(كلام عابر)
حالة كويتية خاصة
قدم الشيخ جابر الخالد الصباح وزير الداخلية الكويتي استقالته من منصبه بعد أن قامت سلطات المباحث في الشرطة الكويتية بالقبض على مواطن كويتي في مخفر للشرطة حيث تعرض للضرب والتعذيب وتوفى بعد أن نقل للمستشفى واتضح وجود شبهة جنائية في وفاة المواطن. وقال الوزير الكويتي الذي قدم استقالته يوم الخميس 13 يناير 2011م الماضي أنه "لا يشرفه أن يقود وزارة تعتدي على المواطنين".
وفي الواقع ليست حالة الشيخ جابر الخالد الصباح هي الأولى في الحياة السياسية الكويتية ، فقد سبقه للاستقالة قبل بضع سنوات وزير البترول الكويتي على خلفية اشتعال حريق كبير في أحد حقول النفط في الكويت مما أدى لوقوع خسائر في الأرواح والمعدات والممتلكات، ورغم أن أسباب الحريق تعود إلى أخطاء فنية بحتة إلا أن الوزير الكويتي قال إنه لا يعفي نفسه رغم ذلك من المسئولية السياسية التي ينطوي عليها الحريق ولا بد له أن يتحمل هذه المسئولية السياسية وحده، وبالتالي قدم استقالته. أدب الاستقالة الذي مارسه الوزيران الكويتيان بدافع تحمل المسئولية السياسية رغم عدم وجود مسئولية مباشرة على عاتقيهما ، لكن المسئول السياسي،من منطلق هذه الثقافة، هو المسئول الأول الذي يجب أن يتحمل أخطاء الآخرين العاملين تحت إمرته.
أدب الاستقالة من المنصب السياسي أمر نادر أو في حكم المعدوم ليس في البلدان العربية وحدها ولكن في كل بلدان العالم الثالث بشكل عام ما عدا حالات استثنائية قليلة لا تصلح لأن تكون قاعدة عامة ومن هذه الحالات الاستثنائية استقالة الشيخ جابر الخالد الصباح. الوزير في العالم الثالث يعتقد أن نظام الكون سيختل لا محالة إذا تخلى عن منصبه لأي سبب من الأسباب ولذلك لا يفكر في يوم من الأيام أن يترك كرسي الوزارة. كانت كارثة سوق المواسير في الفاشر ، على سبيل المثال لا الحصر، سببا وجيها ليستقيل والي شمال دارفور من منصب الولاية باعتباره مسئةلا سياسيا عن الكارثة رغم عدم وجود ما يثبت مسئوليته الجنائية ، ولكن السيد الوالي أبدى ضيقه الشديد جدا لما سألوه في برنامج تلفزيوني إن كان سيستقيل من منصبه على خلفية تلك الكارثة المعيبة، وبادر بنفي أي فكرة للاستقالة واستهجن السؤال. والرجل في النهاية، على حق. فلماذا يستقيل هو بالذات وينفرد بهذه السابقة والدنيا من حوله ملأي وحبلى بالكوارث؟
التحية للشيخ جابر خالد الصباح الوزير الذي استقال.
قبل الختام:
تعظيم سلام لأحفاد أبي القاسم الشابي وهم يطوعون المستحيل ويقهرون اليأس ويكسرون القيد ويصنعون التاريخ.
(عبدالله علقم)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة