم محمد احمد او منوال ماهو حصاد ماجنت ايديكم ؟ وهل تملكون الامر كما توخيتم ؟ وان كان كذلك , فلماذا تسعون بالبلاد من اقصاى الارض الى اقصاها ؟ ماذا تطلبون ؟ ومن الذى يؤمن مطالبكم ؟ بلا شك فقد تعددت الطرق وتشعبت عليكم فما عدتم تميزون ايها تسلكون ؟

 

كل هذه التساؤلات تدور بمخيلتى وانا ابحث لها عن اجابة , وجدت نفسى ارجع الى مؤلف الخبير الاستراتيجى السير ليدل هارت البريطانى الشهير , وتوقفت امام احد العناوين " اهمية وضرورة الاعتدال " واعجبت بماطرح هذا الرجل الضليع من نتاج تجاربه فى مضمار الحرب والسلام , فوددت طرحها للقارىء الكريم ليعاير مايجرى على ساحتنا اليوم على ضوء تجربة هذا المؤرخ الشهير , فهو لاينتمى الى الفئة هذه او تلك , وما احوجنا لرجل مثله هذه الايام . فلندعه يقدم لنا خبرته .

 

نتعلم من التاريخ ان الشعوب والامم والدول المتحاربة كانت تتفق فى الرأى بعد كل حرب طويلة ان احدا لم يكسب شيئا على الاطلاق , وان الجميع كانوا خاسرين . ولايمكن للحرب ان تحقق مكسبا او ربحا على الاطلاق الا اذا جاء النصر سريعا . ولكن مثل هذا النصر لايمكن ان يحرزه الا الطرف المعتدى البادىء بالعدوان . والبادىء اظلم . فأذا صمد الطرف المعتدى عليه , وتصدى للعدوان , واستطاع ان يرد كيده الى نحره بالهجوم الوقائى المسبق او الدفاع الرادع الفعّال , فمن المحتوم ان تكون مثل هذه الحرب حربا من نوع الحروب الطويلة . وحينذاك سيكون الضرر متبادلا والاذى شاملا للطرفين المتحاربين , الا اذا انتهت الحرب بسلام  عادل واتفاق متوازن وتفاهم متقابل , طوعا واقتناعا واختيارا او قسرا وانصياعا واضطرارا .

 

وطالما ان الطرف المعتدى قد بدأ الحرب بالعدوان طمعا فى الكسب والربح والتوسع والتسلط , فأنه سيكون فى المعتاد من الاحوال الطرف الاكثر استعدادا للسلام اذا خابت اهدافه وفشلت مساعيه واخفقت جهوده ومحاولاته , الا اذا كانت الاطماع والاحقاد والشهوات والغرائز قد اعمت بصره وبصيرته , وافقدته عقله وصوابه , واحالته الى وحش هائج وحيوان مفترس . كما ان الطرف المعتدى عليه سيكون الطرف الاكثر طلبا للانتقام بالاصرار على النصر الذى اثبتت التجارب العديدة انه مجرد سراب فى صحراء اوجدتها الحرب الطويلة , الا اذا كان يتمتع بقدرة فائقة ودرجة عالية من الحكمة والروية والعقلانية والشعور بالمسؤولية والنظرة الواعية الثاقبة المتزنة البعيدة . لان هذه الرغبة الجامحة للانتقام قد تكون عاطفة طبيعية فى مثل هذه الظروف , ولكنها لايمكن ان تعود على صاحبها بحسابات الاجل البعيد والمدى الطويل والافق الواسع والمنظور التاريخى الا بالمردودات العكسية والمزيد من الويلات والاهوال والشدائد . وحتى لو استطاع الطرف المعتدى عليه ان يحقق رغبته الجامحة فى الانتقام تحقيقا كاملا على ارض الواقع , فأن مثل هذه الخطوة لايمكن ان تكون الا حلقة جديدة فى سلسلة طويلة , ومرحلة اخرى من المراحل المتلاحقة والمتعاقبة , فى دائرة مفرغة ودوامة مغلقة من الانتقام والانتقام المضاد الى مالانهاية . ومن هنا , ينبغى على السياسى المحنك او القائد الحكيم ان يكون على استعداد للنظر فى امكانية ايقاف الحرب واحلال السلام , وان لايترك بابا الا ويطرقه فى محاولة الوصول الى اتفاق مع الطرف الاخر , بمجرد ان يصبح واضحا ان الخيار البديل الوحيد يعنى اطالة امد الحرب واستمرارها وتفاقم واستفحال خسائرها وفواجعها واحزانها واهوالها , دون فائدة ولانتيجة ولاضرورة ولامصلحة . ومن الحكمة ان يثابر الطرف المطالب بالسلام على خطه المعقول ونهجه المعلن , حتى ولو كان الطرف الاخر يصر على الاستمرار فى الحرب , او يتمسك علانية على الاقل بالمواقف المتطرفة والمطالب المتشددة والشروط التعجيزية . فما ان توافق الحكومة المعتدية المتعنتة على اى شكل من اشكال المقايضة , كائنة ماكانت سلبا او ايجابا , بعروض السلام ومقترحات الصلح حتى تكون قد قطعت الخطوة الاولى من الطريق الذى سيقودها فى النهاية لامحالة , طال الزمن ام قصر , الى التخفيف من غلوائها وتشددها , والتقليل من عنادها واصرارها , والاقتراب المتزايد نسبيا من الحلول المعقولة والتسويات الواقعية . وسواء ارتضت الحكومة المعتدية مثل هذه العروض والمقترحات ام رفضتها , لافرق فى النتيجة عمليا بين الحالتين , فأن سيطرتها على جيشها وشعبها ستضعف وتتصدع , وستتعرض سلطتها فى وطنها الى الاهتزاز والتخلخل . وعلى هذا النحو , وبالاستمرار فى تقديم عروض السلام ومقترحات الصلح دون كلل ولا ملل , سيدس الطرف الحكيم المعتدل المسالم وتدا مميتا , ويدق اسفينا قاتلا , ويحدث شرخا واسعا وجرحا مفتوحا , بين تلك الحكومة المعتدية المتعنتة المتشددة وشعبها , دون ان يطلق رصاصة واحدة , لان العسكريين والمدنيين معا من ابناء شعبها يميلون اصلا الى تفضيل السلام وترجيح الصلح . وسيكون هذا الميل اقوى واوضح واغلب وافعل , اذا اقنعتهم معارك الحرب ودروس الميدان ونتائج القتال وتجارب الواقع , ان وهم او حلم النصر السهل السريع الذى راودهم واغواهم واغراهم والذى لاينطلب صبرا طويلا ولايستدعى جهدا ثقيلا ولايتكلف ثمنا غاليا , لم يعد ممكنا , بل اصبح مستحيلا , وان الطرف الاخر يقدم بالفعل عرضا حقيقيا بالسلام العادل والمشرف الذى لايلطخ شرفهم بالعار ولايمس استقلالهم بالسوء ولايهدد وطنهم بالاحتلال ولاكيانهم بالانهيار او الضياع , بل يحترم ويصون مصالح وحقوق واراضى وحدود الطرفين المتحاربين فى وقت واحد وعلى حد سواء . ومن الافضل بالمقياس المطلق ان لاتنشب الحرب لو امكن . وربما يتحقق النصر احيانا سريعا خاطفا حاسما . ولكن اذا نشبت حرب طويلة , فمن الاصوب والاعقل والانفع , بالمقياس النسبى , ان تحاول ايقافها بأسرع زمن وافصر وقت , وان تختصر مدتها ما امكن , بيوم او اسبوع او شهر او ستة , وفى نظرى حتى الساعة الواحدة تتمتع بأهمية فائقة اذا خصمناها من حساب الحرب واضفناها الى حساب السلام , بدلا من الاصرار على تأجيجها واستمرارها الى اطول مما تقتضى دواعى الحكمة او تستلزم دوافع المصلحة . وتلك هى الطريقة الصحيحة المثلى فى ايقاف الحرب واحلال السلام والتحول من الحوار بالسيف والعنف الى الحوار بالعقل والمنطق , واستبدال القتال بالتفاهم والخيار العسكرى بالخيار السياسى . وسيكون يوما اسودا وكابوسا رهيبا للوطن , اى وطن على الاطلاق , وربما للعالم اجمع فى بعض الظروف , اذا لم يتعلم رجال الدولة درسا من التاريخ  خلاصته : انه لاتوجد محطة متوسطة بين سلام الخضوع المطلق والاستسلام الشامل دون قيد او شرط , وبين سلام الاعتدال الحقيقى والاتفاق المشرف والعادل والمتوازن , ولامنزلة بين هاتين المنزلتين . وقد اثبت التاريخ ايضا , ان سلام الخضوع المطلق , الذى يفرضه المنتصر على المهزوم فرضا كاملا بقوة السلاح والحديد والنار , سيورط المنتصر فى متاعب جمة وصعوبات جسيمة , الا اذا وصل فى تحقيقه وفرضه الى درجة الابادة الكلية الشاملة للمهزوم . ولكن هذا الاحتمال ليس واردا ولاعمليا ولا واقعيا ولاممكنا , كما اثبت التاريخ , من جهة اخرى , ان سلام الاعتدال الحقيقى يتطلب تسوية معقولة الى الحد الذى يدفع بالمهزوم ليس فقط الى القبول به والموافقة عليه , بل يتطلب ايضا ان يدرك المهزوم ادراكا واضحا , وان بقتنع اقتناعا راسخا , بفوائد ومزايا وحسنات مثل هذا السلام , وان حرصه على مصالحه نفسها بالدفاع عنه والمحافظة عليه . حينذاك يكون السلام فى مصلحة الطرفين المتحاربين معا بعد ان تضع الحرب اوزارها وتسكت مدافعها وتنطفىء نيرانها . دعونا نضرب مثلا واضحا , لايزال قريبا نسبيا , من الامثلة العديدة التى يزخر بها التاريخ الاوربى الحديث . ونعتقد يقينا ان ابرز واعظم وافضل مساهمة قدمها القائد البريطانى (ويللينجتون) للمستقبل الاوربى فى عصره , بعد ان احرز النصر على (نابليون) , هى التسوية السلمية العادلة والمعتدلة والكريمة والمشرفة التى عقدها مع فرنسا فى حينه . وقد حرص حرصا فائقا فى احتلاله للبلد المهزوم على حماية الشعب المندحر من الظلم والاضطهاد والاغتصاب والاذى والضرر , والتزم التزاما صارما بالقيم الاخلاقية والمبادىء الانسانية , وحافظ بوعى واخلاص وحسن تقدير وبعد نظر على ارواح واعراض واموال وممتلكات المواطنيين الفرنسيين من عبث العابثين وجور الجائرين وحقد الحاقدين وانتقام بعض المنتصرين . وقد اختط هذاالنهج فى السلم تدعيما وتوطيدا وتتويجا للانتصار , تماما كما كان قد اختطه فى الحرب ايضا عندما كان من شأن هذه السياسة ان تساعد جيوشه فى زحفها وغزوها وتقدمها على الارض , وتعينها على الاقتصاد فى جهدها والاقتراب من هدفها والتفوق على عدوها . ولم يدخر جهدا فى كبح جماح حلفائه من المنتصرين الاخرين , والتخفيف من غلوائهم, ومنعهم من الاستسلام الى الغرائز العمياء وارتكاب الاعمال الانتقامية العشوائية الطائشة . بل انه لم يتردد فى حماية المعالم الحضارية التاريخية للعاصمة الفرنسية (باريس) . فأقام نقاطا بريطانية للحراسة من حولها , خوفا من اقدام القائد الالمانى (بلوخر) على نسفها وتفجيرها وازالتها من الوجود . واصر اصرارا شديدا فى جميع الظروف والاحوال على ان تكون القوات العاملة بأمرته مثالا نموزجيا فى التصرف السليم والسلوك المهذب والادب الجم والخلق الرفيع .

وما ان بدأت  مناقشات الصلح ومحادثات السلام حتى القى بكامل ثقله ونفوذه ضد مطالب بروسيا والدول الالمانية الاخرى بتمزيق فرنسا الى اشلاء , طلبا للامن ودعما للاقتصاد الذى تضرر كثيرا من الحرب . وادرك بوضوح غيلر اعتيادى ان التطرف فى معاملة المهزوم بطريقة قاسية لايمكن ان يكون عملا حكيما , وان سلام الاستسلام المجلل بالذل والعار والظلم , والمفروض على الطرف المندحر بقوة السلاح , لايمكن ان يحقق لصاحبه المنتصر مايتوخاه من امن حقيقى وسلام وطيد واستقرار راسخ . واتبت التاريخ فى مرحلة لاحقة , ان النتيجة الطيبة التى حققها قد بررت السياسة المعتدلة التى انتهجها . وقد استطاع (ويللينجتون) ان يحقق السلام لانه  فهم الحرب فهما واضحا دقيقا على حقيقتها كما هى بالفعل . وكان القائد العسكرى الاقل ميلا الى العنف والقتال والاستعلاء فى زمانه , والاكثر تحررا من شهوة المجد وفورة الحقد ونزوة التعصب ولذة ازهاق الارواح واهراق الدماء . وانتصب من هذه الناحية المعينة بالذات , شامخا متميزا بين اقرانه وانداده . وانفرد بكونه القائد الذى لايمكن ان يهزم فى الحرب , لانه ادرك اهمية وضرورة وفائدة السلام . فوضع الاهداف المتوخاة دائما نصب عينيه , بدلا من الوقوع فى غرام وأسر الوسائل التى تتحكم بها وتسيطر عليها الظروف والمراحل , وامتنع تماما عن استبدال الاهداف بالوسائل او تطويعها لها او اشتقاقها منها . وعلى خلاف (نابليون) , لم تصبه عدوى رومانسية الحرب , التى تولد الاوهام والاباطيل , وتطلق الغرائز والشهوات من عقالها , وتدفع بصاحبها الى مهاوى الغرور ومطبات العدوان . وتلك هى العلة السببية الاساسية التى تفسر لماذا وكيف اخفق (نابليون) وهزم , ولماذا وكيف تفوق (ويللينجتون) وانتصر .

 

واذا نظرنا الى الموضوع من زاوية اخرى , فسنجد انه من المحتوم ان يخف التوتر فى النهاية , اذا امكن تأجيل الحرب مدة كافية . وقد تكررت هذه الظاهرة مرات عديدة فى التاريخ . والسوابق معروفة والامثلة واضحة . لان الظروف تتغير وتتبدل , ولا تستقر على وضع ثابت معين او نمط دائم بالذات . ولكنك ستتعرض حتما الى الخطر دائما اذا كنت قليل الصبر كثير التعجل سريع الاندفاع . واذا لاحت نذر الحرب فى الافق , وكان الجو مشحونا بالاخطار والتهديدات , فأن الوضع لايمكن ان يهدأ ويعود الى الاستقرار مجددا , الا اذا مارس الطرفان المرشحان للقتال معا اقصى واعلى اشكال ودرجات ضبط النفس والتزام الحذر وتحكيم العقل . ومن المحتوم ان يتحقق الانفراج , وان يتطور الوضع الى الافضل فىالنهاية , اذا امكن تجنب الحرب , دون التعرض الى لعنة الاحتلال , ودون التلوث بعار الاستسلام .

 

 

بعد استعراض نتاج خبرة وتجارب هذا الخبير الاستراتيجى الشهير ورؤيته بخصوص الحرب والسلام , فهل تستفيد نخبنا السياسية من هذه الاطروحات لتجنيب البلاد التمزق والتفتت وبناء قواعد سلام راسخة تصون موارد البلاد . غريب على ضوء ماتقدم ان تجد بعض قادة نخبنا السياسية وهو يقرع طبول الحرب , وموضوع منطقة مثل ابيى يقول البعض اتها عقبة كأدا , وهو الذى اعطى حق تقرير المصير لجنوب البلاد برمته , واذا كان الصراع للموارد البترولية فماذا جنى المواطن البسيط بالبلاد من ايرادات البترول خلال السنوات الماضية حتى تشكل ايرادات ابيى كل هذا الزخم , وهل نسعى لوحدة البلاد من اجل الموارد البترولية أم من اجل شطر عزيز من البلاد بكل مكوناته وابعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والارث الثقافى الضارب فى التاريخ . ام هى طموحات وغرائز الطرف هذا اوذاك التى تعيش اوهام الحرب والامجاد الزائفة التى لم يجنى منها مواطن هذا البلد الا هوانه على العالمين , واصبح يتصدر وكالات الانباء وهو يتككفف الشعوب الاخرى الاعانات والاغاثات وتنامى خط الجوع والفقر والامية والبطالة . ام شعور البعض ان طموحاته الشخصية بدأت تتهاوى وتنكسر فى قبالة حس قومى ينمو ويتقدم بخطوات واثقة بمايفرضه الواقع من تحديات .

 

 

حيال ماتقدم , لانملك الا ان ننصح بأن تلتزم قيادات نخبنا السياسية روح المسؤولية التاريخية , والنأى عن اطلاق الرؤى المضللة وغير الواقعية ودافعهم السعى لاصطياد فى الماء العكر , فوزر الاوضاع التى نعيشها الان هى نتاج خالص لسياسات نخبنا السياسية التى لاتتعلم من دروس التاريخ , وعليها جميعا وقد حانت لحظة الحقيقة ان يقروا بما اقترفوا فى حق هذا الشعب , عسى ذلك ان يساهم فى تضميد الجروح والتاّم الشمل بدلا من التمزق والتشتت الذى تسعى وراءه العديد من القوى التى تتربص بنا الدوائر .

 

 

والله من وراء القصد

 

 

عاطف عبد المجيد محمد

عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدلبرغ – المانيا

عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين –بروكسل – بلجيكا

الخرطوم بحرى – السودان

تلفون:00249912956441

بريد الكترونى :[email protected]


مقالات سابقة بقلم : عاطف عبد المجيد محمد
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 مايو 2010 الى 05 سبتمبر 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 سبتمبر 2009 الى 14 مايو 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 16 ابريل 2009 الى 14 سبتمبر 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 24 نوفمبر 2008 الى 16 ابريل 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات 2007

© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

Latest News
  • Sudan's Abyei region awash with arms and anger
  • Military Helicopter Crash Kills Five in Darfur, Sudan Army Says
  • SUDAN: Lack of justice "entrenching impunity" in Darfur
  • The National Agency for Securing and Financing national Exports pays due attention to Nonpetroleum Exports
  • Vice President of the Republic to witness the launching of the cultural season in Khartoum state
  • Youth creative activities to be launched under the blessing of the president, Tuesday
  • Sudan's gold rush lures thousands to remote areas
  • South Sudan faces precarious start
  • Aid workers taken hostage in Darfur freed: U.N.
  • 19 People Killed In Clashes In Sudan's South Kordofan State
  • Headlines of major daily news papers issued in Khartoum today Thursday the 14th of April 2011
  • Minister review with Indonesian delegation Sudanese Indonesian petroleum cooperation
  • Bio-fuel experimental production launched in Sudan
  • Center for Middle East and Africa's Studies organizes a symposium on intelligence activities in Sudan
  • South Sudan Activists Say : Women Need Bigger Role
  • 'One dead' as army helicopter crashes in Khartoum
  • Vice President receives new Algerian ambassador the Sudan
  • A training military plane crashes killing one of the three crew on board
  • Headlines of major daily papers issued in Khartoum today Wednesday the 13th of April 2011
  • Minister of Defense announces some precautious measures to secure Port Sudan
  • Industry Minister Meets Ambassadors of Central Africa, South African Republic
  • Sudan has 'irrefutable proof' Israel behind air strike
  • Taha Affirms Government Concern over Youth Issues
  • Headlines of major news papers issued in Khartoum today Monday the 11th of April 2011
  • NCP: statements by the US Secretary of State and the new envoy an attempt to justify the American hostility
  • Two Sudan papers stop publishing, protest censorship
  • Helicopters, tanks deployed in volatile Sudan area
  • State minister at the ministry of oil meets the delegation of the Gulf company for metal industries
  • Headlines of major daily news papers issued in Khartoum today Sunday the 10th of April 2011
  • Ministry of Foreign Affairs: Sudan possess solid proof of Israeli involvement in the aggression on the country
  • Defense Minister visits Port-Sudan
  • Somali pirates hijack German vessel
  • Family denies assassination of key Hamas figure in Sudan
  • President Al-Bashirr, First VP Kiir Agree to Implement Agreement on Security Situation in Abyei as of Friday
  • DUP Denounces Israeli air strike on Port Sudan Vehicle
  • SBA Calls for especial Economic Relations with South Sudan State
  • Sudan-Brazil Sign Animal Wealth Protocol
  • Netanyahu vague on Sudan strike
  • seven Killed In New Clashes In South Sudan
  • Sudan's government crushed protests by embracing Internet
  • Hamas official targeted in Sudan attack, Palestinians say
  • بقلم : عاطف عبد المجيد محمد
  • الجبهة الاسلامية القومية وتحمل مسؤولية التبعات السياسية بالسودان منذ 30 يونيو 1998/عاطف عبد المجيد محمد
  • تحديات السودان السياسية والاقتصادية على ضوء الازمة الاقتصادية الدولية/عاطف عبد المجيد محمد
  • علم الجمال وتحديات بناء الامم/عاطف عبد المجيد محمد
  • أسرائيل والقوى الامبريالية تنجح فى الالتفاف على الامن العربى عبر بوابة الدول الافريقية جنوب الصحراء/عاطف عبد المجيد محمد
  • الاعتدال فى نظرية الحرب والسلام أهمية وضرورة /عاطف عبد المجيد محمد
  • بمناسبة يوم الغذاء العالمى – أفريقيا جنوب الصحراء تتصدر مسرح الصراعات للعقد القادم /عاطف عبد المجيد محمد
  • اتفاقية نيفاشا ووهم المعاهدات والمواثيق/عاطف عبد المجيد محمد
  • عاطف عبد المجيد محمد/متى تتجاوز القمم العربية والافريقية والاسلامية مهرجانات العلاقات العامة ؟
  • هل سيشارك السودان بمؤتمر لوسوتو كتعاونيين او وفد لوزارة الرعاية الاجتماعية؟/عاطف عبد المجيد محمد
  • الاقتصاد والدخول الى غرفة الانعاش مبكرا/عاطف عبد المجيد محمد