(كلام عابر)
على هامش الميدان
تسارع إيقاع الأحداث في مصر وفاقت كل قدرات القنوات الفضائية والأجهزة الإعلامية على الرصد والمتابعة وأظهرت عجز أجهزة المخابرات العالمية الخبيرة المتمكنة على توقع الحدث قبل وقوعه. الذي يجري في ميدان التحرير ولم تكتمل فصوله بعد والتي يتوقع أن تكون أكثر درامية فيه الكثير من العظات والدروس ولكن من أهم الدروس أن الخلود والبقاء من صفات الرحمن وحده حتى لو بقي السلطان في السلطة عشرين سنة وثلاثين وأربعين، وأن ما من مخلوق لا يمكن الاستغناء عنه ولا يمكن للأرض أن تواصل دورانها بدونه.
استرعى انتباهي حدثين ضمن أحداث أخرى، أولهما اصرار بعض ولاة الأمور على الكذب حتى لو لم يكن هناك من مجال للكذب والكذابين فالمسرح بلا ستائر مكشوف للكاميرات وللمتفرجين. عندما هجمت الجمال والخيول على ميدان التحرير في واقعة أسماها الشباب فيما بعد بذات الجمال، وفي عمل منظم ينحدر إلى وصفه ببلطجة الدولة في أكثر صورها بدائية وتخلفا، ينبري مسئول كبير في الدولة ليدعي أن من هجموا على الميدان هم من العاملين في القطاع السياحي الذين أضرت الاعتصامات والمسيرات بمصالحهم بسبب توقف حركة السياحة. يعني أن هؤلاء جاؤوا بمحض إرادتهم وتدبيرهم من أطراف القاهرة ووجدوا الطريق سالكا لميدان التحرير بلا مساعدة من سلطة ولا مسئول. بهذا المنطق الكسيح الذي يفترض الغباء الشديد في الآخرين يمكن أن يجيء العاملون في السيرك بنمورهم وأسودهم وأفيالهم لميدان التحرير لأن عملهم تضرر هو الآخر.
مسئول أمني كبير تحدث إلى قناة فضائية ليدعي أن حركة الاحتجاجات من عمل جماعة الإخوان المسلمين، ولم يجد في نفسه حرجا ولا حياء من أن يقول إنه خبير في الإخوان المسلمين. هذه الخبرة ليست في تحليل كتاب "معالم في الطريق" ولا فهم كتاب " جاهلية القرن العشرين" ولا الإحاطة ب"ظلال القرآن" أو "منشورات الإمام حسن البنا"، فمثله لا يملك الوقت ولا الاستعداد لمثل هذا الجهد الفكري، ولكنها خبرة اكتسبها من عمله الذي لا يستحي منه في ملاحقة الاخوان المسلمين والإيقاع بهم وحبسهم وربما تعذيبهم وقتلهم. كان على ذلك المسئول الأمني أن يصمت فخبرته ليست من الخبرات التي يفاخر بها الإنسان السوي الشريف ولا يتطلبها الظرف الحاضر ولن تكون في المستقبل حاجة لمثل هؤلاء "الخبراء" وهذا "التخصص" غير الشريف في الاخوان المسلمين وفي غيرهم من أبناء مصر،أو هكذا نأمل.
دروس ميدان التحرير متلاحقة ومفاجئة والناس موعودون بالمزيد من العبر والعظات المجانية.
(عبدالله علقم)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة