(كلام عابر)
كل هـذا الثراء!
هاتفت من مدينة الدمام أخي الشاعر كامل عبدالماجد وكان ذلك مصدر فرح كبير له لم تخفه خلجات صوته، وأنا الآخر أطلق فيّ صوت كامل موجات من الفرح الآسر ، كانت سعادتي مضاعفة، لم يكن مصدرها كامل عبدالماجد وحده رغم كل ما يحمله من رقة وجمال، فقد تصادف أن كان بصحبته في مكتبه في وزارة الإعلام في الخرطوم الشاعر إسحق الحلنقي والشاعر صلاح حاج سعيد، ثلاث قامات في مكان واحد ووقت واحد ومكالمة هاتفية واحدة. تحدثت إلى ثلاثتهم في عدة أمور على مدى دقائق مهما طالت فقد كانت قصيرة.. أليس هو الثراء بعينه الذي تتضاءل أمامه كل الريالات و الدراهم و الدنانير..؟ ليس مهما موضوع الحديث .. "ما مشكلة". قد يلاقي الساكن في الخرطوم "كامل" و"إسحاق" و"صلاح" في أي مكان في الخرطوم ولكنه لن يلاقي ثلاثتهم مرة واحدة.. فذلك أمر غير متاح للصدفة مهما بلغت من سعادة.. أن تتواصل مع هذه القامات الطويلة مرة واحدة في تحد واضح لبعد المكان ووحشة الزمان واستلاب المشاعر وفي زمن قصرت فيه القامات فذلك يحتاج لأكثر من مصادفة سعيدة، لا سيما ونحن على بعد خطوات قليلة من غد في رحم الغيب لن تحكمه الصدف السعيدة ولن يلتفت للتاريخ ولا الثوابت ولا دروس الجغرافيا ولا الشعارات القديمة ولا طبول "الجهاد".. فقد بلغ سفره وسفرنا المغيب ولا زلنا في الضحى.
أن تلتقي عبر وسائل التواصل الكونية الحديثة هذه القمم هو الثراء الروحي بعينه على حد كلمات الأٍستاذ الحلنقي..
"تقول أهلا وعاد أهلا منو البرضابا في بلدا لا هولك ولا هولي"..
كيف هو بلدك الآن يا كامل وهل ما زلت تصفه بأنه "هولك" و"هولها" و"هول" جدك الذي جالد بسيفه من أجله تحت راية الإمام .. و"هول" أخيك الشهيد الذي بذل روحه في سخاء شديد مهرا للحرية؟ "أســــــه فيك أنــا شن أســو" .. يا كامل؟
"صغارك مشتهين ترجع.." وكيف الرجوع يا حلنقي .. من أين لهم بسعر الجامعات وجنيه الرغيف الذي لم يعد يوفر أكثر من ثلاثة عجاف.. كلهم يشتهون الرجوع "وانا حالى فى بعد الوطن دفـعنى ضي العين تمن".. فليبقى الشوق في الضلوع حتى "تكبر العيال" في زمن قد يكون أكثر عفة وتكون الأشياء أكثر نبلا و يلتئم فيه الجرح النازف.
"يا عيونك يا مدائن
الفرحة والحب والجسارة
عندي ليك مليون بشارة
ألف طيف والكلمة شارة"
وأين هذه البشارة يا صلاح حاج سعيد والوطن بأكمله على موعد مع العذاب؟ أخشى أن تكون بشارات لا وجود لها إلا في خيالكم الجميل الذي يحلق بنا فوق السحاب ويملكنا كل كنوز الدنيا ويعبر بنا ،إلي حين، ويقهر معنا متاهات اليأس، لكننا موعودون بليال مفرطة في كآبتها ما ظلوا هم وحدهم يمتلكون الصواب ويمسكون بمفاتيح المستقبل وشفرات الطريق إلى الفراديس.
كامل عبدالماجد ..إسحاق الحلنقي.. صلاح حاج سعيد .. "الله يطول عمركم ويدكم العافية" فأنتم عطر الروح وأنتم الجمال المتغلغل في الوجدان في جميع الأزمنة.
(عبدالله علقم)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة