(كلام عابر)
درداقاتهم ودرداقة بوعزيزي
ألقى الأستاذ الطاهر ساتي في عموده المقروء في صحيفة السوداني الضوء على محنة أطفال الدرداقات في سوق الخرطوم المركزي وهم أطفال دون العاشرة أو فوقها بقليل يقومون بخدمة المتسوقين فيتجولون معهم في السوق المركزي ثم يحملون مشترياتهم على عرباتهم الصغيرة التي تسمى بالدرداقات (جمع درداقة) إلى وجهة المتسوق سواء كانت موقف سيارته الخاصة أو موقف المواصلات العامة، وكل ذلك نظير مبلغ لا يتجاوز الجنيه في أحسن الحالات حتى يعود هؤلاء الأطفال إلى أسرهم آخر المساء بما جاد عليهم به من سخرهم الله سبحانه وتعالى من عباده لمساعدتهم بالدفع مقابل هذه الخدمة، وذلك بدلا من يمدوا يدا سفلى إلى الناس أعطوهم أم منعوهم، ولكن هناك من لا يرحم ضعف هؤلاء الأطفال وعرقهم الشريف وهم في تلك السن، فهناك تحالف غير شريف بين (رؤساء وضباط محليات الخرطوم مع فئة انتهازية وأسموا تحالفهم هذا بالشركة) على حد كلمات الأستاذ الطاهر، وهذه الشركة تمارس في هؤلاء الأطفال التمكين وترغم كل واحد منهم دفع عشرة جنيهات كاملة كل يوم تحت مسمى (رسوم الدرداقة)، وإذا اشترى المحسنون أو أهل الطفل الدرداقة التي تبلغ قيمتها ثمانين جنيها فإن سلطات المحلية تقوم بمصادرتها وتوقع غرامة على الطفل تبلغ عشرين جنيها ثم ترغمه على أن يستأجر نفس درداقته بمبلغ عشرة جنيهات يوميا. وقد تضخمت إتاوة الدرداقات فأسست المحلية إدارة خاصة أسمتها إدارة الدرداقات يمولها ثلاثمائة طفلا يعملون في السوق المركزي يدفع كل واحد منهم ثلاثمائة جنيها شهريا لتبلغ جملة الإتاوة الشهرية نسعين ألف جنيه بالجديد أو تسعين مليون جنيه بالقديم. أما أين يذهب هذا المال السحت فالله سبحانه وتعالى هو وحده العليم.
محنة أطفال الدرداقات أمر معيب حقا قد يخرج من بينهم أكثر من "بوعزيزي" ، فالاستثمار في عرق الأطفال سحت واستغلال ضعفهم رق، أو على وجه الدقة رق "طوعي" رغم أن المسترق، بفتح الراء، ليس حرا تماما في الاختيار، وواضح أن شركة الدرداقات من الذين فاتهم قطار التمكين الذي لم يتسع لكل الركاب، فلم تجد إلا الفتات، ولم يكن هذا الفتات سوى عرق هؤلاء الصغار وسخط الخالق عزّ وجل. أما السيد والي الخرطوم الدكتور عبدالرحمن الخضر فأمامه الفرصة ليعمل عملا صالحا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله في ميزان حسناته يوم الموقف العظيم، وهذا العمل الصالح ليس أكثر من إلغاء هذه الإتاوة المعيبة وتحرير هؤلاء الأطفال من ربقة رقهم الطوعي أو القسري، وأن يتبع قوله الحسن عن شرع الله وتطبيق حدوده بالفعل الحسن، عسى أن يعوض ما فاته في ولايته في القضارف التي غادرها وهو محمل علنا بعطايا وهدايا الوداع والتي كان من بينها على سبيل المثال لا الحصر قندولا من الذهب الخالص وسيارة برادو.
ودمتم.
(عبدالله علقم)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة