متى تتجاوز القمم العربية والافريقية والاسلامية مهرجانات العلاقات العامة ؟
لايمكن أن أصف شعورى لو كنت واحدا من قادة الدول بهذه المنظومات الثلاث وانا أشد الرحال للمشاركة فى احد قممها المتعددة , فهل ينتابكم نفس ما أشعر به ؟ ام اننى حالة نشاذ . لذلك كنت دوما صاحب حظ عاثر فى معترك السياسة , فوصف فن الممكن هذا لا أستسيقه , فقد كنت دوما أحدد اهدافى بوضوح ودقة واعمل على اتحاذ الخطوات اللازمة والضرورية لبلوغها , ولا اجامل فيها , فالممكن هذا فى اطار واقع الالفية الثالثة له معانى ومدلولات عميقة , وواقع دولنا لخير دليل على ماتعنيه . فالعشرات من قادة هذه الدول والوزراء والمختصين ورجالات الاعلام والصحافة وميزانيات ضخمة تصرف , والكل يعلم علم اليقين ان الفيل سيتمخض وينجب فأرا . فلك ان تصف شعور هؤلاء وهم يدركون هذا الواقع . ولاشك ان شعوبهم قد ملت هذه المهرجانات والكرنفالات , واصيبت بحالة احباط مزمنة , فلو اجرت اى مؤسسة استطلاع لمواطنى الدول المعنية حول درجة متابعتهم لهذه الاحداث لادرك هؤلاء القادة انهم يعيشون فى كوكب ومواطنيهم فى كوكب اّخر . وهنا يكمن بيت القصيد . لذلك تجد القوى صاحبة القول الفصل فى القضايا الجوهرية التى تعنى هذه الدول لاتعير مثل هذه المهرجانات ادنى اهتمام ولا بنتائجها . فيكفى مكالمة هاتفية من اصغر مسؤوليها للقائد هذا او ذاك ليتحول المشهد برمته الى الغاية المطلوبة منه .
فلكم ان تتصوروا مثلا ان قررت القمة العربية الاستثنائية بسرت تبنى مجددا اللاّت الثلاث الشهيرة لقمة الخرطوم عقب النكثة , وقتها ستجد كافة الخطوط الهاتفية الحمراء لقادة العالم مشغولة , وصدرت التوجيهات لكافة الاساطيل بالاخذ بأقصى حالات التأهب القصوى , وشد ّ وزراء الخارجية والدفاع الرحال للمنطقة على عجلّ , وفى المقابل خرجت الملايين من الشعوب المستضعفة للشوارع تشد من ازر قادتها , وتوجهت اسلحة قواتها نجو وجهتها التى أسست من اجلها وليس صدور ابناءها , وتدافع الملايين للتطوع فى صفوفها دون مخصصات او اوسمة وانواط ونياشين زائفة على الصدور لاتدرى شعوبها عن أى ملاحم بطولية تم نيلها . ولكن يبدو ان الزمن قد تجاوز تلكم اللاّت , وماعادت تتوافق واهداف الالفية , فلنقلص سقف توقعاتنا , ولذات القضية , فاسرائيل رفضت تجميد الاستيطان , والعايز يفاوض ابوابنا مشرعة , وظن البعض ان القمة سوف تمزق المبادرة العربية بل وتشعل النار فى طاولتها , فماذا جرى , ترك الباب مواربا ليتفنن مفزلك ومهندس مسرحية المفاوضات ليخرج سيناريو تهضمه الشعوب المغلوبة على امرها , فما هى المحفزات التى رفضها اليهود لتمديد تجميد الاستيطان لشهرين , تعظيم ترسانتهم المسلحة بمدهم بطائرات أف 35 , استعدادا لتدك بها حصون الممانعين , وما اسهل اشعال الشرارة من جانبهم , حتى يهرول موفدوا تلكم الجامعة التى اكل عليها الدهر وشرب نحو نيويورك لتبدأ المشاورات المكوكية , وبواسطة الفيتو تمدد الفترة حتى يكتمل السيناريو , وفى كل مرحلة تفقد الامة العربية جزاءا عزيزا من اجزاءها , وفى المقابل ينحدر سقف مطالبهم , وهذا المنظور ينطبق على المنظومتين الاخريين الافريقية والاسلامية , والمشهد بأفغانستان وباكستان واندونسيا وايران وتركيا وجنوب افريقيا وتشاد والكونغو وكينيا وروندا ....الخ ليمثل نفس المشهد مع اختلاف السيناريو حسب المعطيات ولكن المحصلة واحدة . تمزيق واضعاف مقدرات تلك الدول بمايؤمن تبعيتها وارتهانها للقوى الامبريالية الدولية , والذى يجرى بالسودان هو ترجمة عملية لكافة هذه السيناريوهات . فبينما القادة مجتمعون بسرت , يزور وفد مجلس الامن البلاد , ومحطات الزيارة صيغت ببلاغة لتوصيل الرسالة المبتغاة حتى لايكون هنالك فهم خاطىء , فالاستفتاء اولا (أى الجنوب ) ودارفور ثانيا ( مابعد الاستفتاء) وماتبقى من السودان ثالثا (السودان الجديد) , لقد فهم القادة المجتمعون بسرت الرسالة , فخرجت قمتهم لتنادى بحلّ قضية دارفور قبل الاستفتاء , فهل يملك هولاء المجتمعون الارادة والقدرة على تحديد الاولويات على مايسمى زورا وبهتانا المجتمع الدولى (المختزل) , وكيف نقرأ كل ذلك على ضوء انهيار المساعى لاصلاح مؤسسات الجامعة العربية وكذلك مشروع استراتيجية العمل العربى المشترك والحصيلة الهزيلة للقمة فى هذا الاطار وماتم ارجاءه من قضايا ؟ بل وقادت طموحات البعض او لنقل احلام اليقظة للحديث عن شراكات استراتيجية ببعض دول الجوار والذهاب لابعد من ذلك والحديث عن شراكة استراتيجية مع الفضاء الافريقى . وهذه الايام يجرى الاعداد لقمة للدول الاعضاء بالمؤتمر الاسلامى حول الامن الغذائى . ان مايتحدثون عنه هى خطوط حمراء فى استراتيجية مايسمى (المجتمع الدولى ) ويكفى قذف كرة صغيرة من حجم المحكمة الدولية لاغتيال رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى للملعب , وفزلكة بعض المناوشات من هنا وهناك لتقوض كافة هذه الخطوات والرجوع بالمنطقة الى مرحلة اشبه بمرحلة ماقبل مرحلة غزو الكويت وحرب الخليج الاولى .
أننى لا اود طرح صورة سوداوية على المسرح , ولكن بالبلدى قالوا اسمع كلام الببكيك وماتسمع كلام البضحكك . وان كان الامر كذلك فما هى الاستراتيجية المثلى لمواجهة الموقف , أنه سؤال مشروع , وأقولها بملء الفاه , على القادة السياسيين السودانيين وامامهم مساحة زمنية ضيقة ان ينكفؤوا الى الداخل , وان يراهنوا على ابناء هذا الشعب , وساعة الجد سيجدوا انفسهم يواجهون الموقف الحتمى لوحدهم والكل متفرج من حولهم , فلن يفيدنا الشجب والادانة , ولا مظاهرات هنا وهناك , ولا تحرك وفد جامعة الهزل صوب (مايسمى المجتمع الدولى ) , ولا التطبيل بأن الانفصال سوف يشعل المنطقة (فالذى يشعل المنطقة يعرفه الجميع ) وهو صاحب كل نيران الدنيا , فلماذا لانفكر بصوت عال , ونستفيد من الاحداث من حولنا ونفوت الفرصة على من يتربصون بنا , وان نجلس سويا نابذين الحزبية الضيقة التى لم تورث شعبنا الا الويلات والمحن , وان يرتقى الجميع لمستوى الحدث , فابناء هذا الوطن شمالا او جنوبا معدنهم اصيل , وهو اثمن مايعول عليه , وعلى الاخوة فى المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية ان يتبنوا دعوة كافة القوى السياسية لحوار مفتوح تشكل اجندته من قبل لجنة تضم الجميع وخاصة الشخصيات القومية , حتى تكون بمثابة يتزكر لهم هذا الشعب هذه الوقفة التاريخية , بغض النظر عن نتائجها سلبا او ايجابا , لان التاريخ لايرحم , والجميع يدرك ان المرحلة ليست مرحلة تبادل الاتهامات عن من المسؤول لما اّلت اليه الامور بالبلاد , ولكن مرحلة رجال دولة يصنعون التاريخ .
والله من وراء القصد
عاطف عبد المجيد محمد
عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدلبرغ- المانيا
عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين- بروكسل – بلجيكا
الخرطوم بحرى – السودان
تلفون :00249912956441
بريد الكترونى :[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة